كان هناك حديقة نافورة رائعة أمام قصر حجر اللازورد، وإلى جانبها تم نصب تمثال لقديسة.
“أظن أنني رأيت شيئاً كهذا، لكن ما الأمر؟”
أحد خادمات القصر ألقت نظرة خاطفة حولها، ثم مسحت يدها في طرف تنورتها وهمست بصوت منخفض:
“يقال إن ذلك التمثال يذرف الدموع كل صباح.”
أثار هذا الخبر الذي يصعب تصديقه دهشة الآخرين من خدم القصر.
“دموع من تمثال منحوت من الحجر؟”
“نعم، أول من اكتشف ذلك كانت خادمة غسيل في قصر حجر اللازورد، وبعد أن شهدت تلك المعجزة…”
“وبعدها؟”
في هذه الأثناء تجمع الخدم المحيطون لمتابعة هذا الحديث المثير.
“عادةً ما تكون أيدي خادمات الغسيل مليئة بالجروح بسبب التعامل مع المياه القلوية والقذارة بأيديهن العارية، لكن عندما اقتربت الخادمة من التمثال الذي كان يذرف الدموع، شُفيت يداها كأن لم يصبهما شيء!”
“هل هذا… صحيح؟”
“هيا، لا تكذبوا.”
بينما كان بعضهم يلوح بأيديهم تكذيباً، أبدى الكثير من خدم القصر اهتمامهم بالقصة.
“ولسنا نحن فقط، هذا الخبر انتشر بالفعل على نطاق واسع، ويقال إن خدم القصر يتوافدون كل صباح لمشاهدة تلك المعجزة بأنفسهم.”
“يا للعجب، عليّ أن أذهب بنفسي!”
“أنا أعاني من صداع متكرر هذه الأيام، فربما…”
“وأنا أعاني من آلام حادة أثناء الدورة الشهرية، ربما يساعدني ذلك…”
وفي تلك اللحظة، مر شخص بالقرب منهم. فسعل الخدم تحية، وسرعان ما انحنوا على ركبهم.
كنت أنا وسيزار نسترق السمع إلى حديث الخدم بينما تحمل دلفينا المظلة فوقنا.
“يبدو أن الشائعة التي نشرناها انتشرت جيداً، أليس كذلك؟”
“بالطبع، خصوصاً وأن السيد ريشار يساعدنا في الأمر.”
لولا ريشار، لما نجحت هذه الخطة.
(“كيف يمكن أن تطلب مني هذا العمل التافه…؟”)
(“ألم يقل سيزار أن عليك تنفيذ كل ما أطلبه؟!”)
ريشار، ساحر البلاط، طلبتُ منه طلباً غريباً: أن يجلس في الأدغال قرب تمثال قصر اللازورد ويلقي تعويذة شفاء على من يقترب منه.
وبرغم تذمره، وافق في النهاية، خصوصاً أن سيزار أمره بعدم رفض أي طلب مني، كما أن الأمر يتعلق بإيقاف توسع السحر الأسود وإنقاذ فتاة صغيرة، وأيضاً هو في النهاية لأجل سيزار.
أما دموع التمثال، فكانت من صنع برناديتا.
الأرنب الصغير، الذي بدأ الآن في التحكم بقوى الماء، أصبح قادراً على تشكيل قطرات ندى حول عيني التمثال لتبدو كأنها دموع.
ريشار، الذي رأى فيها طالباً ذا إمكانيات عظيمة، لم يبخل بالمديح.
وهكذا، مرة في اليوم – في الحقيقة، كنت أريد مرتين، لكن مزاج ريشار لم يكن يسمح – كنا نظهر “معجزة” عند شروق الشمس فقط
“انظري، دلفينا. لم يمضِ سوى أسبوع على ابتداعنا لهذه المعجزة، وقد انتشرت الشائعة كالنار في الهشيم.”
ابتسمت دلفينا وهمست:
“لأن صحة الناس تحسنت بالفعل.”
“من الطبيعي أن يفضل الناس التعلق بمعجزة بدلاً من إنفاق أموالهم على طبيب باهظ الثمن وصعب المراس.”
فحتى خدم القصر لم يكونوا جميعهم قادرين على رؤية طبيب. فالنبلاء من الطبقات الدنيا والعامة والخدم لم يكن من السهل عليهم تحمّل تكاليف العلاج.
“وبحلول هذا الوقت، لا بد أن مبعوثي الفاتيكان قد بدأوا بالتحرك.”
ولأنني من أرسلت رسالة إلى الفاتيكان، كانت هذه خطتي.
كتبت رسالة عن “معجزة” التمثال وأرسلتها مختومة بخاتم زوجة ولي العهد إلى قداسة البابا نفسه.
رغم أن موقعي في القصر لم يكن ذا شأن، إلا أنني كنت زوجة ولي عهد الإمبراطورية المعترف بها رسميًا، ولهذا لم يكن بإمكان البابا تجاهل رسالتي ببساطة.
“أخبرني آبر قبل قليل أن موكب الفاتيكان وصل إلى مشارف العاصمة. لذا، سيصلون اليوم بعد الظهر أو غداً.”
لكن دلفينا سألتني بقلق:
“ولكن يا مولاتي، ماذا لو لم يكن بمقدور مبعوثي الفاتيكان فعل شيء؟”
هززت رأسي بحزم.
“لا، لن يحدث ذلك. فالعلاقة بين الإمبراطورة والفاتيكان ليست علاقة متساوية.”
“وكيف عرفتِ هذا؟”
الإمبراطورية الآسترية تتبع دين “إله النور” كدين رسمي، وعبادته أمر بديهي لمواطني الإمبراطورية.
لكن في الآونة الأخيرة، نشأ تيار ديني جديد مشتق من عبادة “إله النور”، يقوم بتقديس “القديسة” – وهي ابنة الإله وممثلته – والتي جسّدتها برناديتا في مهرجان سابق. (استغفر الله لا إله الا الله)
وكان السبب وراء ذلك هو الفساد المستشري في الكنيسة القديمة، من طلب المال من أجل الاعترافات، إلى الحياة الفاسدة لبعض رجال الدين.
لذا، كان من الطبيعي أن يشعر الفاتيكان بالقلق من هذا التيار الجديد.
خصوصاً وأن القديسة كانت في الأصل صوت الفقراء والمحرومين، ولذلك سرعان ما حاز التيار الجديد على دعم النبلاء الجدد والعامة.
“لقد بدأ أتباع هذا الدين الجديد بالازدياد في بعض الدول الناشئة.”
أمالت دلفينا رأسها في حيرة، فربما وجدت هذه المواضيع صعبة الفهم.
لكني كنت قد درست هذه الأمور قبل زفافي إلى سيزار. فالعلاقة بين القصر والفاتيكان كانت من الأمور الأساسية التي يجب على زوجة ولي العهد معرفتها.
“أليست العقيدة واحدة في كلا التيارين؟”
“بلى، لكن المهم هنا ليس العقيدة، بل أن الإمبراطورة كورنيليا حصلت على دعم الفاتيكان عندما تزوجت من جلالة الإمبراطور غيدو.”
وقد كان ذلك ممكناً لأن الإمبراطورة السابقة أديلهايد – والدة ولي العهد سيزار – فقدت إرادتها بعد ولادة ابنها وانتهت حياتها بوفاة غير مشرفة.
وبما أن الطلاق محرم في العقيدة، طالب غيدو بإبطال الزواج بدلاً من الطلاق، وكان من دعم هذا المطلب هو الفاتيكان.
وهكذا، انتقد الفاتيكان الإمبراطورة السابقة ودعمو كورنيليا، ما جعل هذا القرار قراراً سياسياً بامتياز.
“لذا، إن تدخل الفاتيكان بجدية، فلن تستطيع الإمبراطورة فعل شيء. لأنها مدينة بمكانتها الحالية لهم.”
ومع التزايد السريع لأتباع الدين الجديد، لم يكن من المستغرب أن يشعر الفاتيكان بالتهديد من هذه المعجزة المزعومة.
“إذًا لهذا السبب اخترتم تمثال القديسة؟”
“نعم، كان علينا استفزاز الفاتيكان.”
لأنه إذا اعتُبرت دموع التمثال معجزة حقيقية من قبل العامة، فسيكون هذا دعماً قوياً لأتباع الدين الجديد.
ولذلك، كان لا بد أن يأتوا. بل عليهم أن يأتوا. فكل خطتي تعتمد على مجيئهم.
*****************
“جلالة الإمبراطورة، مبعوثو الفاتيكان أعلنوا عن زيارة عاجلة.”
“ماذا قلت؟”
كانت الإمبراطورة كورنيليا تقدم الطعام لشامرسيت عندما وصلها الخبر.
وصوت طحن عظام رأس الأرنب بواسطة شامرسيت اختلط مع صوت صرير أسنان الإمبراطورة.
وقد شعرت بانزعاج شديد بسبب هذا الإزعاج في وقت كانت تستمتع فيه.
فاستدعت سريعًا الكونتيسة إلفيرا.
“ما الذي يحدث! مبعوثو الفاتيكان؟!”
لكن حتى الكونتيسة لم تكن تعلم عن هذا الأمر.
رغم أنها سمعت عن “المعجزة” التي تحدث في القصر، لكنها لم تكن سوى مستمعة عابرة.
“ربما… جاءوا للتحقيق في الظواهر الغريبة التي حدثت مؤخراً في القصر.”
انحنت الكونتيسة بعمق.
رغم أنها شعرت بأن هناك شيئًا غريبًا، لكنها لم تتخيل أن الفاتيكان سيتحرك بهذه السرعة.
وزاد الأمر إزعاجًا أن تلك الظاهرة تحدث بالقرب من قصر اللازورد، حيث تُحتجز لوسيا.
قالت الإمبراطورة بصوت منخفض ومخيف:
“هل من الممكن أن تكوني أنتِ من دبر هذه المكيدة؟”
سألت وهي تعقد حاجبيها، لكن الكونتيسة، التي لم تكن تعلم بالأمر، هزّت رأسها بسرعة وهي تعبر عن ذهولها.
والإمبراطورة، أكثر من يعرف، أن الكونتيسة ليست من النوع الذي يخاطر لحماية ابنته.
ولهذا كانت تستغلها حتى الآن.
وفي هذه اللحظة، جاءت إحدى الوصيفات بأخبار جديدة:
“عذرًا، ولكن… يقال إن من استدعى مبعوثي الفاتيكان هي سمو زوجة ولي العهد…”
“ماذا قلتِ؟!”
في تلك اللحظة، رمت الإمبراطورة بالملقط الذي كانت تمسكه على الأرض.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 96"