5
الفصل 5
هل يعني هذا أنه إذا جَمعتُ كل المجموعات يمكنني الهروب من هذه اللعبة الغريبة؟
وسط الارتباك، لاح بصيص أمل.
مجرد معرفة أن هناك طريقة للخروج من هذا المكان كانت كافية لتماسك عقلي الذي كاد ينفلت.
المجموعات.
في لعبة <قصر الذكريات المفقودة> يوجد ما مجموعه عشرون مجموعة قابلة للجمع.
‘إذا جمعتُها كلها، سأستطيع الخروج.’
لكن المؤسف أنني لا أعرف على وجه الدقة ما هي هذه المجموعات.
فـ’اليد المقطوعة’ قبل قليل سُجِّلت تلقائيًا بمجرد أن استحضرتُ المعلومات المتعلقة بها.
فهل يعني ذلك أن بقية المجموعات ستُسجَّل تلقائيًا أيضًا إذا تذكّرتُ معلوماتها فحسب؟
لا أعلم على وجه اليقين، لكن…
مجرد التفكير بوجود طريق للخروج جعل قلبي يهدأ ولو قليلًا.
“……أوخ. ما هذا أيضًا؟”
تأوّه تومي بعدما ظلّ يتقيأ فترة طويلة.
أسرعتُ إليه.
“تومي، هل أنت بخير؟”
يبدو أن رسالة النظام التي قالت إنني سأتمكن من التصرّف بإرادة ‘هاينا’ لم تكن كذبًا.
على عكس السابق، حيث كنت لا أنطق إلا بالجُمل المحددة سلفًا، أصبحت الآن أستطيع الكلام بإرادتي.
“نعم. ما زالت معدتي مضطربة قليلًا، لكنني بخير. الأهم هو…”
تحرّكت عينا تومي في الفراغ.
لا، لم يكن فراغًا.
بالنسبة لي لم يكن هناك شيء، لكن تومي كان يرى شيئًا بوضوح.
“هاينا، ألا ترين هذا؟”
“……هذا؟ ماذا تقصد؟”
لم أكن أرى أي شيء مما كان يشير إليه.
“……هل صُدمتُ لدرجة أن عقلي تعطّل؟ فجأة صرت أرى شيئًا يشبه الكتابة.”
ضرب تومي رأسه بقبضته ضربتين خفيفتين.
كتابة؟
“ماذا يقول المكتوب؟”
وقبل أن يجيب، أطلقت روز أنينًا خافتًا ورفعت جسدها.
“روز، هل أنتِ بخير؟”
اقتربتُ أنا وتومي منها.
نهضت روز ببطء، تمرّر يدها في شعرها المبعثر، ثم رمشت وهي تحدّق في الفراغ.
وعندها أدركتُ فورًا.
هي أيضًا، مثل تومي، كانت ترى شيئًا ما.
“ما هذا…؟”
أشارت بإصبعها الرفيع إلى الهواء.
“لوح أزرق… وعليه كتابة غريبة……”
اتسعت عينا تومي عند سماعه كلامها.
“روز، أنتِ أيضًا ترينه؟”
وقبل أن ينهي جملته، قال زيون بوجه جاد.
“تومي، روز. هل تظهر لكما رسالة أيضًا؟”
“رسالة؟ تقصد تلك التي تتحدث عن شروط الإنهاء؟”
“نعم.”
“نعم، أراها.”
“وأنا كذلك.”
هزّ تومي وروز رأسيهما في آنٍ واحد.
هل بدأت رسائل النظام تظهر لهم أيضًا؟
لكن… لماذا أنا وحدي لا أرى شيئًا؟
الرسالة التي تحدث عنها تومي، رسالة شروط الإنهاء، لم تكن ظاهرة لي إطلاقًا.
“وأنتِ يا هاينا، هل ترينها؟”
سؤال زيون جعلني أومئ برأسي على الفور.
لو قلت إنني الوحيدة التي لا ترى شيئًا، فسيبدو الأمر مريبًا.
“من الآن فصاعدًا، أنتم ‘اللاعبون’. إذا حققتم أحد الشروط التالية، تُنهى اللعبة ويمكنكم مغادرة القصر.”
قرأ تومي الرسالة بوضوح، ثم تابع.
“شروط الإنهاء ثلاثة.”
وتولى زيون تعدادها.
كانت الشروط التي ذكرها هي…
1. الوصول إلى النهاية الحقيقية.
2. القضاء على االشرير الخفي.
اثنان فقط!
وقبل أن أعبّر عن دهشتي، أضاف زيون.
“الشرط الأخير… النص مشوَّه لدرجة لا يمكن قراءته.”
“الأمر نفسه عندي.”
“وأنا كذلك.”
كون النص مشوّهًا أمر يبعث على الريبة.
لكن ما كان أغرب من ذلك هو—
القضاء على الشرير الخفيّ…؟
هل كان في هذه اللعبة أصلًا شرير خفيّ؟
“أن نكون نحن اللاعبين… ما معنى هذا؟”
“يعني أننا محبوسون داخل لعبة، وللهروب من هذا القصر علينا تحقيق أحد شروط الإنهاء، أليس كذلك؟”
عند كلام تومي، انفجرت روز غاضبة.
“يحبسون الناس في مكان كهذا ثم يقولون لعبة؟ ما هذا العبث؟!”
“حقًا، الأمر تجاوز حدّه.”
“من يكون هذا، حتى يظن أننا سنساير هذه المزحة السخيفة؟”
قال تومي ببرود، ردًّا على روز التي أعلنت بوضوح أنها لن تنصاع لمثل هذا العبث أبدًا.
“وماذا سنفعل إذن؟”
“وماذا سنفعل غير الخروج من هنا فورًا.”
“لكن لا توجد طريقة للخروج.”
“هذا لأننا لو واصلنا التجوّل ولم—”
“لو كان التجوّل وحده كافيًا للخروج بسهولة، لما تكلّف ذاك الذي حبسنا هنا عناء كتابة شروط إنهاء اللعبة وعرضها علينا هكذا.”
عند ملاحظة تومي الحادّة، أطبقت روز شفتيها بصمت.
“في الوضع الحالي، لا يبدو أن أمامنا خيارًا سوى اتباع ما كُتب هنا من شروط إنهاء.”
بينما كان الثلاثة يتبادلون الحديث، أخذتُ أفكّر في هوية الشرير الخفيّ.
في النهاية الحقيقية من قصر الذكريات المفقودة، يُكشف سرّ القصر.
في الحقيقة، أشباح هذا القصر هم أفراد عائلة كلورنس الذين عاشوا فيه عبر الأجيال.
بعضهم لا يعلم حتى أنه مات، والبعض الآخر ما زال عالقًا هنا بسبب حقدٍ لم يُمحَ.
الشخصيات واللاعب يُفتنون بأشباح القصر ويُحتجزون هنا.
وفي النهاية الحقيقية، يعثر اللاعب على ‘الجرس الحابس للأرواح’ الذي كان ربّ عائلة كلورنس السابقة يحتفظ به.
وعندما يكتشف اللاعب أن الجرس كان يحتجز عددًا لا يُحصى من الأرواح، يقوم بتحطيمه، فتختفي الأشباح كلها، ويُفتح باب القصر الذي كان موصدًا.
هذه هي النهاية الحقيقية.
وأنا لم أبتكر يومًا شخصية شرير خفي.
إذًا، من المفترض ألّا يكون في هذه اللعبة شرير خفي من الأساس.
هل يعني هذا أن دخولي إلى داخل اللعبة أوجد شريرًا خفيًا لم يكن موجودًا؟ إن كان الأمر كذلك……
‘فلا بد أن أحد الشخصيات الثلاث غيري هو الشرير الخفيّ.’
من يكون بينهم؟
ولماذا تظهر الرسائل لهم ولا أراها أنا؟
في تلك اللحظة—
كِييييك—
دوّى في أذني صوت احتكاكٍ معدنيّ يبعث على القشعريرة.
التفت الجميع في آنٍ واحد نحو باب قاعة الطعام، حيث صدر الصوت.
الباب الذي لم ينفتح مهما دفعناه أو جذبناه، بدأ يُفتح ببطء.
ومن بين شقّه، امتدّ ظلّ داكن وخطا إلى الداخل.
“……”
“……”
شَعرٌ أسود كثيف، كأنه مقتطع من أعمق ظلمة في ليلٍ بلا نجوم.
عَينان بلون الدم تبعثان على الشؤم.
وبشرة شاحبة لا أثر فيها للحياة.
دخل رجلٌ أقرب إلى الشبح منه إلى إنسان حي.
ساد صمتٌ ثقيل. الجميع كان يحدّق فيه كما لو كان مسحورًا.
الشخص الذي كسر هذا الصمت الذي بدا أبديًا… كان أنا.
“ذاك! ذاك هو الشرير الخفيّ!”
صرختُ وأنا أشير إلى الرجل.
شخصية لم تظهر في اللعبة.
شخصية لم أقم بتصميمها.
لا شكّ أن الشرير الخفيّ هو ذلك الرجل.
لكن ما إن سمع كلامي حتى انتفض جسده، واتّسعت عيناه بدهشة تشبه عيني أرنبٍ فَزِع—
“شـ، شرير خفي؟ أنا؟”
سأل وهو يتلعثم.
نعم، أنت. من غيرك هنا؟
مظهره وحده يصرخ بالريبة، كأنه خُلق ليكون شريرًا خفيًا.
لكن تصرّفاته كانت بريئة إلى حدّ يثير الشك.
‘حتى لو مثّلت، فلن تنطلي عليّ.’
“لـ، لا! ليس أنا!”
لوّح الرجل بيديه نافيًا.
“هل… هل رأيتم أنتم أيضًا شروط الإنهاء مثلي؟”
عند سماع عبارة شروط الإنهاء، أطلق زيون وتومي صوت دهشة في الوقت نفسه.
“أنت أيضًا؟”
أومأ الرجل برأسه مرارًا.
“نعم. وتلقّيتُ مهمة وجئتُ إلى هنا.”
“مهمة؟”
“نعم. كُتب فيها أنه إذا ذهبتُ إلى قاعة الطعام والتقيتُ بلاعبين آخرين، سأحصل على دليل.”
“لاعبون آخرون… تقصدنا؟”
“يبدو ذلك.”
وما إن انتهى من كلامه حتى سقط ظرف رسالة فجأة من الهواء.
فتح الرجل الظرف وقرأ الرسالة بصوتٍ عالٍ.
“الدليل الأول. الشرير الخفيّ هو شخص لا وجود له في هذا المكان.”
أمال الرجل رأسه بحيرة.
“ما معنى هذا…؟ شخص لا وجود له؟”
“دعني أرى.”
اقترب زيون منه. وبعد أن قرأ الرسالة، قال:
“صحيح. هنا مذكور الدليل، وكذلك موقع الدليل التالي.”
“ماذا؟ أريد أن أرى أنا أيضًا.”
“وأنا!”
اقترب تومي وروز بدورهما، وراحوا يطالعون الرسالة.
“ما المقصود بشخص لا وجود له؟ أليس هذا يعني أن الشرير الخفيّ غير موجود هنا أصلًا؟”
“لا أظن ذلك، تومي. أعتقد أن المقصود ليس أنه غير موجود في هذا المكان، بل أنه شخص لا يمكن أن يوجد في هذا العالم من الأساس.”
“ماذا؟ شبح مثلًا؟”
“ربما.”
شخص لا يمكن أن يوجد في هذا العالم.
تفسير زيون عزّز شكوكي أكثر.
‘الشرير الخفيّ هو ذلك الرجل، بلا شك!’
لكن—
“إن كان ما كُتب هنا صحيحًا، فهذا الرجل ليس الشرير الخفيّ.”
قالت روز ما يناقض أفكاري تمامًا، فأربكني كلامها.
“روز، ماذا تقصدين؟”
“قيل إن الشرير الخفيّ شخص لا وجود له. كنتُ من شدّة الصدمة قد نسيت، لكن الآن تذكّرت… لقد التقيتُ بهذا الرجل عدّة مرات في الحفلات.”
التقت به من قبل؟
بهذا الرجل؟
وأضاف زيون مؤيدًا.
“وأنا أيضًا رأيته من قبل. أنتَ ديكير من عائلة الكونت ديميتير، أليس كذلك؟”
أومأ الرجل برأسه.
“هاينا، لماذا ظننتِ أن السيد ديكير هو الشرير الخفيّ؟”
هذه المرّة، وُجّه السؤال إليّ.
كان وجه زيون لا يزال لطيفًا، لكن في عينيه بريق شكٍّ حاد.
“ذلك لأن……”
تردّدتُ، لا أعرف ماذا أقول، وفجأة ظهرت نافذة اختيار.
[‘كان مجرد إحساس.’]
[‘لماذا تنظر إليّ بهذه النظرة المخيفة؟!’ (;ㅁ;)]
[‘قاسٍ جدًا يا زيون! من تعرف أكثر، أنا أم ديكير؟’]
*هذا اختيار يؤثّر مباشرة على مجريات اللعبة. يُرجى الاختيار بحذر.
…جنون. ما هذا؟
أطلقتُ ضحكة قصيرة خالية من المعنى.
أيعقل أن تُعرض عليّ هذه الخيارات الآن؟
أكثرها قبولًا هو الخيار الأول، لكن…
بحسب الإعداد الذي كتبته، زيون شخص هادئ، عقلاني، وموضوعي.
ولو قلتُ له إن السبب مجرد إحساس، فسيزداد شكّه بي لا محالة.
إذًا، ماذا عن الثاني أو الثالث؟
الثاني… البكاء والاعتراض على نظرته المخيفة لن يجدي نفعًا مع شخص يشكّ أصلًا.
أما الثالث؟
أنا أم ديكير؟
أي هراء هذا؟ لسنا في مشاجرة عاطفية!
لا خيار طبيعي هنا.
‘ألا يمكن تجاهل نافذة الاختيار؟’
حاولتُ فتح فمي لأجيب بجواب غير موجود في الخيارات، لكن لم يخرج صوت.
قوة خفية كانت تسدّ فمي بوضوح.
اللعنة.
لا مفرّ، عليّ أن أختار.
تجوّلت عيناي بين الخيارات عديمة الفائدة، ثم توقّفتا عند الأول.
‘على الأقل هو أفضل من 2 و3.’
اخترتُ الخيار الأول على مضض.
“كان مجرد إحساس.”
“…فهمت.”
أومأ زيون برأسه. بدا وكأنه تقبّل الإجابة، لكن—
[ارتفع مستوى شكّ ‘زيون’ تجاه ‘هاينا’ بمقدار 1.]
‘تبًّا.’
ظهرت دائرة سوداء فوق رأس زيون، تشير إلى مستوى الشك.
وعندما يصل مستوى شك أي شخصية إلى 5، يُفتح تلقائيًا مسار النهاية السيئة.
ما زلنا في البداية، ومع ذلك بدأتُ بتكديس الشك.
‘عليّ أن أكون أكثر حذرًا من الآن فصاعدًا.’
ظننتُ أن الأمر انتهى هنا، لكن—
“في الحقيقة… أنا أشكّ فيكِ يا هاينا.”
“…هاه؟”
لم ينتهِ الحوار مع زيون بعد.
التعليقات لهذا الفصل " 5"