الفصل الرابع: دخول الغرفة الجديدة
************
“هل كان هذا شعور سيزار عندما دخل هنا أول مرة؟”
تمتمت إيرينيا بهدوء، مستذكرة لقاءهما الأول الغريب والمحرج.
آنذاك، أُحضر سيزار إلى هذه الغرفة مغشيًا عليه، مكبلًا بالسلاسل.
كلما تذكرت الأمر، بدا سخيفًا حقًا.
“في ذلك الوقت…”
احمرّ وجه سيزار قليلًا، ووضع إيرينيا بلطف على السرير.
كان السرير مزينًا ببتلات الورد الحمراء، كما في الماضي، وتحيط به الورود المتفتحة من كل جانب.
“واو.”
نظرت إيرينيا حولها، ثم إلى سيزار.
أدركت أنها تزوجت مجددًا.
كانت تعلم ذلك من خلال التحضيرات، لكنها لم تكن تشعر به حقًا حتى الآن.
لكن رؤية الغرفة، التي تشبه أجواء زفافهما الأول، أثارت مشاعر جديدة.
في تلك الليلة، كانت إيرينيا تمسك خنجرًا مخبأً، تنتظر سيزار، عازمة على الموت.
تذكرت تلك اللحظة الجادة، ثم…
“إيرينيا.”
كان هو بجانبها.
هذه الحقيقة وحدها جعلت قلبها يمتلئ.
اختفى القلق والتوتر الذي شعرت به آنذاك.
“سيزار…”
شعرت بغصة في قلبها.
لكن عينا سيزار، المتوهجتين كالنار، كانتا تحملان جدية وتركيزًا عليها وحدها.
أغمضت إيرينيا عينيها، تشعر بقشعريرة.
كان خفقان قلبها يتردد في أذنيها: دق، دق.
عندما شعرت أن شيئًا سيبدأ، كانت شفتا سيزار قد اقتربتا، مُسببتين إحساسًا ناعمًا.
من قرب، كانت عيناه أكثر احمرارًا من الياقوت أو حبات الرمان، متألقتين بشدة لدرجة أن زينة الغرفة الملونة بدت باهتة مقارنة بهما.
كانا سيحصلان على شهر من الراحة، ليظلا معًا دائمًا.
لكن التوتر الغريب جعل فم إيرينيا يجف.
“قبل قليل…”
شعرت إيرينيا بحركة الجنين لأول مرة في قاعة المأدبة.
كانت تنتظر هذه اللحظة طويلًا، ولا يزال التأثر يعمها.
بعد أن استبدلت فستان الحفل بثوب نوم مريح، داعبت بطنها بلطف.
“مم.”
ضمها سيزار بحذر.
لا تزال مشاعر الإثارة والقلق من تلك اللحظة تطفو، كأن قلبها يسبح في الهواء.
“لا أصدق أن هناك طفلًا هنا بالفعل.”
لم تكن تكذّب سيزار، لكنها لم تستطع تصديق الأمر.
خاصة أنها ظنت أنها فقدت الطفل ذات مرة.
مجرد تذكر ذلك يثير القشعريرة حتى الآن.
لاحظ سيزار ذلك، فضمها أكثر.
هذا الدفء أيقظها، مطمئنًا إياها أن الألم قد انتهى وأن لا داعي للقلق الآن.
“الطفل بخير.”
“كنتُ قلقة فقط لأنني لم أشعر به طويلًا.”
“طفل التنين مميز.”
سعل سيزار وأضاف شرحًا.
“عادة، بعد موت التنين تيغروش، كان يُفترض أن يولد تنين جديد في منطقة الحمم تحت الأرض في ستويكان.”
تذكرت إيرينيا قصة ريشار عن لعنة تيغروش، التي انتقلت عبر دم العائلة الإمبراطورية، مانعة ولادة تنين جديد.
كانت اللعنة قوية، لا يمكن كسرها بسهولة.
لذا، استهزأ أتباع هبريليوم بسيزار، متوقعين فشله.
لكنهما حققا المستحيل.
سيطر سيزار على قوة التنين، وورثت إيرينيا سحر كوشيمو، مروضة التنين.
حققا معجزة، “ثمرة حب” خاصة وجميلة.
كان طفلهما استثنائيًا.
داعبت إيرينيا بطنها بارتياح، ثم تذكرت كلام سيزار السابق.
“إذن، ماذا يعني أن التنين يبني عشًا؟”
وعدها أن يشرح بعد الزفاف، والآن حان الوقت.
همس سيزار في أذنها.
“التنين يبني عشًا يُسمى ‘لير’ خلال موسم التكاثر.”
اكتشف سيزار ذلك من خلال دراسة المخطوطات القديمة مع ريشار.
بعد أن سيطر على دم التنين، أصبح يمتلك قوته، لكن إيرينيا، كإنسانة، جعلت هذا الحمل استثنائيًا وغير مسبوق. كان سيزار قلقًا مثلها.
عادة، تُوجد بيض التنين تحت أرض ستويكان الجليدية، حيث تحميها الحمم من الأعداء.
التنانين لا تربي صغارها، وبيضها يفقس بحرارة الحمم، بفترات متفاوتة.
يحمي “اللير” الصغار حتى يكبروا.
يُكدّس فيه التنين الجواهر والمعادن النادرة، التي تحمل طاقة الأرض.
“هل علينا الذهاب إلى ستويكان لبناء لير؟”
تخيلت إيرينيا الرحلة البعيدة، فشعرت بالدوار.
لكن سيزار هز رأسه.
“لا، اللير هنا.”
وضع يده بحذر على بطنها.
“هنا؟”
لم تفهم إيرينيا، فمالت رأسها مرات.
“مثل هذه الجواهر.”
أمسك سيزار يدها اليسرى، حيث خاتم الياقوت الذي أهداه لها عند تجديد خطوبتهما.
تشابكت أصابعهما.
كان يفهم أنه، كغير تنين كامل، يجب أن يبني لير داخل إيرينيا بطريقة بشرية، كما فعل غريزيًا عندما بنى عشًا للبيضة و ظهر أبراكساس.
لإيقاظ البيضة في جسد إيرينيا، كان عليه مشاركة قوته معها.
لكنه لم يكن واثقًا من شرح ذلك.
كل شيء كان جديدًا، بلا مرشد.
كان الأمر يتطلب حساسية فائقة.
خاف ألا تتحمل إيرينيا هذه القوة.
جذب يدها بلطف وقبّل ظهرها.
تألق الخاتم، وتحول إلى هالة حمراء نزلت إلى أسفل بطنها، ثم اختفت كالدخان.
“يمكننا جمع مثل هذه الجواهر. ستكون ضرورية لامتصاص طاقة الطبيعة. لكن الأهم هو نقل قوة التنين إليكِ.”
“قوة التنين إليّ…”
ارتجفت يد سيزار.
شعر بخوف بدائي.
كشف قلبه، لكن لا شيء مؤكد.
كانت استنتاجاته غير مكتملة.
كان يعتز بإيرينيا أكثر من نفسه، فكان قلقًا دائمًا.
لم يستطع سيزار، منذ علم بوجود الطفل، أن يفرح ببراءة.
كان يعلم أن الطفل عرض إيرينيا للخطر، وسبب لها ألمًا طويلًا.
كان يعلم أن الولادة قد تكون قاتلة لها، حتى للنساء الأصحاء.
لم يكن هناك ضمان لسلامتها.
كان يتمنى لو ظلا وحدهما إلى الأبد.
كان ذلك يكفيه.
لكن إيرينيا فرحت بالطفل، وبكت من السعادة.
لو لم تكن سعيدة، لربما اختار سيزار حمايتها بطرق أكثر تطرفًا، حتى لو كان على حساب الطفل.
*********
استلقيا معًا في الغرفة المزينة بالورود، حيث عمّ الدفء والسكينة.
اقترب سيزار من إيرينيا، مُعانقًا إياها بحنان، وهما يتبادلان النظرات المليئة بالحب.
كانت عيناه المتوهجتان تحملان شغفًا عميقًا، بينما شعرت إيرينيا بقلبها يخفق بقوة.
“سيزار…”
همست باسمه، فارتجفت حنجرته.
ضمها أكثر، مُشاركًا إياها لحظة حميمة رقيقة، حيث تبادلا العاطفة بصدق ودفء.
كان هدفه نقل قوة التنين إليها، لتغذية “اللير” في جسدها، العش الذي يحمي طفلهما.
“اللير فيكِ، إيرينيا. يجب أن نعتني به ليحمي طفلنا.”
شرح سيزار بصوت هادئ، لكنه شعر بالذنب لأن هذا قد يرهقها.
كان يرى نفسه أحيانًا وحشًا يؤذيها، لكنه لم يستطع التخلي عنها، فهي حياته.
“لا بأس، أنا بخير.”
طمأنته إيرينيا، مُعانقة إياه.
كانت دائمًا ملجأه، مُخففة عنه مخاوفه.
شعر سيزار بحرارة الحب تملؤه، وهما يتشاركان لحظات الحب والقرب، مُعززين رابطتهما.
لكن في أعماقه، ظل القلق.
كان يعلم أن الحمل قد يعرضها للخطر، لكنه وثق بغريزته التي قادته دائمًا.
استمرا في بناء “اللير” معًا، مُتشاركين الحب والأمل في مستقبل طفلهما.
التعليقات لهذا الفصل " 214"