عند سماع كلماتها، بدا على الحاضرين مزيج من الشك والتردد.
فالحق يُقال… ما دام هناك من يستطيع إعادة الزمن للخلف، فامتلاك قدرة على دخول أحلام الآخرين ليس بأمر بعيد المنال.
“أرجوكم، صدّقوني! سأُنقذ جلالة الإمبراطور مهما كلّف الأمر!”
قالت إيفيلين وقد تلألأت عيناها الخضراوان بدموع خفيفة وهي تنظر إلى من حولها. جذبت تلك الصورة أنظار الجميع في قاعة العرش، حتى ساد الصمت للحظة، وكأنهم سُحروا بها.
“ماذا نفعل يا معالي الوزير؟”
“لا مفر… بقاؤنا هنا لن يقدّم حلاً.”
“هُمم… كما أن الأميرة لا يمكن أن تكذب، والوضع لا يحتمل التأخير…”
ويبدو أن لمسة من سحر جمالها ساعدت فعلًا.
حتى مستشار الإمبراطور، المعروف ببرودته وقلبه القاسي، استجاب فورًا.
وأنا نفسي كدت أفقد تركيزي.
وبينما كان الجميع على وشك الموافقة على الاعتماد على مساعدة إيفيلين…
قُطع ذلك فجأة بصوت قال:
“لا، لسنا بحاجة إلى مساعدة الأميرة.”
من الخلف، دوّى صوت حازم وبارد.
ماذا؟ من هذا الأحمق الذي لا يقرأ الجو ويجرؤ على تعطيل سير القصة الآن؟
ألا يُفترض أنه عندما تتوسّل إيفيلين بعينيها المبللتين بالدموع، يهرع الجميع للموافقة فورًا؟ من هذا عديم الإحساس؟
استدرت نحو مصدر الصوت.
وما أن رأيت صاحبه حتى شهقت بدهشة.
“… سمو ولي العهد؟”
عند مدخل قاعة العرش، كان ليوبولد واقفًا بملامح متجمدة لا يظهر عليها أي تعاطف.
بكلماته تلك، بدا وكأن صخرة هائلة سقطت فوق رأس إيفيلين، فارتسم على وجهها تعبير من تلقّت صدمة قاسية.
فبالنسبة لفتاة خجولة مثلها، كان ما فعلته قبل قليل قفزة شجاعة… والرفض المباشر لا بد أنه مزّق قلبها.
“…….”
اقترب ليوبولد ببطء من إيفيلين، ثم وقف أمامها وتحدث قائلاً:
“لا شك أن قدرة سموّك مدهشة… لكن لا يمكننا تجربة علاج غير مُثبت على جلالته. سنبحث عن طريقة أخرى.”
صوته بدا هادئًا في الظاهر، لكن نظرات عينيه كانت باردة إلى حد قاسٍ لا يُحتمل.
فهمت.”
أجابت إيفيلين بصوت خافت ووجهٍ منطفئ، ثم تراجعت خطوة إلى الوراء.
يبدو أنها تقبّلت وصف محاولتها بأنها طريقة غير موثوقة، وقررت التراجع مؤقتًا.
كلام ليوبولد كان منطقيًا من الناحية الرسمية؛ فحتى لو كانت إيفيلين أميرة، لا يمكنهم تسليم جسد الإمبراطور لمن ظهرت فجأة ولم يُختبر أسلوبها من قبل.
ثم إن طريقة إزالة السم لم تكن حكرًا عليها وحدها… كانت هناك احتمالات أخرى.
لكن إن مُنعت من التدخل الآن، فلن تُستدعى إيفيلين إلى الإمبراطورية مرة أخرى أبدًا.
فما الذي يدور في ذهن ليوبولد إذن؟
*يبي يفتك منها و ينقذك يا فاهية*
“لكن يا صاحب السمو، نحن لا نملك وقتًا للبحث عن طريقة أخرى—”
“لا داعي للقلق بشأن ذلك. لقد وُضعت الخطة مسبقًا.”
قطع ليوبولد حديث الوزير بصوت حاسم. ثم رفع زاوية شفتيه بابتسامة خفيفة… لكنها اختفت في لحظة.
يبدو أنه يملك فعلًا حلًا ما.
“……”
…حتى إيفيلين منعها من التدخل، فما الخطة التي يُخفيها هذا الرجل؟
حدّقت فيه بضيق، غير راضيه عن نواياه الغامضة.
في تلك اللحظة، ظهر ظل صغير خلف ليوبولد.
“ذلك الطفل… أليس تلميذ السيد كبير السحرة…؟”
كان فتىً صغيرًا، ذو شعر أسود طويل، وعينين بنفسجيتين، يرتدي رداءً أسود.
ما الذي يفعله إلوين هنا؟
سحرة برج السحر عادوا جميعًا بالأمس… فكيف بقي هو؟
“هذا الطفل هو من سيقدم المساعدة.”
ما أن أنهى ليوبولد كلامه، حتى ابتسم إلوين ابتسامة هادئة.
إلوين؟
مهما كان موهوبًا، فلا يمكن لطفل بهذا العمر أن يفعل شيئًا بهذه الخطورة.
على ما يبدو، الجميع كانوا يفكرون بالشّيء نفسه؛ إذ بدأوا ينظرون إليه بنظرات مليئة بالشك.
فلماذا إذًا يعتمد ليوبولد عليه…؟
آه… صحيح. هذا الإلوين… لم يعد ذلك الطفل القديم.
قبل عودتي بالزمن، في هذا اليوم تحديدًا، كان إلوين في التاسعة من عمره، عاجزًا عن فعل شيء.
لكن الآن الأمر مختلف…
الآن هو الساحر العظيم الذي استطاع حتى إعادة الزمن إلى الوراء.
وإن كانت قوته ما تزال سليمة حتى هذه اللحظة…
فإن إيقاظ الإمبراطور لن يكون بالنسبة له سوى مسألة بسيطة، كتناول فطور الصباح.
وبما أنه ما زال تلميذًا لكبير السحرة، فلا بد أن قدراته معترف بها، بخلاف إيفيلين.
يا للراحة… إذًا الإمبراطور سينجو في النهاية.
كنت أستغرب فقط… لماذا ساروا بهذا الطريق الطويل بينما كان يمكن حل الأمر بسهولة لو تركوه لإيفيلين؟
“إلوين.”
في تلك اللحظة، وبعد أن بدا أنه يتحدث مع الوزير وبعض الأطباء، نادى ليوبولد إلوين.
اقترب إلوين وبدأ يتكلم معه، لكن فجأة التفت نحوي، وعيناه البنفسجيتان الواسعتان تحدقان بي، وقال:
“أحتاج قليلًا إلى مساعدة تينا نونا (الأخت تينا) …”
التعليقات لهذا الفصل " 46"