الخدم القادمون من القصر ظلّوا يوزعون أرغفة القمح والنقود النحاسية المعدّة سلفًا بلا انقطاع.
خلال هذا الأسبوع، كانت البلاد تحتفل بمهرجان بلا مراسم رسمية، حيث اجتمع فيه الأغنياء والفقراء على حد سواء لكسر الحواجز والاحتفال معًا.
لقد كانت المأكولات وفيرة إلى أقصى حد.
ذُبحت ما لا يقل عن سبعمئة خنزير، وثلاثمئة وخمسين بقرة، وستمئة رأس غنم، وظلت الديوك والبط المخصية تُشوى بلا توقف في الأفران.
وقد قيل إن الريش المجمّع منها يكفي لصنع مئات البطانيات.
في مأدبة زفاف الإمبراطور، كان بإمكان المرء الحصول على النوغا المحشوة باللوز، والمارزيبان، وقطع كبيرة من البروسكيوتو كهدايا، فضلًا عن التوابل النادرة مثل الينسون والفلفل، مما جعل الحفل غنيًا للغاية.
الأطفال كانوا منشغلين بجمع النقود النحاسية التي سقطت على الأرض واستبدالها بالوجبات الخفيفة، بينما انشغل الكبار بتناول البيرة، والنبيذ، واللحوم الدسمة المقدمة من القصر.
لم ينقشع أثر الكحول عن رؤوسهم طوال اليوم، وكان الضحك يعلو من كل ناحية.
في الكاتدرائية الكبرى بالقصر، اكتملت مراسم تنصيب الدوقة، ولم يتبقَّ سوى مراسم تتويج الإمبراطور.
وتولت القديسة لوسيا كل تلك المراسم.
سكبت الزيت المقدّس على رأس سيزار وبدأت بالصلاة:
“يا خالقنا ورب الحياة الأبدية، نحن مجتمعون في هذا اليوم المبارك لنبارك سيزار دي لا روزا كونستانتيني فيوري. امنحه الحكمة والقوة، واهده إلى سبيل العدل والإنصاف، وثبّت سلطته الشرعية ليحقق السلام والازدهار لإمبراطورية أسيترِيا.” (استغفر الله 🦦)
وُضعت التاج المقدّس ذو الصليب الحديدي على رأس سيزار المنحني بيدين صغيرتين أشبه بأوراق السرخس.
وكان من نال هذا التاج هو المنتصر الحقيقي في معركة الخلافة الدموية.
أصبح وريثه الشرعي، والإمبراطور الذي سيفتح عهداً جديداً.
“ليكن مجد التاج المقدس مع الإمبراطور والإمبراطورة.”
“ليكن مجد التاج المقدس لإمبراطورية أسيترِيا.”
نهض الإمبراطور، وعلى يساره وقفت الإمبراطورة الجديدة، إيرينيّا، وقد أصبحت دوقة .
“والآن، دعونا نحتفل بهذه اللحظة الخاصة ونبارك حب الإمبراطور والإمبراطورة.”
استمرت خطبة الزواج طويلًا.
كانت الإمبراطورة، التي استعدّت منذ الصباح الباكر لهذا الزواج، تبدو متوترة بعض الشيء.
وكان الإمبراطور الجديد بجانبها، ولم يفترقا لحظة واحدة.
“فهل تتعهدان أمام الحاضرين أن تبقيا زوجين إلى أن يفرّقكما الموت؟”
“أتعهد.”
“أتعهد بذلك.”
أزال الإمبراطور سيزار ببطء النقاب عن وجه الإمبراطورة.
واحمرّ وجهها خجلاً كعروس حديثة العهد.
وما إن انتهى من قبلة القسم، حتى علت الهتافات.
ورغم أن حفل الزفاف في القصر الإمبراطوري كان بسيطًا وغير رسمي، لم يكن هناك من يعترض على سعادتهما.
“مبروك على الزواج!”
وقّع الاثنان على وثيقة الزواج بأيدٍ متشابكة، ليصبحا بذلك زوجين رسميين.
“واااه!”
انفجرت التصفيقات كالرعد، وتناثرت الزهور والقصاصات الورقية الزاهية في السماء.
رفع الضيوف كؤوسهم وشربوا ثم رموها على الأرض.
فقد كان من التقاليد أن كسر الكؤوس يبعد النحس عن الزوجين ويجلب لهما الحظ.
وفي ذلك الوقت، لابد أن أصوات الألعاب النارية قد ملأت الساحة تحت القصر معلنة نجاح الزواج الإمبراطوري.
بدأ العازفون يعزفون ألحانًا مرحة، وراح الجميع يباركون مستقبل الإمبراطور والإمبراطورة.
******************
أرخيت توتري وأمسكت بيد سيزار بقوة.
كان مظهره الواثق من الجانب محببًا بشكل لا يوصف.
فمال إليّ وهمس في أذني:
“لقد أصبحنا زوجين الآن.”
“كنا كذلك من قبل.”
قلت هامسة بصوت خافت وضاحكة.
فتراجع سيزار للخلف ومدّ يده نحوي.
“إذاً، سيدتي… هل لي بهذه الرقصة؟”
كان سيزار يطلب مني رقصة.
نظرت بسرعة من حولي.
حفل الزفاف كان قد بدأ للتو، وكان من الطبيعي أن نكون نحن، الأكبر مقامًا في البلاط، أول من يبدأ الرقصة إيذانًا بانطلاق الحفل.
لكن قدماي لم تطاوعاني.
لا زلت أشعر بعيون الناس تراقبني.”مع ذلك…”
أنا الآن إمبراطورة هذه الإمبراطورية، أعلى مقامًا من الجميع، لكنني شعرت بالخجل من أن أُظهر رقصة متعثرة بجسد مريض.
كنت أخشى أن أبدو غريبة.
لكن سيزار لم يعتدل من انحناءه.
وفجأة، تذكرت ما قالته الإمبراطورة كورنيليا في أحد الحفلات الماضية عندما حاولت الرقص.
“لكن من المخجل أن يرى الناس عرجاء ترقص أمام الجميع.”
ارتجفت أطراف أصابعي فجأة من الخوف، وانكمشت كتفي من التوتر.
ماذا لو ارتكبت خطأ؟ ماذا لو سقطت وأحرجت سيزار؟ وهو الآن أصبح إمبراطور الإمبراطورية.
رآني سيزار أتردد، فتقدم نحوي، واحتضنني هامسًا:
“الآن أصبحنا في صف واحد.”
“صف واحد؟”
أملت رأسي بتعجب، لكنه ابتسم بعينيه قائلاً:
“يعني لو حاول أحد أن يضايقك، سألقنه درسًا.”
“آه…”
في تلك اللحظة، تذكرت… كانت تلك كلماتي لسيزار بعد أول زفاف لنا. لقد تذكّر ذلك الحوار.
“لقد أصبحنا زوجين. أنا في صف سيزار.”
“صف؟”
“نعم، نحن في صف واحد.”
“صف واحد…”
“لذا، إذا ضايقك أحد مجددًا…”
“ضايقني؟”
“فقط أخبرني.”
“في ذلك الوقت، كنتِ أنتِ من حماني.”
“نعم.”
“الآن، سأكون أنا من يحميكِ.”
“كم هو مطمئن.”
ضحكت بصفاء وأنا أمسك بيده.
شعرت بشيء من الشقاوة في داخلي.
“هل أنت متأكد؟ لم أتدرّب على الرقص منذ مدة، سيبدو الأمر فوضويًا.”
“لكنك ستبدين جميلة، لأنك أنتِ.”
تذمرت وأنا أزم شفتي:
“أنت دائمًا تقول إنني جميلة مهما فعلت.”
“وماذا عساي أن أفعل؟”
قبّل يدَي وقال:
“إذاً، هل نبدأ؟”
“لا أتحمّل مسؤولية إذا دست على قدمك.”
“أدعك تدوسين كما تشائين، سيدتي.”
أخرجت لساني بخفة، فابتسم سيزار من أعماقه.
وما إن دخلنا القاعة، حتى بدأ الموسيقيون بعزف الجزء الأول من رقصة الازدواجية.
ودوّى اللحن الراقص في الأرجاء، فتقدّمنا نحو الأمام برشاقة.
قبل أن تبدأ الرقصة رسميًا، أخذت نفسًا عميقًا واستعدت ذكرياتنا القديمة… كانت تلك أول مرة رقصنا فيها في مهرجان، وكنا نضحك ونلهو بتلك الرقصة المرتبكة.
شعرت وكأن ذلك الحماس عاد إليّ.
“وإذا سخر منا أحد، سأطرده من منصبه بسلطة الإمبراطور!”
“آه، هل تنوي أن تكون طاغية منذ الآن يا جلالة الإمبراطور؟”
“من أجل سيدتي، أفعل أي شيء.”
بدأنا الرقصة الأولى بأناقة.
كان فستاني يتماوج كمياه البحر، ومع خطوات سيزار الهادئة تمازجت حركتنا مع الموسيقى.
تلاقت أيدينا وافترقت وعادت تتلاقى.
ومع رقصنا، بدأ الآخرون بالانضمام مع شركائهم. وواصلت الدوران في دوائر مع سيزار بلا توقف.
من المؤكد أن من رآني رقصت ربما ضحك من غرابة المشهد.
لكن لم أعد أهتم.
لأن سيزار كان يساعدني.
كان يخطو معي حتى لا أتعثر أو أسقط، يدير كل شيء كي لا أبدو ضعيفة.
حتى خُيّل إلي أني أرقص بشكل جيد حقًا.
ضحكت بمرح.
امتلأ قلبي بفرح لا يوصف، وكأن شيئًا ثقيلًا قد زال عن صدري.
لم أعد أفكر في كيف أبدو.
يكفيني أنني إلى جانب سيزار، يدي في يده، وهذا وحده ملأني سعادة.
وانتهت الرقصة حين رفعني سيزار عاليًا في الهواء.
فاشتعلت القاعة بالتصفيق والهتاف، ولم يتوقف الضيوف عن الثناء علينا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 209"