هل يمكن أن يكون أحدهم قد دسَّ السم في عربة ليوبولد ؟ أم أن عملية عودتي إلى الماضي قد ألحقت ضررًا طفيفًا بدماغه؟ أو ربما أذناي أنا هي التي تعطلت.
لا، لا، أنا بكامل قواي العقلية، إذًا لا بد أن ليوبولد هذا قال شيئًا غير معقول.
وحين رمقته بذلك الوجه المتشكك، بدا وكأنه شعر فعلًا بأن الأمر صار محرجًا، ففتح فمه من جديد وقال:
“آسف. لقد كانت زلة لسان.”
لكن لم يكن في وجهه ذرة أسف، ولا ملامحه توحي بأنها كانت مجرد زلة لسان.
شعرت أن اعتذاره الفاتر ذاك لم يزدني إلا حيرةً وغموضًا.
“أي نوع من زلات اللسان هذه؟”
“…”.
قلت ذلك بنبرة ممتزجة بالدهشة والامتعاض.
صحيح أننا بتنا نلتقي كثيرًا مؤخرًا، وصحيح أن بيننا شيء من الألفة—شيء طفيف، طفيف جدًا—لكن مع ذلك…
ليوبولد رجل له عائلة! (ولو أنه الآن ليس كذلك).
*قصدها انه متزوج قبل عودته*
لكنني، بما أن لي ذكريات من حياتي السابقة، لم أستطع أن أتعامل مع كلماته على أنها مجرد مزاح عابر.
كانت زلة لسان لا تليق بشخص مثل ليوبولد.
“ما الذي يدور في عقلك عادةً لتقول مثل هذه الأشياء؟”
“…”.
عاتبته كما اعتدت دائمًا.
غير أن ليوبولد، الذي توقعت منه أن يرد بسرعة، ظل صامتًا.
لم ينبس بكلمة، واكتفى بإغماض عينيه، ضاغطًا شفتيه بخط مستقيم، وكأنه يستمع لعِتابي بلا اعتراض.
“…؟”
ازددتُ ريبة. نظرت إليه مليًا.
وملامحه وهو يصغي لي لم تكن عادية.
بدا في حرج حقيقي، وكأن شيئًا يثقل صدره.
ثم فجأة فتح عينيه وقال:
“يبدو أن عليّ الانصراف.”
“هاه؟”
ظننت أنه يحاول التهرب من الاجابه ، لكنه بالفعل شرع على عجل في ترتيب ما حوله ثم نهض من مكانه.
“إذن… إلى اللقاء.”
قالها بصوت خالٍ من أي تعلق أو تردد، ثم خطا خطواته مبتعدًا.
أما أنا، فبقيت لحظة مذهولة، أحدّق في الفراغ، قبل أن أستوعب وأهتف ناحيته:
“هاه؟ أأنت ذاهب حقًا؟”
كانت تلك أول مرة يبادر فيها ليوبولد بالقيام.
حدقت فيه بدهشة، وكدت أنهض بدوري بتلقائية، لكن سرعان ما التقت عيناي بعينيه الذهبيتين مباشرة.
تلك النظرة كانت تسألني بلا كلمات: “هل مازال لديك ما تقولينه؟”
فعدت وجلست في مقعدي ببطء.
“لا… لا شيء. على كل، إلى اللقاء.”
حقًا، لم يكن عندي سبب لأوقفه. وما أن تذكرت ذلك، حتى قررت أن أدعه يرحل بلا أي تعلق.
“وأنت أيضًا.”
رد بكلمة مقتضبة، ومضى مسرعًا. بدا باردًا على نحو غريب. أيمكن أن يكون… محرجًا؟
“…”.
بقيت وحدي أرتشف الشاي بضع مرات ثم وقفت.
وجود ليوبولد يزعجني أحيانًا، لكن البقاء وحدي في غرفة لا صاحب لها، أرتشف الشاي، مزعج أكثر.
كنت أهمّ بالمغادرة بلا أي تردد، لكن قدماي توقفتا فجأة.
“…”.
كنت في قصره الخاص.
قبل أن أغادر الغرفة، ألقيت نظرة سريعة على المكان من حولي.
لا تحتوي إلا على الضروريات، لا زينة فيها، غرفة متقشفة بشكل غريب بالنسبة شخص من العائلة الإمبراطورية.
“كما توقعت… لا إنسانية فيه.”
*غباءها يدرس، يعني ما استنتجت انه محروم؟*
يُقال إن الغرفة تشبه صاحبها.
تمتمت بتبرّم، ثم خرجت بخطى ثابتة خالية من أي تردد.
وكانت الممرات خالية تمامًا.
“هاه؟ أين ذهب؟”
عادةً ما كان خادم بيت النبيل يقف أمام الباب طوال الوقت الذي أمضيته مع ليوبولد، لكنه الآن لم يكن موجودًا.
ربما لأن ليوبولد غادر باكرًا، خرجت أنا أيضًا أبكر من المعتاد، فلعله ذهب إلى دورة المياه أو نحو ذلك.
لا بأس، مجرد غياب قصير، وسرعان ما سيعود.
“…”.
وبينما كنت مسندة ظهري إلى الجدار في الانتظار، لمح بصري فجأة من بعيد هيئة إنسان تطل في الممر الخالي.
ظننت أنه الخادم قد عاد، فخطوت نحوه بسرور.
“هاه؟”
لكن لما اقتربت، تبيّن أنه لم يكن الخادم، بل صبي ذو شعر أحمر قانٍ.
رغم أني رأيته من الخلف، كان من السهل أن أتنبه إلى كونه من النبلاء.
ملابسه فاخرة، ويبدو صغير السن. لكن… ما الذي يفعله فتى نبيل وحده في أروقة القصر الإمبراطوري؟
“…”.
وعندما تأملت حركاته، رأيت أنه يدور حول نفسه مرارًا، في المكان ذاته. كان واضحًا أنه ضائع.
ذكرني بنفسي يوم وطئت القصر أول مرة… حينها ضعت بدوري.
صحيح أن ليوبولد وقتها ظنني قاتلة مأجورة، فاستل سيفه نحوي دون مقدمات… لكنني أقسمت أن لا أرتكب حماقة مماثلة.
فابتسمت له ابتسامة ودودة قدر ما استطعت، وتقدمت ناحيته قائلة:
“أيها الصغير، هل أضعت طريقك؟ أنا–”
لكنني جمدت في مكاني، والابتسامة ما تزال مرسومة على وجهي. لم أكمل جملتي.
لأنه ما إن التفت الصبي إليّ، حتى بدا وجهه مألوفًا بشكل لا يُصدق.
“…”.
شعر أحمر متوهج يتماوج مع كل حركة، وعينان زرقاوان صافيتان متقدتان، وملامح حادة بسحرٍ خاص، مع عينين مائلتين قليلًا كعيني ثعلب… وجه آسر لا يمكن أن يُخطئه بصري.
كان وجهه جميلاً إلى حدٍّ يقرّ به الجميع، حتى إن سألت مئة شخص لوصفه لقالوا جميعهم: “فتى وسيم.”
غير أنّ ذلك الجمال لم يكن يثير في نفسي أي انجذاب.
فما إن وقعت عيناي على ملامحه حتى تجمّد وجهي تدريجياً.
صحيح أنّه بدا أصغر سنًّا بكثير مما عهدته، لكنني ميّزته على الفور.
إنه زوجي السابق، أساد وينترتشستر.
لحظة خانقة حجبت أنفاسي.
نعم… أتذكّر. لقد دخل القصر الإمبراطوري أوّل مرّة في مثل هذا العمر بالضبط.
هل كان اليوم هو ذلك اليوم؟ كنت مشغولة بأمر ليوبولد لدرجة أنني اغفلت أمره تمامًا.
ارتسمت على ملامحي –من دون قصد– علامات الارتباك والضيق.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"