مع شعورٍ بالدوار و ضبابية خافتة في رؤيتي، تغير المشهد أمامي تدريجيًا – مكانٌ مألوفٌ وشخصياتٌ ظهرت.
كانت غرفة الاستقبال، يلفها ضوءٌ خافت. في الخارج، كانت السماء مغطاةً بسحبٍ رماديةٍ كثيفة، ووقفت إلويز بجانب النافذة، تحدق إلى الأعلى بهدوء.
“….”
كان تعبيرها كئيبًا وجافًا كالسماء الشاحبة في الأعلى.
كان إيان يقف على بعد مسافة قصيرة ، ويداه متشابكتان خلف ظهره بينما يتحدث بنبرةٍ رسميةٍ خاليةٍ من الدفء.
“إذن، هل هذا كل ما أردتِ قوله؟”
“نعم. أنا لستُ على ما يرام وأودُّ أن أستريح قليلًا.”
“هل يكفي يومان؟”
“…ربما.”
“كان بإمكانكِ ذكر هذا أثناء الإفطار.”
عند رؤية هذا المشهد، لم يسعني إلا أن أتذكر كيف كان إيان.
‘حسنًا، هكذا كان حقًا.’
نسيتُ الأمر للحظة، نظرًا لتغيره في الآونة الأخيرة.
وفي تلك اللحظة، فهمتُ أخيرًا لماذا شحب وجه فيفي و ارتجفت عندما ابتسمتُ لها بعد انتقالي مباشرةً.
على الرغم من هدوئها و رشاقتها، بدت إلويز وكأنها ضعيفة، كما لو أنها ستذبل في أي لحظة.
لا عجب أن الرواية وصفت إلويز بأنها “امرأة ذات طبع شاحب يتناسب مع شعرها الرمادي.”
-“مفهوم. إذن، يمكنك الراحة بسلام.”
-“نعم.”
بكلمات الوداع القصيرة تلك، غادر إيان غرفة الدراسة. كان تصرفه باردًا وقاسيًا كريح قارسة.
‘ذلك الرجل…’
عادت ذكريات إيان السيئة إلى ذهني، فقبضتُ قبضتي بقوة.
مع بدء تساقط قطرات المطر على النافذة، دخلت فيفي الغرفة بحذر، و وقفت بهدوء خلف إلويز.
-“سيدتي، هل تحتاجين إلى شيء…؟”
– “خادمتي.”
قاطعت إلويز فيفي، والتفتت إليها ببطء. عكست عيناها الزرقاوان الخافتان الضوء الخافت، فبدا لونهما رماديًا تقريبًا.
ارتجفت فيفي عندما رمقتها إلويز بنظرة لا مبالية قبل أن تعيد النظر إلى النافذة.
– “هل تعتقدين حقًا أنني أنتمي إلى هنا؟”
– “عفوًا؟ ماذا تقصدين…؟”
– “لا بأس.”
بدا ارتباك فيفي واضحًا وهي تتلعثم. تنهدت إلويز بهدوء، مشيرةً إليها بالمغادرة.
ترددت فيفي على مضض، و ألقت نظرة خاطفة على إلويز بتوتر قبل أن تخرج أخيرًا وتغلق الباب خلفها.
“….”
بعد أن غادرت فيفي، وقفت إلويز ساكنة لبرهة، غارقة في أفكارها، قبل أن تتحرك ببطء. خرجت من غرفة الاستقبال وصعدت الدرج إلى مكتب مألوف.
اقتربت من رف الكتب الثاني على الحائط، وأخرجت كتابًا سميكًا.
كان منظره مألوفًا لي أيضًا.
“هذا… دفتر إلويز. هل ستكتب شيئًا آخر؟”
لكن تصرفات إلويز خالفت توقعاتي تمامًا.
عندما أخرجت الكتاب، كاشفةً عن مساحة فارغة خلفه، مدت يدها و تحسست ما حوله. وبنقرة، انفتح جيب مخفي في رف الكتب.
اخدت إلويز منه مجموعة من الرسائل. اختارت واحدة وفتحتها.
في تلك اللحظة بالذات—
“…إيان.”
“….”
“…سيدتي؟”
أفزعني شعورٌ مفاجئٌ بالدفء على كتفي، فارتعدتُ.
التفتُّ لأجد إيان ينحني، يحدق بي بقلق.
التناقضُ الصارخ بين سلوكه الحالي والسلوك الذي رأيته للتو في الرؤية جعل من الصعب عليّ التوفيق بينهما.
‘من الصعب تصديق أنهما الشخص نفسه.’
بينما كانت ذكرى وجه إلويز تثقل كاهلي، أزعجني تعبير إيان الحائر بطريقةٍ ما. رفعتُ حاجبي إليه.
“…هل انتهيتَ من قياساتك؟”
“لقد عدت للتو بعد أن انتهيتُ .”
لم أستطع إخفاء شكوكي من رده، ورمشتُ بضع مرات، لأدرك فجأةً أن فنجان الشاي في يدي قد برد تمامًا، و برودته اخدت تتسرب الآن إلى راحة يدي.
خفضتُ نظري ببطء، فرأيتُ بعض أوراق الشاي تستقر وتطفو في السائل البارد.
‘هل مرّ الوقت مجددًا؟’
هذا مُحبط.
في هذه اللحظة، بدأتُ أُفكّر بجدّية إن كانت فيفي مُحقّة في استدعاء طبيب أو ربما حتى في استكشاف علاجات سحرية كما فعلت إلويز.
بينما تنهّدتُ في داخلي، ناداني إيان.
“سيدتي.”
“آه، اسفة. كنتُ غارقة في أفكاري للحظة.”
“إن لم تكوني على ما يُرام، فربما علينا التوقف هنا لليوم “
قال بهدوء، بنبرة رقيقة على غير العادة.
عندما التقت نظراتنا، رأيتُ عينيه الزرقاوين تُثبّتان عليّ بثبات، يُنيرهما الضوء من خلفه.
‘هل هذا حقًا هو نفس الرجل الذي رأيته للتو في تلك الرؤية؟’
“لا، أنا بخير.”
وضعتُ فنجان الشاي، ونهضتُ. تبعتني نظرة إيان باهتمام، كما لو كان يثقب وجهي.
كان يكاد يحدث حفرة فيّ.
تجاهلتُ نظرته، والتفتُ إلى السيدة زيد، التي كانت تقف على بُعد خطوات قليلة، تراقبنا.
“سيدة زيد، هل انتهيت من قياسات سموه؟”
“أجل، لقد قستُ كل شيء بدقة، فلا داعي للقلق. لكن، سموكِ، هل أنتِ متأكدة أنكِ بخير؟ إذا كنتِ مريضة، يُمكننا—”
“لا، لنكمل الآن.”
قاطعتُها، دون أن أترك مجالًا للجدال.
نظرت إليّ السيدة زيد للحظة، ثم تراجعت خطوةً إلى الوراء وأومأت برأسها مستسلمةً.
“حسنًا. من فضلكِ، من هنا.”
بينما خطوتُ خطوةً لأتبعها، أوقفتني لمسةٌ مألوفة.
التفتُ، فرأيتُ إيان يمسك بيدي، بينما يظهر عبوس خفيف على وجهه.
“سأنتظر هنا.”
“لا بأس، مع أنني لا أعتقد أنني سأعود قريبًا،” أجبتُ بمزاح وأنا أدير ظهري.
❖ ❖ ❖
قامت السيدة زيد بقياس طولي أسرع من المعتاد. بمجرد أن غادرت، رفضتُ اقتراح إيان بشرب الشاي معًا، وذهبتُ مباشرةً إلى غرفة المكتب.
لن أشرح كثيرًا كيف تجعد تعبير وجه إيان كقطعة ورق عندما رفضتُه بحزم.
“آسفو، لكن لديّ أمور أكثر إلحاحًا الآن.”
التأمل في المسألة وحدها لن يحل شيئًا. كان عليّ البحث عن شيء، أي شيء، لأجمع أجزاء هذه الأحجية – سواء كانت طريقة للعودة إلى عالمي الأصلي أو شيئًا آخر تمامًا.
حتى الآن، لم أشعر إلا بالعجز، دون أي خيوط أتبعها. ولكن أخيرًا، ظهر دليل.
تذكرتُ تلك الرؤية، فاقتربتُ من رف الكتب الثاني وأخرجتُ دفتر إلويز. حدّقتُ في الفراغ خلفه، وتمتمتُ في نفسي.
ضغطتُ عليه بقوة، فسمعتُ صوت طقطقة، وانكشفت حجرة صغيرة مخفية.
في الداخل، كانت هناك حزمة ضخمة من الرسائل.
“…وجدتها.”
مددتُ يدي و سحبتها.
كانت الرسائل مربوطة بخيط متين، مرتبة ترتيبًا زمنيًا، بدءًا من الأقدم.
ذهبتُ إلى المكتب، و فككتُ الحزمة و وزعت الرسائل.
بناءً على خط اليد المتناسق، بدا أنها مُتبادلة مع شخص واحد. مع ذلك، لم تكن هناك أي معلومات تعريفية على الأظرف – لا توقيعات، ولا أختام شمعية، ولا أي شيء مميز.
أخذتُ إحدى الرسائل اللافتة، وفتحتها وبدأتُ بقراءتها.
اتسعت عيناي.
“لقد استلمتُ رسالتكِ. لكن المغادرة لن تكون سهلة. مع أنني أتمنى حريتكِ، إلا أن والدكِ و زوجكِ لن يسمحا لكِ بالرحيل على الأرجح. بالنسبة لهما، أنتِ “مفيدة” أكثر من اللازم، أليس كذلك يا إلويز؟”
‘….كان لديها شريك؟’
مع أنني لم أستطع فهم وجهة نظر إلويز في الرسائل، إلا أنه كان من الواضح أن الكاتبة كانت تناقش طرق “الاختفاء”.
‘هل ساعد أحدهم الدوقة على الاختفاء؟’
ولكن من؟
قبل أن أستوعب الفكرة تمامًا، لفتت انتباهي رسالة أخرى.
بدا أنها الأحدث، مؤرخة قبل بضعة أشهر فقط – قبل أسابيع فقط من امتلاكي لجسد إلويز.
“أنا سعيد لأن الطريقة التي ذكرتها ساعدت. كما قلتُ سابقًا، لا أريد أي مقابل. كل ما أريده منك هو أن أبقى صديقًا جيدًا لك.”
“ثقتكِ بي هي كل ما أحتاجه منك. تذكري، أنا دائمًا إلى جانبك. بكل مودة.”
‘بكل مودة…’
الغريب أنه لم يتم تبادل أي رسائل بعد هذه الرسالة، مما يوحي بأن إلويز قد اتخذت إجراءً ما بعد استلامها.
ولا بد أن هذا الإجراء هو ما أدى إلى وجودي هنا.
السؤال الحاسم الآن هو: من ساعد إلويز، وماذا فعلت تحديدًا لتتبادل الأجساد معي؟
أعدت قراءة الرسالة، متوقفة على كلمة واحدة بدت عالقة في ذهني.
‘… صديق.’
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل "133"