بمجرد أن أنهيت تمريني وخرجت من الماء، انفتحت شهيتي فجأة.
حتى وإن كنت قد مررت بهذا من قبل، إلا أن التعب يبقى نفسه.
“……”
سمعت قرقرة بطني، فاعتدلت جالسة بسرعة.
ولأطرد تلك الأفكار اللعينة عن الطعام، قررت أن أتحرك أكثر.
ومضت عدة أيام أخرى. كنت أقف بوجه متوتر أمام الميزان.
وضعت قدميّ بحذر، وألقيت نظرة خاطفة على الرقم، ثم صرخت بحماس:
“يــا للروعة!”
ركضت فورًا إلى المرآة، وتفحصت جسدي. لقد أصبح أنحف بشكل واضح مقازنة بالماضي.
لم يكن وهمًا بصريًا، لقدكان حقيقيًا.
وحتى طولي بدا وكأنه ازداد قليلًا.
شعرت أنني عدت بنسبة 30% تقريبًا إلى هيئتي السابقة قبل العودة بالزمن.
“أخيرًا بدأ الأمر يظهر للعيان!”
حتى التدريب لم يعد مرهقًا، بل صار منعشًا.
كنت أستشعر أن جسدي يستعيد صحته تدريجيًا.
صحيح أن الطريق ما زال طويلًا قبل أن أعود إلى كامل عافيتي، لكن هذه النقلة العظيمة تستحق أن أتباهى بها!
ارتديت ملابس جديدة، واندفعت نحو الحديقة.
وهناك أيقظت راسل الذي كان نائمًا داخل النافورة.
“راسل!”
“……؟”
“كيف أبدو؟”
“ماذا تعنين؟”
“سألتكَ كيف أبدو!”
“……”
فتح عينيه ونظر إليّ بلا كلمة، كأنه منزعج من إزعاجي له.
ظللت أحدّق فيه بإصرار أطالب بجواب، فأطلق تنهيدة ثقيلة وكأنه مكره، ثم قال:
“عينان، أنف واحد، فم واحد، أذنان اثنتان. نعم، كل شيء في مكانه. لا تقلقي.”
“آه! ليس هذا ما أقصده!”
كنت أتوقع منه ردًا كهذا بالفعل.
أمسكت به قبل أن يغوص مجددًا في الماء، وسألته بعناد:
“ألا ترى أن شيئًا تغيّر؟”
“تغيّر؟”
“نعم! تغيّرتُ، أليس كذلك؟”
“……”
نهض راسل ببطء من النافورة، وراح يتأملني من رأسي حتى قدمي بتأنٍ.
الأرواح لا تستطيع الكذب.
لذلك حدقتُ فيه بوجه مليء بالتوقع.
“هاه؟ أترى؟ تغيّرت، صحيح؟ بأي شكل؟”
“لا أدري صراحة.”
انهار وجهي من الإحباط أمام رده الفاتر.
أيعقل أن الطريق ما زال طويلًا إلى هذا الحد؟ مع أن التغيّر كان واضحًا حتى في نظري!
“بصراحة، ما لم تنبثق لك عين أو فم إضافي فجأة، فالأمر بالنسبة لي لا يختلف كثيرًا.”
“……”
صحيح… بالنسبة لروح مثل راسل، يمكنه أن يبدل شكله كما يشاء، أو يتجسد بأي هيئة يرغب.
فماذا تعني له بعض الكيلوغرامات الزائدة أو الناقصة؟ لا شيء.
بل إنه لو ظهرت له غدًا بقرن في منتصف رأسي، لقال ببساطة: “آه، حسنًا.”
ومع ذلك، مد يده فجأة ووضعها على رأسي، ثم عبث بخصلات شعري يمينًا ويسارًا بخشونة خفيفة.
وقال بابتسامة باهتة:
“لا تشغلي بالك. أنت مميزة بما فيه الكفاية. لذا لا تقلقي.”
“……”
أهذا ما يسمونه مجاملة؟
كلمة “مميزة” هنا لا يبدو أنها مدح، بل أقرب إلى قول: “وجهك غريب.”
ربما كان يقصد التخفيف عني، لكن كلماته لم تُدخل في قلبي أي عزاء.
“هاه…” تنهدت بحسرة.
في حياتي السابقة، كنت أتمتع بشيء من الشعبية.
صحيح أنني لم أكن جميلة كإيفلين، رمز الجمال الكلاسيكي، لكنني كنت في المجتمع الراقي رمزًا للجمال البارد الذي يُضرب به المثل.
…طبعًا، لا أحد سيصدق هذا وأنا عالقة بجسد طفلة صغيرة كهذا.
لكن يومًا ما حين أكبر… آه! سأقلب أوساط المجتمع رأسًا على عقب.
بعد أن لعبت قليلًا مع راسل عدت إلى غرفتي.
كنت مرهقة، ففكرت أن ألقي بجسدي على السرير مباشرة، لكن شيئًا ما جعلني أتوقف وأخطو نحوه.
“همم؟”
كان على الطاولة شيء ما. وحين دققت النظر، وجدته رسالة مزخرفة بخيوط ذهبية.
على ما يبدو، جاءت الخادمة لتسليمها، لكنها لم تجدني فتركت الرسالة وغادرت.
لقد اعتدت الآن على شكل الدعوات المختومة بشعار القصر الإمبراطوري الذهبي. والمرسل؟ لا شك أنه ليوبولد.
تمدّدت على السرير وفتحت الرسالة.
وكما توقعت، كان المرسل ليوبولد، وكما هو متوقع أيضًا، يطلب مني الحضور إلى القصر غدًا.
“مزعج…”
رميت الرسالة بلا اهتمام على الأرض، ثم غطست وجهي في الوسادة وأنا أتقلب.
القصر، هاه…
تذكرت أنه في المرة السابقة التي ذهبت فيها إلى القصر التقيت صدفةً بأساد.
هل يُعقل أن ألتقي به مرة أخرى غدًا؟
القصر واسع جدًا، وفرص لقائي به مرتين تبدو ضئيلة… ومع ذلك، لا أستطيع الجزم بأنها مستحيلة.
أساد في الأصل كان من عامة الشعب، لكن تبنّته أسرة دوقية منذ فترة قريبة.
كان لا يزال في الرابعة عشرة من عمره حين أتى إلى القصر أول مرة وتاه في أروقته، وهذا ما يفسّر جهله بالمكان.
أما سبب تبنّيه، فهو أن أساد تمكّن من هزيمة ليوبولد في المباراة النهائية لمسابقة السيف السنوية التي يقيمها القصر، فلفت أنظار الإمبراطورة.
أتذكر تمامًا وجه ليوبولد المتحسر حينها.
ومن الطبيعي أن تجد الإمبراطورة في أساد شخصًا مثيرًا للإعجاب؛ فهو وحده الذي وجّه ضربة موجعة لليوبولد الذي يبدو دومًا بلا ثغرات. زد على ذلك وسامته وبراعته في المبارزة، فلا عجب أن تتمسك به بأي ثمن.
لهذا السبب، تبنّته أسرة دوقية مخلصة للإمبراطورة منذ زمن طويل، وصار يتردد على القصر كثيرًا بصفته مقرّبًا منها.
وبالتالي، ليس من الغريب إن صادفته مجددًا غدًا…
“…لا أدري.”
توقفت عن التفكير وأغمضت عيني وأنا أحدّق في السقف ممددة على السرير.
“لم يتبقَ لي أي فستان لأرتديه بعد الآن.”
“ماذا؟”
تطلعتُ بذهول إلى المرآة قبل أن ألتفت خلفي، فرأيت الخادمة واقفة بوجه مرتبك.
كنت أعلم أن ذهابي المتكرر إلى القصر سيستنزف خزائن بيت البارون، لكن الأمر حدث أسرع مما توقعت.
فنحن مضطرون إلى استئجار عربة، وتوظيف سائق، والاستعانة بعدة حرّاس لمرافقتي، هذا عدا عن التزين اللائق لأن أعين الجميع ترمقني داخل القصر.
لقد بات الناس يتناقلون الشائعات: أن ولي العهد يدعم أسرتنا، أو أن الإمبراطورة تستخدمنا كورقة ضغط ضد خصومها…
لكن في الحقيقة، لا يحدث أي شيء من هذا. كل ما في الأمر أنني أشرب الشاي، وآكل ما يحلو لي، ونتبادل الأحاديث التافهة. لا أكثر.
لذلك عقدت العزم أن أسأل ليوبولد وجهًا لوجه: لماذا يصرّ على دعوتي؟
وإن لم يكن هناك سبب مهم، فسأطلب منه بوضوح أن يتوقف عن استدعائي.
… ناهيك عن أنني أريد تفادي مواجهة أساد أيضًا.
نظرت إلى الخادمات اللواتي يكدحن في تزييني وقلت لهن:
“اصنعن لي شالًا أبيض بسيطًا أضعه فوق فستان عادي، وسأرتدي قبعة واسعة الحواف بدل الحلي.”
“لكن سيدتي، ألن يكون ذلك بسيطًا أكثر من اللازم؟”
“لا بأس. قريبًا ستصبح البساطة هي الموضة، وستختفي هذه الفساتين المبالغ فيها.”
في ذلك الوقت، كانت الأزياء المزخرفة المترفة هي السائدة، لكنني كنت أعرف أنها بعد فترة قصيرة ستُستبدل بالأسلوب البسيط المعتدل.
ولن يحدث شيء إن استبقت الموضة قليلًا.
هكذا إذن سأبدأ بالتوفير…
كان موعد شاي اليوم في حديقة البحيرة الهادئة بالقصر. وقد جُهزت لي حلوى الكريمة بالفراولة، المفضلة لدي.
“…”
قلت في نفسي: سأتحدث بعد أن آكل هذه الحلوى. فقط بعد هذه.
كأنها آخر وجبة لي… كان من الصعب تركها.
وكعادته، كان ليوبولد يحدق فيّ مطولًا وأنا أتناول طعامي.
لم يكن يلمس حصته أبدًا، بل يراقبني فقط بعينين ثابتتين.
في البداية كنت أجد ذلك محرجًا، كأنه يحاول طبع صورتي في ذاكرته للأبد.
لكنني اعتدت على الأمر الآن.
وبينما يطيل النظر إليّ، فتح فمه فجأة كما لو أنه اكتشف شيئًا:
“مع أنني أحرص على إطعامك جيدًا، لكنك تزدادين نحاف/ يومًا بعد يوم.”
“…حقًا؟”
رفعت رأسي بابتسامة خفيفة.
لقد صار يعرفني أكثر من أي أحد، فهو يراقبني بتمعن شديد، بخلاف شخصٍ آخر لا يفهم شيئًا من مشاعري.
لكن… هل دور الأصدقاء أن يُسمنوك؟
على أي حال، حان وقت الدخول في صلب الموضوع.
وضعت الملعقة الصغيرة جانبًا وقلت بهدوء:
“ليو.”
“؟”
“…ألن تخبرني الآن، لماذا تستدعيني إلى القصر باستمرار؟”
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"