10
─────────────────────
🪻الفصل العاشر🪻
─────────────────────
لم تعد حرارة كفّي الأرنب تبدو ساخنة كما كانت. هل هذا يعني أن جسدي كان يشتعل بالحمى؟
“الأرنب الذهبي، كيف تشعر؟ هل خفّ الألم؟”
“بيب.”
نظر إليّ الأرنب بتعبير جاد، وكأنه يخبرني بأن أقلق على نفسي أولًا.
ظلّ يتحدث إليّ بلغته الخاصة، رغم أنني لم أفهم كلماته، إلا أنني شعرت وكأنني أستطيع استيعاب مشاعره.
كنت أرغب في معرفة ما كان يقوله حقًا.
وجزءٌ مني أراد حتى أن يشاركه أفكاري.
أردت أن أخبره عن مدى اضطرابي في ذلك اليوم عندما فقدت وعيي أثناء حادث العربة، ثم استيقظت فقط لأُدرك أن الأمل الخافت في بقاء والديّ على قيد الحياة قد تلاشى تمامًا.
أردت أن أخبره عن الجهد الذي بذلته لمنع عمي من إرسال برايس إلى بلد أجنبي حيث كان سيواجه معاناة لا تُحتمل.
أردت أن أبوح له بمدى الإرهاق الذي يُسببه لي مرضي.
‘أشعرُ أن الأرنب الذهبي سيواسيني بصمت فقط.’
هذا الأرنب، رغم بروده الظاهر، يحمل دفئًا خفيًا، وكأنه قادرٌ حقًا على فعل ذلك.
كان غريبًا أن أشعر برغبة في مشاركة مثل هذه الأفكار مع أرنب.
‘لكن بالطبع، هو في الواقع ليس أرنبًا…’
ومع ذلك، لم أشارك هذه المشاعر مع أي شخص من قبل.
لكن، بعيدًا عن ذلك…
ابتسمت بهدوء وأنا أنظر إلى الأرنب.
“أيها الأرنب الذهبي، أشعر بالنعاس.”
“بيب.”
مدّ الأرنب كفّه ليمنع رأسي من السقوط، لكن جفوني كانت قد أُغلقت بالفعل.
مع ارتفاع حرارتي وتراكم الإرهاق، لم أستطع مقاومة النعاس أكثر.
“بيب، بيب.”
ليزي، ليزي.
خُيّل لي أنني سمعت الأرنب ينادي اسمي بينما غصت في النوم.
* * *
“ليزي… لي…”
تردد صوتٌ منخفض في أرجاء الكهف.
الرجل الذي كان ينادي المرأة التي تحتضنه توقف فجأة عن الكلام.
“…”
أخذ نفسًا حادًا، ثم رفع يده ببطء، متفحصًا أصابعه أمام عينيه.
عيون ذهبية اهتزت بارتباك طفيف.
يداه الكبيرتان، المتصلبتان من فرط الإمساك بالسيف، وذراعاه القويتان المشدودتان بفعل الشمس والتدريبات—كل شيء كان بلا شك بشريًا.
كاسيوم رودين فالتيير.
لقد عاد إلى جسده.
‘إذاً، لقد عدت.’
عاد بعد أيام…
عاد إلى هيئته البشرية بعد أن كان في جسد أرنب.
‘هل هذا بسبب تعافي إصاباتي؟’
رفع كاسيوم كمّه ليفحص الجرح عند خصره، وبالفعل، كان في حالة أفضل بكثير مما كان عليه من قبل.
عندما أدرك لأول مرة أنه قد شُفي بجرعة سحرية، لم يعر الأمر اهتمامًا كبيرًا.
كان يعتقد أن أحدهم دبر له مكيدة، ودسّ له الجرعة بنية سيئة. لكن بسبب تدريبه الصارم منذ الطفولة، كان جسده مقاومًا لمعظم السموم والجرعات السحرية.
في البداية، لم يحدث شيء.
لكن في اليوم الذي استخرج فيه قلب اللاغون، تعرّض لإصابات خطيرة.
في تلك اللحظة، بدأ مفعول الجرعة الغامضة يتجلى.
‘حتى مع إصاباتي، لم يكن من المفترض أن تؤثر عليّ هذه الجرعة.’
حين بدأ مفعولها بالانتشار في جسده، أدرك كاسيوم—بخبرته الواسعة في المواد السحرية—أنها لم تكن جرعة عادية.
كانت مشبّعة بالسحر الأسود.
لم يستطع استيعاب ما كان يحدث، وانهار. وعندما نجح أخيرًا في الخروج من الغابة والوصول إلى منزل مدني…
— برايس! خذ هذا الأرنب معك!
…كان من سوء حظه أن يصطدم بليزي.
ليس أي شخص، بل ليزي أرتيل… وفي هذه الهيئة التافهة.
‘من بين الجميع.’
في البداية، فكر في الهرب فورًا. لكنه لم يستطع بسبب جروحه.
خطته كانت أن يستعيد قوته قليلًا، ثم يبحث عن طريقة للعودة إلى طبيعته.
لكن مع مرور الأيام، بدأ كاسيوم يعتاد تدريجيًا على محيطه الجديد.
على المكان الذي تعيش فيه ليزي… على تعابيرها، نبرتها، وإيماءاتها التي لم يرها أبدًا أثناء وجودها في الفيلق الفارسي.
ولكن الآن بعد أن استعاد جسده، لم يكن هناك وقت ليُهدر.
كان عليه أن يعود فورًا، ولو لدقيقة واحدة، إلى قصر فالتيير والفيلق الفارسي…
لكن أفكار كاسيوم توقفت فجأة.
“مم.”
ليزي، التي كانت تحتضنه أثناء نومها، شدّت ذراعيها حوله أكثر.
ذراعاها النحيلتان لكن القويتان التفتا حول كتفيه وظهره.
شعرها الأحمر المموج لامس وجنته.
لقد كانا قريبين جدًا الآن.
تجمد كاسيوم في مكانه، وكأن جسده قد تصلبَ تحت تأثير سحر ما، وظلّ بين أحضانها، غير قادر على الحراك.
“…”
ليزي أرتيل.
منذ أيام الأكاديمية وحتى فترة خدمتهما كفرسانٍ نشطين، لطالما كانت شخصًا لا يتوافق معه، ودائمًا ما كانت تثير أعصابه.
منذ البداية، كانت تُزعجه، بغض النظر عما تفعله.
والآن…
“كاسيوم، ذلك الوغد……”
عندما تمتمت ليزي باسمه، ظنّ كاسيوم أنها استيقظت، فالتفت ليتفقد وجهها.
لكن عينيها الخضراوين ظلّتا مخفيتين تحت جفنيها.
وشفتيها، اللتين انفرجتا قليلًا وهي تهمس في نومها بعدم رضا، كانت تلفظ أنفاسًا هادئة.
حدّق كاسيوم طويلًا في ملامحها النائمة.
يا ترى، أيُّ حلمٍ تراه؟
على الأرجح، لم يكن حلمًا سعيدًا.
خلال الأيام القليلة التي قضياها معًا، أدرك أنها تكرهه أكثر ممّا كان يظن.
رغم مرور سنواتٍ على تلك المبارزة، بدا أنها ما زالت تحملُ ضغينة.
ألم تكن صادقةً أثناء احتفال النصر بعد المهمة الأخيرة للفرسان؟
تكورت ليزي كما لو كانت تشعر بالبرد.
في البداية، كانت ممسكة بكاسيوم، لكن الآن، بعدما اقتربت منه أكثر، انعكست الأدوار—فصار هو من يحتضنها.
ظلّ كاسيوم متيبسًا، يستمع إلى أنفاسها الهادئة.
سحب ذراعه بعيدًا لم يكن خيارًا الآن، فقد استكانت تمامًا بين أحضانه.
وكان دفء أنفاسها التي لامست عنقه كفيلًا بإفقاده توازنه.
“… ليزي.”
تردّد للحظة، ثم ناداها مجددًا.
“ليزي.”
حاول مرة أخرى، لكنها بقيت غارقة في النوم، غافلة عن كل شيء.
لم يكن بوسعه تخمين كيف ستتفاعل إن اكتشفت أنه هو الأرنب.
لكن بدلًا من الرد، لم تفعل سوى أن تلفظ أنفاسها الدافئة.
كان جبينها لا يزال ساخنًا.
بدا أن الحمى لن تهدأ قريبًا.
“…”
على الأقل، كان لا يزال يرتدي ثيابه الأصلية قبل أن يتحول إلى الأرنب. لم يصبها ضرر.
بحذر، خلع كاسيوم سترته وألقاها فوق ليزي.
ثم خرج من الكهف.
امتزج صوت خطواته على العشب الرطب مع صوت المطر المتلاشي.
استل خنجره وبدأ في جمع بعض الأعشاب الطبية بالقرب من الكهف، كما التقط بعض النباتات المغطاة بالصقيع قبل أن يعود.
كانت ليزي لا تزال نائمة.
جلس بجانبها، ثم أسند رأسها بلطف على ركبتيه.
أصبحت أنفاسها أكثر خشونة مما كانت عليه.
يبدو أنها بحاجة إلى علاج عاجل، والخروج من الغابة في أسرع وقت.
“هذا لا يُعتبر شيئًا بالنسبة لكِ، ليزي.”
تمتم كاسيوم وهو يتأملها.
لو كانت واعية بوجوده، لفتحت عينيها على اتساعهما وتظاهرت بأنها بخير.
لقد أسقطت حذرها فقط لأنها اعتقدت أنه مجرد أرنب صغير لا قيمة له.
هذه هي ليزي أرتيل التي يعرفها.
شخصٌ يفخرُ كثيرًا بنفسه لدرجة أنه لا يظهر ضعفه أبدًا.
شخص يلينُ أمام الضعفاء، لكنه يقف شامخًا أمام من هم أقوى منه.
خصوصًا أمامه هو.
فكّ كاسيوم الضمادة عن ذراعها، وبدأ في وضع الأعشاب الطبية على جراحها.
“آه…”
أطلقت ليزي أنينًا ضعيفًا وهي نائمة.
توقف كاسيوم للحظة، لكنه سرعان ما استأنف عمله، وأعاد ربط الضمادات بإحكام، ثم وضع العشبة الباردة على جبينها المحموم.
وبينما كان يضعها بحذر، ارتعشت أهداب ليزي قليلًا.
وفي اللحظة التالية—
“هـاه.”
لفظت ليزي أنفاسًا دافئة وفتحت عينيها.
في ضوء النيران المتراقصة التي رسمت ظلالًا داخل الكهف.
التقت نظراتهما.
“……”
بعينيها الخضراوين نصف المفتوحتين، كانت تحدق مباشرة في كاسيوم.
ظلت تتطلع إليه بصمت، تتنفس ببطء.
كاسيوم، الذي كان يتوقع منها أن تصرخ فور رؤيته، تفاجأ برد فعلها.
أنا أمامكِ مباشرةً يا ليزي.
لستُ الأرنب الصغير الذي كنتِ تعتزين به، بل كاسيوم فالتيير نفسه.
ولكن بدلًا من أن تصرخ أو تبتعد، لم تفعل ليزي سوى أن ترمش بهدوء.
ثم.
“كاسيوم.”
ابتسمت.
“……”
كانت تلك الابتسامة التي لا تظهرها إلا عندما تنتصر عليه في مبارزة أو تراهن ضده وتفوز.
تفاجأ كاسيوم برؤيتها تبتسم بذلك الشكل وهي تنادي باسمه.
“ليزي… إن كنتِ قد استعدتِ وعيكِ، إذن—”
“أين كنتَ مختبئًا حتى لم تُظهر وجهك؟ ومع ذلك، أتيت في النهاية.”
وصل صدى صوتها الحارّ إلى كاسيوم، وعادت عيناها تنغلقان ببطء.
“لكنني أمسكت بلوكسكا بالفعل. لقد ربحتُ الرهان.”
قالت ليزي ذلك قبل أن تغمض عينيها مجددًا.
كانت تقف على الحافة الفاصلة بين اليقظة والنوم.
وربما كان ذلك أمرًا جيدًا.
لم يدرك كاسيوم أنه كان يحبس أنفاسه إلا بعد أن غفت ليزي مرة أخرى، فأطلق زفيرًا طويلًا.
لماذا كنتُ أحبس أنفاسي أصلًا؟
مرر يده على وجهه الجاف، متيقنًا من أنه لا يمكنه البقاء هنا أكثر.
* * *
“كاسيوم؟!”
عندما استيقظتُ وفتحتُ عيني، كان سقف غرفتي المألوف يملأُ مجال رؤيتي.
‘ما هذا؟’
ظننتُ أنني رأيت كاسيوم.
هل كان مجرد حلم؟
‘الآن بعد أن فكرت في الأمر، كنتُ ألاحق لوكسكا.’
كيف انتهى بي الأمر هنا؟
“سيدة ليزي، إنه أنا مالون.”
“مالون! ادخل!”
“سيدتي…؟! لقد استيقظتِ!”
بمجرد أن سمع ندائي، اندفع مالون إلى الداخل. أمسكته قبل أن تغلبه دموعه وسألته بقلق:
“كيف وصلتُ إلى هنا؟”
“لقد وجدناكِ منهارةً أمام القصر.”
“ألم يكن هناك أحد معي؟”
“أحد معكِ؟ عندما عثرتُ عليكِ، كنتِ وحدكِ يا سيدتي.”
هزّ مالون رأسه نافياً.
“لا؟ طالما لم يكن معي أحد، فلا بأس.”
إذن، لا بد أن رؤية كاسيوم كانت مجرد حلم.
لكن لماذا ابتسمتُ عندما رأيته؟
هل كنتُ سعيدة برؤية وجهه بعد كل تلك الأيام؟
لا، لا بد أنني كنتُ قريبة جدًا من الموت، فرؤية أي شخص حيّ—أي شخص على الإطلاق—كانت كفيلة بأن تبعث فيّ شعورًا بالطمأنينة.
على أية حال، هل تمكنتُ حقًا من العودة بمفردي؟
‘إنه لأمر مدهش حتى بالنسبة لي أن يكون لدي غريزة العودة إلى المنزل كهذه.’
لكنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا.
عندما كنتُ مجندة في الأكاديمية، ضللتُ طريقي ذات مرة أثناء التدريب في الغابة السحرية—مكان يشبه المتاهة، يعجّ بالوحوش.
مساراته كانت متشابكة، والطريق الصحيح لم يكن واضحًا أبدًا.
تجولتُ لساعات، أقاتل الوحوش، وبدأ وعيي يتلاشى شيئًا فشيئًا.
لا أذكر الكثير مما حدث خلال تلك اللحظات.
لكن بعد أن تمكنتُ بطريقة ما من العودة، انهرتُ، واستيقظتُ لأجد نفسي أمام خيام المعسكر.
حينها، أمضيتُ وقتًا طويلًا وأنا أتساءل كيف عدتُ من هناك.
لا بد أنه كان بفضل غرائزي.
ولكن الآن بعد أن فكرتُ في الأمر…
لحظة واحدة.
“الأرنب الذهبي!!”
“أوه، سيدتي! أرجوكِ لا تنهضي! إصاباتكِ لا تزال خطيرة!”
“ألم ترَ الأرنب، مالون؟”
“الأرنب؟ ذلك الأرنب؟”
“إذًا، لقد رأيته؟”
“لا، عندما وجدتكِ أمام القصر، كنتِ وحدكِ تمامًا.”
اتسعت عيناي بينما بدأت شفتاي ترتجفان.
ماذا أفعل؟!
لقد تركتُ الأرنب في الجبال!
أرنبنا المنزليّ هو أرنبٌ منزليّ!
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 10"