تمتم كيليان في نفسه: “لقد وقعتُ بالفعل في حب إيديث في ذلك الوقت. لكنني لم أعترف بذلك، لذلك أجبرتُ نفسي على الاعتقاد بأنني مختلف عن الرجال الآخرين. لقد كنتُ غبياً وطفولياً ومتغطرسًا. لو كنتُ قد تحدثتُ بجدية أكبر مع إيديث في ذلك الوقت، لكان الأمر أفضل. أعتقد أنني آذيتُ إيديث كثيرًا. إنها امرأة لطيفة جداً.”

أطلق كيليان تنهيدة طويلة وهو ينظر إلى إيديث وهي تحتفل بزفاف المرأة التي حاولت قتلها في السابق.

تمتم كيليان في نفسه: “إذا تركتُ إيديث بمفردها، فمن المؤكد أنها ستتصرف بشكل أكثر هدوءً ورحمة وتتظاهر باللامبالاة أمام الآخرين. لا أستطيع أنْ أتركها وحدها مرة أخرى، لابد لي من حمايتها. رفعت ذقنها وقالت كل ما تريد قوله، متظاهرة بالغرور، لكنها في النهاية إمرأة احتضنتني بقلب كريم ولطيف…”

“ليز اليوم تبدو جميلة. ما زلتُ لا أصدق ذلك.”

“أنتِ أجمل.”

أنزل كيليان وجهه إلى أذن إيديث التي كانت تصفق وتهمس، وتظاهر بالإجابة عليها، ثم قبّل أذنيها وقضم شحمة أذنها قليلاً. لقد كانت نقطة ضعف إيديث.

“آه كيليان…”

تمتم كيليان في نفسه: “مجرد النظر إلى إيديث تتأوه جعلني أسيل لعابي.”

“كم من الوقت سيُعقد حفل الزفاف اليوم؟”

“لا أعلم، لكن الاستقبال سيستمر حتى منتصف الليل.”

“عليك اللعنة!”

ضحكت إيديث وهي تشاهد كيليان يتمتم بكلمة لعنة منخفضة.

“هل تعرف حتى كم تتحمل العروس ذلك؟”

“لقد أزعجني ذلك، لا أستطيع أنْ آخذكِ بعيداً الآن.”

إيديث التي كانت تتوانى عن كلمات كيليان الذي كان يهمس بدفعات مثيرة، نظرت بمرح إلى كيليان ولمست ذراعه. ثم همست في أذن کیلیان.

“بعد الغداء، لن يعرف أحد إذا اختفينا لمدة ساعة.”

“من الجميل أنْ أسمع ذلك. فأين في غرفتكِ؟ أم في غرفتي؟”

“أو في شرفة الطابق الثالث، حيث لا يأتي أحد؟”

“ها… حقاً، سوف تقومين بتعذيبي.”

“كيليان. فقط فكر في جنازة جدكَ. أوه حان وقت التصفيق.”

صفّق كيليان وإيديث مع الآخرين، وأظهروا مرة أخرى التعبيرات الكريمة ككونت وكونتيسة ولكن داخل قلوبهما، كانا مجرد زوجين عاطفيين عاشقين متزوجين حديثاً وقعا للتو في الحب.

لقد تقرر بالفعل أنّ كيليان سيحصل على لقب الكونت رايزن بينما كنتُ لا أزال مستلقية على السرير للتعافي. في ذلك الوقت بدا كيليان مستعداً للذهاب إلى رايزن في أي لحظة، لذلك أبلغ الدوق لودفيغ العائلة المالكة بالأمر على الفور، ووفقًا للوثيقة، فقد حصل كيليان بشكل قانوني على لقب الكونت رايزن منذ ذلك الحين.

على الرغم من أنّ رحلتنا إلى المنطقة تأخرت بسبب حفل زفاف كليف وليز، إلّا أننا لم نؤخر استعداداتنا. لذلك تمكنا من التوجه الى منطقة رايزن مباشرة بعد حفل زفاف كليف وليز.

“اعتنوا بصحتكم.”

“أمي، أبي، من فضلكم كونوا بصحة جيدة. سأرسل لكم رسالة بمجرد وصولي.”

في اليوم الذي غادر فيه قصر لودفيغ، لم تستطع الدوقة إخفاء دموعها وكان الدوق لودفيغ حزينًا أيضًا. ومع ذلك، بما أنّ كليف قد تم اختياره بالفعل كخليفة، كان من الطبيعي أنْ يحصل الابن الثاني الذي تزوج بالفعل على لقب آخر ويذهب للتركة التي حصل عليها.

“أشعر بالغيرة لأنكَ دائماً تسبقني بخطوة.”

كما صافح كليف كيليان بوجه حزين وقال وداعاً.

“هذا منطقي. أعتقد أنّ هذا كان منذ أنْ حصلتُ على إيديث.”

“مَن كان يعلم أنكَ ستكون بهذه الموهبة؟” 

هو يعرف ذلك. كان كيليان يتفاخر بي في كل مكان ويحرجني الناس. لكن عندما أفكر في الأمر، ألَا يشعر كليف بالمرونة لأنّ كيليان لم يهزمه أبدًا؟ سواء كان ذلك بفضلي أم لا، أنا سعيدة لأنّ كيليان تحرر من قلقه بشأن أخيه.

وبعد تبادل التحيات لفترة وجيزة، غادرت مجموعتنا العاصمة بسرعة. لم يتبق سوى القليل من الوقت للوصول إلى المدينة حيث سنتوقف قبل غروب الشمس.

“حسناً، إذاً سنغادر الآن.”

عندما أمر كيليان بالمغادرة، بدأت العربة التي كنتُ أستقلها تهتز وتتحرك. أمسكتُ بيد آنا التي تجلس بجانبي.

“هل أنتِ متوترة؟”

“أنا متوترة ومتحمسة أيضًا.”

أعطيتُ آنا ابتسامة خفيفة. لكنني لم أكن خائفة أو متوترة. ذلك لأنني شعرتُ أنني بحالة جيدة حقاً.

“ستتغير أشياء كثيرة يا آنا. ليس فقط بالنسبة لي وكيليان، ولكن بالنسبة لكِ أيضًا.”

“شكرًا لكِ على إعطائي هذه الفرصة، سيدتي.”

ضحكتُ مع آنا.

ومع ذلك، لم تكن الرحلة الى رايزن مريحة. عانيتُ من الصداع بسبب الاضطرار إلى الركوب في عربة على طريق سيء الصيانة، ليس هذا فحسب، بل يجب عليّ أيضًا أنْ أقوم بعملي على العشب ولا أستطيع الاغتسال بشكل صحيح. ومع ذلك، فقد اختفى هذا التعب بمجرد وصولي إلى رايزن.

“هذا هو… رايزن.”

“كيف رأيتِ ذلك؟ إنها لا تزال منطقة ريفية بسيطة، ولكن إمكانيات التنمية في المستقبل لا حصر لها.”

“أنا أحب ذلك. حقاً.”

وبينما كان قلبي ينبض بشدة عند رؤية رايزن من نافذة العربة، دخلت العربة التي تحملنا إلى قصر مالك رايزن.

“اسمي فنسنت كبير الخدم في القصر. نحن نرحب بمالكي رايزن الجدد.” 

بدا فنسنت كبير الخدم الذي كان يدير قصر رايزن، أصغر قليلاً من فيليب كبير الخدم في قصر لودفيغ. ومع ذلك، فإنّ القصر الذي لم يكن له مالك في هذه الأثناء، كان نظيفا جدًا. اضافة غلى ذلك، تم وضع الأثاث والأشياء التي تم طلبها وتسليمها مسبقًا بشكل أنيق في أماكنها الصحيحة، لذلك كان تخميني أنني سأضطر إلى تنظيم أمتعتي بمجرد وصولي بلا جدوى.

“حسنًا… ربما لا يزال يفتقر إلى العديد من النواحي مقارنة بخادم الدوق لودفيغ، لكن…”

“أنا راضية عنه.”

من المستحيل أنْ لا أحب الأشياء التي اخترتها وطلبتُ إنتاجها أثناء مناقشتي مع كيليان واحداً تلو الآخر. ومع ذلك، لا يبدو أنّ كيليان راض لأنه يشعر أنّ ذلك ليس كافياً.

“إذا كنتِ بحاجة إلى أي شيء، فلا تقلقي، فقط أخبريني. سأقدم طلبكِ على الفور.”

في مثل هذه الأوقات أعتقد أنه سيد شاب نشأ دون أنْ يعرف الاقتصاد. القصر مليء بالأشياء اللائقة، فماذا تريد مني أنْ أشتري أيضًا؟

“لا. هذا يكفي لتغطية نفقات المعيشة. إذا كنتَ بحاجة إلى أي شيء، احصل على إذن مني قبل شرائه. لديكَ ميل إلى إهدار المال.”

“أنا؟”

“هذا صحيح، لأنكَ سوف تغضب إذا بعتُ كل ما لا أحتاج إليه.”

“ليس الأمر أنني غاضب.” 

“إذا أردنا تطوير أراضينا، فعلينا أنْ نشد أحزمتنا من الآن فصاعداً.”

عندما تحدثتُ هكذا، كان كيليان على وشك دحض شيء ما ولكن انتهى به الأمر بالضحك.

“أعتقد أنني سأضطر إلى العمل بجدية أكبر لمواكبة تطوركِ.”

“بالطبع إذا كنتَ كسولاً، فلن أتساهل معكَ لمجرد أنكَ زوجي. لذا من الأفضل أنْ تكون مستعداً لتلبية توقعاتي.”

“لابد لي من الابتهاج على الرغم من ذلك.”

هل تضحك الآن؟ هل أنتَ متأكد حقاً من أنه يمكنكَ متابعة جدول موظفي المكاتب الكوريين الذين تم تدريبهم عن طريق العمل الإضافي؟ 

ابتسمتُ لكيليان وكأنني رئيسة تبتسم بشكل مثير للإعجاب أثناء المقابلة. بعد أنْ نظرنا حول القصر استحممنا وارتدينا ملابس بسيطة وصعدنا إلى جدار القصر لاستنشاق بعض الهواء. هبت ريح باردة وجففت شعرنا الذي كان لا يزال مبللاً.

“انه جميل.”

“هذا هو أجمل مكان بين أراضي والدي.”

لم يكن هناك جبل شديد الانحدار حول هذه المنطقة، كما ينمو القمح والشعير في مثل هذه الحقول الواسعة. بدا وكأنّ هناك بستاناً ما على مسافة، وكان هناك الكثير من المنازل الخاصة..

“لقد كان السوق ينمو منذ بضع سنوات مضت.”

“إذا جعلنا الطريق عبر جبال فيلياك أكثر راحة، فسوف تنمو رايزن بشكل متفجر.”

“قبل ذلك علينا تعزيز الأمن وتطوير الطرق في هذه المنطقة.”

“أوه، ونحن بحاجة إلى مكتب للأطباء ومدرسة. يجب أنْ نبني مكتباً للأطباء حيث يمكن لعامة الناس الذهاب إليه عندما يمرضون أو يصابون، وبالتالي سيزداد عدد سكان المنطقة، وإذا تم تعليم الأطفال بشكل صحيح، فإنّ عدد اللصوص والمتسولون سوف ينخفض.”

“أنتِ على حق. ثم نحتاج إلى العثور على الاطباء والمدرسين المهرة. لدفع تكاليف عملهم. أعتقد أنني يجب أنْ أشدد حزامي كما قلتِ.”

تحدثنا لفترة من الوقت عن الحاجة إلى تطوير رايزن. ثم أخذتُ نفسًا عميقاً، لم يكن ذلك لأنه لم يكن لدي ما أقوله. بل لأنّ قلبي كان غارقًا في الحاجة إلى الهدوء قليلاً. في الأصل، كان هناك بعض الغبار الناعم في هذا العالم، لكن هواء رايزن أنظف بكثير من العاصمة.

“لكنكَ تعلم بصراحة أنني أشعر بالخوف قليلاً. إذا كان ذلك بسبب علاقتنا الجسدية.”

“ماذا تقصدين بذلك؟”

“في الواقع، لم أعتقد أبدًا أنكَ ستحضرني إلى هنا. لكنني أقدر ذلك.”

“إذا لم أحضركِ… فمَن سأحضرها إذاً؟”

“كما قال الكونت سنكلير، كان عليكَ أنْ تطلقني وتتزوج مرة أخرى من إمرأة من عائلة جيدة.”

لقد أعربتُ عن امتناني بطريقتي الخاصة، لكن تعبير كيليان أصبح أكثر حدة في تلك اللحظة. بدا أنّ نظراته التي تحدق بي تحترق بالنار.

“كيليان؟”

“إذاً، تقصدين الآن أنّ السبب الذي دفعني للتخلي عن كل اهتماماتي الواقعية وجلبكِ إلى هنا. هو أنكِ تعتقدين أنّ عاطفتي هي مجرد علاقة جسدية؟”

“أليس كذلك؟”

“علاقة جسدية؟ علاقة جسدية تقوليها؟ آه. هذه المرأة حقاً.”

كنتُ في حالة ذهول لأنني لم أكن أعرف ما الخطأ الذي ارتكبته، وفجأة عانق كيليان خصري بقوة وأعطاني ابتسامة مشؤومة.

“عليكِ أنْ تدفعي ثمناً باهظاً مقابل حب كيليان رايزن الذي تم الاستهانة به. أليس كذلك؟”

“نعم؟ أدفع ماذا؟”

“أنتِ امرأة غبية! إنه الحب! أنا أُحبُّكِ.”

في تلك اللحظة تجمدتُ في الارتباك. كنتُ أتساءل عما سمعته من كيليان للتو. وفي هذه الأثناء، رفعني كيليان.

“وفري طاقتكِ يا إيديث. سأجعلكِ تصرخين في السرير من الآن وحتى صباح الغد.”

عندها فقط أدركتُ سبب انزعاج کیلیان الشديد، لكن الوقت قد فات بالفعل. لقد شعرتُ بالخجل الشديد من رؤية الناس من حولي وهم يوسعون أعينهم ثم يحنون رؤوسهم بالحاح لدرجة أنني دفنتُ وجهي على صدر کیلیان. بالتأكيد، لم يكن من الممكن أنْ أكره هذا الموقف لدرجة أنّ البطل الذي حصلتُ عليه يحبني.