رفعتُ البطانية مجددًا وحدقتُ بالشخص الذي أمامي مباشرة.
حسنًا، إنه بالتأكيد مختلف.
كان هناك شعور بأنه أصغر سنًا، وأكثر خشونة وشبابا.
لكن المسافة بيننا كانت قريبة بشكل غريب.
“هل تمانع أن تبتعد من فضلك؟”
“أوه، نعم…”
إنه ليس الوغد الذي يطيع كلامي بسهولة، لكن أساد تراجع إلى الخلف بسرعة وعلى الفور.
تحدثتُ متظاهرة بالهدوء، لكن قلبي كان ينبض بسرعة هائلة.
لم يكن ذلك أبدًا بسبب الإعجاب، بل كنتُ مصدومة من أن أول ما رأيته فور استيقاظي هو وجه أساد الوغد.
كان شعورًا مشابهًا لاهتزاز القلب عند الاستيقاظ لتجد زومبي بجوارك.
لقد تفوهتُ بكلام غريب في نومي.
يا إلهي، لم يُكشف أمري، أليس كذلك؟ سيصبح الأمر مزعجًا إذا كُشفت حقيقة أن هذا الوغد هو زوجي قبل عودتي بالزمن.
بالتأكيد لن يتمكن من الاستنتاج إلى هذا الحد من مجرد تلك الكلمات… لكن أساد سريع البديهة في أماكن غريبة.
هل هي غريزة فطرية؟
“انسَ ما قلته للتو. لقد أخطأت في التعرف على الشخص.”
تحدثتُ متظاهرة بأنه لا يوجد شيء.
ثم رفعتُ الجزء العلوي من جسدي وجلستُ ببطء على السرير.
“بمن؟”
سألني أساد وهو يعقد حاجبيه قليلاً.
لم أُجبه.
لكن أساد الذي كنت أظن أنه سيتجاوز الأمر ببساطة، سألني مرة أخرى:
“أسألك عمن خلطتِ بيني و بينه؟”
“…”
على الرغم من تجاهله، لم يستسلم أساد وظل مثابرًا وعنيدًا.
لكن… حسنًا، سأستمر في تجاهله وحسب.
سينسى قريبًا، لأنه وغد ساذج.
عندما لم أُجبه، سُمع صوت تذمر أساد وهو يقول أنه يتم تجاهله مرة أخرى، لكنني سمعتُه بأذن و أخرجته بالأخرى.
على أي حال، بدا وكأنني سمعتُ صوتًا عاليًا وأنا نائمة سابقًا.
بالتأكيد كان من هذا الاتجاه…
“…. شهقة!”
أنا التي حوَّلتُ نظري نحو مصدر الصوت، شهقتُ وأمسكتُ بقلبي بصدمة.
المزهرية التي كانت سليمة تمامًا بجوار السرير قبل أن أنام، كانت محطمة إلى قطع صغيرة.
“…. هل أنتِ بخير؟!”
أساد، الذي رأى رد فعلي، سألني مسرعًا وكأنه مرتبك.
أجبتُ دون أن أحوّل رأسي عن المزهرية، بتعبير وجه محبط:
“…. لا، أنا أتألم.”
“….”
على إجابتي، تجمد أساد في لحظة بتعبير وجه جاد وقلق.
بدا وكأنه على وشك الركض للخارج لاستدعاء الطبيب.
أمسكتُ بقلبي الذي يتألم بقوة وقلت:
“بقدر ثمن مزهرية الخزف تلك… قلبي يتألم…”
شعرتُ بأن أساد يحدق بي بتعبير وجه فيه ذهول ، لكن انتباهي كان كله مُركَّزًا على المزهرية المكسورة.
يا ليوبولد، لن تطلب مني أن أدفع ثمنها، أليس كذلك؟ لأنه قال أنني منقذتهم… مهلاً، بما أنني لم أكن من حطمها في الأصل، فلماذا يجب أن أشغل بالي بهذا الأمر؟
لا يوجد سوى شخص واحد يمكن أن يكون هو الجاني، أليس كذلك؟
ما لم اكن امشي أثناء النوم ، واستيقظتُ فجأة وقلت: ‘آه، لا تعجبني طريقة نظر هذه المزهرية إليّ’، وحطمتها بـ خشخشة… فالجاني هو أساد.
لقد اختلط عليّ الأمر للحظة عند استيقاظي، لكن لا شك في ذلك.
إذا طالب ليوبولد بالتعويض، يجب أن أطلب منه أن يرسل الفاتورة لهذا الوغد.
على أي حال، أليس هذا الوغد ابن عائلة الدوق؟ لذلك يجب أن أقول لليوبولد أن يرفع السعر أضعافا ويتقاضى منه حوالي 10 أضعاف الثمن.
بالإضافة إلى إيقاظه لنومي العميق.
“…. تبدين بصحة جيدة.”
قال أساد ذلك ثم جلس فجأة بارتخاء على الكرسي الجانبي بجواري.
بدا وكأنه شعر بالارتياح قليلاً.
لماذا يجلس بجواري هكذا دون إذن؟
كنت أتمنى أن يغادر على الفور…. حدقتُ في أساد من فوق السرير بتلك النظرة المنزعجة.
“….”
لكن بدا وكأن لديه أمرًا آخر متبقيًا.
عندما نظرتُ جيدًا، كان يحمل شيئًا ما في يده.
تردد الوغد للحظة، ثم مدّ الشيء الذي يحمله في يده باتجاهي مباشرة.
“ما هذا؟”
“فقط….”
على سؤالي، تجنب الإجابة وهو متردد.
أخذتُ الحقيبة ونظرتُ داخلها بـ خشخشة الورق.
بداخلها، كانت هناك مجموعة من الماكرون ملفوفة بعناية.
يا إلهي، هذا شيء من الصعب جدًا الحصول عليه.
بالنظر إلى ورق التغليف، كانت من مخبز مشهور يتطلب الوقوف في الطابور لمدة ساعة على الأقل قبل الافتتاح.
إنها هدية ذكية ولائقة بالنسبة لهذا الوغد.
أن يحمل هدية ويأتي لزيارة شخص مريض.
هل جاء حقًا لزيارتي كمريضة؟
بما أنني رأيت الهدية، يجب أن أسمح له بالبقاء والذهاب لمدة دقيقة واحدة تقريبًا.
أنا التي كنت جائعة بالصدفة، أخرجتُ واحدة من الماكرون ووضعتها في فمي.
لا ذنب للطعام.
شعرتُ بنظرة تحدق بي مباشرة من الجانب.
يا له من أمر مُحرج ومزعج.
بينما كنت أفكر كذلك، أساد الذي كان يحدق بي باهتمام، بدأ يتحدث بعبارة غامضة: “يقولون أنكِ عالجتي جثة.”
“ماذا تقول أنت؟”
أجبتُ وأنا مُركّزة على الماكرون.
أين هو الإنسان الذي يمكنه إحداث مثل هذه المعجزة.
“الإشاعة منتشرة على نطاق واسع.”
“…”
كما يقولون
“الكلام الذي لا أقدام له يقطع ألف لي”*
*الاشاعات تنتشر بسرعه*
لم أكن أتوقع أن العمل الذي قمتُ به أنا وإلوين لإنقاذ الإمبراطور سيُحرف إلى هذا الحد ثم يُنقل إليّ مرة أخرى.
بالحديث عن ذلك، لماذا يستمر هذا الوغد في البقاء هنا؟
“ألا يجب عليك أن تبدأ بالمغادرة الآن؟”
سألتُ، وأنا أضغط وأبتلع في داخلي عبارة: أيها الوغد العاطل.
من المفترض أن يكون مشغولاً بتلقي التعليم لأنه نبيل، لكن هذا الوغد بدا فارغًا جدًا.
“لا بأس. وهناك أيضًا شخص انتظره.”
عند ذكر “الشخص المنتظر” عقد أساد حاجبيه قليلاً.
سألتُ وأنا مستغربة: “ماذا؟ ألم تأتِ بمفردك؟”
“لا.”
من الذي سيأتي؟ هل هناك شخص آخر يمكن أن نعرفه أنا وهذا الوغد معًا ليأتي لزيارتي في مرضي؟ بينما كنت أفكر كذلك، كان ذلك الوقت تحديدًا.
سُمع صوت ضوضاء من الخارج، وبعد فترة وجيزة، فتح شخص الباب فجأة ودخل دون أن يطرق.
عندما رأيتُ وجه الشخص الذي دخل، تجمدتُ في مكاني وسقط الماكرون الذي كنت أحمله في يدي.
“جلالة الإمبراطورة-“
الشخص الذي دخلت فجأة كانت الإمبراطورة، الوصية على أساد و زوجة أب ليوبولد.
“الآنسة تينا!”
واااك.
فور أن تعرفتُ على الإمبراطورة، حاولتُ النهوض من السرير، لكن اندفاع الإمبراطورة نحوي كان أسبق.
هاه؟
“جلـ، جلالتكِ؟”
في غضون ذلك، أصبح جسدي في حالة لا أستطيع معها الحراك، بسبب ضغط الإمبراطورة عليّ بقوة.
عندما نظرتُ بهدوء، كانت حالة الإمبراطورة تبدو غريبة بعض الشيء.
لم يكن مظهرها المعتاد الذي يتسم بالرقي والجمال.
شعرها الأسود كان باهتًا بلا حيوية، وعيناها الحمراوان تجمعت فيهما العبرات.
حتى فستانها الأزرق الذي كان دائمًا أنيقًا وراقيًا، كان في حالة فوضى وغير مرتب.
علاوة على ذلك، كان وجهها شاحبًا جدًا، وكأنها مريضة حقًا.
لقد مر يوم واحد فقط، لكنها بدت كشخص مختلف تمامًا عن الأمس.
لماذا جاءت الإمبراطورة إلى هنا أصلًا؟ ولماذا مظهرها بهذا السوء؟
الأهم من ذلك، لماذا تلتصق بي هكذا؟ متى كانت علاقتنا ودية إلى هذا الحد؟
“…”
حاولتُ أن أُبعد نفسي عن الإمبراطورة بحرج، لكن الإمبراطورة لم تتحرك ولو قليلاً.
نظرتُ إلى أساد الذي كان يقف بغباء خلفي.
“…”
“؟…”
أرسلتُ إشارات بعيني لأساد طالباً المساعدة، لكن بدا أن الوغد الأحمق لم يفهم.
بالتأكيد، لم أكن أتوقع منه شيئًا.
أطلقتُ تنهيدة عميقة.
بعد فترة طويلة، هدأت الإمبراطورة أخيرًا وأخذت أنفاسها، ثم أبعدت جسدها عني.
وتحدثت بصوت أصبح أكثر هدوءًا واستقرارًا:
“…أنقذتما جلالة الإمبراطور.”
“نعم؟ آه، نعم.”
عندئذٍ فقط، أدركتُ لماذا تبدي الإمبراطورة رد الفعل هذا.
بدا أنها سمعت خبر أن الإمبراطور كان بين الحياة والموت.
ومع ذلك، أن تنهار هكذا في يوم واحد فقط.
استطعتُ أن أخمّن كم عانت نفسيًا بسبب القلق.
“شكرًا جزيلاً.”
الإمبراطورة تحدثت إليّ، أنا الجالسة بتعبير وجه حائر، بصوت يملؤه الصدق.
كنت أظن أنها الشريرة التي بلا قلب ولا دموع، لكن بدا أن حبها للإمبراطور هو الشيء الوحيد الصادق.
لم يظهر في كلام الإمبراطورة أي كذب.
لكن الشخص الذي يجب أن يتلقى هذا الشكر كان شخصًا آخر.
كان من المفترض أن تكون إيفيلين… عندما راودتني هذه الفكرة، عبستُ بشكل غامض.
وهززتُ رأسي نفيًا نحو الإمبراطورة التي كانت لا تزال تبكي، وقلت:
“لا. أنا لم أفعل أي شيء.”
“الآنسة تينا…”
أنا حقًا لم أفعل أي شيء.
بدت الإمبراطورة وكأنها تظن أنني أبالغ في التواضع.
كانت تحدق بي بعينين حمراوين وكأنها تأثرت حقًا.
شعرتُ بالإحراج لسبب ما، فخفضتُ رأسي بشدة وتجنبتُ النظر.
الإمبراطورة، وهي تنظر إليّ، نادتني بصوت يوحي بالعزم: “الآنسة تينا.”
“نعم؟”
“أنا آسفة حقًا للطريقة الوقحة التي تعاملت بها معكِ في المرة الماضية.”
الإمبراطورة تحدثت وهي تخفض رأسها أمامي.
“جلالتكِ، سيكون هذا محرجًا .”
كنتُ مرتبكة بصدق، فأمسكتُ بذراع الإمبراطورة وكأنني أمنعها، لكن الإمبراطورة بدت حازمة.
ما هذا الموقف بحق الجحيم؟
تقبلتُ الشكر كأمر طبيعي، لكن أن تأتي لتقدم اعتذارها عن شيء حدث سابقًا، فهذا فاق التوقعات.
يبدو أنها كانت تعتذر عن إصدارها أمر طرد لي عندما ذهبتُ إلى حديقتها في المرة الماضية.
في ذلك الوقت، ارتجف جسدي من الغضب.
كنتُ أنوي الانتقام منها أيضًا.
لكنني لم أكن أرغب في تلقي الاعتذار بهذه الطريقة.
عضضتُ شفتي بقوة.
“تفضلي بالوقوف.”
“ولكن…”
نظرت إليّ الإمبراطورة بعينيها الحمراوين من الأسفل.
خفضتُ رأسي والتقيتُ بعينيها وقلت:
“لن يرغب أحد في رؤية جلالتكِ بهذا المظهر .”
“…”
على الرغم من أنها شخصية شريرة، لم أشعر بالارتياح التام لرؤية الجانب الضعيف للإمبراطورة التي كانت دائمًا متغطرسة.
أدركتُ بعد رؤية مظهرها الضعيف.
كنتُ معجبة بالإمبراطورة قليلاً؛ بذكائها اللامع، وجمال مظهرها، وحتى بجوانبها الإنسانية.
بالطبع، حقيقة أنها شريرة لا تتغير، لكنني تمنيت لو أنها بقيت شريرة نبيلة وجميلة إلى الأبد.
الإمبراطورة، التي سمعت كلامي، فتحت عينيها الحمراوين على وسعهما وكأنها مندهشة.
“الآنسة تينا…”
تمتمت الإمبراطورة بذلك، ثم رفعت يدها الشاحبة جدًا.
وفي اللحظة التالية، شعرتُ بإحساس شيء بارد وصلب يمسح على خدي بلطف.
هاه؟ كانت الإمبراطورة قد وضعت يدها على خدي دون أن أشعر.
راودني وهم بأن الدموع التي توقفت في عينيها الحمراوين بدأت تتجمع مجددًا.
وفي اللحظة التالية، فتحت الإمبراطورة فمها بصوت يوحي بالإعجاب وكأن المشاعر قد غمرتها.
“لماذا لم أتمكن من التعرف على جوهرة كهذه حتى الآن؟”
“…”
بدت عينا الإمبراطورة الحمراوان وكأنهما مسحورتان بشيء ما، وكان تركيزهما ضعيفًا وغير واضح.
♬♪~♬♪~♬♪~♬♪~♬♪~♬♪~♬♪
ترجمة : حبيبتي ميس الريم
التعليقات لهذا الفصل " 48"