ما هو الجحيم؟ 

يصف الجميع بأنه مكان مروع، مليء بالشياطين القاسية التي تجلد الناس، حيث يُصور الأصلعون وهم يغلون في حساء مارا الحار، وتنتشر النيران الحمراء والكبريت في مشهد بائس. 

وأنا، ميا فورتونا (20 عامًا). 

أنقذت العالم، فأصبحت زعيمة الجحيم. 

في الحقيقة، عندما قدمت “محو نفسي من العالم والذهاب إلى الجحيم”
كتضحية، كنتُ مفتونة بـ”أنا الرائعة التي اتخذت قرارًا عظيمًا”. لكن عندما فكرت في الهجرة إلى الجحيم، شعرت بالحيرة. 

أنا أكره الحرارة بشدة. 

“واو! لقد عادت سيدة الجحيم الخالدة أخيرًا!” 

“جاءت لتصحيح فوضى الجحيم وتستقر الأوضاع!” 

في أجواء احتفالية مع موسيقى مبهجة، رأيت سكان الجحيم ينثرون الزهور مرحبين بي. خدشت رأسي أمام هذا المشهد غير المتوقع. 

لم يكن حارًا، بل بدا كمدينة عادية في عالم خيالي. 

<فخر الجحيم، سيدة الجحيم الخالدة، تعود بعد قمع تمرد الجشع> 

رأيت لافتة ترحيبية بعيدة.

هل لقبي حقًا “سيدة الجحيم الخالدة”؟ ألا يوجد شيء أروع مثل “ظلام الهاوية” أو “الظلم اللا نهائي”؟ 

تنهدت ونظرت حولي. 

المكان مزين بأناقة. البنية التحتية جيدة، المناظر رائعة، والمواصلات تبدو مريحة. هل لأن الشياطين يعيشون هنا؟ 

“نحن سعداء بعودتكِ!” 

غطيت فمي عندما قدم شياطين صغار باقات زهور. 

ما هذا! هناك أشياء لطيفة أيضًا!

بينما كنت متأثرة، رفع شيطان صوته مديحًا إياي. 

“تتخذ شكل إنسان! لقد استولت على جسد قديسة كغنيمة للسخرية من الحكام! تبدو غبية قليلًا، لكنها مثال جيد!” 

لا، هذا مظهري الطبيعي. كلامه قاسٍ. 

يبدو أنهم في سوء فهم كبير. انحنى إليورد، الذي عاد إلى شكله البشري من ثعبان البحر، بأناقة وهو يرافقني. 

“لقد وصلنا، سيدتي.”

اتسعت عيناي أمام قصر فخم يشبه ما تراه في جولات أوروبا الباهظة. هل هذا منزلي المستقبلي؟ 

“هذا منزلي؟” 

“نعم.” 

أخيرًا امتلكت منزلًا عظيمًا. في الجحيم، بالطبع. 

صعدت السلالم الذهبية الآلية، ورأيت داخلًا مزينًا بالكريستال الشفاف والجواهر والذهب. 

كان هناك عرش، وشياطين يبدون ككبار المسؤولين ينحنون ترحيبًا بي. 

“أيتها السيدة الخالدة العظيمة، لقد نزلتِ بنفسك إلى عالم البشر، وأبطلتِ النفاق، ونشرتِ الشر الحقيقي لإبراز طباع البشر الفاسدة. قرار حكيم ورائع. إنها ليست سوى طريقة مختلفة عن الحكام المنافقة، لكنها خلاص للأرواح!” 

لم يكن هذا خطتي. 

حاولت الدفاع عن نفسي، لكن إليورد وضع إصبعه على شفتيه، مشيرًا إلى الصمت. 

ثم تحدث شيطان آخر ذو قرون وذقن طويلة: 

“انظري، رغم مرات الخلاص والمغفرة، لم يتغير البشر. نظرية الشر صحيحة، وتدميرهم وغرسهم بنكهة الجحيم الحمراء هو الحل لإصلاحهم. لكن بسبب تمرد الجشع الوقح، عانيتي من إذلال حبسك في جسد بشري…” 

لم أفهم شيئًا. قررت الحديث عن الأهم. 

“لا يعجبني لقب سيدة الجحيم الخالدة.” 

“هل هو قرار إصلاحي لبداية جديدة؟ ماذا عن ‘ملكة الشياطين اللا تقهر’؟” 

نفس الشيء! تغيير 360 درجة! 

“فقط نادوني ميا.” 

“يبدو ضعيفًا. كحشرة هشة.” 

“كيف تجرؤ على قول هذا!” 

مالت رؤوس المسؤولين بدهشة. 

“جلالتك، ربما بسبب إقامتك الطويلة في عالم البشر، تبدين كإنسانة. أسلوب ملابسك تغير… أصبح بسيطًا؟” 

“كمسؤول عن أناقة جلالتك، لا أطيق هذا! ارتدي هذه الملابس!” 

عرض شيطان بوجه مطلي بالأسود والأبيض، كمغني ميتال، ملابس قوية بأسلوب ديث ميتال. 

«مغني الميتال هو فنان يؤدي موسيقى صاخبة بأسلوب قوي، وغالبًا يغني بصراخ ويرتدي ملابس سوداء وإكسسوارات معدنية.»

“و… تبدين أضعف. أشعر بنصف قوتك السحرية فقط.” 

نظر شيطان بشكوك. 

في الحقيقة، كنت أملك قوة شيطان الفراغ العظيم، لكنني كنت كائنًا مختلفًا.

خوفًا من الفوضى إذا انكشف ذلك، ضربت الأرض بقدمي. 

“غيرت ذوقي إلى البشري فقط! من اليوم، لا جلالة أو سيدة، نادوني بالمديرة. سنتحول إلى نظام شركة.” 

“آه، سمعنا أنكِ امتلكتِ 666 من الحريم في عالم البشر. أدخلي حريمًا هنا أيضًا، بما في ذلك أنا.” 

هل وصلت الشائعات المغلوطة إلى الجحيم؟ 

غمز شيطان عجوز ذو ذقن طويلة بإغراء. 

تبعه مسؤولون شياطين بشكل مخيف، يتخذون أوضاعًا مغرية. 

“أنظر إلى الطول، الوجه، الجسم…” 

“أخبرينا بذوقك، مديرة، وسنتكيف بسرعة.” 

من يجيد الأعمال المنزلية، هادئ، يدعم زوجته، بجسم رائع، طويل، وسيم، بأنف جميل وعيون ممدودة… دانتي. 

صرخت غاضبة: 

“ليس بينكم! كفى، استمتعت كفاية في عالم البشر. كل يوم، مع الرجال، ليل نهار، حتى كدتُ أنهار!” 

“بالفعل! سمعة ملكية مذهلة! حياة فاسدة تستحق الجحيم، أفعال مقززة! محترمة!” 

أليس هذا إهانة مموهة كمديح؟ غير معتادة على مديح الجحيم، تظاهرت بالتكبر وأكملت: 

“في غيابي، أصبح الجحيم فوضى عارمة. إذا وجدت أي مشكلة، سأطرد الجميع!” 

“أليست الفوضى جيدة؟”

“يعني أصبح مملًا كالجنة! لمَ تحملون آذانًا لا تفهم؟ زينة أزياء؟” 

بينما أرمي الأشياء وأطلق غضبي، بدا المسؤولون مطمئنين، وكأنهم يقولون:

“هي هي بالتأكيد!” 

تظاهرت بوجه صلب واستدرت. 

“أنا متعبة من الرحلة الطويلة! سأرتاح الآن!” 

“سأذهب معكِ. خدمة الليل واجبي الأصلي.” 

تشبث إليورد بذراعي كحبيب ينعم بحب الملك. 

“هه! ماذا فعلت سوى الاستلقاء؟” 

“حبيبتي، هل أريكِ معنى خدمة الليل؟ ستكونين راضية.” 

لا تأخذ الأمر على محمل الجد! 

نظر المسؤولون إلى إليورد، الوسيم ذو الشعر البلاتيني وبدلة النبيذ الأنيقة، وأومأوا. 

“الجميل الرسمي للجحيم الذي أقرته المديرة.”

* * *

ينقسم الجحيم إلى سبع مناطق، ببساطة، مثل شركة كبرى يديرها مديرو فروع تحت رئيس مجلس الإدارة. أنا المسؤولة عن المنطقة السابعة العليا، والمديرة. 

قال إليورد، أحد مديري الفروع وخادمي: 

“الشياطين الأصليون يحتقرون الشياطين من أصل بشري. الكثيرون يتربصون بالتمرد، فمن الأفضل عدم إظهار ذلك الآن.” 

“حسنًا، فهمت.” 

“الأعين كثيرة، فاحتقريني وأهِنني، سيدتي.” 

ماذا؟ أنا لست جيدة في هذا.

“حسنًا، توقف عن التدخل الوقح وكن بجانبي مغازلًا! فمك العديم الفائدة ليس إلا لهذا!” 

“آه، رائع جدًا.” 

تنهد إليورد بنشوة، وضع يدي على خده الأحمر. ذوقه مريب قليلًا؟ 

لا أعلم إن كان هذا صحيحًا، لكنه كان كذلك، فلا خيار… 

على أي حال، انطلقنا لتفقد الجحيم. 

المحطة الأولى كانت مركز توزيع الأرواح، “مركز جحيم السماء”، حيث تُصنف الأرواح إلى المناطق. 

ما إن نزلت من ليموزين فاخرة كالتي تستخدم في المناسبات الرسمية، حتى اقترب الكونت بيلرود على حصان، وأدى التحية. 

«الليموزين هي سيارة فاخرة وطويلة، غالبًا يقودها سائق خاص، وتُستخدم لنقل الشخصيات المهمة أو في المناسبات الخاصة.»

“سيدة الجحيم، لمَ تتجولين بشكل تلك الفتاة البشرية؟” 

“حسنًا، هذا لأن…” 

نقر إليورد، فعدت إلى رباطة جأشي ووضعت تعبيرًا شرسًا. 

“إذا كنتَ غير راضٍ، تمرد كذبابة. سأقطع أطرافك وأرميها في الجهات الأربع. ألم تسمع أن اللقب تغير إلى مديرة؟ ركز!” 

“أعتذر. مظهرك بشري، لكن هيبتك كالسابق.” 

“اخرس واذهب لعملك! لمَ تركب حصانًا بغرور؟ هل تحتفظ بأجنحتك وقدميك لصنع وجبات؟ إذا أردت العيش طويلًا، امشِ!” 

عند توبيخي القاسي، أصدر بيلرود أصواتًا غريبة مثل “هينغ، إيهينغ، هوينغ”، ونزل عن الحصان وهرب. 

شعرت بالذنب. تأنيب الضمير لكلامي القاسي. 

في هذه الأثناء، رأيت عمال توصيل جحيميين، يصنفون الأرواح ويوزعونها.

“جريمة جمع ثروة بفساد وأعمال غير قانونية؟ عقوبة التعقيم بالغليان لألف عام. يجب إرساله بتوصيل الفجر.” 

“آه، لا!” 

كانت الأرواح تبكي أو مذهولة وهي تُعبأ في صناديق الشحن. 

نقر شيطان لسانه وهو ينظر إلى روح تحمل علامة التوصيل الخاص. 

“قاتل متسلسل؟ نوع التدمير غير القابل لإعادة التدوير. هذا يذهب مباشرة إلى المديرة.” 

دينغ دينغ-! 

فزعت عندما سمعت تنبيه رسالة، وأخرجت هاتفي. هاتف آبل من حياتي السابقة؟ نظرت إليه، وظهرت رسالة على الشاشة. 

[المنطقة السابعة العليا، استلام شحنة موقع التخلص الأبدي مكتمل. – هيل فانغ للتوصيل] 

[الشحنة أمام الباب. – هيل فانغ للتوصيل] 

لمَ هذه السرعة والبساطة؟ 

[نحمل روحك اللعينة الآن إلى المنطقة السابعة~ إذا كنت راضيًا عن التوصيل، من فضلك خمس نجوم! ^^ – النقل العظيم للجحيم] 

لم أستلمها بعد، فكيف أكون راضية؟ 

[شحنتك ستصل بين 00:00 و23:00 اليوم. – هيلو للتوصيل] 

متى بالضبط سيصل؟ 

بينما أنظر إلى الرسائل مذهولة، لفت انتباهي شيء. 

[تنبيه: مامون، إنسان، ومونستيل يعبرون نهر أكيرون، متجهين إلى مدخل الجحيم. تجنبوا الخروج وانتبهوا للسلامة.] 

المترجمة:«Яєяє✨»