29
29
كانت السيارة القديمة التي تقل الزوجين اللورد موراي وزوجته تكافح بشدة لتسلك الطريق الصاعد. أمسك اللورد كريستوفر موراي بعجلة القيادة وبدأ في توبيخ زوجته.
“لماذا تحدثتِ عن الحفل التنكري؟ لقد حصلنا بالفعل على توصية من الأكاديمية، وانتهينا من ترتيب دخول أومينغارد إلى مجتمع النبلاء! ماذا سنفعل الآن بالأموال التي أخذناها؟ هل تعتقدين أن الأمور ستسير بسلاسة عندما يعلم الطرف الآخر بخطبتها لرجل آخر؟”
ردّت عليه جيرترود وهي تعقد حاجبيها بغضب:
“هذا كذب واضح. ليس هناك أي سبب يجعل رجلاً ذا مكانة رفيعة يعيش في الغابة بتلك الحال! ربما إذا كان نبيلاً ساقطاً، يمكن أن أصدق ذلك.”
فردّ كريستوفر بحدة:
“ماذا تعرفين أنتِ، وأنتِ من أصلٍ عامي؟ هناك شيء يمكن الشعور به من تصرفاته وكلماته. كانت لديه هيبة غير عادية!”
“وأنتَ، ألم تكن تعرف في البداية؟ ثم، هل انتهيت من الحديث؟ كيف تتجرأ على قول هذا لزوجتك التي عانت طوال حياتها؟ لو لم تكن قد أوقعتنا في ديون القمار، لما كنا نعيش بهذه الحال المزرية! كدتُ أبيع أومينغارد لرجل مسن ثري للزواج مجددًا بسببك!”
صاح كريستوفر بغضب وضرب عجلة القيادة المهترئة بقوة:
“لو كنتِ تعاملينني كزوج بشكل صحيح، لما وصلتُ إلى هذا الحال! في البداية أحببتِ فكرة الزواج من نبيل، والآن تعاملينني وكأنني خادم!”
“أي عصر نعيش فيه؟ إن كنتَ فقيراً، فلن تختلف عن أي عامي! النبلاء الحقيقيون يجب أن يكونوا أثرياء. كان يجب أن أتزوج من أحد النبلاء الجدد في عالم المال، لكنني كنت مجنونة، نعم مجنونة!”
توقفت السيارة فجأة بصوت عالٍ، وبدأت تهتز بعنف بسبب شجار الزوجين. في الواقع، كان كريستوفر هو الذي يتلقى الضرب، بينما كانت جيرترود تمسكه من رقبته.
بعد أن هدأ الاهتزاز، أمسك كريستوفر بعنقه وهو يلهث ويحاول الاستسلام:
“آه، انتظري، هذا مؤلم! اتركي رقبتي! هل تعرفين حتى من هو الابن الأكبر للعائلة؟ إنه ليس مجرد شخص عادي، بل هو عضو في فرسان المعبد، وله صلة بتنظيمات سرية. قد يتم بيع جيورجي وأومينغارد إلى جزيرة بسبب هذا!”
“لا يمكننا أن نخرج سالمين أيضًا، هذا واضح.”
“ماذا؟ وكيف تعرفتَ على شخص مثل هذا؟”
“…في الواقع، التقيتُ به في صالة القمار.”
في تلك اللحظة، احمرّ وجه جيرترود غضبًا.
“كان يجب أن تخبرني بذلك منذ البداية!”
“لم أستطع أن أخبرك أنني ذهبت إلى صالة القمار مجددًا.”
عند سماع كلمات كريستوفر، بدأت جيرترود تقضم أظافرها وتنظر إلى خارج نافذة السيارة. وبعد لحظات من الصمت، فتحت فمها لتتحدث معه.
“ذلك الرجل لم يكشف عن هويته حتى النهاية. حتى لو كان نبيلاً حقيقيًا، قد لا يكون بالأهمية التي يبدو عليها. على أي حال، عندما نقابل ابن الطبيب بشكل مباشر، قد تغيّر ميا رأيها. إنه وسيم كرجل حقيقي، أليس كذلك؟ أفضل بكثير من الرجل ذو الشعر الأسود الذي رأيناه سابقًا.”
مسح كريستوفر عرقه وهو يلتقط أنفاسه، ولكن ملامحه بدت غير راضية.
“من وجهة نظري، إنه من النبلاء الرفيعين، أخبرتك هذا يا صاحبة العناد الشديد!”
وفجأة، أمسكته جيرترود من بقايا شعره، لتبدأ جولة جديدة من شجارهما الزوجي المعتاد.
—
“أنا ودانتي اتفقنا على حضور الحفل الراقص في القصر الإمبراطوري الأسبوع المقبل، متظاهرين بأننا مخطوبان، تحت شعار حماية حياتنا اليومية.”
ولكن بما أنني لم أكن على علاقة كبيرة بعالم النبلاء، كنت بحاجة إلى تدريب سريع على أصول النبلاء من ماتياس، الذي كان نبيلاً أصيلاً.
عندما اقتربت من ماتياس الذي كان يجلس على طاولة الحديقة يقرأ الجريدة، وطلبت منه تعليمي، زفر بضيق ونظر إليّ بازدراء.
“ما الذي ستفعليه في الحفل؟ فقط تناولي الطعام الذي تحبيه وعودي. النبيذ الذي يُورَّد حصريًا للعائلة الإمبراطورية ليس سيئًا.”
“أنا أعرف كيف أتناول الطعام، لكن قد أحتاج إلى التحدث مع النبلاء!”
“إذا كان خصمك يدعم حزب تايلور، فيمكنك الحكم عليه مسبقًا وبصق عليه.”
من الواضح أن قدراتي ليست كافية لتلقي التعليم من هذا الرجل. ابتسمت بتوتر وتراجعت خطوة بخطوة.
“يا معلمي، لا أحتاج إلى مزيد من التعلم. سأغادر الآن.”
“حسنًا، اذهبي.”
عندما كنت أعود مباشرة، صادفت كيليان وهو يحمل نبتة الكاتنيب الحقيقية وكلبًا بريًا.
قام بمداعبة الكلب الذي كان يضع طوقًا حول عنقه ويبدو عليه الهدوء، وقال:
“إنه دينغو بريّ جلبته من أوستراند. ألا يبدو لطيفًا؟ يقولون إن مداعبة الكلاب تُشبه الاسترخاء، إذ تخفّض ضغط الدم وتمنح راحة نفسية.”
رغم كلامه، كان الدينغو يعضه بشدة. وبينما كنت أشاهد الدينغو ينهش القفاز الحديدي بأسنانه الحادة، فكرت للحظة في ماهية الراحة النفسية التي يمكن أن يحصل عليها من هذا المشهد.
“غررر…”
عندما رأيت أنياب الدينغو الحادة وصوته الهادر، شعرت بقشعريرة في عنقي. بدا شديد الشراسة. فكرت: أنا خائفة منه. وهنا لا يوجد مدرب محترف لإنقاذ الموقف.
تحدثت إلى كيليان بحذر وأنا أرتجف قليلاً:
“أليس من الأفضل إعادته إلى موطنه؟ تخيّل كم هو خائف ومتوتر لوجوده فجأة في مكان غريب. حتى أنه قد يجد صعوبة في التكيّف مع اختلاف التوقيت أو تقبل الطعام الجديد.”
رد كيليان وهو يمسح على رأس الدينغو:
“هل تعتقدين أن هذا المسكين يعرف معنى الشبع؟ لقد كان محتجزًا في حلبة قتال الكلاب في أوستراند، يعاني من الجوع. إنه بحاجة إلى فرصة جديدة للحياة. أرجو أن تسميه بنفسكِ، يا سيدتي.”
يا للعجب! قصة إنقاذ أخرى. هذا يعني أنني سأضطر لتربيته أيضًا.
بينما كنت أفكر في اسم له، نظرت إلى الدينغو. كان يتمتع بمظهر رائع بفمه المدبب، وأذنيه المنتصبتين، وفرائه الأصفر الذي يشبه الكلاب المحلية الجميلة.
“هممم… ما رأيك في ‘نويرونغي’؟”
(اسم نويرونغي (누렁이) هو كلمة كورية تُستخدم غالبًا للإشارة إلى الكلاب ذات اللون الأصفر أو الذهبي. في اللغة الكورية، الكلمة مشتقة من “نو란” (노란) التي تعني “أصفر”، مع إضافة “غي” كلاحقة تُستخدم عادة كاسم ودود أو غير رسمي للحيوانات الأليفة.
بالتالي، اسم “نويرونغي” يعني ببساطة “الأصفر الصغير” أو “الكلب الأصفر”، ويُعتبر اسمًا شائعًا ولطيفًا للحيوانات الأليفة ذات اللون الذهبي أو الأصفر.)
أومأ كيليان برأسه المغطى بالخُوذة ذات القرنين، وكأنه أعجب باسمي.
“اسم رائع جدًا. حسنًا، من الآن فصاعدًا، سيكون اسمه ألكسندر الثاني عشر. لنتعايش بشكل جيد.”
بالتأكيد تلك الخوذة لديها خاصية عزل الضوضاء. لماذا طلب مني تسميته إذا كان سيختار اسمًا آخر؟
أخفضت كتفي بإحباط، لكن خطر في بالي سؤال، فطرحته عليه:
“كيليان، أنت من النبلاء، أليس كذلك؟”
“حصلت على لقب نبيل نتيجة لمساهماتي، لكن أصلي يعود إلى العامة، لماذا تسألي؟”
“آه، أحتاج إلى حضور حفل راقص قريبًا، وليس لدي أي فكرة عن آداب التعامل هناك. هل يمكنك مساعدتي؟”
حك كيليان خوذته وأضاف:
“لقد حضرت حفلات راقصة بصفتي فارسًا للحراسة فقط، ولم أشارك فعليًا في الحياة الاجتماعية. كذلك، قائد اللواء دايك ليس لديه خبرة في هذا المجال، بل إنه من النوع الذي لا يكترث لآراء الآخرين.”
تأكّد مرة أخرى أن دانتي يتصرف بأسلوبه الخاص دائمًا. وبعد لحظة تفكير، اقترح كيليان:
“لماذا لا تسألي إليورد أو إيجيكل؟”
“سأفعل ذلك. وأرجو أن تساعد في تأهيل ألكسندر الثاني عشر اجتماعيًا بسرعة. إنه لطيف، لكنه مخيف جدًا بسبب شراسته.”
“حسنًا، مفهوم.”
استدرت مبتعدة عن كيليان، الذي كان يصرخ بحماسة: “اجلس! اجلس!”، بينما كنت أفكر في أمور أخرى.
أخذت أتجول في الحديقة، ممسكة بنبتة الكاتنيب، غارقة في التفكير. هل عليّ شراء فستان أيضًا؟ ربما فستان سهرة يشبه تلك التي ترتديها الممثلات في المهرجانات السينمائية؟ يبدو أن الوقت قد حان لإنفاق الأموال التي ادخرتها.
“مياااووو!”
خرجت القطط من كل مكان، مدفوعة برائحة الكاتنيب، وبدأت تتبعني. شعرت وكأنني ساحرة ظلام تروض الأرواح المستدعاة. رششت الكاتنيب بأسلوب درامي وتمتمت لنفسي بثقة:
“نعم، لنفكر في الأمر كتكلفة لطرد الأرواح الشريرة.”
(الكاتنيب هي نبتة تنجذب اليها القطط غالبًا)
وبينما كنت ألمس وسادات أقدام قطة منجذبة للكاتنيب، خطر لي فجأة سؤال:
“لكن أين هي البطلة؟ لماذا أشعر أنني أقوم بكل شيء وحدي؟”
‘هل أنا الشخصية السرية في القصة؟ أم أنني جسر يربط بين البطلين؟’
توقفت للحظة.’هل يمكن أنني انخرطت في حبكة تقليدية مكررة؟’
—
1. يتورط البطل الرئيسي والشخصية الثانوية في علاقة عاطفية غير مقصودة.
2.عندما تظهر البطلة الحقيقية، تقرر الشخصية الثانوية الانفصال عن البطل الرئيسي والتخلي عنه لصالحها.
3. يبدأ البطل الرئيسي بالتعلق المفرط بالشخصية الثانوية ويقوم بحبسها في قصر فخم.
4. تتدخل البطلة الحقيقية، وتنقذ الشخصية الثانوية من البطل الرئيسي، ثم تنشأ بينهما علاقة صداقة قوية ومتينة.
—
‘انتظر، هل هذا منطقي؟ أي نوع من الروايات كنت أقرأها؟’
ربما مضى وقت طويل منذ أن قرأت رواية ويب. ومع ذلك، بفضل قوة الانتقال إلى هذا العالم الجديد، ما زلت أتذكر محتوى الرواية الأصلية ‘الأميرة الأخيرة’.
‘أوه! أنا مجرد شخصية ثانوية ظهرت بجملة واحدة في الصفحة 15 من الفصل 45!’
‘وهذا الرجل! إنه الشرير الذي ظهر في الفصل 16 واختفى بعد ذلك بطريقة حزينة!’
رغم أنني لا أتذكر التفاصيل الدقيقة، إلا أنني أتذكر النقاط المهمة.
دانتي ڤان دايك، دوق شيطاني.
كان دائم الصراع مع البطلة، وهي الأميرة غير الشرعية. علاقتهما كانت مشحونة بالتوتر، حيث لم يتجاوزا الخط الفاصل بينهما ولم يمسك أحدهما يد الآخر، لكن الأجواء الغريبة بينهما كانت واضحة. كانت العلاقة مليئة بالكراهية المتبادلة، لكنها تحمل طابعًا ساحرًا.
‘رغم أنه كان يُعيق البطلة في محاولاتها للاعتراف بها كعضو في العائلة الإمبراطورية، إلا أنه لم يهدد حياتها أبدًا. بل على العكس، أنقذها من مواقف خطرة. يمكن وصفه بأنه منافس شريف إلى حد ما.’
كانت البطلة تمتلك قدرات من العالم الشيطاني، معتمدة على أداة سحرية لاستدعاء الشيطان الأعظم. لكن بسبب مكائد دانتي، فقدت هذه الأداة، مما أدى إلى فشل كل خططها. وفي النهاية، تم القضاء على جميع أفراد العائلة الإمبراطورية، ولم يتبقَ سوى البطلة، كونها ابنة غير شرعية.
“الشيطان هو أنت، وليس أنا!”
رغم أن هذا مجرد نص مكتوب، إلا أنني شعرت بصوت البطلة يتردد في أذني، مليئًا بالغضب والانكسار، كما لو كانت قد تعرضت لخيانة كبيرة من شخص تحبه.
وفقًا لرأي بعض القراء، دانتي لم يكن يهدف إلا لإنقاذها. نظرًا لانهيار العائلة الإمبراطورية وفقدانها قوتها، لم يكن بالإمكان إيقاف هذا المصير، لذا كان عرقلته لها وسيلة لحمايتها.
لكن لماذا يُربط هذا البطل المعقد والمليء بالكراهية معي؟
ربما عندما تظهر البطلة، سأفهم مجرى الأحداث بشكل أفضل، وأعرف ما يعنيه وجودي هنا.
“هل يجب أن يكون للوجود معنى دائمًا؟”
تمتمت بهذه الكلمات بينما كنت أزيل بقايا النوم من عيون قطة صغيرة.
ما دمت وُلدت، يجب أن أبذل قصارى جهدي للعيش. في النهاية، حياتي الهادئة والمسالمة هي الأهم.
المترجمة:«Яєяє✨»