كانت هذه البحيرة الهادئة هي أكثر الأماكن التي أحبها في القصر.
تأملتُ انعكاس أغصان الصفصاف المتمايلة فوق صفحة الماء، ثم رميت الكلام عفوًا:
“ليو طلب أن نصبح صديقين.”
“ولم يقل أن نكون أكثر من مجرد أصدقاء؟”
“هاه؟”
“لا، لا شيء.”
ما به اليوم؟ هل ضربه الحر؟ ليس من طبعه أن يتحدث بكلام فارغ.
مددت يدي أتحسس جبينه، فشعرت ببرودة كجريان ماء الجداول. لا، لم يُصب بضربة شمس. أصلا لو مرضت روح الماء بالحرارة لكان ذلك هراءً خالصًا.
لكن بعد صمت قصير، قال رَاسِل بصوته الرتيب الهادئ:
“قلتِ إن علاقتكما لم تكن جيدة، لا في الماضي ولا الآن.”
“هاه؟ ماذا تعني؟”
رفعت رأسي إليه باستغراب من كلماته التي بدت كحديثٍ مع نفسه. فأردف وهو ينظر إليّ:
“ومع ذلك… تنادينه بلقب ودود جدًا.”
“من؟ آه…”
لم يُجب، لكنني فهمت أنه يقصد ليوبولد.
فقد رويت له من قبل قصصي في حياتي السابقة، وتطرقت بالطبع إلى ليوبولد. معظم كلامي عنه كان شتائم.
…حسنًا، أُصحّح: كان 100% شتائم.
لكنني دائمًا، حتى وأنا ألعنه، كنت أناديه بـ “ليو”. لا بد أن رَاسِل كان يتساءل في نفسه منذ ذلك الحين: من يلقّب من يكرهه بهذا الشكل؟ وها هو انتهز الفرصة ليسأل.
“ليو… هكذا كنتِ تنادينه؟ في هذا العالم، أنت الوحيدة التي تنادي ذلك الأمير بهذا الاسم.”
قالها رَاسِل وهو يبرد جبهتي بلمسته، وقد ارتسمت في عينيه دهشة طفيفة.
“….”
في الحقيقة، كان هناك شخص آخر يناديه هكذا، لكنه مات منذ زمن.
فاللقب “ليو” كان ما تناديه به أمّه المتوفاة، كما جاء في الرواية.
وبما أن أمّه لم تكن موجودة حتى عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، فهذا يعني أنني الوحيدة الآن التي تدعوه بـ “ليو”.
“هذا… هممم…”
“….”
لكن لم يكن وراء الأمر أي سبب خاص. مجرد عادة…
حتى قلت أخيرًا، كأنني ألقي الكلمات اعتباطًا:
“…عادة من حياتي السابقة، ربما.”
“عادة؟”
رفع رَسِل حاجبيه بدهشة أكبر، كأنه لم يفهم شيئًا. بدا وكأنه يطالبني بتوضيح.
“ممم…”
ترددت قليلًا، ثم أكملت:
الحقيقة أنني ظللتُ أناديه دائمًا بـ “ليو” ليس لأنني أُحب ذلك، بل لأن ذلك المتعجرف أصرّ بنفسه أن أفعل. كلّه بسبب عناده الغريب.
***
كان ذلك عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري في حياتي السابقة. وكان ذلك بعد وقت قصير من لقائي بإيفيلين. كنا نلعب سويًا في جناح آل فالنتاين، في غرفتي.
قالت لي إنها تود أن تحصل على لقب من أول صديقة لها، واعترفت بخجل أنها كانت تتوق لمثل هذه الأشياء، لأنها لم يسبق لها أن خرجت إلى العالم الخارجي لتكوّن صداقات.
وهكذا بدأتُ أُجهد نفسي في ابتكار لقبٍ مناسب لإيفيلين.
“ماذا عن بيل؟ آخذ الحرف الأخير من اسمك.”
“أنا أحب أي شيء.”
لكنها، رغم أنها طلبت منّي أن أبتكر لها لقبًا، بدت وكأنها راضية بأي شيء دون تفضيل.
تأملتُ قائمة الأسماء التي كتبتها في دفتري وأنا غارقة في التفكير.
“هممم…”
في القصة الأصلية لم يكن هناك أي لقب مميز يُطلق على إيفيلين، ولهذا كنتُ أريد أن أختار بعناية.
حينها، وهي تحدّق بي مطولًا، قالت بخجل:
“…… ألن يكون جميلاً لو كان عندكِ أنتِ أيضًا اسم دلع يا تينا؟”
“أنا لا أحب هذه الأشياء.”
أجبتها بحزم. فاسمي مكوّن من مقطعين فقط، وكان من الصعب أصلًا اشتقاق لقب منه.
“مع ذلك… هممم. سأفكر بالأمر.”
لكن إيفيلين أصرت وأخذت الدفتر مني، وبدأت هي الأخرى تُفكّر مطولًا، حتى قالت بعد محاولات عدّة:
“مممم… تي؟ أو تيتي؟”
“…….”
كان اللقب لطيفًا لدرجة جعلتني أشعر بالخجل في لحظتها. مثل هذه الألقاب يستعملها الأطفال الصغار فقط، لا شخص مثلي بداخله روح شخص بالغ يملك عقلية الكبار. بدا الأمر محرجًا للغاية.
“لنختر تيتي! نعم، تيتي!”
“…….”
بدا عليها أنها أحبت ما ابتكرته. قالت بوجه منير، وكأنها اتخذت القرار النهائي.
لم أستطع أن أقول لها مباشرة إنني لا أحب ذلك، أمام تلك الملامح البريئة، فاكتفيتُ بقولٍ متردد:
“…… أليس لطيفًا أكثر من اللازم؟”
“كلا!”
كان لقبًا لطيفًا لا يلائمني على الإطلاق. لكنها لم تر الأمر هكذا.
“لماذا؟ إنه لطيف جدًا! تيتي جميل.”
“…… كح-همم.”
سعلتُ بخفة محاولةً إخفاء احمراري. لم أعرف إن كانت تقصد أنني أنا لطيفة، أم أن الاسم نفسه لطيف. على الأغلب قصدت الثانية.
وبالفعل، كان اللقب تي… تيتي جميلاً، لكنه يناسب فتاة مثل إيفيلين، لا شخصًا مثلي.
“تيتي~”
“أه… ن-نعم.”
لكن وهي تناديني بذلك بابتسامة مفعمة بالبهجة، لم أستطع أن أطلب منها أن تتوقف.
وظلّت تناديني تيتي بصوت طفولي مليء بالدلال، وكنت أجيبها في كل مرة بارتباك شديد.
…… ترى، هل ستستمر في مناداتي تيتي غدًا أيضًا؟ وبعد غدٍ كذلك؟
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 7"