لم يسبق لي أن رأيت سلاحًا مريعًا كهذا من قبل. تساءلت بخوف: من عساه يُطعن بيدين واهنتين وساق عاجزة عن الحركة؟
في الموقد، كان المسك يحترق، ناشرًا رائحة نفاذة خيمت على السكون الثقيل في الغرفة. لم يكن هناك ما يشغل العروس في ليلة زفافها وهي وحدها دون عريس.
“آه…”
تنهدت، ولا أدري للمرة الكامنة كم.
اليوم، تزوجتُ أنا، إيرينيا فلوريس، الابنة غير الشرعية لدوقية فلوريس، من ولي العهد الأول للإمبراطورية، سيزار دي لا روزا كونستانتيني فيوري.
أسرة دوقية فلوريس هي إحدى ثلاث أسر أرستقراطية كبرى حصلت على لقب النبالة منذ أن قام الساحر الأعظم كوزيمو فلوريس بالقضاء على التنين المجنّح. وُلدتُ من علاقة غير شرعية، وترعرعت حتى السابعة في الشوارع قبل أن يتم تبنيّ. ومنذ ذلك الحين، عشت في كنف العائلة التي لم تعاملني يومًا كما يُعامل فرد منها.
مكاني في القصر كان دومًا دون الخدم، وربما دون الخيول أو كلاب الصيد. ثم، حين بلغت الثامنة عشرة، استدعَتني زوجة الدوق، سيليستينا، إلى غرفة الاستقبال.
في ذلك اليوم، أدركت السبب الحقيقي وراء إبقائي في هذا القصر، رغم أنهم لم يكفوا يومًا عن احتقاري. نبرتها الناعمة المترفة كانت كفيلة بإثارة الغثيان.
> “أسرة فلوريس لطالما قدّمت إمبراطورات للإمبراطورية، وقد تم اختيارك هذه المرة كزوجة لولي العهد الأول، الأمير سيزار.”
زواج؟ لم تكن الأخت الصغرى برناديتا قد بلغت السن المناسبة بعد، لكن الأخت الكبرى، جيوفينيتا، لم تُخطب حتى. فكيف تُعقد خطبة على الابنة الثانية غير الشرعية؟
هذا لا يُعقل. وذاك الرجل… هو ولي العهد. من سيخلف الإمبراطور. لا يعقل أن يمنحوا هذا المنصب لمن كانوا يرونها أحقر من الجميع.
لكنني فهمت. كل هذا كان مُعدًّا من أجل هذه اللحظة.
قد لا أكون مطلعة على كل الشائعات بسبب عزلة سنواتي الأخيرة، لكنني سمعت بعض الشيء.
ولي العهد الأول، سيزار، ضعيف البنية، قلّما يظهر في المناسبات، وهو ابن الإمبراطورة أديلّايد، التي فقدت عقلها وانتحرت بعد ولادته.
منذ ذلك الحين، أحاطت به الشائعات.
الأمير الوحش.
قالوا إن شكله البشع أفزع حتى والدته فتركت هذا العالم.
وإنه وُلد ليأكل لحمها، لا ليُحب.
الأمير الملعون.
وما دام ملعونًا، فلا أحد يقبل الزواج منه.
فشلت خطبته إلى أميرات من دول أجنبية، وبدأ القصر في البحث ضمن عائلات النبلاء.
عندما يصل عرض زواج من العائلة الإمبراطورية، لا يمكن رفضه بسهولة. ولهذا سارع النبلاء إلى تزويج بناتهم منذ الصغر، أو إلى تبني يتيمات لا صلة لهن بالنسب.
وهكذا فعلت أسرتي بي. انتشلوني من الشارع لا حبًا، بل تجهيزًا لتلك التضحية.
قالوا إن أربع خطيبات سابقات للأمير لقين حتفهن. لا أحد يعرف السبب، لكن الكل يهمس: إنها لعنة الأمير.
هذا العرض، وإن بدا مشرفًا، لم يكن سوى ورقة خاسرة.
ماذا لو مات سيزار بعد زواجنا؟
ماذا لو اتُّهمت أنا بقتله؟
ربما أُزج في برج مظلم حتى نهاية عمري.
دق جرس الإنذار في رأسي.
هذا فخ.
سم ممزوج بالعسل.
من يتذوقه، يلقى حتفه.
> “أتقصدين أنني سأكون زوجة ولي العهد…؟”
كان صوتي خافتًا، يتلاشى كضباب كثيف لا يكشف عن شيء.
زواج من رجل لم أره قط؟ من أمير ملعون؟
خشيتُ أن أرفض، فأسرعت سيليستينا تضيف:
> “نعم، وستصبحين أرفع نساء هذه الإمبراطورية شأنًا.”
كلماتها كانت كأفعى تنفث سمًّا في أذني.
لكنني لست طفلة تُصدّق الأحلام الخرافية.
أنا أعلم جيدًا: لا شيء يُمنح دون مقابل.
> “… إذًا…”
ومع ذلك، لم أملك إلا أن أقبل الكأس المسموم.
فلم يكن لي خيار.
> “سأفعل.”
هكذا فقط استطعت أن أومئ برأسي.
ربما كان في داخلي بصيص أمل… ربما وهم.
وراءه ظلال كثيفة من القلق.
> “سأتزوج ولي العهد الأول.”
وإن حدث ذلك، فسأموت نبيلة المقام.
تلك لحظة مجد عابرة، خاطفة، خادعة.
خشية أن أغيّر رأيي، أسرعت سيليستينا بإحضار الأوراق.
وقّعت، ثم جرحت إبهامي بخنجر صغير، وختمت بدم العهد.
> “هكذا تم الأمر. ستكونين زوجة الأمير. أليس هذا رائعًا؟”
نظرة عينيها في تلك اللحظة… أنفاسها المبللة بالارتياح… نقشت نفسها في ذاكرتي.
لكني كنت أعلم أن عليّ أن أنساها.
أن أدفن هذه الذكرى كي أستطيع الاستمرار.
> “أنا… زوجة ولي العهد…”
نعم، هذا قراري.
حتى لو كان كأسًا مسمومًا، أردت أن أتذوق طعم السلطة.
حتى إن كان هذا الطعم فاسدًا، نتنًا، لا يُحتمل.
حتى إن كان يؤدي بي إلى هلاكي.
رغم أننا تزوجنا اليوم، لم أرَ العريس حتى لحظة المراسم.
الأمير سيزار، المعروف بضعفه، لم يحضر الحفل. حضر ممثله المقنّع بدلًا منه.
حتى الطقوس والمباركة، والعهود، كلها تمت عبر ذلك الممثل.
كان الزفاف بارداً، غريباً. لا يليق بأمراء.
لكن، لم يكن لي صوت أو رأي، لذا بقيت صامتة.
فكرت في لحظة: هل سيحضر الأمير بنفسه إلى غرفة الزفاف؟
ولم يمض كثير من الوقت حتى وجدت نفسي مدفوعة إلى داخلها، مزينة من الرأس إلى القدم.
وهكذا، جلست على حافة السرير المزين بورود الورد الحمراء، وحيدة.
أضواء الشموع المرتجفة أضفت على الغرفة جوًا عجيبًا.
فجأة، صدرت أصوات حديدية خلف باب خشبي ثقيل من خشب الأبنوس.
شعره الأسود كليل الشتاء، بشرته البيضاء كالرخام، ملامحه الفاتنة، كلها مطابقة تمامًا للصورة التي أُرسلت لي قبل الزواج.
لكني لم أكن أسأل عن هويته.
كنت أتساءل: لماذا؟
لماذا يدخل ولي العهد بهذا الشكل؟ مقيّدًا، دون وعي؟
أنزله الفرسان على السرير بسرعة، وبدؤوا بفك السلاسل.
وحين فكوا القفل الأخير، انسحبوا بسرعة، كمن أنهى مهمة خطيرة.
“مهلاً!”
ناديتهم بسرعة، متسائلة إن كانوا سيغادرون هكذا ببساطة. التفت أحد الخدم ناحيتي.
“سيستفيق قريباً.”
قال ذلك فقط، ثم خرجوا من الغرفة من دون أدنى تردد. أُغلِق باب غرفة الزفاف الثقيلة خلفهم، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سمعت أيضاً صوت القفل والمزلاج يُثبتان بإحكام من الخارج.
“ما الذي يحدث بحق السماء…؟”
كان حفل الزفاف الذي أُقيم في النهار بعيداً كل البعد عن حفلات الزفاف التقليدية. ومنذ البداية، لم أدخل هذا الزواج وأنا مستعدة له كما ينبغي. لذا، كنت أعلم أن ليلة الزفاف لن تكون عادية أيضاً.
لكن، لم أكن لأتخيل أبداً أنها ستكون بهذا الشكل.
استدرت مجدداً ونظرت إلى ولي العهد، الأمير الأول سيزار.
هل يعقل أنه… ميت؟
لحسن الحظ، كان صدره يتحرك صعوداً وهبوطاً، وكان يتنفس بانتظام. يبدو أنه نائم فحسب.
قال الفرسان قبل قليل إنه سيستفيق قريباً. فهل يعني هذا أنهم جعلوه ينام باستخدام دواء ما؟
“هاه…”
ضحكت بمرارة وسط الصمت الخانق. لم أعد أعرف ما الذي ينبغي عليّ فعله. لم تُعلّمني دروس التثقيف قبل الزواج كيفية التعامل مع موقف كهذا.
رأسي مشوش. العالم يدور من حولي. ماذا عساي أفعل الآن؟
وفي تلك اللحظة…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"