في الغرفة، كان يجلس حولها عدد من الطلاب الذين بدوا في سن ديانا تقريبًا، بالإضافة إلى عدد قليل من الطلاب الذين بدوا أكبر سنًا بقليل.
‘الطلاب الأكبر سنًا… يبدون أصغر من أن يكونوا أساتذة. هل هم مساعدو تدريس؟’
قبل أن أُنهي أفكاري، دوى صوت ديانا الحاد، مُلفتًا الانتباه.
“لا أقبل هذا!”
كان صوتها قويًا لدرجة أن جميع من في الغرفة ارتجفوا في آنٍ واحد.
لكن ديانا نفسها ظلت غاضبة، تنظر إليهم جميعًا بعيونٍ ملتهبة.
“لم تخسر تشيلسي المركز الأول في قسم الأزياء ولو لمرة واحدة خلال العامين الماضيين. من المرجح أنها ستحافظ على هذا المركز حتى التخرج! فكيف يُعقل ألا أكون معها؟ ليشرح لي أحدٌ من قسم الأزياء هذا!”
بينما كانت تُلقي نظرةً غاضبة على مجموعة من الطلاب، أشاح معظمهم بنظراتهم، وكانوا يشعرون بعدم الارتياح بوضوح.
كانت امرأة، بدت أكبر سنًا بقليل من البقية، تتصبب عرقًا بتوتر وهي تحاول تهدئة ديانا.
“لكن يا ديانا لورانس، تشيلسي غير متوافقة ثقافيًا معكِ. من ناحية أخرى، ميريش وينترميلد أكثر ملاءمة للتعاون معكِ. لقد قامت لجنة التحضير للتخرج بدراسة الأمر جيدًا…”
“حقًا؟ منذ متى كانت ميريش وينترميلد متوافقة معي؟ لا يوجد بيننا شيء مشترك سوى جنسيتنا!”
“حسنًا…”
“كفى لفًا ودورانًا. ما تقصدينه حقًا هو أن تشيلسي، كونها لاجئة من الأراضي الشمالية، لا يمكن أن تكون شريكة لي لأنني من نبلاء ليفانت!”
سعلت المرأة سعلة محرجة، وقد انهارت أعذارها السابقة تحت وطأة كلمات ديانا اللاذعة.
ضحكت ديانا ضحكة غير مصدقة.
“متى بدأت هذه المدرسة بالتمييز على أساس الخلفية والمكانة الاجتماعية؟ ماذا حدث لمبادئ أول رئيس للجامعة؟”
“ديانا لورانس، هذا ليس تمييزًا في التعليم. الأمر يتعلق بضمان تواصل سلس بين الطلاب العاملين على مشاريع تخرجهم—”
“لقد سمعت ما يكفي!”
“….”
“إذا كنتُ مع تشيلسي، فسيكون على ميريش وينترميلد أن تتعاون مع شخص آخر من عامة الشعب، وأنتِ تحاولين تجنب الشكاوى من هذا الجانب، أليس كذلك؟”
ضربت ديانا يدها على المكتب بقوة. بعد أن أطلقت تنهيدة طويلة، مررت يدها بعنف في شعرها.
“أنا مرعوبة لأن ما يسمى بلجنة مشاريع التخرج تشجع هذا النوع من التمييز بين الطلاب. سأقدم شكوى رسمية إلى المدرسة بشأن هذا. كونوا مستعدين!”
أطلقت تحذيرها، ثم التقطت الملف من على المكتب، واستدارت، واتجهت مباشرة نحو الباب حيث كنت أقف.
‘آه لا، ستقابلني!’
انحنيتُ بسرعة مذعورة و أنا أحاول الاختباء. رغم عدم وجود أي صلة شخصية بيننا، كانت ديانا تُدرك تمامًا هويتي. فبصفتها نبيلة رفيعة المستوى وشخصية اجتماعية مرموقة، كان من المستحيل ألا تتعرف ديانا على وجه إلويز.
أسندتُ ظهري على الحائط، ومددتُ يدي بسرعة لألتقط قلادتي.
‘من حسن حظي أنني تذكرتُ ارتداءها.’
منذ وصولي إلى نوموس، كنتُ أرتدي القلادة السحرية التي أهداني إياها كايل، تحسبًا لإخفاء هويتي.
ركزتُ بسرعة على تغيير مظهري، فحركتُ الحجر الكريم على القلادة إلى اليمين مرتين. تحول شعري الطويل الرمادي إلى بني فاتح ناعم بالكاد يصل إلى كتفي.
“…هذا يكفي.”
تمكنتُ من الاختفاء بهدوء هكذا. وبينما كنتُ أتنهد بارتياح، سمعتُ صوت ديانا فجأة.
“من هناك؟”
“آه.”
تجمد جسدي من صوتها للحظة فقط.
بعد أن استعدتُ رباطة جأشي، التفتُّ نحوها ببطء دون أن أُبدي أيَّ ذعر.
“آه، أهلاً.”
بالكاد تمكنتُ من إلقاء التحية قبل أن أتجمد في مكاني مجددًا. على الرغم من أنها أطلقتُ تنفسا عنيفًا، إلا أن أثرًا خفيفًا من الغضب لا يزال يرتسم على وجهها الناعم.
ومع ذلك، كانت وجنتاها المستديرتان، وعيناها الأكثر استدارة، وملامحها الرقيقة التي يُحيط بها شعرها الوردي بلون أزهار الكرز، تتألق بشدة تكاد تُبهر البصر. كان الأمر كما لو أن كل نور العالم قد وُجد لها وحدها.
‘يا إلهي…’
إذن هذا هو شعور أن تُخطف أنفاسك.
عند رؤية شخصيتي المفضلة في الحياة الواقعية كانت تبدو أكثر من ساحرة.
حدّقتُ بها بانبهار، مسحورة تمامًا، وقبل أن أُدرك ذلك، تنهدتُ بهدوء إعجابًا.
“آه… إنها حقيقية…”
ما إن خرجت الكلمات، حتى وضعت يدي على فمي بسرعة.
لحسن الحظ، بدا أن ديانا لم تسمعني من مكانها. نظرت إليّ بفضول، كما لو كانت تتساءل عن سبب تصرفي الغريب، واقتربت ببطء.
“هل أنتِ بخير؟ لا تبدين بخير.”
لا تقتربي، لا تقتربي! سيُعميني بريقكِ!
مع ذلك، ديانا، غافلة عن توسلاتي الداخلية اليائسة، استمرت في الاقتراب بخطوات ثابتة وتعبير قلق، حتى أنها انحنت لتنظر إليّ. كلما اقتربت، وجدت نفسي عاجزة عن مقابلة نظراتها، فأشحت برأسي جانبًا. شعرتُ بحرقة في أذنيّ.
“آه، لا، لستُ مريضة أو شيء من هذا القبيل. لقد تهتُ قليلًا…”
“أنتِ ضائعة؟”
نظرت ديانا خلفها نظرة خاطفة وأمالت رأسها في حيرة.
“هذا المكان ليس معقدًا لهذه الدرجة. هل أنتِ طالبة جديدة؟”
كان وجهها لطيفًا و ناعمًا لدرجة أنه كان من الصعب تصديق أنها كانت تصرخ كالأسد قبل لحظات. هززتُ رأسي بسرعة.
“لا، لستُ طالبة جديدة… كنتُ هنا في جولة اليوم. كنتُ في طريقي إلى البوابة الأمامية.”
“آه! أرى، لا بد أنكِ طالبة زائرة.”
صفقت ديانا بيديها وهي تُدرك ما حدث، ثم ابتسمت ابتسامة عريضة.
“من النادر أن يكون هناك زوار في هذا الوقت من العام. لا بد أنكِ مهتمة جدًا بمدرستنا. هل تريدين مني أن أريكِ الطريق؟ البوابة الأمامية ليست بعيدة من هنا.”
وجدتُ نفسي أحدق في يد ديانا الممدودة.
يا إلهي، هل شخصيتي المفضلة تُقدّم لي يدها؟
كان قلبي ينبض بجنون. أراهن أنه لو قاس أحدهم نبضي الآن، لكان بسهولة أعلى من 150. اختفت المخاوف التي راودتني بشأنها منذ وصولي إلى إمبراطورية نوموس، ووجدتُ نفسي أبتسم بدهشة.
‘من حسن حظي أنني امتلكت هذا الجسد! أنا محظوظة حقًا!’
حقيقة أن شخصيتي التي أعشقها من الرواية كانت تقف أمامي مباشرة، تتنفس وتُقدّم لي يدها – كان الأمر فوق طاقتي تقريبًا.
حتى أنني شعرتُ بالامتنان لكايل على القلادة السحرية التي سمحت لي بالتنكر والتحدث معها. لو كنتُ قد ظهرت أمامها بشخصية إلويز، لما تجرأت.
“آه، نسيتُ أن أُعرّف بنفسي! أنا ديانا لورانس. أدرس تصميم الأحذية في كلية الفنون.”
“آه، أنا إيل.”
“إيل، يا له من اسم جميل!”
مع أنني اخترتُ الاسم على الفور، إلا أن رد ديانا كان دافئًا ومُبهجًا. في هذا العالم، عادةً ما يُشير عدم ذكر اسم العائلة إلى أنك من أصلٍ عادي أو أدنى، لكن ديانا لم تُبدِ أي اهتمام. مشيتُ خلفها بنصف خطوة فقط، واختلستُ النظر إليها و طرحتُ موضوعًا بحذر.
“بالمناسبة، تصميم الأحذية يبدو رائعًا. هل تعملين على مشروع تخرجك؟”
‘آه… هل سمعتِ ذلك؟”
خدشت ديانا خدها بابتسامة مُحرجة.
“لم أقصد التنصت، آسفة على ذلك.”
“لا داعي للاعتذار، صوتي مرتفع جدًا في النهاية.”
ضحكت وهزت كتفيها.
” نعم، في أكاديمية بيبلوس، لمشروع التخرج، يُجمع طلاب قسم الأزياء وقسم تصميم الأحذية في أزواج للعمل على مشروع واحد. أشعر ببعض الحرج للاعتراف بذلك، ولكن بما أنني الطالبة الأولى في قسم تصميم الأحذية، فقد افترضتُ بطبيعة الحال أنني سأشارك مع الطالبة الأولى في قسم الأزياء. ولكن كما سمعتِ على الأرجح، لم تكن اللجنة متعاونة جدًا.”
عاد تعبير ديانا إلى التجهّم.
شعرتُ بحالتها المزاجية، فسألتها بحذر:
“هل لأن شريكتكِ من عامة الشعب؟”
عقدت ديانا حاجبيها قليلًا، بدت عليها علامات القلق. وخرجت تنهيدة من شفتيها.
“مع أن هذه الأكاديمية من المفترض أن تُعنى بالمساواة، إلا أنه بمجرد التعمق، ستجدين أن التمييز لا يزال موجودًا بطرق خفية. بالطبع، يحب الناس التظاهر بأنه ليس كذلك، بسبب مبادىء المؤسس…”
صمتت ديانا، ثم هزت كتفيها بسرعة.
“لكن لا بأس. تشيلسي أفضل طالبة في قسم الأزياء، مهما قال أي شخص، وسأعمل معها بالتأكيد في مشروع تخرجنا.”
غمزت لي بطرف عينها مازحةً.
“يبدو أن اللجنة قلقة من شكوى ميريش وينترميلد.”
لكن الحق يبقى حق، مهما كان.
تعرفتُ على اسم وينترميلد. كان ينتمي إلى عائلة نبيلة من إمبراطورية ليفانت، كانت تسيطر على المنطقة الشرقية الغنية بالحبوب. على الرغم من أننا كنا في إمبراطورية نوموس، إلا أنهم ما زالوا مؤثرين. وإذا رفضتهم ديانا، وهي من نفس البلد، رفضًا قاطعًا، فقد يسبب ذلك لها مشاكل أيضًا.
مع ذلك، أوضحت نظرة ديانا الثابتة أنها لا تهتم بمثل هذه الأمور. عندما رأيتها، وجدت نفسي مفتونة من جديد.
‘حسنًا، لهذا السبب أحببت ديانا كثيرًا.’
كانت ديانا من النوع الذي لا يلين ولا ينكسر أبدًا عندما يتعلق الأمر بما تعتقد أنه صواب.
لطالما سعت إلى الطريق الصحيح وسعت جاهدة لإحداث تأثير إيجابي. بينما اعتبرها الكاتب والقراء غالبًا مجرد واجهة لإبراز عظمة إيان، لطالما أعجبتُ بقوتها وإصرارها.
“استمري في السير بشكل مستقيم، وستجدين البوابة الأمامية.”
توقفت ديانا على بُعد مسافة قصيرة من البوابة التي بالكاد تلوح في الأفق، وأفلتت يدي برفق.
بينما حدّقتُ في أيدينا المنفصلة، رفعتُ بصري والتقت عيناها الزرقاوان الصافيتان.
“همم، ديانا؟”
“نعم، إيل؟”
“إذا لم يكن لديكِ مانع… بما أننا التقينا صدفةً هكذا، هل ترغبين في الخروج لاستنشاق بعض الهواء النقي معًا؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات