مال رأس إدوارد، الذي كان منتصبًا سابقًا، قليلًا. دقّقت عيناه الزرقاوان فيّ كما لو كانتا تلعقانني حتى النخاع.
كان شعورًا لم أشعر به من قبل، رطب، بارد، ولزج.
لم تكن كنظرةٍ باردة؛ بل أرسل إحساسًا بالخوف إلى عمودي الفقري. ارتجفت كتفي لا إراديًا.
“… أنتَ بارعٌ في التفوّه بالهراء.”
لم أستطع مقاومة نظرته، فأدرتُ رأسي.
“بالطبع، كنتُ أمزح. لقد كان الأمر مفاجئًا لي.”
هل كان زواج يوهانس بي صادمًا لهذه الدرجة؟
من السيدات النبيلات إلى إدوارد، تحدّث الجميع كما لو أن يوهانس ارتكب خطأً فادحًا.
لكن لو فكّروا في الأمر ولو للحظة، لعرفوا سبب اختياره لي، لتغيير رأي العامة …
ومع ذلك، بدا هؤلاء الناس مقتنعين تمامًا بأن يوهانس لن يتّخذ مثل هذا الخيار أبدًا. بسبب ذلك، شعرتُ وكأن وجودي كلّه موضع شك، ولم يعجبني ذلك.
تحدّثتُ كما لو كنتُ أُنكر افتراضاته.
“من فضلك لا تتحدّث وكأنكَ تعرف كلّ شيءٍ عن زوجي. إنه ألطف وأكثر مراعاةً مما تظن.”
“منذ متى تعرفينه؟”
“…عفواً؟”
“تبدين واثقةً جدًا من نفسكِ.”
أشار إدوارد بأصابعه، يعدّ بصوتٍ عالٍ.
“كان في الجيش حتى قُبيل إعدام الدوق شولتز السابق. بالنظر إلى المدّة التي قضاها مختبئًا، فأنتِ لم تعرفيه إلّا لشهرين أو ثلاثة أشهر على الأكثر.”
“…..”
“يبدو أني أثّرتُ فيكِ. استمعي، دوقة، أعرف يوهانس منذ أكثر من عشرين عامًا.”
“لا أفهم ما علاقة هذا بي.”
تمتم إدوارد بانزعاج، ثم نظر حوله. وسرعان ما امتدت يده الكبيرة إلى الستارة المخملية السميكة بجانبنا.
“إن القول بأنه وقع فجأةً في غرام مظهركِ قصّةٌ مسلّية، أعترفُ بذلك. لكن ليس الأمر كما لو أن السيدات النبيلات يفتقرن إلى الجمال.”
“ما الذي تحاول قوله بالضبط؟”
“آه. ردّ فعلكِ أكثر إثارةً للاهتمام مما ظننت، مما يجعلني أظلّ أدور حول الموضوع. أعتذر.”
قدّم إدوارد اعتذارًا كعادته، ثم فكّ الستارة المربوطة على الحائط، معزولين تمامًا عن بقية القاعة. همس لي بصوتٍ خافت.
“لا أعتقد أن يوهانس تقدّم لخطبتكِ لأنه وقع في الحب من النظرة الأولى.”
كان صوته الهادئ يحمل في طيّاته حدّةٌ خفيّة.
لكنني لم أستطع إنكار ذلك.
كما قال إدوارد، من الواضح أنه لم تكن بيننا أيّ حادثةٍ من شأنها أن تجعل أيّ شخصٍ يقع في الحب من النظرة الأولى.
إلى جانب ذلك …
‘إدوارد ويندسور يعرف يوهانس أكثر مني.’
هذا مؤكد.
تظاهرتُ بأنني أعرف يوهانس أكثر منه، لكن أيّ شخصٍ كان يدرك أن ذلك كذب.
“هل شعرتِ يومًا أن هناك شيئًا غريبًا؟”
عند سؤاله المباشر، عضضتُ شفتي السفلى.
“أشعر بالغرابة حيال ذلك طوال الوقت. إن لم تشعري أنتِ، فلا شيء يمكنني فعله.”
بينما صمتُّ، غارقةً في شكوكٍ خفيفة، أضاف إدوارد.
“يا إلهي، لقد كُشف أمري أسرع مما توقّعت.”
“ماذا؟”
“الدوق، الذي حسب قولكِ يُفترض أنه يحبّكِ كثيرًا، يسير في هذا الطريق.”
أشار بذقنه.
“لم أقل ذلك أبدًا …!”
فزعتُ، ورفعتُ صوتي، لكن إدوارد رفع سبابته الطويلة إلى شفتيه.
ثم انحنى قليلاً إلى الأمام وهمس في أذني بجديةٍ أكبر.
“إذا أبدى يوهانس أدنى بادرة ريبة، فأنا جادٌّ حين أقول إن بإمكانكِ طلب المساعدة مني. و …”
ثبّت نظره على يوهانس المُقترب، مُحذّراً.
زوجكِ خطير.
“لا أعرف مدى عمق حبّكِ الكبير، لكن لا تقتربي كثيرًا. لا تتعلّقي به.”
لذا، حتى الآن، عليكِ الركض. بعيدًا جدًا.
* * *
سلسلة أحداثٍ مملةٍ لا تنتهي.
مهما سمع يوهانس ثرثرة النبلاء المُحيطين به، لم يعتَد عليها أبدًا.
احتفظ بابتسامةٍ مُهذّبةٍ لفترةٍ وجيزةٍ وهو يتعامل معهم، لكن الملل والضجر المُتزايدين سرعان ما جعلاه يُغلق عينيه ويفتحها ببطء.
كان من حوله أشخاصٌ يرتدون أقنعة.
نفس الأشخاص الذين ثرثروا عن سقوط آل شولتز من وراء ظهره، هم الآن يمدحونه كما لو كانوا على استعدادٍ للتخلّي عن كلّ شيءٍ من أجله. لم يكن هذا مشهدًا مسلّيًا أبدًا.
قال البارون فيردو، مرتديًا زيًّا صارخًا، ويومئ برأسه بحماس.
“ظننتُ أن الدوق لا يهتم بالنساء إطلاقًا.”
كان تعبيره يُظهِر بوضوحٍ ندمه على عدم تقديم ابنته له في وقتٍ أبكر.
“الدوقة جميلةٌ بشكلٍ لافت. فالمرأة، في نهاية المطاف، كالزهرة الجميلة.”
كشف هذا التعليق غير الضروري عن نواياه الحقيقية، التقليل من قيمة الزواج بأيّ طريقةٍ ممكنة.
بعبارةٍ أخرى، كانت زوجته جميلةً فقط لا غير.
لم يجرؤ على انتقاد خلفيتها أمام الدوق، فاختار الازدراء الخفي.
“الأمر لا تتعلّق بالمظهر فقط.”
ردّ يوهانس بابتسامةٍ لطيفة.
“إنها ذكيةٌ ونبيهة. ليست زهرة زينة.”
تصريحٌ لا يُمكن حتى مقارنة إيديث بابنة البارون فيردو الجامحة عديمة الفائدة، والتي كانت سيئة السمعة في الطبقة الراقية.
“… بـ بالتأكيد. من المؤكد أن الدوق لن ينخدع بمجرّد المظهر.”
أجبر البارون فيردو نفسه على الابتسام وتراجع إلى الوراء بينما ظلّ يوهانس هادئًا.
ثم، كرجلٍ بلا كبرياء، استمرّ في سرد قصصٍ جوفاء كأنها عميقة. مع أن يوهانس لم يُبدِ أدنى اهتمام.
كان الرجل حقًّا فاقدًا للشجاعة.
تنهّد يوهانس بهدوء.
اختفت إيديث منذ فترة، وأصرّ النبلاء الآخرون على مواصلة أحاديث لا طائل منها.
كاد أن ينفد صبره.
“سمعتُ أن العائلة المالكة تُحبّ الدوقة. بغض النظر عن كلّ الشائعات، حتى أنهم أرسلوا الأمير ويندسور إلى هذا الحدث.”
“أنتَ لا تقول إنني يجب أن أكون ممتنًا، أليس كذلك؟”
عند كلمات البارون فيردو، عبس يوهانس، الذي كان يُرخي ربطة عنقه.
كلّ ما قاله الرجل حتى الآن دخل من أذنٍ وخرج من الأخرى، ولكن من المُثير للدهشة أن تلك الجملة بقيت عالقةً في ذهنه.
عندما رأى البارون فيردو ردّ فعل يوهانس أخيرًا، رفع صوته بحماس.
“آه، أجل، يبدو أن الدوقة كانت متّجهةً إلى مكانٍ ما مع الأمير ويندسور قبل قليل.”
“هل فَعَلَت؟”
“أجل! بالطبع، أنا متأكّدٌ من أنهما لم يغادرا المبنى بمفردهما في هذا الوقت المتأخر …”
كانت في باله منذ اختفائها. في كلّ مرّةٍ حاول فيها البحث عنها، كان يظهر شخصٌ آخر ليشتّت انتباهه.
“أين ذهبا؟”
سأل يوهانس باقتضاب.
“حسنًا … لا أعتقد أنهما غادرا قاعة المأدبة. لكن …”
انشغل البارون فيردو باهتمام الدوق، ولم يلاحظ تجاهله حتى مرّ يوهانس من جانبه دون تردد.
“دـ دوق!”
بينما احمرّ وجه فيردو، تمتم النبلاء المحيطون به بصوتٍ واحد.
“أعتقد أن هذا لم يكن تمثيلًا على الإطلاق. انظروا فقط إلى ردّ فعله.”
“أخبرتكم. حتى لو كانت العائلة المالكة قوية، فهذه عائلة شولتز. إنهم يستعيدون مكانتهم. من الأفضل أن نحظى بتأييد الدوقة.”
“مع أنها من عامة الشعب …”
“وماذا في ذلك؟ الزمن يتغيّر. علاوةً على ذلك، بصراحة … ما يُسمّى بأدلة اختلاس الدوق السابق للأموال المَلَكية كان دائمًا يبدو سهل التزوير، أليس كذلك؟”
كان من الواضح أن النبلاء المحيطين قد اقتنعوا تمامًا بالعلاقة بين إيديث ويوهانس.
بينما كانوا يشاهدون تراجع يوهانس، بدأوا في تشكيل مواقفهم الخاصة.
في هذه الأثناء، أدرك يوهانس أخيرًا ما كان يُزعجه لفترةٍ من الوقت.
سار نحو المنطقة التي يحجبها رجلٌ ضخم، فرأى خلف الستارة لمحةً من ظهر إيديث ووجه إدوارد.
“…مزعج.”
كان اهتمام إدوارد ويندسور بإيديث بريم أمرًا حتميًا. فمنذ صغره، كان ينغمس في كلّ ما يتعلّق بيوهانس شولتز.
لأنه كان مستاءً من امتلاك يوهانس، وهو مجرّد فرعٍ من الخلفاء، للشعر الأشقر والعينين الزرقاوين اللتين تفتقر إليهما السلالة الملكية.
لهذا السبب، لطالما رغب إدوارد في ما يملكه يوهانس. وربما…
استقرّت عينا يوهانس الزرقاوان على كتف إيديث من خلال الستارة.
“هذا دوري، أليس كذلك؟”
دور. حتى الآن، جعلت سخافة هذه الكلمة يوهانس يضحك ضحكةً مكتومة.
بالتأكيد، تزوّجا بدافع الضرورة، لكنه لم يتوقّع منها أن تفكّر في الأمر بهذه الطريقة.
عندما سألها إن كان بإمكانها تقبيل رجلٍ آخر، أجابت بجرأةٍ غير متوقعة.
«لم أتخيل يومًا شيئاً لم يحدث. لذا لا أعرف.»
كانت القبلة التي تلت ذلك عفويةً تقريبًا.
بالنسبة ليوهانس، بدا ردّها استفزازًا خفيًّا، كما لو أنها ستقبّل رجلاً آخر.
في اللحظة التي قرّر فيها التأكّد من أنها لن تُجرِّب شيئًا كهذا مرّةً أخرى، تحرّك جسده قبل أفكاره.
بدت إيديث مرتبكةً للحظة، لكنها قلبت الطاولة وأثارت ارتباكه.
«أليس من الأفضل أن تجعل الأمر بحيث لا يفكّر أيّ رجلٍ آخر في تقبيلي؟»
الشدّ اللطيف على رقبته، والقبلة الجريئة التي منحته إياها، وجسدها المتصلّب الذي كشف عن قلّة خبرتها، كلّ هذا بقي عالقًا في ذهنه.
مسح يوهانس شفتيه شارد الذهن.
لا يزال الشعور الناعم والدافئ نابضًا بالحياة على شفتيه. ولكن بعد ذلك …
خلف الستار، اقترب إدوارد ويندسور من إيديث بصراحة. همس لها بشيء، ثم استدار وابتسم ليوهانس مباشرةً.
“… ها.”
وبعد كلّ هذا، تغازل رجلاً آخر بكلّ وقاحةٍ في يوم زفافهما؟
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 28"