الآن وقد انتهت الحرب، كان من المقرر عقد اجتماع جديد بين الممالك الثلاث لمناقشة منح المكافآت.
وبالصدفة، تزامن ذلك مع موت زوجة الأمير، لذا كان من المؤكد أن القدر في صفها.
الأمير الأول، الذي فقد زوجته، سيفقد صوابه خلال اجتماع الممالك الثلاث ويقوم باغتيال الإمبراطور.
كانت خطة مثالية بكل معنى الكلمة.
وعندها يمكن تلفيق تهمة التمرد للأمير الأول، وفي الوقت المناسب، يأتي الأمير الثاني، ماتياس، مع جيشه إلى القصر الإمبراطوري.
ثم يقوم الأمير الثاني بقمع الأمير الأول، المتمرد وقاتل الإمبراطور، ليصبح الوريث الوحيد للعرش.
تلك كانت الصورة الأخيرة التي رسمتها الإمبراطورة.
“على أية حال، غويدو ميت منذ زمن، وما بقي فيه مجرد نفس.”
غويدو، الذي أصبح دمية في يد الإمبراطورة منذ عدة سنوات، لم يكن حيًا فعليًا.
لكنها أبقته حيًا لهذا السبب فقط.
“موت الإمبراطور دائمًا ما يُرافقه نهاية مأساوية.”
وقد أُرسلت بالفعل رسالة إلى ماتياس: ليأتِ إلى القصر الإمبراطوري مصطحبًا مئة من نخبة قواته.
صحيح أن قدومه بالقوات إلى القصر قد يُفسَّر كخيانة، لكن الإمبراطورة كانت واثقة من قدرتها على التلاعب بالموقف إن ساءت الأمور.
مئة جندي كانت قوة مبالغ فيها بعض الشيء، لكن يمكن الادعاء بأنها لحماية الأمير الثاني أثناء نقله من قصره في الجنوب إلى العاصمة.
وفي الحقيقة، كان الأمير الثاني ينتظر بالفعل بالقرب من العاصمة، إلا أن إشاعة وجوده في الجنوب كانت جزءًا من خطة الإمبراطورة الاحتياطية.
“حضرت دوقة فلوريس.”
بكلمات الوصيفة، نهضت الإمبراطورة بصعوبة رغم ثقل جسدها.
سقطت كتل من لحمها على الأرض، لكنها لم تكترث.
“تحياتي لـ صاحبة الجلالة الإمبراطورة.”
“تحياتي لك دوقة فلوريس.”
لسبب ما، كان وجه الدوقة شاحبًا.
وقبل أن تسأل الإمبراطورة عن السبب، بادرت الدوقة بالحديث.
“أنا عائدة للتو بعد معاينة جثة زوجة الأمير.”
“آه، هكذا إذاً.”
ابتسمت الإمبراطورة بهدوء.
لم تكن تظن أن تلك الفتاة المتغطرسة ستنهار بتلك السهولة، لكن لا شيء أكثر هشاشة من حياة الإنسان.
ويُقال إن زوجة الأمير فقدت عقلها بعد الإجهاض.
تلك الفتاة، التي بدت وكأنها لا تذرف قطرة دم إن جُرحت، واجهت نهايتها أخيرًا.
“نهاية تليق بابنة غير شرعية وضيعة.”
“نعم، جلالتك.”
كانت جنازة زوجة الأمير مقررة في اليوم التالي.
“لرؤية نهايتها، لا بد أن أكون حاضرة بنفسي.”
أرادت أن ترى بعينيها نهاية زوجة الأمير، وكذلك نهاية الأمير الأول.
“الذبيحة قد أُعدّت بالفعل.”
أومأت الدوقة برأسها.
لم يكن في وسع الإمبراطورة، بحالتها تلك، الظهور أمام العامة.
لذا كان لا بد من ذبائح بشرية أكثر.
“أحتاج إلى لعنة أخيرة. لعنة أقوى بما يكفي لتعزيز لعنة التنين البرّي المغروسة في الأمير الأول.”
انبعث وهج جنوني أشبه بالهوس من عيني الإمبراطورة الزرقاوين.
وعند رؤيته، ركعت سيليستينا على ركبتيها.
“جلالتك، يجب أن تفي بوعدك لي.”
“لم أنسَ ولاء دوقة فلوريس.”
كل ما أرادته سيليستينا هو شيء واحد: أن تُزوج ابنتها جيوفينيتا رسميًا من الأمير الأول، سيزار، قبل أن يُقصى بتهمة الخيانة.
فالمدان بالخيانة يُقضى على عائلته كاملة.
لكن حسب الاتفاق المسبق، كانت الإمبراطورة ستسجل اسم جيوفينيتا كزوجة رسمية للأمير الأول وتحافظ على مكانتها، ليُسمح لها بتربية طفلها بعيدًا عن تهمة الخيانة.
“أعدك بحماية حياة ابنتك والطفل.”
كان من المقرر أن يتزوج الأمير الثاني من أميرة أجنبية.
لكن الطفل الذي تحمله جيوفينيتا كان ابن الأمير الثاني.
لذا، رأت دوقة فلوريس أنه من الحكمة اتخاذ احتياط في حال اكتشفت الإمبراطورة كورنيليا الحقيقة لاحقًا.
“أفدي نفسي كلها جزاءً لفضل جلالتك.”
وبذلك، عادت سيليستينا إلى مقر إقامتها بعد منتصف الليل بقليل.
رافقها هواء رطب وضوضاء خافتة.
وكانت رائحة المطر تملأ الأرجاء بفعل الطقس العاصف.
أسرعت سيليستينا إلى داخل المبنى قبل أن يبدأ المطر.
كانت جيوفينيتا، التي أصبحت كثيرة النوم منذ حملها، قد نامت منذ وقت طويل، ووصيفتها مارتا كانت تغفو بجانبها، فنهضت فور شعورها بوجود سيدتها.
“م- مولاتي!”
“قومي بالتقرير.”
مسحت مارتا النوم عن عينيها وأبلغت سيليستينا بيوم جيوفينيتا.
“آنسة جيوفينيتا تناولت موس التفاح اليوم، وقالت إنها ترغب في أكل طائر الجاكو، لذا سيرسل الخدم لإحضاره غدًا…”
“حسنًا.”
ضغطت سيليستينا أسفل عينيها بيدها كمن يعاني من التعب.
كانت قادرة على تخيل يوم ابنتها دون أن تُخبر.
لا شك أنها قضته في التذمر والتسلية على الخدم.
لكنها أرادت التأكد أن ابنتها بخير على الأقل.
كانت بشرتها شاحبة للغاية الآن.
“مولاتي، هل أنتي بخير؟”
سألت مارتا بقلق، لكن سيليستينا أومأت بيدها وأمرت:
“غدًا، يجب ألا تذهب جيوفينيتا إلى الجنازة. ليس من اللائق للحوامل حضور الجنازات.”
“ن- نعم…”
“ولا يجب أن تخطو خارج الغرفة على الإطلاق. بل يجب منعها من ذلك. هل تفهمين ما أعنيه؟”
“نعم.”
ففي الغد، سيُتهم الأمير الأول سيزار بالخيانة.
وجيوفينيتا، التي تحبه بصدق، قد تقوم بأي فعل متهور إذا علمت بالأمر.
حدّقت سيليستينا في مارتا وأكدت مجددًا:
“حتى لو اضطُررنا لحبسها، اجعلي الخدم يراقبون الأبواب جيدًا.”
“نعم، مولاتي. سأفعل.”
أومأت مارتا برأسها بتوتر.
لم تكن تعرف ما يجري بالضبط، لكنها أدركت من تصرفات مولاتها أن أمرًا جللًا على وشك الحدوث.
“جيد، هذا يكفي.”
توجهت سيليستينا إلى غرفتها مسرعة.
لقد كان يومًا طويلًا ومتعبًا، وكان جسدها يشعر وكأنه مثقل بالرصاص.
التعب لم يفارقها.
كان هناك شيء عالق في صدرها، ربما بسبب جثة إيرينيا التي رأتها في الصباح.
لم تستطع نسيان برودة ملمسها المخيف، ما جعلها تشعر بعدم الارتياح طوال اليوم.
وفوق ذلك، كانت نظرات الأمير الأول سيزار.
نظراته المشحونة بالغضب والعداء كانت قوية للغاية، كما لو أنها نُقشت في قلبها، ما سبب لها ألمًا لا يُحتمل.
شعرت وكأن أشواكًا تملأ حلقها.
وقشعريرة لا تنتهي سرت في جسدها، دون أن تفهم السبب.
دخلت غرفتها المعتمة، وهي تفكر في أن تأخذ الدواء الذي وصفه لها طبيبها لتنام.
الدواء المهدئ في الزجاجة الخضراء على طاولة التزيين.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات