─────────────────────
🪻الفصل الحادي عشر🪻
─────────────────────
* * *
“أين كنتَ طوال هذا الوقت، لتظهر الآن فجأة؟”
في ضواحي العاصمة، تربّع قصر الدوق فالتيير على عرشه.
صدح صوت الدوق فالتيير، المفعم بالرزانة والحدة، في غرفة المكتب.
وأمامه وقف رجلٌ لا يتزعزع تعبيره، محافظًا على هيئةٍ مثالية.
كان ذلك كاسيوم، الابن الثاني لعائلة الدوق.
“لا بد أنني أخبرتكَ مرارًا أن عليكَ إظهار وجهكَ في ذلك الحدث.”
“أعتذر.”
على الرغم من كلمات النّدم التي نطق بها، كان صوته ثابتًا لا يلين، خاليًا من أدنى أثر للخوف أو الخضوع.
ظلّت نظرته الجافة، المتسقة مع نبرته، مثبتةً مباشرةً على والده.
قبض الدوق فالتيير قبضته واقترب من كاسيوم.
“هل كنتَ هناك تتسكع مع امرأةٍ ما؟”
انتشرت ابتسامة مريرة على وجه كاسيوم.
لم يكن يتوقع الكثير.
ولكن ألم يكن هو الابن الذي غاب لأيامٍ عدة ثم عاد؟
في شخصية والده، الذي لم يُظهر ولو ذرة قلق —أبٌ “مثالي” تمامًا— شعر كاسيوم وكأنهُ مجرد ممثل في مسرحيةٍ محكمة الصنع.
“وإذا فعلتُ، فماذا كنتَ ستفعل حيال ذلك؟”
“ماذا؟”
احمرّ وجه الدوق فالتيير قليلًا.
“إذن أنتَ مصممٌ على إهانة هذه العائلة. حسنًا، سأ…”
“أرجوك، هدّئ من غضبك. لم يحدث شيءٌ من هذا القبيل.”
كانت عائلة فالتيير محطّ إعجاب الجميع. عائلة مثالية بولدين مثاليين.
الابن الأكبر، المبارك من الحكّام، كاهن. والابن الأصغر، المفضلُ بالسيف، فارس. ووالداهما اللذان يُحبانهما ويُعزّانهما على حدٍ سواء.
يا لها من صورةٍ لا تشوبها شائبة.
ومع ذلك، لم يشعر كاسيوم ولو مرةٍ واحدة بحب والديه.
كان الوحيد الذي حماه هو نفسه. لم يبحث قطّ عن دفء من أحدٍ آخر.
كان ذلك طبيعيًا، فعاش حياته على هذا النحو، ظانًا أن هكذا يجب أن تكون الحياة.
حتى الآن.
“أين كنتَ لأيامٍ متتالية؟”
“أخذتُ بعض الوقت للراحة.”
عند إجابة كاسيوم، تزلزلت نظرةُ الدوق.
كانت المرة الأولى التي يُجيب فيها ابنه، الذي دائمًا ما ردّ باعتذاراتٍ خالية من العاطفة، بردٍ مختلف.
التقى كاسيوم بعيني والده.
كان شخصًا لا يأملُ ولا يرغب في شيء، منفصلًا دائمًا عن توقعات الناس وجشعهم.
ومع ذلك، خلال تلك الأيام التي عاشها كأرنب، بدأ شيء غريب يتحرك داخله.
“ماذا قلتَ؟”
“كنتُ منهكًا. حتى بعد أن وبختني هكذا، لم يكن لدي الطاقة للرد. لذا أخذتُ استراحةً قصيرة.”
على الرغم من أن صوته ظل جافًا، لم تكن كلماته فارغة.
دون أي تغيير في تعبيره، أنهى كاسيوم حديثه واستدار ليغادر.
بينما كان يبتعد، ناداه الدوق.
“لقد رتبتُ زواجك.”
استدار كاسيوم مرة أخرى.
“سيُرسل عرض الزواج. إنه مع شخصٍ يناسبك تمامًا.”
“أليس شخصًا يناسب عائلة فالتيير تمامًا، وليس أنا؟”
“لقد تقرر العرض بالفعل. بعد ثلاثة أيام، سيُسلم فرع الفيرانيوم إلى تلك الأسرة كما هو مخطط.”
“افعل ما شئتَ. إن فرضتَ هذا عليّ، سأترك عائلة فالتيير نهائيًا، وليس لأيامٍ قليلة فقط.”
عند كلمات كاسيوم، تشنج وجه الدوق بعنف.
“من أين تعلمتَ قول مثل هذه الأشياء؟”
“أتساءل حقًا. كل ما رأيتهُ وتعلمتُه هو كلمات وأفعال أهل عائلة فالتيير.”
غريب، أليس كذلك؟ مع تلك الكلمات وانحناءة خفيفة، استدار كاسيوم مرة أخرى.
هذه المرة، غادر المكتب دون أن يلتفت خلفه.
* * *
أُغلق الباب خلف كاسيوم.
ما إن دخل غرفته حتى أطلق تنهيدة عميقة، ومرر يده بين خصلات شعره.
“لقد رتبوا زواجي؟”
كانت أفكاره في حالة اضطراب.
سواء غادر كاسيوم المنزل أم لم يغادره، لم يكن الدوق من النوع الذي يتراجع عن قراره. لا شك أن عرض الزواج سيُرسل إلى عائلة لا يعرفها حتى.
منذ زمن بعيد، منذُ لحظة ولادته، لم تكن رغبات كاسيوم ذات أهمية يومًا.
صراحةً، حتى الآن، لم يكن ذلك يعنيه.
فمهما التقى أو تزوج، لم يكن ذلك مهمًا.
ففي النهاية، المشاعر بين الناس، الحب—كلها أمور بلا معنى. لا يهم من كان الشخص.
تذكر كاسيوم شيئًا قالته والدته منذ زمن طويل.
— كاسيوم، يجب ألا تُحبّ أحدًا أبدًا.
— لماذا لا؟
— مهما أحببتَ أحدًا، لن يُبادلك ذلك. ستؤذيه فقط. لا تُحبّ أحدًا، لا تعتزّ بأحد. أحبَّ نفسكَ فقط.
كان صغيرًا جدًا في ذلك الوقت، لدرجة أن والدته ظنت أنه لن يتذكرَ تلكَ الكلمات.
لكن تلكَ الكلمات بقيت عالقةً في ذهن كاسيوم أطول ممّا كانت تتخيل. حتى الآن، كانت واضحة كالنور.
ومع ذلك…
— كاسيوم؟
في تلك اللحظة، برقت في ذهنه عينا ليزي الخضراوان كالزمرد، حين استيقظت في الكهف ونظرت إليه. شعرها الأحمر رقص في أفكاره.
— ستَنْسَى على أي حال.
ذكرى ليزي وهي تقفُ على بُعد خطوة منه في ليلة احتفال انتصار الفرسان.
— شكرًا، أيها الأرنبُ الذهبي، لأنكَ بقيت إلى جانبي.
ودفءُ العناق الذي احتضنه بقوة.
لماذا كان يفكر في ليزي الآن؟
“…..”
في تلك اللحظة.
بانغ!
هز صوت انفجار رؤية كاسيوم.
“السيد الشاب.”
طرق خادمُ كاسيوم، رونان، على الباب.
بعد أن لم يتلقَ ردًا رغم الطرق عدة مرات، فتح رونان الباب، ليجد الغرفة خالية.
* * *
“أرنوب! أرنوبي الذهبي!”
“أختي، أنتِ مصابة. أرجوكِ، ارتاحي.”
“برايس، إذا استرحتُ، هل يمكنك أن تعدَني بأن تجد الأرنب لي؟”
“…….”
“هاه؟ برايس؟”
صفّر برايس، ناظرًا إلى الأفق البعيد.
“…هيك، أرنوب! أيها الأرنبُ الذهبيّ! أرنوب!”
على الرغم من استمرارهم في البحث في الغابة، لم يكن الأرنب الذهبي في أي مكان يُرى.
لا في المكان الذي كان فيه لوكسكا، ولا في الكهف الذي احتموا فيه من المطر الغزير.
إلى أين ذهب؟ هل انسحب إلى أعماق الغابة، تابعًا غرائز الأرنب؟
جعلها هذا الفكر حزينة.
لم تتح لها الفرصة حتى لتوديعه.
“الأرنبُ الذهبيّ، أين أنت؟”
في الحقيقة، السبب الذي جعلني أحضر الأرنب المصاب هو أنه سيصبح كيانًا مهمًا لبرايس وسيساعد يومًا ما في شفاء مرضي.
‘لكن الآن، لم يعد ذلك السبب الوحيد.’
هذا الأرنب، هذا الأرنب الذهبي، أصبح مهمًا بالنسبة لي أيضًا.
الأيام القليلة التي قضيتها مع الأرنب الذهبي كانت مصدر راحة عظيمة لا يُفسر وتحمل معنى عميقًا بالنسبة لي.
كما لو أنه كان دائمًا إلى جانبي، اندمج الأرنب الذهبي في حياتي بطبيعية ودفء.
لم أرد أن أفقد كائنًا كهذا، شخصًا عزيزًا عليّ، بعجزٍ تام.
‘يجب أن أجدَ الأرنب.’
استمرّ البحث.
“آنسة ليزي! آنسة ليزي!”
في تلك اللحظة، جاءت دايان، إحدى خادمات الكونت، تركض نحوي على عجل.
كان طرف فستانها متسخًا بالطين من الركض على الطريق المبلل بالمطر.
“الكونت يبحث عنكِ. أرجوكِ، عودي إلى القصر.”
“عَمّي؟ أنا آسفة، لكن لا يمكنني الآن.”
على الرغم من أنني شعرت بالأسف لجعلها تركض على الطريق الطيني، كان العثور على الأرنب الذهبي أكثر إلحاحًا من أي شيء آخر في تلك اللحظة.
مهما كان ما يريد عمي قوله، لم يكن لدي وقت للاستماع.
“لكن…”
“هناك شيءٌ يجب أن أجده الآن مهما كان. أرجوكِ، قولي لعمي إنني سأزوره غدًا.”
“حسنًا، إذن، أم…”
أشرتُ بحزم إلى دايان، التي كانت مترددة، موجهةً إياها لتوصيل الرسالة بسرعة.
بدت قليلة التوتر تحت نظراتي، لكنها أومأت برأسها مرارًا.
“إذن، ماذا أقول له عن الأرنب؟!”
“……؟”
“قال الكونت إن هناك أرنبًا في الملحق وسأل ما هو…”
“ماذا؟!”
أرنب؟
هل عاد أرنبنا إلى البيت؟
دون أن أشعر بألم جروحي التي انفتحت مجددًا، بدأت أركض نحو القصر.
“أختي؟! إلى أين تذهبين؟!”
“برايس! احترس ألا تنزلق واتبعني!”
كما توقعتُ، الأرنب ورث غريزتي القوية للعودة إلى الديار!
انتظرني قليلًا—أنا قادمة إليك!
* * *
تسارعت وتيرة ركضي كلما اقتربت من القصر.
فكرة أن عمي ربما قبض على الأرنب الذهبي جعلتني أكثر قلقًا.
‘بالتأكيد لم يفعل شيئًا للأرنب الذهبي بعد.’
أردتُ أن أفكر بإيجابية، لكن مع عمي، كلمة “بالتأكيد” لم تكن تنطبق.
‘ماذا لو كان قد شوى الأرنب بالفعل…’
شعرتُ كأنّ كل الدماء في جسدي تتسرب بعيدًا.
لا، توقفي عن التفكير بمثل هذه الأفكار المروعة.
“سيدة ليزي، لقد عدتِ. الكونت في الداخل…”
“أعلم.”
اندفعتُ مرورًا بخادم عمي وتوجهت مباشرة نحو الملحق.
ثــود، ثــود.
ترددت خطواتي الثقيلة في الرواق، معلنةً لعمي وصولي، بينما تجولت عيناي بحثًا عن الأرنب الذهبي.
“بيب.”
في تلك اللحظة، سمعتُ صوتًا مألوفًا.
جاء الضجيج من غرفة الجلوس في الملحق.
“هذا المخلوق الحقير!”
“أبي، انتظر لحظة. سآخذ سيفي. هذا الأرنب الشرس يحتاج أن يُطعن حتى الموت…”
انتفضتُ وركضتُ مباشرة إلى غرفة الجلوس دون تفكير.
امتدت يدي غريزيًا نحو السيف على خصري.
لم يكن في ذهني سوى فكرة واحدة: يجب أن أنقذ الأرنب الذهبي من الرجلين اللذين قبضا عليه.
أمسكتُ بمقبض سيفي بقوة، وكدتُ أنزلق وأنا أقتحم غرفة الجلوس.
“ليزي!”
زأر صوت عمي كالأسد وهو ينادي اسمي.
كان نبرةً مندهشة مفعمة بالسرور.
“افعلي شيئًا حيال هذا الأرنب!”
─────────────────────
🪻سوالـــف🪻
عمها طلع أكبر خواف، مجرد أرنب خلاه كذا (눈_눈)
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات