بعد مغادرة قصر كاركا، سألتُ إليورد عن سبب اختفاء قوة إسايا. 

جلس في مقعد الراكب الأمامي، ينظف نظارته الأحادية ويصمت طويلًا. 

‘لماذا يطيل هكذا؟ هل هو قدر أرز؟’ 

بينما كنتُ على وشك حثه على الإجابة من الإحباط، تكلم أخيرًا. 

“أليس هذا ما أردتِه، سيدتي؟” 

لم يقل إليورد سوى كلام غامض، دون تفسير واضح. صحيح أنني كثيرًا ما فكرتُ أن الأفضل ألا يمتلك المرء قوى خارقة، لكن… 

“لقد وصلنا.” 

في تلك اللحظة، أوقف دانتي السيارة قرب متجر السلع المستعملة، نزل من مقعد السائق، وفتح الباب الخلفي. 

‘هذا الرجل، أخلاقه تستحق ألف درجة من ألف.’ 

لكن ما إن أمسكتُ يده الممدودة، شعرتُ بتيار كهربائي يسري في يدي، فاحمر وجهي. 

“ما، ما هذا؟” 

تسارعت دقات قلبي فجأة، وشعرتُ بشعور غريب. 

كم مرة أمسكتُ يده من قبل؟ حملني كأميرة، نمنا معًا، فعلنا كل شيء تقريبًا عدا المواعدة، فلماذا الآن؟ 

نظر دانتي إلي، وقد تحولتُ إلى فراولة، بوجه خالٍ من التعابير كعادته، بل بدا أكثر برودة قليلًا وهو يترك يدي بحذر. 

“آه!” 

من الارتباك، تعثرتُ وكدتُ أسقط. 

‘لا أريد السقوط بهذه الطريقة الكلاسيكية!’ 

“كفي عن التسرع.” 

شعرتُ بصدر شخص ما يسندني. أغمضتُ عيني ثم التفتُ، فوجدتُ إيجكيل يبتسم بلطف. 

“لو كنتُ بجسم طفل، لكنا سقطنا معًا، أليس كذلك؟” 

يا له من شاب وسيم وأنيق. حدقتُ في إيجكيل، الذي يبتسم بعيون ذهبية، لكن سرعان ما سُحبتُ فجأة ودارت رؤيتي مجددًا. 

“آه!” 

هذه المرة، واجهتُ صدرًا آخر – لا، قميصًا مشدودًا على صدر قوي، مع رائحة غسيل مريحة. 

“هل أنتِ بخير؟” 

نظر دانتي إلي بعينين ضيقتين بجدية. 

‘لماذا يبدو منزعجًا مجددًا؟’ في تلك اللحظة، رأيتُ عمود إنارة خلفنا يميل ويسقط. 

كلانغ-! 

صرختُ وأغمضتُ عيني من صوت العمود وهو يصطدم بالأرض، ثم فتحتهما.

‘لماذا سقط؟’ 

أوقفني دانتي، الذي بدا مرتبكًا، وقال: 

“لم أفعل ذلك.” 

‘من الواضح أن شخصًا متهورًا فعلها! ألا تزال آثار القوة الزرقاء على يد دانتي المتهور؟’ 

“لماذا تستمر في تدمير الأشياء حولك؟ هل هذا تحذير لي بأنني سأصبح هكذا؟” 

أردتُ توبيخه بصرامة، لكنني بدوتُ وكأنني أتذمر. 

“إذا امتنعتِ عن لمس الرجال الآخرين أو النظر إليهم، لن تحدث أي مشكلة. بالطبع، سيُكسر شيء آخر غيركِ، سيدتي.” 

‘إذًا، هو من فعلها!’ يبدو هذا كغيرة رجل مهووس. ألم تقل إنك لا تحبني؟
تصرفاته المحيرة جعلت رأسي يؤلمني. 

في تلك اللحظة، ضحك إيجكيل بسخرية وسأل: 

“جنرال، لماذا تفعل شيئًا لم تفعله من قبل؟” 

“فعلتُ ما أفعله دائمًا.” 

“هذا صحيح.” 

بينما كانا يتبادلان الحديث كالممثلين الكوميديين، أمسك إليورد يدي فجأة بنشاط وقال: 

“سيدتي، هيا بنا ندخل. لقد وصلت أداة تعذيب جديدة كانت تُستخدم في محاكم الشياطين.” 

“كيف تكون جديدة إذا استُخدمت؟” 

“تصبح أداة تعذيب حقيقية بعد استخدامها.” 

فجأة، ظهرت يد أخرى، أزاحت يد إليورد بالقوة. أمسك دانتي يدي الخالية بسرعة وبدأ يسحبني. 

“هذا المكان مليء بالمخاطر. من الأفضل أن تمسكي يدي ونمشي.” 

“ماذا؟ أي نوع من المخاطر؟” 

‘يبدو أنه لا يطيق رؤيتي مع رجل آخر، لكنه قال إنه لا يحبني. ما هذا التناقض؟’ 

سألتُ بنبرة متذمرة: 

“دانتي، هل سأعيش حياة بلا حب أو زواج إلى الأبد؟” 

“نعم، وأنا كذلك.” 

‘هل هذا الرجل مجنون؟ هل لديه شخصيتان مختلفتان؟ هل هو معطل؟’ 

في تلك الأثناء، سحبني دانتي، المصاب بانفصام الشخصية، حتى وصلنا إلى مدخل متجر السلع المستعملة. استقبلنا موظفة تحمل حمامة على كتفها. 

“أهلًا! إذا كان لديكم أي سؤال، اسألوا!” 

ربما كان وهمًا، لكن صوتها جعلني أتخيل سوقًا تجاريًا تحت الأرض. رفرف الحمام أجنحته كما لو كان يرقص على إيقاع صوتها. 

“مرحبًا، أنا ميا فورتونا. جئتُ لأقترح تعاونًا تجاريًا. هل يمكنني مقابلة المدير؟” 

“أوه، إنه موجود! لحظة واحدة!” 

دخلت الموظفة إلى الداخل، ثم عادت ملوحة بذراعيها. 

“أنا المديرة!”

…؟؟؟ 

ابتسمت بنشاط وهي ترى ارتباكي. 

“يبدو أنها مسألة مهمة، تفضلوا إلى الداخل!” 

تبعناها إلى غرفة مريحة. قدمت لنا عصير فراولة وقدمت نفسها: 

“اسمي لونا دي سيلر. لدي القدرة على التواصل مع الحيوانات، وقد دربتُ كلابًا عسكرية وحمامًا زاجلًا. كنتُ قرصانة، لكنني أصبتُ بداء الأعمال، فاعتزلتُ وأدير الآن عدة مشاريع. أنا أيضًا رئيسة جمعية التجار الإمبراطورية.” 

كنتُ أعلم من السيدة هابرت أنها رئيسة الجمعية، لكن… 

اسم يجمع بين تاجر عظيم وملك قراصنة، وقدرة على التواصل مع الحيوانات، لكنها كانت قرصانة وتدير الآن متجرًا للسلع المستعملة؟ يبدو أنها عاشت حياة مليئة بالعفوية. 

‘مثل هؤلاء الأشخاص ينجذبون بسرعة للأفكار الجديدة.’

“لونا، هل أنتِ مهتمة بمشروع جديد؟ لدينا خطة للتعاون مع شركة هابرت التجارية وشركة نيفي للحلويات والمخبوزات…” 

كما توقعتُ، لمعت عيناها العنبريتان. 

“ما نوع المشروع؟” 

أشرتُ لإليورد بعيني، فأسقط شاشة على الحائط كجهاز عرض. 

حدقت لونا في الشاشة بجدية، فأشرتُ إلى كرة بلورية بنفسجية متوهجة على الشاشة. 

“هذه ‘كرة الطلب’. أداة سحرية تتيح طلب المنتجات، الدفع، والتوصيل في خطوة واحدة. تربط البائعين بالمشترين، فنحن ندعو المتاجر المحلية للانضمام ونأخذ عمولة، بينما يكسب الساعي أجر التوصيل.” 

أشرتُ إلى الحمام وقد تابعت: 

“حيواناتكِ المدربة ستساعد كثيرًا. نخطط لتجربة المخبز أولًا لجمع البيانات. هل أنتِ مهتمة بهذا المشروع الرائع؟” 

احمرت خدود لونا، وارتجفت كتفاها من الحماس. 

“لكن ألا يجب امتلاك كرة الطلب أولًا لاستخدامها؟” 

نظرتُ إلى إليورد، مشيرة له بقلب الشاشة. 

تنهد إليورد، الذي لا يهتم بالأعمال الشريفة، وقلّب الشاشة بحركة كسولة. 

“آه! عيناي!” 

ما إن ظهرت الشاشة، صرخت لونا وغطت عينيها. 

‘قدمنا العرض، لكن لم نجهز العرض التقديمي!’ تظاهرتُ بعدم الاكتراث
وواصلتُ: 

“سنوزعها بثمن زهيد بكميات كبيرة، وعندما تصبح ضرورية، نبيعها بسعرها الحقيقي. إنها قابلة للكسر، لذا ليست دائمة.” 

أومأت لونا بعيون نصف مغمضة وسألت: 

“قد تناسب من لا يستطيعون توظيف خادم، لكن الأثرياء يأمرون خدمهم، فلمَ يحتاجونها؟ كيف ستتعاملين مع هذا؟” 

نقرتُ على كتف إليورد، فظهرت الشاشة التالية مع تنهيدة. 

1. مزاد فاخر للنخبة بنسبة 1% 

شارك في المزادات من منزلك. للمدعوين المميزين فقط. اكتشف منتجات أسطورية لم ترَ مثلها من قبل. 

– لأول 20 مشاركًا فقط. 

2. سوق الأسرار لما لا يُحكى 

هل لديك هواية سرية؟ أو منتج تريد شراءه دون علم عائلتك؟ 

جرّب خدمة الشراء السري المضمون. 

مزود بنظام أمان صممه قائد سابق، قائد فرسان إمبراطوري، وسيد برج السحر.
 
– تشفير هوية المشتري، شحن بغلاف كتب سياسية أو فلسفية، ويدمر نفسه إذا فُتح بالقوة. 

نظر إلي دانتي وكيليان وإيجكيل كأننا لم نصمم شيئًا كهذا من قبل. 

في الحقيقة، كرة الاتصال تلقيتها من السيدة هابرت بدلًا من فنجان شاي، لكن الأمر يعتمد الآن على كيفية استغلال ما لدينا. 

“حسب قانون العرض والطلب، هذه استراتيجية لاستهداف الاحتياجات الخاصة.” 

“إذًا، ماذا تحتاجين؟ قوى عاملة؟ علاقات؟ استثمار؟” 

سألت لونا باهتمام وهي تحدق في الشاشة. أشرتُ إلى تويتو، الحمامة على كتفها. 

“أولًا، أريد استعارة الحمام. سنوزع منشورات ترويجية مع الكعكات. وسنضع إعلان متجركِ في المقدمة. ما رأيته اليوم سري، وإذا سرّبته أو سرقتِ الفكرة… قد تحدث أمور مزعجة.” 

أشرتُ إلى كيليان ودانتي كتحذير. لاحظت لونا نظرات الرجال القويين وأومأت. 

“لا داعي للقلق.” 

بهذا، اقتربنا من هدف توزيع الكعكات على أكبر عدد ممكن. وكذلك كرات الطلب. 

‘لدي خطة محكمة.’

* * *

بعد إنهاء مهامنا، عدنا إلى القصر في المساء المتأخر. 

اكتشفتُ رسالة جديدة في صندوق البريد. 

“الوقاحة لها حدود…” 

ما إن فتحتُ الرسالة، شعرتُ بالذهول والغضب يعتريانني. 

[سمعنا أن تعويض وفاة والدكِ وصل. نشعر بالأسف حقًا. لكن هناك مستحقات تربيتكِ المتأخرة، ولنا، كأقرباء وأوصياء، الحق في حصة من الإرث، أليس كذلك؟] 

كانت رسالة من خالتي وزوجها يطلبان اقتطاع جزء من تعويض أبي.

المترجمة:«Яєяє✨»