عبستُ حين رأيتُ ضوء الشمس يلامس جفني المغلقتين بينما كنت أتقلب في فراشي.
…لم يكن من المعتاد أن يتدفق ضوء الشمس إلى الغرفة هكذا في الصباح.
فتحتُ عينيّ بتثاقل، فلمحتُ لمحةً ضبابيةً لسقفٍ غير مألوف.
على عكس غرفتي، كان أزرق وأبيض…
“…هاه؟”
فُزعتُ، و فتحتُ عينيّ على مصراعيهما.
حدّقتُ بنظرةٍ فارغةٍ في السقف غير المألوف الذي أصبح أكثر وضوحًا، ثم تنهدتُ أخيرًا بعد ثوانٍ قليلةٍ مُدركة ما حدث.
“آه، صحيح. لقد غيّرتُ غرفتي.”
فركتُ خدي بخجل، وشعرتُ بالإحراج من بطء أفكاري.
بدا لي أن عقلي لا يزال خاملاً من كثرة نومي العميق في ساعات الصباح الباكر.
“لم اكن أحلم حتى.”
لا بد أن الفجر كان قد حلّ أخيراً.
شعرتُ أن ضوء الشمس المتدفق من النافذة الكبيرة المطلة على الحديقة يبدو غريباً بعض الشيء.
“….”
رمشتُ و أنا أنظر إلى السماء الساطعة أصلاً، محاولة الجلوس ودفع السرير بذراعيّ.
“…آه.”
لكن ما إن حاولتُ، حتى تأوهتُ، وتجمد جسدي في مكانه.
‘يا إلهي… أشعر وكأن جسدي كله قد تعرّض للضرب.’
حتى المرة الأولى التي مارستُ فيها التدريب لم تكن مؤلمة بهذا القدر.
أخيراً، تمكنتُ من الجلوس و الاتكاء على الوسادة، وسحبتُ الغطاء فوقي.
تحت ضوء الشمس الساطع، لاحظتُ العلامات الحمراء و الأرجوانية التي تلطخ ذراعيّ، وكنتُ أخشى بالفعل كيف سيبدو باقي جسدي.
أطلقتُ ضحكةً جافة، ثم أدرت رأسي إلى الجانب الآخر من السرير.
هناك، كان إيان نائمًا بعمق، يواجهني بأنفاسٍ خفيفة.
‘إذن، بعد أن تركني على هذه الحال،فهو ينام بسلام، أليس كذلك؟’
تمتمتُ في داخلي، وأنا أحدق به.
‘.. يبدو أنه يحظى بنومٍ جميل.’
كانت هذه أول مرة أراه نائمًا في ضوء النهار الساطع. لم أرَه إلا لفترة وجيزة في جوف الليل خلال زيارتنا إلى القصر الصيفي، لكن الجو الآن بدا مختلفًا تمامًا.
كيف يمكن لوجه شخص نائم أن يبدو بهذه الروعة؟ ليس وسيمًا فحسب، بل أنيقًا. بدا كتحفة فنية.
بينما ما زلتُ ممسكة بالبطانية في يدي، انحنيتُ قليلًا، ومددتُ يدي نحوه.
شعره الفضي، الأشعث والمتطاير، يتلألأ كسطحٍ لامعٍ تحت أشعة الشمس.
مررتُ أصابعي بحرص على خصلات شعره، ثم على جبهته الناعمة وعلى جسر أنفه.
“….”
قبل أن تلمس أطراف أصابعي شفتيه الناعمتين، توقفتُ ورمشتُ، وأبعدتُ يدي.
أثناء مشاهدتي له و هو نائم بهدوء و سكينة، شعرتُ فجأةً برعشة في صدري.
كنتُ أعرف هذا الشعور جيدًا.
…الشخص الذي أحبه.
لم أستطع كبت ذلك الشعور، فتمتمتُ بهدوء: “الشخص الذي أحبه”.
رفعتُ ركبتيّ وأسندتُ رأسي عليهما، و واصلتُ مراقبة إيان و هو نائم بجانبي.
بدا لي غريبًا، و ثمينًا، رؤيته مستلقيًا هناك، ولم أُرد إضاعة هذه اللحظة في مجرد مراقبته.
“بالأمس فقط، قضيتُ اليوم كله أتألم بسببه…”
كان الأمر غريبًا.
في اللحظة التي استيقظتُ فيها وأدركتُ أنه بجانبي، بدت كل الشكوك العالقة والهموم التي لا تنتهي وكأنها تتلاشى بسهولة.
لم أُرد مفارقة هذا الرجل.
مع أنني لم أكن إلويز الحقيقية، بل كنتُ مجرد شخصٍ حلّ مكانها بالصدفة،
ومع كل ذلك، أحببته حبًا جمًا.
لدرجة أنني لم أعد أستطيع اعتبار هذا العالم مجرد خيال.
لذا، كانت النتيجة بسيطة.
‘عليّ إيجاد طريقة.’
طريقة للبقاء بجانبه طويلًا دون أن أُخرب عالمه.
“….”
لم أكن حكيمة ذات مبادئ عليا، أو بطلة قادرة على التضحية بنفسها من أجل خير العالم.
بالنسبة لي، كان وجودي مع من أحب هو الأهم.
ولكي يحدث ذلك، لا يُمكن تشويه عالمه أو تدميره بسببي.
“طريقة…”
بينما همستُ، وأنا أمدّ يدي لألمس شعره الفضي مجددًا،
امتدت يدٌ فجأةً و أمسكت بمعصمي دون سابق إنذار.
“آه!”
فزعت من اللمسة غير المتوقعة، فانتفضتُ، لأرى إيان يفتح عينيه الناعستين ببطء.
“الاستيقاظ على شخص يلمسني هكذا أمرٌ مزعج، كما تعلمين”
ماذا… ماذا؟!
منذ متى كان مستيقظًا؟
ولماذا شعرتُ أن قلبي على وشك الانفجار كما لو أنني ضُبطتُ وأنا أسرق؟
“متى لمستكَ من قبل؟ لقد لمستُ وجهك للحظة”
رددتُ متظاهرة باللامبالاة.
رمش إيان ببطء و عيناه لا تزالان مثقلتين بالنوم، و أخد هو يحدق بي.
…لماذا تنظر إليّ هكذا؟
هل تحاول إغوائي أم ماذا؟
شعرتُ بحرارة تتصاعد في خدي تحت نظراته المغرية الغريبة، فرفعتُ صوتي لأخفيها.
“م- مرة أخرى، أنت المخطئ يا إيان! الليلة الماضية، أنتَ-“
تجمدتُ في مكاني، قاطعة نفسي بلهفة مكتومة.
في اللحظة التي أدركتُ فيها معنى الهراء الذي تفوهتُ به، صمتتُ، وأغلقتُ شفتيّ بإحكام.
‘يا إلهي، ما خطب فمي؟ ألا أشعر بالخجل؟’
كان من الواضح أن عقلي لا يعمل بشكل صحيح بعد أن سهرتُ طوال الليل، مُعذبة و مُحرومة من النوم.
اجتاحني الإحراج، قلبتُ عينيّ بتوتر، فما كان من إيان إلا أن زفر من بين أسنانه، وجذبني من معصمي، وقلبنا معًا.
“آه!”
“ماذا فعلتُ الليلة الماضية تحديدًا، هممم؟”
همس صوته العميق في أذني، كان أجشًا و يبدو عليه أنه يستمتع.
أكثر من نبرته المُمازحة، أشعل عناقه القويّ ودفء جسده على جسدي وجهي.
“دعني أذهب.”
“ليس قبل أن تُنهي ما كنتِ تقولينه.”
“قلتُ دعني أذهب!”
دوي.
بكل قوتي، ضربتُ مرفقي في صدر إيان و تحررتُ منه بسرعة.
أطلق إيان تأوهًا مؤلمًا، مُلتفًّا قليلًا.
آه لا. هل ضربته بقوة زائدة؟
بسبب ذعري، يبدو أنني أخطأتُ في تقدير قوتي بوضوح.
“هل أنتَ… بخير؟”
انحنيتُ نحوه بتردد، أكثر من شعوري بالذنب، باحثة عن أي علامات ألم حقيقي.
“آه…”
“هل تتألم؟!”
اتسعت عينيّ قلقًا، ظننتُ أنني ربما آذيته بشدة. فجأة، رفع إيان رأسه دون سابق إنذار وطبع قبلة سريعة على أنفي.
تجمدتُ في مكاني.
“…ما هذا؟”
“ما رأيك؟”
أجاب بوقاحة، و استغرقني ثانية لأستوعب ما حدث للتو.
تجهم وجهي من دهشة.
“انتظر، هل كنتَ تمثل؟!”
“لقد آلمني قليلًا.”
كان بارعًا في المبارزة، لا يمكن لضربة كهذه أن تُؤذيه.
تجاهل نظرتي العابسة، وضحك بخبث، وجلس وانحنى نحوي. ثم طبع قبلات على جبيني، وجفوني، وأنفي، وحتى شفتيّ، واحدة تلو الأخرى، كما لو كان يحدد ملكيته.
“الآن تعادلنا.”
“…آه.”
خرجت من شفتيّ تنهيدة عاجزة.
في هذه اللحظة، لم يعد وصف إيان كلاود بـ”الروبوت البارد” دقيقًا.
كان الرجل الذي يبتسم أمامي الآن أشبه بثعلب ماكر.
“هل نمتِ جيدًا؟” سأل.
“تأخرتَ قليلًا على سؤالك هذا، أليس كذلك؟”
تذكرتُ بوضوح أنني رأيتُ الشمس تشرق قبل أن أنام أخيرًا. لو كان يهتم بذلك، لربما كان عليه أن يدعني أنام مبكرًا.
نسيتُ اعترافي السابق الصادق للحظة، ونظرتُ إليه بنظرة حادة.
لكن إيان بدا غير منزعج على الإطلاق.
“…ماذا عنك؟ هل نمتَ جيدًا؟”
تمتمتُ على مضض.
ردّاً على ذلك، عانقني برفق، دافنًا وجهه في شعري.
“أجل. نادراً ما يكون الأمر بهذه الروعة، كما ترين.”
“لماذا تعانقني مجدداً…؟”
منذ متى أصبح إيان كلاود عاطفياً إلى هذا الحد؟
شعرتُ بتوترٍ في كتفيَّ مجددًا، فتمتمتُ في سرّي.
ضحك ضحكةً خفيفة، ودغدغت ضحكته أذني.
“الليلة الماضية يا إلويز، ظللتِ تطلبين مني أن أعانقكِ…”
“توقف!”
كان من الواضح أنه عازمٌ على تحويلي إلى حبة طماطم في هذا الصباح.
بوجهٍ مُحمرّ للغاية، صفعتُ فمه بيدي لإسكاته. اتسعت عينا إيان للحظة قبل أن ترتسم على وجهه ابتسامةٌ مستمتعة.
سحب يدي برفق، و هز كتفيه.
“حسنًا، حسنًا. حان وقت الاستيقاظ الآن. الشمس مرتفعةٌ بالفعل في السماء.”
“…لا بأس.”
أكدت نظرةٌ واحدةٌ من النافذة أن الوقت قد تجاوز الظهر بكثير.
لو لم يأتِ الخدم لإيقاظنا الآن….
“يا إلهي، هذا مُحرجٌ للغاية.”
شعرتُ بحرارةٍ تسري في رقبتي من جديد، فشاهدتُ إيان، وقد ارتدى رداءً، ينهض من السرير. التفت إليّ بتعبيرٍ عابرٍ وسألني
“هل ترغبين بالانضمام إليّ في الحمام؟”
“اخرج!!!”
ارتطمت الوسادة التي رميتها بوجهه مباشرةً.
دوت ضحكة إيان الخافتة و هو يغادر.
❖ ❖ ❖
“آه، ظهري…”
في النهاية، حملني إيان إلى الحمام كعروس، ولم أتناول الفطور – أو بالأحرى الغداء – إلا في وقتٍ متأخرٍ من بعد الظهر.
فركتُ ظهري المُتؤلِم، و جلستُ على الكرسي في المكتب.
على الرغم من الفوضى التي حدثت في وقتٍ سابق، كان المكتب نظيفًا تمامًا، وكأن شيئًا لم يحدث.
“….”
حدقتُ بشرود في المكتب المرتب، وراجعتُ ببطءٍ الأفكار التي كنتُ أتأملها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 159"