“لا داعي لكل هذا التكلّف. يكفيني أنكما شاركتما في هذا الحفل.”
ريشار لم يكن يحب الأماكن المكتظة بالبشر، وكان يكره بشكل خاص التورط مع نبلاء هيبفيليوم، الذين حضروا بدورهم هذه الحفلة.
لذلك، كنت قلقة قليلاً حين علمت بنيته الحضور.
لكنه حضر، مرافقاً لتلميذته برناديتا.
“الساحر لا يحتاج للالتزام بقوانين العالم، لكن من واجبي دعم تلميذتي في أنشطتها الاجتماعية.”
قال ريشار هذا عندما ذهبت برناديتا سابقاً إلى الأكاديمية.
ففي عالم السحر، لم تكن الألقاب العائلية مهمة، بل كانت المهارة فقط هي المعيار.
ومع أن برناديتا لم تبلغ سن الرشد بعد، فقد تم تسجيلها مؤقتاً في سجل عائلة ريشار، ليصبح ولي أمرها.
أما أنا وسيزار، فكنا نعتزم أن نكون الأب الروحي والأم الروحية لها، لنقدم لها كل الدعم اللازم.
“أوه، معلمي…”
الآن أصبحت برناديتا “برناديتا من غابة القضبان الفضية”.
وكانت تتدلّى بذراع ريشار وهي تبتسم.
كان طوله الفارع وصغر حجمها يبدوان كأنها زيز على شجرة ضخمة.
رغم حديثه الهادئ، كنا نعلم أن ريشار يهتم بها كثيراً.
برناديتا نجت من الإبادة بسبب وقوفها في وجه السحر الأسود للإمبراطورة السابقة، لكن منزل دوق فلوريس قد أُبيد، والدتها الدوقة سيليستينا توفيت، والدها غاسبارو اختفى، وشقيقتها الوحيدة جيوفينيتا حُبست في دير.
رغم أن برناديتا بدت مشرقة ومتماسكة، كنت أعلم أن قلبها ليس كذلك.
انخفضتُ إلى مستواها ونظرت في عينيها.
“من الآن فصاعداً، سأكون أختك وعائلتك الوحيدة. إذا واجهتِ أي صعوبة، اعتمدي عليّ، وإذا حدث شيء سعيد، شاركيه معي مهما كان.”
تجمعت الدموع في عيني برناديتا، فضممتها إلى صدري وأنا أكتم مشاعري المتدفقة.
“آه، دموع في يوم جميل كهذا… منظر غير لائق…”
“لا بأس، لا بأس، بيرني…”
ربتُّ على ظهرها.
في الحقيقة، لولا برناديتا لما تمكّنا من هزيمة سحر الإمبراطورة السوداء.
أنا أدين لها بدين عظيم لا يمكن سداده.
الآن، حان وقت رد الجميل.
“بغض النظر عما يحدث، ستبقين أختي دائماً.”
“نعم، أختي…”
بقينا نعانق بعضنا طويلاً.
ثم أوقفت برناديتا دموعها، وخرجت لترقص وهي تمسك بيد ريشار.
منظرها وهي ترقص معه كان دافئاً جداً.
أخذتُ أتأمل قاعة الحفل مجدداً، ثم نظرت إلى سيزار الذي كان ممسكاً بيدي، فابتسمت.
مررتُ أصابعي بلطف بين شعره.
حين أنظر إليه الآن، أتذكر كيف كان بريئاً في الماضي، لكنني أدهش لجماله وأناقتِه الحاليين.
وكأنني أقع في حبه من جديد.
نعم، لقد تخلّى سيزار عن قبحه، وتحول إلى بجعة بيضاء متألقة الجمال.
«آه، لقد كنت بجعة جميلة.»
«البجعة القبيحة التي أصبحت بجعةً جميلة، حلّقت في السماء من فرحتها.»
وربما أنا أيضاً كذلك.
كنت شخصاً مكروهاً ومهاناً من الجميع.
لم يكن سيزار وحده “البجعة القبيحة”، بل أنا أيضاً.
في يومٍ ما، رأيت نفسي فيه وانعكست صورتي عليه.
ولهذا أحببته بشدة، ورغبتُ في مساعدته، بل كنت مستعدة للتخلي عن كل شيء لأجله.
ولم يكن هذا الشعور من طرفي فقط، بل من طرف سيزار أيضاً.
لقد أحبني، ووقف إلى جانبي، وضحى بحياته من أجلي.
وجعلني إمبراطورة هذه الإمبراطورية.
أكثر ما أسعدني لم يكن اللقب، بل أن أكون بجانبه، وأدعمه.
أتذكر نهاية تلك الحكاية، حيث كانت هناك بجعة أخرى بجانب البجعة المحلّقة.
لقد أحبا بعضهما بشدة منذ البداية، وسبحا معاً في البحيرة الجميلة وعاشا حياة سعيدة معاً، لأطول وقت ممكن.
شددنا على أيدي بعضنا البعض.
فمال سيزار برأسه برفق على كتفي.
عندها، شعرت بشيء غريب للغاية.
“آه…”
“ما الأمر، رين؟”
عندما ظهرت عليّ علامات الدهشة، نظر إليّ سيزار بقلق.
لكنني لم أتمكن من الرد بسرعة.
لأنها كانت المرة الأولى في حياتي التي أشعر فيها بهذا الإحساس… إحساس طالما انتظرته.
“هل، هل أنتِ بخير؟”
“ن-نعم…”
أصبح وجه سيزار شاحباً من القلق، وظل يحدّق بي.
أردت أن أقول له إنني بخير، لكن الإحساس الغريب جعلني أكتفي بهز رأسي فقط.
فحملني بسرعة وأجلسني على أقرب كرسي.
جلست على المقعد الوثير أتنفس بعمق.
كان قلبي ينبض بقوة.
ربما كنت أتخيل الأمر… لكن، لا.
لقد شعرت بذلك مرة أخرى. هذه المرة بشكل أوضح، في كل جسدي.
“سيزار، أتعلم…”
أمسكتُ بيده قبل أن ينهض ليطلب الطبيب.
جلس بهدوء عند ركبتيّ، أردت أن أنقل له هذا الإحساس قبل أن أقول شيئاً.
ثم مجدداً… شعرت بالحركة.
كان الطفل في بطني يتحرك.
“لقد، تحرك…”
نظر إليّ سيزار مذهولاً وهمس:
“نعم، تحرّك.”
فجأة، انفجرت دموعي.
لقد وضعت بيضة من ثمرة حبنا.
تذكرت كلمات سيزار القديمة.
في ذلك الوقت، لم يكن المقصود “طفلاً” بل طائراً صغيراً… أما الآن، فهذه هي ثمرة حبنا الحقيقية.
شعرت كأن الطائر الصغير الذي رأيته في حلم قد جاء ليقول لي:
“لقد نجوتِ. كنتُ أترقب اليوم الذي ألتقيك فيه.”
“سيزار، ماذا أفعل؟”
كان صوتي مليئاً بالمفاجأة، واللهفة، وبعض الخوف.
هز سيزار رأسه بلطف، واحتواني بين ذراعيه كعادته.
“كل شيء سيكون بخير.”
“نعم.”
“لن يحدث شيء سيء.”
“نعم…”
بقينا متعانقين طويلاً.
مع هذه الدفء، لم أعد أخشى أي شيء. كان الأمر أشبه بالاحتماء في عش دافئ وناعم.
*********
أصبحت إمبراطورية أستيريا أقوى إمبراطورية على وجه القارات.
استمرت إمبراطوريتها لعدة قرون، محققة ازدهاراً هائلاً.
وكان الإمبراطور سيزار والإمبراطورة إيرينيا مثالاً للحب الأبدي.
أنجبا ثلاثة أبناء، عُرفوا جميعاً بأبناء التنانين.
وأصبحت عائلة التنين أنبل وأشهر العائلات، أنجبت العديد من كبار السحرة، وأحياناً أطفالاً اعتبرهم الناس تجسيداً للتنين.
ظل الإمبراطور والإمبراطورة يتبادلان الحب إلى يوم وفاتهما.
وبعد وفاة الإمبراطورة إيرينيا بأسبوع، تبعها الإمبراطور سيزار.
ظل الشعراء عبر الأجيال يرددون قصتهما الجميلة والمؤثرة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 210"