في هذه الأثناء، كان إيان، الذي لا يزال ينتظر ردي، يُركز بنظره عليّ بينما كنتُ أقف متجمدة، و شفتاي مطبقتان بإحكام. تشبثت عيناه اللازورديتان العميقتان بي، بشكل ثابت.
‘مهلا، لماذا هو يتقدم بسرعة؟’
لم تكن هذه مجرد خطوة للأمام؛ بل شعرتُ وكأننا تخطينا عشر خطوات دفعة واحدة. شعرتُ بحرارة في مؤخرة رقبتي رغم برودة الطقس، وتلعثمتُ في حالة من الارتباك.
“حسنًا، همم، إيان…”
“نعم، إلويز.”
حتى الآن، كان صوته وهو ينادي اسمي منخفضًا وآسرًا.
أغمضت عينيّ بقوة.
“حسنًا، أعني… نعم، لقد قبّلنا بعضنا في الحديقة سابقًا، وتقنيًا، نحن متزوجان! لكن، ألا تعتقد أن هذا تقدم سريع و كبير بالنسبة لنا؟ أنا… أحتاج بعض الوقت لأُجهّز نفسي…”
لم أظن أنني شخصٌ يُعاني في التحدث بهذه الطريقة. لكن الطريقة التي تلعثمتُ بها وارتجفتُ بها، و وجهي مُحمرّ كالبنجر، ربما بدوتُ سخيفة لغاية لأي شخص يراني.
قبل أن أُكمل جملتي بشكل صحيح، نظرتُ بتردد إلى إيان، مُحاولةً قياس رد فعله. كان يُحدّق بي بنفس الاهتمام كما كان من قبل.
ثم أمال رأسه قليلًا.
“أتقدم بسرعة كبيرة؟ ماذا تقصدين؟”
“…ماذا؟”
“لا أفهم تمامًا كيف يُمكن اعتبار مرافقتك إلى غرفتك تقدما بسرعة كبيرة.”
كانت نبرته الثابتة هادئة كعادتها.
وهنا أدركتُ – لم يكن إيان هو من تسرع. بل كان خيالي. عندما أدركت كم قفزتُ في أفكاري سابقاً احمر وجهي
‘هل عليّ أن أكبح جماح نفسي؟’
للحظة، خطرت لي فكرةٌ مُقلقة، لكنني حاولتُ بسرعة استعادة رباطة جأشي، بينما أنا أُصفّي حلقي بحرج.
“أوه، همم… ما قصدته هو…”
“……”
“أنتَ مُرحب بك! تفضل بالدخول، بكل تأكيد، ههه.”
كلما حاولتُ إخفاء إحراجي، زادَ كلامي سخافة. أجبرتُ نفسي على الضحك من كل قلبي، ثم بحثتُ عن مقبض الباب وفتحتُه بقوة مُبالغ فيها.
“…بكل تأكيد.”
كرر إيان كلماتي بهدوء، و ظننتُ أنني لمستُ لمحةً من المُزاح في صوته. لكنني كنتُ مُرتبكة جدًا بحيث لم أُفكر في الأمر.
“إذن، معذرة.”
“…نعم-نعم.”
مددتُ يدي بإحراج إلى إيان، الذي أخذها بهدوءه المعتاد وهو يرافقني إلى الغرفة.
حالما دخلنا، أُغلق الباب بهدوء خلفنا.
“….”
كانت الأنوار مضاءة، والغرفة لم تكن تُشبه جناح شهر العسل الذي أقمنا فيه خلال زيارتنا إلى نوموس. مع ذلك، كنتُ متوترة لدرجة أنني بالكاد استطعتُ الحركة.
‘لماذا أنا متوترة هكذا؟ إنه يرافقني فقط، لا أكثر!’
أردتُ أن أصفع نفسي على سخافة تصرفي.
غافلاً عن اضطرابي الداخلي، قادني إيان عبر الردهة في غرفتي، نحو غرفة النوم على اليمين.
‘بالتفكير بالأمر، هذه أول مرة يأتي فيها إيان إلى هنا.’
خلال عامين من زواجنا القصير والطويل، لم نتدخل ولو مرة واحدة في خصوصيات بعضنا البعض.
تلك الفكرة جعلت التوتر، الذي خفّ للحظة، يتسرب إلى جسدي كله.
‘لماذا أعلق كل هذا المعنى في هذا الموقف؟ تمالكي نفسك!’
هززت رأسي قليلاً في محاولة لتصفية ذهني.
قبل أن أدرك ذلك، كان إيان قد أحضرني إلى أسفل السرير وأجلسني برفق.
“الآن وقد فكرت في الأمر، كان هناك شيء أريد قوله.”
نظر إليّ، بنظرة فاتر.
ابتلعت ريقي بتوتر، لا أعرف سبب توتري الشديد.
“…ما الأمر؟”
عندما سألته بحذر، أمسك إيان، الذي كان يحدق بي في صمت، بيدي.
لمع الخاتم الذي وضعه في إصبعي سابقًا بشكل خافت تحت ضوء القمر المتدفق من النافذة.
قرّب يدي من وجهه، ثم ضغط شفتيه بعمق على راحة يدي.
وحتى وهو يفعل ذلك، ظلت عيناه مثبتتين على عيني.
انتفضتُ من ملمس شفتيه الناعم على بشرتي.
“إيان؟”
بعد ترددٍ للحظة، رفع شفتيه ببطءٍ وفرك إبهامه على المكان الذي قبّله.
“أدركتُ أنني لم أقل هذا طوال اليوم.”
“….”
“عيد ميلاد سعيد إلويز.”
“…آه.”
وجدتُ نفسي أحدّق به بنظرةٍ فارغة، وفمي مفتوحٌ قليلاً.
لقد تخلّيتُ منذ زمنٍ عن محاولة الحفاظ على تعبيرٍ محايد.
‘هذا يقودني للجنون.’
لماذا كان يقول شيئًا بهذه البساطة بهذا التعبير وهذه الأفعال؟
هل يحاول إغوائي علنًا؟
هل هذا كل ما في الأمر؟
لم أستطع إخفاء حيرتي، فحدقتُ به في ذهول وهو يضيف بنبرةٍ عفوية:
“أنا سعيدٌ لأنني تمكنتُ من قول ذلك قبل نهاية اليوم. على الأقل بما أنني لم أحتفل بعيد ميلادكِ مسبقاً.”
بدا أنه يُقرّ أخيرًا بمدى إهماله لإلويز خلال العامين الماضيين.
“…أشعر أنني يجب أن أشكرك، ولكن قبل ذلك…”
أشرتُ إلى اليد التي كان لا يزال يُمسكها.
“هل يُمكنك أن تُفلت هذه أولًا؟ إنه فقط…”
أشعر وكأنني على وشك الموت من الإحراج.
للأسف، لم يبدُ إيان راغبًا في الامتثال. بدلًا من أن يُفلت يدي، انحنت شفتاه في ابتسامة باهتة.
“أجد صعوبة في الانفصال.”
“ماذا…!”
لماذا يتصرف هكذا؟ هل هذا حقًا إيان كلاود؟ أم هو كائن فضائي يُقلّده؟
التغيير الجذري في تصرفاته، الذي يتجاوز مجرد إصراره، ترك عقلي فارغًا.
كنتُ أشعر بدوار شديد لدرجة أن مجرد الجلوس على السرير كان بمثابة محنة.
لم أصدق أنني أشاهد إيان كلاود يغازلني، وأن هدفه كان أنا.
في النهاية، لم أستطع مقابلة نظراته. فأغمضت عينيّ بإحكام وأدرت رأسي بعيدًا.
“انتظر يا إيان. انتظر فقط.”
“…..”
“أنا منهكة جدًا الآن، فهل يمكننا التوقف هنا؟”
أشعر وكأنني سأموت.
تدفقت الكلمات مني، وكأنها توسلات.
بالأمس فقط – أو حتى قبل ذلك اليوم – كان كل شيء على ما يرام. كيف يُمكن لاعتراف واحد أن يُفقدني توازني إلى هذا الحد؟
لم أكن بحاجة حتى إلى مرآة لأعرف أن وجهي كان أحمر كحبة طماطم.
أخيرًا، إيان، الذي كان يراقبني بصمت، ترك يدي دون جدال.
من خلال عينيّ المغمضتين، شعرتُ به يتراجع خطوة إلى الوراء.
“…..”
عندما فتحتُ عينيّ بحذر، كان إيان ينظر إليّ بابتسامة خفيفة.
“حسنًا. لنتوقف هنا – لليوم.”
كان صوته الخافت يحمل لمحة من التسلية.
ألقى نظرة سريعة في أرجاء الغرفة قبل أن يعاود الكلام.
“حسنًا إذًا، سأغادر.”
“…..”
“ليلة سعيدة إلويز.”
كانت طريقة نطقه لاسمِي مُوحية للغاية.
كان من الواضح أنه يستمتع بردود أفعالي منذ البداية.
“…وأنت أيضًا يا إيان.”
بالكاد تمكنتُ من الرد بصوتٍ خافتٍ مرتجف، أغلقتُ فمي مجددًا.
بعد ترددٍ لبضع ثوانٍ، استدار إيان بهدوء وغادر الغرفة.
سمعتُ خطواته تبتعد، تبعها صوتُ إغلاق الباب الخفيف. حينها فقط أطلقتُ أنفاسي التي كنتُ أحبسها.
“كدتُ أموت.”
مع زوال التوتر عني، شعرتُ بإرهاقٍ شديد. تركتُ نفسي أسقط على السرير.
كان قلبي لا يزال ينبض بعنف.
“…..”
حدّقتُ في السقف بنظرةٍ فارغة، و رفعتُ يدي لأغطي وجهي.
شعرتُ بحرارةٍ شديدةٍ في خدي وجبهتي.
“…ماذا سأفعل؟”
لم أعد أستطيع تجاهل الأمر.
❖ ❖ ❖
في صباح اليوم التالي.
“آه.”
دون أن يوقظني أحد، نهضتُ وتمددتُ.
“أنا مستيقظة في هذا الوقت المبكر….”
على الرغم من أنني قضيتُ اليوم كله في التحضير للاحتفال، واستضافة الضيوف طوال المساء، والتقلّب في فراشِي حتى الفجر، لم أشعر بالتعب. في الواقع، شعرتُ بخفّةٍ غريبةٍ في جسدي.
أعتقد أنني أعرف السبب.
لم أرغب في الخوض في السبب، فتجاهلته واستعددت قبل التوجه إلى المكتب.
بعد انتهاء الاحتفالات، كان هناك جبل من العمل ينتظرني.
“عليّ أن أبدأ الاستعداد لفصل الشتاء، وأن أضع ميزانية العام المقبل…”
راجعتُ المهام التي تنتظرني وأنا جالسة على مكتبي.
على الأقل، كان عليّ إنجاز شيء ما قبل الإفطار.
مددت يدي إلى قلم الحبر السائل الذي كان مطروحًا على جانب المكتب، لكنني توقفتُ فجأة.
“…هاه؟”
على الرغم من أن فيفي نظفت المكتب جيدًا بالأمس، إلا أن هناك ظرفًا غريبًا موضوعًا في المنتصف.
هل تركته فيفي هنا؟
بينما التقطته بفضول، أدركتُ شيئًا غريبًا – بدا مألوفًا بشكل غريب.
“هذه…”
كانت هي نفسها الرسالة المخبأة في رف كتب إلويز، رسالة لم يُكتب عليها اسم المُرسِل.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات