لم أكن أستوعب الأمر بعد تمامًا، لكن كلما فكرت في الأمر، بدا لي معجزة لا تُصدق.
فترة الحمل الطبيعية للبشر محددة بتسعة أشهر، لكن أن يبقى الطفل على قيد الحياة داخل الرحم لأكثر من ضعف تلك المدة، فهذا أمر لم أسمع به من قبل.
حتى كونستانتشا كانت شديدة الارتباك حياله.
“يا له من طفل رائع. أتمنى أن يُظهر لنا وجهه الجميل في أقرب وقت.”
دلفينا كانت متحمسة لصنع ملابس المولود بنفسها.
“قد يفزع الأطفال من يدي، لذا يجب تغطيتها.”
قالت إنها تنوي صنع قفازات صغيرة لليدين والقدمين، ومريلة، وبطانية.
حتى التفكير في تلك الأشياء بعث الدفء في قلبي.
تحدثنا طويلًا عن أشياء كثيرة لم يسعفنا الوقت للحديث عنها من قبل.
وخلال ذلك، سمعنا صوت حركة في الخارج.
لقد جاءني ضيف غير متوقع.
“أوه، أختي؟”
لم يكن هناك سوى شخص واحد يناديني بـ”أختي”.
إنها شقيقتي الصغرى برناديتا.
“برني؟”
فتحت عيني على اتساعهما من الدهشة.
كيف وصلت إلى هنا فجأة وهي من المفترض أن تكون في الأكاديمية الآن؟ ولم ترسل أي إشعار مسبق حتى.
“آه…”
في تلك اللحظة أدركت الأمر.
زيها الأسود الرسمي، والزهرة البيضاء المثبتة على صدرها.
إنها ترتدي زي المعزين.
“قالوا لي… إن أختي… المعلمة… ماتت…”
ركضت برناديتا نحوي ووجهها غارق في الدموع.
ريشار هو من أحضرها، لكنه لم يخبرها بأي شيء عن الحقيقة.
بينما كنت أواسي برناديتا، نظرت نحو ريشار بنظرات غاضبة، لكنه أشاح بوجهه عني.
“كان ذلك لضمان عدم تسرب أي معلومات، ومن أجل السلامة.”
لكن أن تصل الأمور إلى أن ترتدي الفتاة ملابس الحداد دون حتى أن يُبلِغَها بالحقيقة! لا بد أن نصف جنون هذا النصف جني ينبعث من قلة الشعور بالإحساس.
“أنا بخير. لا داعي لأي قلق.”
ظللت أواسي برناديتا وأشرح لها الموقف.
“برني، أنا بخير. كنت أُظهِر أنني متّ بسبب ظروف معينة.”
فمسحت دموعها وهزت رأسها.
“نعم، كنت أعلم ذلك. في الحقيقة، لم أصدق أبدًا أنك يمكن أن… تموتي هكذا بسهولة… أههه…”
ربما لم تكن قد استوعبت الأمر تمامًا بعد، إذ تشبثت بثوبي وأخذت تبكي بشدة.
ربتُّ على ظهرها الصغير طويلًا.
ثم اقترب منا ريشار.
“برناديتا انتقلت إلى صف أعلى في الأكاديمية بسبب تفوقها. إن استمرت هكذا، ستتخرج في وقت مبكر كالأولى على دفعتها.”
“هل هذا صحيح؟”
عندما سألتها، هزّت رأسها وأخفت وجهها في صدري.
لقد كانت مفاجأة حقيقية.
وكان من الواضح أن ريشار يشعر بالفخر.
“إنها تلميذة تفوقت على أستاذها، بل تملك مؤهلات لتصبح ساحرة عظيمة.”
“أستاذي، كفى…”
احمرّ وجه برناديتا خجلًا، ثم قالت بجدية وكأنها قررت أمرًا.
“منذ التحاقي بالأكاديمية، ركّزت في دراستي على طرق إبطال السحر الأسود.”
رغم أن المدة لم تتجاوز السنتين، فقد أصبحت تبرز في هذا المجال.
“أريد أن أكون سندًا لكِ أيضًا، أختي.”
احتضنتها وقبّلتها على خدها، متأثرةً بمدى نضجها بعد أن كنت أراها دائمًا صغيرة.
“شكرًا لكِ، حقًا.”
الآن تجمع كل من تفرق عنا.
بعد نهاية الحرب الطويلة، ها نحن قد توحدنا من جديد.
حان وقت التقدم إلى الأمام.
“سموّ الأميرة، هذا لكِ.”
قدم لي فيتوريو وثائق تحتوي على أدلة لإدانة الإمبراطورة ودوقة سيليستينا بناءً على المعلومات التي جمعتها “الأخوة السوداء”.
وخاصةً ما كُشف عن قيام الإمبراطورة باختطاف وقتل مئات، بل ربما آلاف الأشخاص، بغرض تقديمهم كقرابين.
حين قرأت ذلك، كدتُ أُسقِط الوثائق من يدي دون أن أشعر.
“كل هؤلاء الضحايا…!”
كانت أسماء المفقودين لا تنتهي.
كما لا يمكنك حجب السماء براحة يدك، فإن خطايا الإمبراطورة لم تعد قابلة للإخفاء.
“وقد حصلنا على شهود، ومعظمهم من آباء الأطفال الضحايا.”
كان بالإمكان استشعار مرارة أولئك الآباء.
أطفال لا يتجاوزون الثانية عشرة اختفوا كقرابين للإمبراطورة.
مجرد إعلان ذلك للعامة كافٍ لتحريك الرأي العام بأكمله.
“بهذا القدر من الأدلة، يمكننا بالتأكيد الدفع بالإمبراطورة نحو محكمة التفتيش.”
فلم نعد نستطيع السكوت عن هذه الجرائم.
“وهذا، أرسلته القديسة.”
كانت رسالة من القديسة لوسيا، التي كانت تفهم وضعنا أكثر من أي شخص آخر، خاصة وقد تم احتجازها فترة طويلة كرهينة لدى الإمبراطورة، وكانت والدتها، الكونتيسة إلفيرا، إحدى الضحايا أيضًا.
أكدت أنها لن تتردد في مساعدتنا.
غدًا ستُقام جنازتي.
بعد أسبوع من الاحتفال بالنصر، سيُقام حفل جنازة بسيط لتأبين وفاة الأميرة.
“يجب إعلان وفاتي رسميًا حتى تتمكن جيوفينيتا من اعتلاء منصب الأميرة.”
وهذا ما تطمح إليه سيليستينا وجيوفينيتا، لذا من المرجح أن تُحسم أمور كثيرة خلال هذه الجنازة.
“ويجب أن يكون هناك اجتماع لتحديد المكرّمين بعد الحرب.”
أضاف سيزار.
وكان من الواضح أن كل الشخصيات المهمة ستتجمع في جنازتي.
“بالتأكيد ستحضر الإمبراطورة هذه الجنازة.”
رغم أنها كانت منعزلة طوال الفترة الماضية، فلن تفوّت فرصة كهذه.
بلا شك ستستهدف سيزار.
ركزت بعد غياب طويل على استخدام “عين البصيرة ” لأكتشف خطط الإمبراطورة السرية.
شعرت بقوة أكبر من ذي قبل.
بدأت الأشياء التي كانت محجوبة كضباب تنكشف رويدًا رويدًا.
“غريب، الرؤية أوضح بكثير من قبل.”
منذ أن ذهب سيزار إلى الحرب، كنت أستخدم هذه القدرة له بكل طاقتي.
أما الآن، فلم أعد أشعر بأي ثقل.
حتى الصداع والدوار المعتادين اختفيا.
عندها، أمسك سيزار بيدي وأخبرني:
“لأن هناك طفلًا في رحمك.”
قال إن الطفل يمنحني القوة.
فبما أنه نسل من التنين، فهو يحمل طاقة سحرية نقية، ويدعم بصيرتي.
“لقد فهمت خطة الإمبراطورة.”
فتحت عيني ببطء، وأخبرت الجميع بما رأيت من مستقبل.
***************
فرحت الإمبراطورة كورنيليا أيما فرح عندما بلغها نبأ وفاة الأميرة.
كلما فكرت في الأمر، لم تستطع كتمان ضحكتها.
ومع كل ضحكة، كانت عضلاتها ترتجف.
كانت بالكاد تتحمل، فقد وصلت لعجز تام عن مقاومة لعنة الانعكاس.
جسدها يتألم مع كل حركة، وتشعر وكأن لحمها يُمزّق حيًا.
ورغم ذلك، حافظت الإمبراطورة على ابتسامتها الواثقة.
“لم يتبقَ سوى الأمير الأول.”
بما أن سيزار –الأمير الأول– انتصر في حرب لا تُنتصر، فسيصبح وريث العرش الشرعي كما وُعد.
“لكنني لن أسمح بحدوث ذلك.”
من البداية لم تكن تنوي ذلك.
شعرت الإمبراطورة بدنو أجلها، لكنها لم تكترث.
فقد واصلت البقاء حتى الآن باستخدام قرابين بشرية، لكنها كانت تدرك أن هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
كل شيء يتجه نحو النهاية.
“لم أعد أرغب بالحياة أصلًا.”
كل ما تريده هو أن ترى ابنها ماتياس يتوّج إمبراطورًا.
ذلك كان حلم حياتها، والغاية الأخيرة التي تسعى إليها.
عاشت حياتها كلها فقط من أجل رفع ماتياس إلى العرش، وتتخيله مرتديًا عباءة أرجوانية، وعلى رأسه تاج “الصليب المقدس”، وفي يده صولجان الملك.
مجرد تخيل ذلك يرسم البسمة على وجهها.
وإن أمكن، أرادت البقاء حيّة قليلًا لترى ابنها يحكم الممالك السبع، ويتربع على عرش العالم.
كان ذلك آخر طموحاتها.
منذ اللحظة التي دخلت فيها عالم السحر الأسود، كانت تتوقع هذه النهاية.
لذا، لم تعبأ بأن كل ما فعلته سيؤدي في النهاية إلى دمارها.
لقد سلكت طريق اللعنة خطوةً خطوة بإرادتها الكاملة.
كل شيء حولها تغيّر.
صحيح أن جسدها تعفن ولم يعد يؤدي وظيفته، لكنها في الأصل لم تكن سوى ابنة موظف وضيع، من عائلة نبيلة سقطت مكانتها بسبب تورطها في تجارة العبيد.
عاشت حياة كانت محط سخرية الجميع.
كم هو ساخر القدر.
من كانوا ينظرون إليها بازدراء في الماضي، صاروا الآن يركعون أمامها وينادونها بالإمبراطورة.
والابن الذي وُلد خارج إطار الزواج، والمُحتقر من الجميع، سيصبح اليوم إمبراطور الجميع.
أليست هذه أعظم “انتفاضة قدرية”؟
ستمنح كورنيليا ابنها مملكة كاملة بنتها بيديها.
وسيسير ابنها –ثم أبناء ابنه– على طريق الأرجوان، طريق الملوك.
وسيستمر حكم هذه السلالة ما دامت الإمبراطورية قائمة.
ومن خلال الحفاظ على هذه القوة والنفوذ، ستحقق كورنيليا “خلودًا فعليًا” عبر أبنائها.
“ولهذا، يجب أن أقتل الأمير الأول مهما كلّف الأمر.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 198"