لم يكن يرتدي ملابس البلاط المعتادة، بل ملابس عادية جعلته يبدو لطيفًا جدًا، وزاد من ذلك ملامحه الخالية من أي تعبير، مما جعله أشبه بدمية.
ظهور ليوبولد المفاجئ جعل إيفلين تتلعثم من الارتباك.
“ج… جلالتك، كيف… لماذا أنتَ هنا؟”
تمتمت وكأنها رأت طيفًا من الخيال، ثم فجأة انتفضت كمن صُعق بالبرق وقالت:
“لا أعرف! جلالتك، أرجوك انتظر قليلًا!”
ثم هرعت مسرعة، وكنت قد رأيت وجهها يزداد احمرارًا حتى كاد ينفجر وهي تجري مبتعدة.
والسبب واضح: لقد التقت بالشخص الذي تحبه وهي لا تزال في ثياب النوم، فغلبها الخجل.
أما أنا، فقد كنت مثـلها ما زلت بثياب النوم من دون أن أغسل وجهي أو أزيح أثر النوم عن عينيّ، لكني لم أشعر بالحرج. فماذا في الأمر؟ الطرف الآخر لم يكن سوى ليوبولد، صبي في الرابعة عشرة فقط.
“…….”
“…….”
وبعد أن اختفت إيفلين كالسهم، لم يبقَ في الغرفة سوى أنا وليوبولد. حدقتُ فيه بصمت.
ربما بدا الأمر غريبًا على إيفلين، لكن بالنسبة لي، لم يكن دخوله المفاجئ إلى بيتنا أمرًا جديدًا. فقد اعتدت على زياراته.
إيفلين كانت تقيم عندنا منذ أن دعاها الإمبراطور، وليوبولد، بصفته ولي العهد، كان يزور منزلنا أحيانًا بحجة الاطمئنان على الأميرة القادمة من بلد آخر.
حتى في القصة الأصلية، كان الأمر هكذا. لكن دائمًا ما كان سوء الحظ يرافقه، فيفشل في لقاء إيفلين ويعود خائبًا.
وكنت أنا، لكوني في عمره نفسه، مضطرة لمجالسته والتحدث معه.
أما اليوم، فكان هذا أول لقاء مباشر بينه وبين إيفلين. خطأ غير معتاد من ليوبولد الذي كان معروفًا بدقته وصرامته.
لكن… أليس من الطبيعي أن يصبح المرء أقل حذرًا حين يقع في الحب؟ لقد فسرت الأمر على هذا النحو.
ربما جاء ليوبولد منذ الصباح الباكر بدافع شوقه لرؤية إيفلين، فلم يصبر حتى يرسل بخبر مسبق.
ابتسمت بلا مبالاة وخاطبته:
“أهلًا بك يا ليوبولد. لا تبقَ واقفًا هكذا، تعال واجلس. إيفلين ستعود قريبًا… حسنًا، ربما بعد نصف ساعة تقريبًا.”
“…….”
إيفلين ستحتاج وقتًا لتغسل وجهها وتبدل ثيابها، وربما أطالت أكثر إذا أرادت أن تتزين. لم يكن من اللائق أن أترك ليوبولد واقفًا عند الباب طوال ذلك الوقت.
“هيا، اجلس هنا.”
نهضت من أفخم أريكة في غرفتي وتركتها له.
في الحقيقة، لم أكن راغبًا بذلك. كان بإمكاني أن أجعله يجلس في أي مكان عادي. لكن، كيف لي أن أجرؤ على ترك ولي العهد، أحد أفراد العائلة الإمبراطورية، يجلس على الأرض؟
“…….”
لكن ليوبولد لم يتحرك، بل ظل واقفًا يتأملني بوجه خالٍ من أي تعبير.
ماذا؟ ما الذي تنظر إليه؟ أهذا تجاهل لما عرضته عليك؟
ليوبولد، كصيّاد يستمتع بدفع فريسته نحو الزاوية، كان يقترب مني بابتسامة خفية تزين شفتيه. ثم فتح شفتيه الحمراء مرة أخرى:
“تيتي.”
“…….”
أدرت رأسي بسرعة وتجاهلته. حدّقت في زخارف الجدار، وسددت أذني بيدي، لكن صوته الذي يهمس بجانبي لم يكن ليمحى.
“تيتي…….”
“…….”
كان صوت ليوبولد مشهورًا في أرجاء الإمبراطورية بأنه عذب كنسيم يذيب طبلة الأذن، لكن طريقة مناداته لاسمي بهذا الشكل المازح لم تكن محببة إطلاقًا.
احمرّ وجهي خجلًا، ثم صرخت بحدة وأنا أحدق فيه:
“توقف عن مناداتي هكذا!”
“لماذا؟ تيتي.”
“أغغغ…….”
قالها وهو يبدو مفعمًا بالسرور، على غير عادته، محمّر الوجنتين قليلًا.
كل مرة كان يلفظ فيها “تيتي”، كنت أشعر وكأنني أفقد وعيي ثم أستعيده من جديد. لو أن إحدى الفتيات النبيلات اللواتي يذُبن عشقًا في ليوبولد رأت الموقف، لغُشي عليها من شدة السعادة.
أما أنا، فقد كنت على وشك الإغماء… ولكن لسبب آخر تمامًا.
لم يكن ذلك لأنني أحبه… بل لأنني شعرت بالعار والخزي حتى الموت.
كم عمري بالضبط حتى يطلق علي مثل هذا اللقب الطفولي؟
من الخارج أبدو في الرابعة عشرة، لكن في الداخل أنا راشدة. حتى لو كنت فعلًا في الرابعة عشرة، لكان ذلك محرجًا… فما بالك وأنا بداخلي إنسان بالغ؟
والأدهى أن ليوبولد لم يكن أبدًا شخصًا يطلق الألقاب الحنونة على الآخرين.
لكن يبدو أنه كان يستمتع برؤية ردود أفعالي، وما زال يكرر “تيتي” وكأنها ترنيمة.
“تيتي.”
“…….”
بالطبع، لم أجيبه مطلقًا. كنت أوهم نفسي أنه ينادي شخصًا آخر. ومع ذلك، قدماي كانت تتراجعان أكثر فأكثر، بينما كان هو يقترب مني أكثر فأكثر.
حتى اصطدم ظهري بالجدار البارد، ولم يعد أمامي مجال للهرب. رفعت بصري، فإذا بوجه ليوبولد يملأ الأفق أمامي.
لقد حُصرت بينه وبين الجدار.
ذلك الوجه الفاتن، الذي يتجاوز حدود الاحتمال، كان على بعد نفس مني. ومن هذه المسافة، بدت رموشه الفضية وهي تنحني فوق عينيه الذهبية مشهدًا يأسر الأنفاس.
مهما حاولت أن أبقى غير مبالية به، كان جماله قاتلًا لدرجة أنني أطبقت عيني بقوة، كمن يهرب من نورٍ ساطع.
“تيتي.”
“……أوه.”
همس في أذني بلطف ناعم كأنه يدعو شيئًا غاليًا جدًا على قلبه. رغم أنني أعلم أنه لا يقصد ذلك، فقد خُيل إلي وكأنه ينطقها بكل مودة.
إلى متى سيستمر بهذه المزحة الثقيلة؟ لم أعد أحتمل. فتحت عيني فجأة، وحدّقت به بغضب:
“قلت لك، توقف عن مناداتي هكذا!”
تأملني ليوبولد بهدوء، ثم سأل، كمن يستفسر بصدق:
“ألهذا الحد تكرهين ذلك؟”
“وهل تظن أنني سأحبه؟!”
صرخت وأنا أضع نفسي مكانه لأجعله يفهم.
كل مرة يناديني “تيتي” كانت كأنها تنقص من طاقتي العقلية.
قطّب حاجبيه قليلًا، وبنبرة متبرمة قال:
“لكنك سمحت لإيفيلين بذلك.”
“هاه؟! هذا مختلف تمامًا……!”
كيف يقارن بين إيفيلين وبينه؟! أي منطق هذا؟
دفعت صدره قليلًا بعصبية، فتنحى جانبًا دون مقاومة.
“…….”
حينها، شعرت بوضوح أن هذا الفتى يكرهني.
*الغباء على أصوله:*
فاللقب الحميمي لا يُطلق إلا بين مقرّبين. لكن أن يفعلها شخص مثله، ليس بيني وبينه ود، فذلك لا يبدو سوى سخرية.
فنظرت إليه بغيظ، وصدري يتصاعد غضبًا.
“……?”
ليوبولد رمقني مستغربًا، كأنه لم يفهم سبب انفعالي.
ثم بدا وكأنه خطرت له فجأة فكرة ما، فعاد إلى وجهه الهادئ المعتاد، وقال:
“……إن كان الأمر يزعجك إلى هذا الحد.”
“؟”
توقف لحظة، وكأنه يتردد في كلامه. لقد كان مشهدًا نادرًا، إذ أن هذا المتغطرس لم يُعرف عنه التردد يومًا.
توترت وأنا أترقبه.
ما الذي سيفعله الآن؟ ما الذي يجعله يتلعثم؟
وبينما أنا أراقبه بحدة، تحركت شفتاه أخيرًا:
“……يمكنك أنتِ أيضًا أن تناديني بـ ‘ليو’.”
“ماذا؟! لا أريد!”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"