لماذا تتوقّعين ذلك بنفسك؟ ليس لديّ طموحات خياليّة كهذه.
رأت وجهي المتجهّم، فضحكت وتابعت:
“في الحقيقة، الأحلام العاديّة هي الأصعب تحقيقًا. لكنّكِ، ميا، ستنجحين في أيّ شيء. كصديقة، سأدعو لكِ وأبارككِ.”
“وما حلم القدّيسة لاتيه؟”
عند سؤالي، وضعت إصبعها على شفتيها، فكّرت، ثمّ ابتسمت وقالت:
“تذوّق كلّ طعام في العالم؟”
حلمكِ أكثر تفاهة…
نظرت إليّ وأضافت:
“في الواقع، حقّقتُ حلمي الأكبر بالفعل: ألّا أقلق من جوع الغد. لولا قوتي المقدّسة، ربّما كنتُ أفعل شيئًا آخر. ربّما مهرّجة تسعد الناس في الشوارع، أو لصّة بارعة تسرق كلّ ما تريد. هكذا حياة الناس.”
لم يبدُ إيمان غالاتيا قويًا. يبدو أنّها اختارت الكهنوت كمهنة للعيش بفضل قوتها المقدّسة الفطريّة.
هل من المتسرّع الحكم أنّ كلّ من في الطائفة طمّاعون وأشرار؟ قد يكون لها ظروف دفعها للبقاء. تذكّرتُ كلام جدّي: “لا تحصري الآخرين في تحيّزاتك.”
لكن بما أنّها في قلب الطائفة، لا يمكنني استبعاد الشكّ. تحذير دانتي منها كان يشغلني أيضًا.
وهل تجنّب إسايا طلب المساعدة منها فقط لأنّها من الطائفة؟
لم أستطع تحديد ما إذا كان عليّ الابتعاد أو قبول عرض الصداقة.
“إذا كان لديكِ وقت، زوري الكنيسة المركزيّة مرّة. المأدبة بعد الصلاة مذهلة. آه، أشعر بالجوع الآن.”
أمسكت غالاتيا خدّها بوجه متلهّف. هذه المرأة جديّة بشأن الطعام حقًا.
نظرت إلى ساعتها، ثمّ ابتسمت لنا وقالت:
“آه، لقد مرّ الوقت هكذا؟ أراكم لاحقًا، يا رفاق. ما عدا الجنرال دايك.” (شخصنتها 😭)
أظهر دانتي تعبيرًا كأنّه يرى شخصًا ضارًا وقال:
“إنسانة لا تعرف سوى الأكل.”
هل يقصدني؟ تفاجأتُ ونظرتُ إليه. كانت عيناه الزرقاوان موجّهة نحو غالاتيا المهووسة بالطعام.
رغم نظرته الحادّة، رفعت رأسها بثقة وقالت:
“الإنسان يعيش ليأكل. هل تعيش أنت بالتركيب الضوئيّ كالنباتات؟”
ما الذي حدث بينهما ليكرها بعضهما هكذا؟
بينما كنتُ أتراجع من تنافرهما، همس كيليان في أذني:
“هما يتشاجران كلّما التقيا. لو قاتلا بصراحة وانتهى الأمر، لكان أفضل. من سيفوز في قتال بالأيدي بدون قدرات…”
لكن صوته تضخّم بسبب الخوذة، ففقد معنى الهمس.
“سيدي القائد؟ أستطيع الفوز بإصبع واحد فقط.”
سمعتها غالاتيا أيضًا.
كسر الأطفال أجواء القتال العادل وقالوا:
“وداعًا!”
“توتو، وداعًا أيضًا!”
أطلّ الأطفال من النافذة ولوّحوا بأيديهم الصغيرة.
لكن إسايا، الفتى الأشقر، وقف تحت شجرة قيقب خضراء ينظر إلينا. لوّحتُ له كإشارة “أراك غدًا”.
* * *
خلال العودة، لم تغب ابتسامات الأطفال الصافية عن ذهني. ابتسامة غالاتيا المشرقة كانت تشبهها، مما زاد الأمر.
ضغطتُ على كتف دانتي، الذي ينظر من نافذة السيّارة بصمت، وسألتُ:
“السيد دانتي، ما قدرة القدّيسة؟”
“تمتلك أفضل قدرة تنقية في الإمبراطوريّة.”
أليست هذه القدرة الأكثر أهميّة لذوي القدرات؟
“إذن، أليست شخصًا نافعًا للناس؟”
“من ناحية القدرة، نعم.”
فجأة، تذكّرتُ أنّ بطل القصّة الأصليّ يمتلك قدرة استدعاء شيطان، أي قدرة شيطانيّة في هذا العالم.
حسب ذكرياتي الضبابيّة، لم تكن البطلة قدّيسة، بل ابنة غير شرعيّة، لذا فرضيّة أن تكون غالاتيا البطلة غير صحيحة.
ابنة غير شرعيّة، استدعاء شيطان، علاقة كراهيّة – تشبه قصّة ريلكه، لكنّها لم تعُد موجودة.
هل… لا توجد بطلة هنا؟
في عالم غير عاقل كهذا، قد لا يكون هناك بطل. لكن الآن ليس وقت القلق على بطل باهت لا أتذكّره. سيظهر عندما يحين وقته.
“القدّيسة لا تتّفق مع أعمال الطائفة السيّئة، أليس كذلك؟”
كاستغلال أطفال الدار؟ إن كانت سيّئة، سأقطع علاقتي بها فورًا.
دانتي رجل عقلانيّ بارد، قد يكون سريع الغضب لكنّه لا يحكم بالعواطف. لذا تحليله مبنيّ على الحقائق.
“إذا أردتِ التواصل مع إنسانة لا تعرف سوى الأكل للتحقّق… سأحترم رغبتكِ، يا سيّدتي. لكن احذري، فهي مزدوجة الوجه. أنصحكِ بتجنّب تناول الطعام معها إن أمكن.”
فكّرتُ بنصيحته الجادّة. هل تصبح شرسة إذا تأخّر الطعام، أو تسرق الأكل، أو تفتقر للأدب بتحريك أطباق الآخرين؟
* * *
في مقرّ طائفة كاليكس المركزيّ، دير الرسول الأوّل.
ما إن عادت غالاتيا، قدّيسة يناير، من التطوّع في الدار حتى استُدعيت .
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات