*انا ترجمت شارلوت كولد لانه حارس مرافق، بس يمكن يطلع بنت بعدين، لان اللغة الكورية ما بتفرق بين الولد والبنت *
على غير عادته، كان يتظاهر باللطف، لكنني كنت أعرف الحقيقة.
فكما أن ملامحه الحادة والباردة كحدّ السيف لا توحي بالدفء، كذلك ذوقه لم يكن يميل إلى الحلويات أبداً.
لا أعلم لماذا أعدّ طاهي القصر هذه المائدة المليئة بالسكّريات، مع علمه الأكيد بذوق ليوبولد، لكن تصرّفه كان واضحاً بالنسبة إليّ:
إنه لا يريد تناولها، ولذلك يحاول أن يدفعها إليّ.
“… أوف.”
لكن المشكلة أنها بدت لذيذة بشكل لا يطاق.
لم أتحمّل النظر إليها أكثر، فابتلعت ريقي بمرارة وأدرت وجهي بعيداً. غير أن ردّ فعلي ذاك جعل تعابير ليوبولد، الذي بدا بارداً طيلة الوقت، تتجمّد فجأة.
قال وهو يرمقني بنظرة حادة كالسيف:
“… أم تظنين أنني دسست فيها السم؟”
“هاه؟”
يا للغرابة، لمَ كل هذه المبالغة؟
سمّ، يقول! يبدو أن كثرة محاولات الاغتيال التي تعرّض لها جعلت تفكيره دوماً مشبعاً بالدم والرصاص.
نعم، هو بالفعل رجل ينتمي لعالم آخر عن عالمي.
كنت ما أزال غارقة في هذه الفكرة، حين بادرني ليوبولد من جديد بنبرة تستحثّ الجواب:
“هل ثقتك بي منعدمة إلى هذا الحد؟”
ثقة؟
إنني لا أتناولها فقط لأنني أتّبع حمية بسيطة، فمتى احتجنا إلى الثقة في مثل هذا الأمر؟
كان غريباً اليوم، أكثر حساسية من المعتاد.
وعيناه الذهبيتان كانتا تحملان شيئاً يشبه العتاب.
فآثرت أن أتجاهل ما قاله، وأحوّل مجرى الحديث:
“دعك من هذا، أخبرني فقط لماذا استدعيتني.”
“…….”
تنفّس ببطء، ثم وضع الطبق جانباً بعد أن بدا كمن فقد اهتمامه. صوته هذه المرة كان بارداً حادّاً كالنصل:
“وهل يجب أن يكون هناك سبب دائمًا؟”
“ماذا؟”
لم يعد يتظاهر باللطف، بل قابلني بوجه جريء لا يعرف الخجل.
ما معنى هذا؟ لا أرى سبباً وجيهاً يجعلنا نجلس معًا هكذا. على الأقل بالنسبة إليّ.
ظننت أنني أسأت السمع، فسألته ثانية:
“ماذا قلت؟”
“نحن أصدقاء، أليس كذلك؟”
“… أصدقاء؟”
توقّف لساني لحظة من شدّة الدهشة.
كان يبدو كأنه يقول ببساطة: ما الغريب في أن يزور صديق صديقه ليتناول معه الشاي؟
لكن… منذ متى أصبحنا أصدقاء؟
علاقتنا أقرب إلى العداء منها إلى الصداقة. لقد كان يضيق ذرعًا برؤيتي مع إيفلين، وأنا لم أكن أطيقه كذلك.
إن كان لا بد من تسمية لعلاقتنا، فهي “خصومة” لا أكثر.
فلماذا إذًا؟ … آه!
تذكّرت تلك الليلة. ليلة الاحتفال بالنصر. حين أعلن أمام الإمبراطورة أنه سيجعلني “صديقته” بل وذكر أنه سيستدعيني أحياناً.
كنت أظنها مجرد حركة نكاية بالإمبراطورة، لا أكثر. لكن…
سألته وأنا أحدّق فيه بتوجّس:
“هل كنت جادًّا وقتها؟”
رفع نظره قليلاً، ثم قال بهدوء دون أن يرفّ له جفن:
“أنا دائمًا صادق.”
كلماته تلك كانت غامضة وثقيلة، تثير الريبة أكثر من الطمأنينة.
“… صادق؟”
أعدت سؤاله، لكنّه لم يجب. ظلّ مطأطئ الرأس، ملامحه مخفيّة تحت الظلال.
أردت أن أرى تعابيره، فمال جسدي قليلاً للأمام وأنا أناديه:
“ليو…؟”
“…….”
لا رد.
كنت أودّ أن أستفسر أكثر، لكن الجوّ الذي أحاط نفسه به كان ينذرني ألّا أتمادى في الأسئلة.
فآثرت الصمت، ورفعت فنجاني كما فعل هو.
“…….”
“…….”
عاد الصمت يخيّم على الغرفة، صمت ثقيل ومحرج.
أجل… لن أعود إلى هنا ثانية. هذا اللقاء الأول سيكون أيضًا الأخير.
لذا قررت أن أُسرع في إنهاء كوب الشاي وأغادر قبل أن يزداد الموقف غرابة.
لكن حين كنت أنفخ على الشاي الساخن وأتجرّع منه على عجل، دوّى فجأة:
طق طق.
طرق سريع وملحّ على الباب. وضعت الفنجان جانبًا والتفتّ برأسي.
“سمو ولي العهد!”
كان الطارق شابًا أعرفه من قبل. شعر أسود وعينان سوداوان، يرتدي زيّ الفرسان، وجسده قوي البنية.
آه، نعم… رأيته في حياتي السابقة مرات قليلة. اسمه كان شارلوت. هو فارس الحرس الخاص بليوبولد.
يُقال إنه موهوب للغاية، لكن لأن سيّده هو “سيف الإمبراطورية” نفسه، لم تتح له فرصة لإبراز براعته.
بكلمات أخرى: هو مثلي، شخصية جانبية لا أكثر. وهذه أول مرة أراه من هذا القرب.
اقترب بوجه مرتبك يكاد يبكي، وقال لليوبولد:
“لا يصح هذا يا سمو الأمير، لقد تخلّيت عن متابعة كل دروس اليوم!”
… همم. بدا لي أقل كحارس، وأكثر كمدير أعمال صارم أو منسّق مواعيد.
ثم خطر لي أن هذه الفترة بالذات، في القصر الإمبراطوري، كان من المفترض أن يكون ليوبولد منهمكًا في دروسه وتعليمه.
ليوبولد، في الأصل، وُلد كابن غير شرعي، ونشأ خارج القصر حتى بلغ الثالثة عشرة من عمره، ثم دخل القصر الإمبراطوري. وما كان ذلك الوقت إلا بعد دخوله القصر بأقل من شهرين فقط.
ومهما كان ليوبولد موهوبًا بالفطرة، فإن الموهبة وحدها لا تكفي. من لا يتعلم لا قيمة له. صحيح أنه الآن، بفضل ذكريات حياته السابقة، يعرف كل تلك الدروس عن ظهر قلب، لكنه وقتها كان في بداية الطريق.
“…… ألن تذهب؟”
“……”
نظرتُ إلى جانب ليوبولد الهادئ وكأنني ألمّح له بالذهاب.
إن كان سبب غيابه عن الدرس بسببي، فلا داعي لأن يبقى هنا. فنحن لم نكن نفعل شيئًا سوى إضاعة الوقت سدى.
حتى لو كان يعرف ما يُدرّس هناك، فإن إعادة الاستماع لن تضرّه، بل ستكون أكثر فائدة من تمضية الوقت باللهو معي.
“الآن… لا أريد أن يُقاطعني أحد خلال فترة قضاء وقتي مع صديقتي.”
…… صديقته؟!
أنا؟!
أي هراء هذا؟ نحن أصلًا لسنا أصدقاء…
قبل أن أنطق بكلمة، سبقنا شارلوت بدهشة عارمة:
“صديق؟! صديقك أنت يا صاحب السمو؟!”
أهذا ما أدهشه؟!
ثم إن هذه العبارة… قالتها الإمبراطورة نفسها من قبل!
لقد بدا على شارلوت وكأنه نسي تمامًا أنه يتحدث مع وليّ العهد، إذ لم يتصور يومًا أن يكون له صديق.
وبالطبع، كان ذلك منطقيًا؛ فشخصية ليوبولد لا تسمح بوجود أصدقاء، لا سيما في هذا القصر.
“ولكن… صديق؟! من هو؟ وأين…؟”
…… هل أنا غير مرئية إلى هذا الحد؟
كم كان شعور التهميش غريبًا عليّ. آه صحيح… نسيت أن مظهري الآن لا يتجاوز كوني مجرد شخصية ثانوية، رفيقة البطلة وصديقتها.
هكذا يكون وقع الوجود الهامشي.
“… هممم.”
تنحنحت قليلًا لأُذكّرهم بوجودي.
“آه! منذ متى وأنت هنا؟! كيف لم أرك؟!”
…… حقًا؟
لقد جلستُ أمام عينيه مباشرة، بل أقرب من ليوبولد نفسه! كيف لم ينتبه؟
“…… تِش.”
طعنتُ قطعة الكعك بالشوكة وغرزتها في فمي بغيظ مكتوم.
لستُ منعدمة الوجود إلى هذا الحد! إنما وجود ليوبولد طاغٍ لدرجة يطغى على من حوله. قررتُ أن أُلقي اللوم كله عليه.
“وهذه…؟”
قال شارلوت وهو ينظر إليّ باستغراب.
عيناه لم تكن فيهما قسوة الإمبراطورة التي تُصنّف الناس درجات، لكنها مليئتان بالدهشة.
فكيف لفتاة لا تتميز بجمال باهر، ولا تنتمي إلى أسرة نبيلة مرموقة، أن تصبح فجأة صديقة وليّ العهد؟
لكن لم أرَ ضرورة في توضيح الأمر. فأنا لم أسعَ أصلًا للاعتراف بي كصديقة لليوبولد… ولا نحن فعلًا كذلك.
حتى في حياتي السابقة، بعد أن قضيت خمس سنوات بجواره، لم أصل إلى منزلة “الصديق”. ولن أفعل ولو مرّت خمسون سنة أخرى.
فأدرت بصري نحو النافذة وقلت ببرود:
“…… سأغادر بعد قليل، فلا بأس.”
قلت ذلك وكأن الأمر لا يعنيني. فتراخت ملامح شارلوت قليلًا.
“آه، فهمت.”
أما ليوبولد، فقد نظر إليّ بوجه جامد يخفي خلفه بعض الضيق، كأنما لم يعجبه أنني لم أُسايره.
كيف تجرؤ أيها الطفل على استخدامي ذريعة للغياب عن دروسك؟ في مثل سنك عليك أن تحضر دروس ولاية العرش، لا أن تُرهق الآخرين بلعبتك هذه!
“إذن سأنتظرك عند الباب يا صاحب السمو. هذه المرة لن أسمح لك بالهرب!”
قال شارلوت ثم خرج. ولم يكن في الغرفة منفذ سوى الباب الذي غادر منه، وكأنه تركترسالة واضحة: أنهِ حديثك وعُد.
نظرت إلى ليوبولد، الذي ما زال جالسًا بلا حراك، وقلت بحدة:
“في الثالثة عشرة من عمرك، عليك أن تكون طفلًا مطيعًا وتحضر دروس ولاية العرش.”
“……”
قلت ذلك بلهجة عفوية ومباشرة بعد أن خرج شارلوت، فتجهم وجه ليوبولد وكأن كلامي بدا له تهكمًا.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 12"