كانت غرفة الملابس الجافة والباردة كبيرة بما يكفي ليغيّر فيها عدة أشخاصٍ في وقتٍ واحد. عُلِّقت فيها فساتين متنوعة على شماعات، وكان كلّما أحضر الخدم فستانًا ليُلبسنني إياه، صدح صوت حفيف القماش.
مشيتُ على أرضية الرخام اللامعة ووقفتُ أمام المرآة. كان الخدم يختارون الفساتين ويحضرونها إلى مارلين. نظرت إليّ وإلى الفساتين بالتناوب، ثم اختارت ثلاثًا دون تردد وبدأت تقدّمها لي واحدةً تلو الأخرى.
“بشرتُكِ بيضاءٌ ونقيّةٌ مع شعرك البني، لذا ستناسبكِ الألوان الصفراء. لكن بما أنكِ ستتدرّبين على الرقص، فالألوان الكريمية الهادئة ستكون مناسبة.”
“لنفعل ذلك.”
“هذا القدر من الفساتين جيدٌ لليوم.”
حتى أنا رأيتُ أن اختيارها كان الأفضل. بعد ذلك، تحققت مارلين من وضعيّتي وآداب النبلاء. لم يكن الأمر سيئًا للغاية، فلم تصل إلى حد التصلّب في تعابيرها أو دفعي بقسوةٍ كما فعلت سابقًا.
“كيف كان أبي يطبّق آداب النبلاء؟”
“حسنًا، هناك مَن يولدون بذلك. ربما كان من هؤلاء.”
أجابت مارلين بلا اكتراث. يبدو أن هناك بالفعل أشخاصًا كهؤلاء بين الحين والآخر. بعد ذلك، علمتني خطوات الفالس مرّةً أخرى.
“التحيّات ممتازة. المشكلة في الخطوات القديمة. لنتمرّن معًا.”
كانت معلّمةً صارمةً لكنها جيدة.
“يجب أن تُبقى قدميكِ ملتصقتين بالأرض عندما لا تتحرّكان. وزعي وزنكِ بالتساوي على كِلا الساقين. عند الرقص، أرجحي كتفيكِ للخلف وانفخي صدركِ. أبقي رأسكِ مستقيمًا، وعند الحركة، حافظي على مسافةٍ بين كتفيكِ وقدميكِ.”
كان تغيير الخطوات مع الاهتمام بالوضعية صعبًا، لكنني تعلّمتُه بسرعة. حتى مارلين قالت إنني أُتابع جيدًا، لذا بدوتُ تلميذةً جيدة.
عند انتهاء الدرس، أشارت إلى الساعة.
“… سيأتي السيد قريبًا. سمعتُ أن العشاء سيكون بعد الرقص والمحادثة.”
كان صوتها يرتجف قليلًا.
* * *
“… لقد كبرت.”
كانت هذه أوّل كلمةٍ قالتها مارلين لدوق شولتز.
“ماذا؟”
ضحك دوق شولتز. بدت ضحكته كعادته، لكنها كانت أقرب إلى السخرية.
بدت مارلين كشخصٍ مختلفٍ تمامًا. لم يكن هناك أيّ أثرٍ للحدّة والدقّة التي كانت تتعامل بها معي. بدت مرتبكةً أمامه.
“أعتذر لأنني لم أحيّيكَ أولًا. أنتَ تشبه السيدة الراحلة كثيرًا—”
“توقّفي. لا يبدو هذا مكانًا للحديث.”
قطع دوق شولتز كلامها بوجهٍ بارد. تغيّر الجو فجأة. حتى أنا شعرتُ بقشعريرة.
شعرتُ باقترابه تدريجيًا. لم أكن بهذا القرب من أيّ شخصٍ من قبل، لذا شعرت ببعض الحرج، لكنني حاولتُ الحفاظ على تعابير هادئة.
‘فقط تحمّلي الأمر لفترةٍ قصيرة …’
بينما كنتُ أحبس أنفاسي مع تلك الفكرة، أصبحت الرؤية أمامي مضيئة. ابتعد يوهانس عنها فجأةً عندما كادت شفتاهما أن تتلامسا.
كنتُ مستعدةً عقليًا …
“… لماذا لم تفعل ذلك؟”
سألتُ بتعابير جافة وشعرتُ بخيبة أملٍ قليلاً.
بدت عيناه الزرقاوان، التي بدتا كأنهما لن تُظهرا أيّ مشاعر أبدًا، ترتجفان قليلًا. ثم سمعتُ صوته المحايد.
“أعتقد أن هذا القدر من التدريب كافٍ.”
لم أفهم. سنفعل ذلك في النهاية على أيّ حال، فما الفرق إن قمنا بذلك الآن ولاحقًا؟
من الأفضل التدرّب الآن لتجنّب الحرج لاحقًا.
“زوجان متيّمان ببعضها يتبادلان قبلتهما الأولى في حفل زفافهما؟ هذا أمرٌ سخيف. إن لم يبدُ الأمر طبيعيًا، فسيكون من الواضح أنه تمثيل.”
لكن يوهانس لم يتحرّك، فقلتُ بحزم.
“يمكنكَ فعلها حقًا. لا أهتم بذلك.”
هيا، بسرعة. اقتربتُ منه أكثر.
هذه المرّة، ضاق جبينه قليلًا. بعد تردّدٍ للحظة، رفع يوهانس ذقني مرّةً أخرى.
“حسنًا، إذن.”
حدث ذلك في جزءٍ من الثانية، التقت شفتاه الدافئة والناعمة بشفتي في لحظة.
لقد تجمّدتُ في مكاني.
إذا شعرتُ بالإحراج وأنا أرقص معه، فلماذا لم يخطر لي أن التقبيل سيكون أكثر إحراجًا؟
لقد أدركتُ ذلك متأخّرة.
ليس أنني أكره التقبيل، بل كنتُ خجولةً فقط.
في تلك الليلة الشتوية شديدة البرودة، كانت قبلتي الأولى يفيض منها الدفء.
كلّ ما أتذكّره بوضوحٍ في ذاكرتي الباهتة هو أنني لم أكره يوهانس شولتز.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "17"