من المؤكد أن أفراد عائلة بيليغرينو، باستثناء فيتوريو، قد صمتوا مقابل مبلغ التعويض الذي منحته لهم العائلة الإمبراطورية، ورفضوا حتى دفنها في مقبرة العائلة.
كنت أعلم كل تلك الحقائق، ومع ذلك، فإن الابن البكر لعائلة بيليغرينو أشار إليّ بأصابعه وذرف دموعًا غزيرة.
وفي تلك اللحظة، صاحت ديلفينا بصوت حاد:
“كاذبون! هذا كله كذب!”
لكن كلام ديلفينا لم يكن له أي تأثير، وتم إسكاتها بسرعة.
لم تنل سوى نظرات قاسية من هيئة المحلفين.
كنت أرتجف من التوتر.
وصلت إلى هذه المرحلة، ولا يمكنني أن أنهار في هذا المكان.
كان عليّ أن أتجاوز هذه المحنة بطريقة ما، لكني لم أر أي مخرج.
كان إثبات براءتي أمرًا بالغ الصعوبة.
لقد اشتروا شهود زور ورتبوا المسرح بعناية، وكان كلامي عديم القوة في مثل هذا الوضع.
والأسوأ أنني بالفعل كنت قد فتشت الجثة إلى حدٍّ ما.
لم تكن حادثة لم تقع، وفي غياب أي شهود، كان من الصعب للغاية الدفاع عن نفسي.
ربما لاحظ رئيس الأساقفة ارتباكي فسألني:
“الأميرة إيرينيا، أدلي بشهادتك. فإن صحة تلك الشهادة ستغير الحكم، ولا تنسي أن الاعتراف بذنوبك هو السبيل الوحيد لنيل الرحمة.”
أن تكون صادقًا دائمًا.
كان هذا أحد تعاليم “دين حاكم النور”.
الفكرة الأساسية كانت في عدم خداع النفس أو الآخرين، والسعي إلى الحقيقة فقط.
لكن المشكلة أنني كنت أعلم أنهم لن يصدقوني مهما قلت الحقيقة.
اعتقدت أن هذه هي النهاية.
لم يكن ادعائي ليُقبَل على أي حال.
لذا فكرت أنه من الأفضل التفكير في طريقة لحماية من حولي.
وكان ذلك يعني أن أعترف بكذبهم وأتحمل المسؤولية.
اعتقدت أن هذا سيجعل الضرر يقتصر علي وحدي.
كنت على وشك أن أرفع يدي لأدلي بشهادة زائفة، لكن في تلك اللحظة، أمسكت ديلفينا بيدي بشدة وأسقطتها.
شعرت بالارتباك وهمست لها:
“ديلفينا، لماذا تفعلين هذا فجأة؟”
استدرت لأنظر إليها، وكانت ترتجف كغصن شجرة تهزه عاصفة.
ثم رفعت رأسها نحوي.
كان وجهها الشاحب ملوثًا بالاحمرار، وكانت عيناها تغمرهما الدموع. قالت لي:
“أنا ممتنة للغاية لأنني استطعت خدمتك طوال هذا الوقت. لن أنسى أبدًا المعروف الذي أسديته إلي بإنقاذ حياتي.”
أردت أن أقول لها شيئًا من شدة دهشتي، لكنها نظرت إلي وابتسمت ابتسامة مشرقة.
“دي… ديلفينا؟”
ثم نهضت فجأة، ونظرت حولها، وصاحت:
“أنا هي الساحرة! أنا من تواطأت مع الشيطان، وقد حاولت الأميرة مرارًا أن تنقذني لكنها فشلت.”
بدأت الهمسات تعلو بين الناس وهم يحدقون بها. تنهدت ديلفينا وصاحت:
“كل هذا كان من صنيعي. لقد نبشت جثة فتاة شابة وقمت بفعل شنيع. لذا أرجو أن تعاقبوني!”
أصبح الجو في القاعة متوترًا بشكل خطير.
لم يكن هناك أي تعاطف مع امرأة اعترفت بجرائمها الشيطانية.
بدا الأمر وكأن شخصًا ركل خلية نحل، تعالت الهمسات والضوضاء.
نهضت من مقعدي على الفور وصرخت:
“لا، ديلفينا، ما الذي تقولينه؟!”
لكن ديلفينا نظرت إلي وهمست بشفتيها دون صوت:
“فكري في الطفل الذي في بطنك.”
في تلك اللحظة، تجمد جسدي كقطعة جليد.
شعرت بالذنب والغثيان في آن واحد.
طفل لم يولد بعد، وديلفينا، التي كانت ترعاني دائمًا…
كيف أجرؤ على المقارنة بين حياتيهما؟ لكن لم أستطع اتخاذ قرار بسهولة.
لقد كنت جبانة لأقصى درجة.
كان الأمر مرعبًا، أن أتظاهر بعدم رؤية ديلفينا وهي تضحي بحياتها من أجلي.
كيف يمكن لإنسان أن يكون أنانيًا إلى هذه الدرجة؟
كنت أعلم تمامًا ما الذي سيحدث إن تم إعلان ديلفينا ساحرة.
سيقع أمر مريع.
تذكرت مشاهد صيد الساحرات في طفولتي.
عادةً، كان يتم إثبات جرائم الساحرات تحت وطأة التعذيب، لكن ديلفينا اعترفت بنفسها، لذا كان الحكم سيصدر فورًا.
لم أستطع فعل شيء، وبدأت دموعي تسيل بغزارة.
تذكرت أجواء ساحة الإعدام.
رائحة الزيت المحترق وصراخ المرأة التي تم إعلانها ساحرة.
كان صراخها لا يزال يتردد في أذني.
والآن، أن تصبح ديلفينا، أعز صديقاتي، مكانها، كان أمرًا يفوق قدرتي على الاحتمال.
لم أصدق ما يحدث، فغرقت في اليأس.
“لا، هذا خطأ، هذا ليس عدلًا.”
لكن ديلفينا هزت رأسها مبتسمة.
“إذا عاد فيتوريو حيًا من الحرب… قولي له شكرًا منّي.”
هززت رأسي بشدة ودموعي تتساقط.
“ديلفينا، لا تفعلي هذا! لا يمكنك ذلك!”
لكن ديلفينا تجاهلت توسلي وأوصتني مجددًا:
“احرصي دائمًا على صحتك، وضعي الطفل في المقام الأول، دائمًا.”
في تلك الكلمات القليلة، اجتاحتني مشاعر غامرة، وانفجرت بالبكاء.
أدارت لي ظهرها وبدأت تمشي، ثم قالت:
“… احذري الإمبراطورة دائمًا.”
“ديلفينا… ديلفينا!”
حاولت اللحاق بها وكأنني مسلوبة الروح، لكن ساقي كانتا ثقيلتين كالرصاص ولم تتحركا كما أردت.
وفي تلك اللحظة، فُتحت أبواب المحكمة على مصراعيها، والتفتت أنظار الجميع إلى الخلف.
هناك، وقف كهنة بثياب بيضاء، يحملون عصيًا طويلة تتدلى منها عشرات الأجراس، فصدر عنها صوت رنين صافٍ وشفاف.
“آه…”حينها التقت عيناي بعيني الكونتيسة إلفيرا الواقفة خلف الإمبراطورة.
نظرت إلي وأعطتني إشارة سريعة، ثم أعادت وجهها إلى تعبيره البارد المعتاد.
لم أستطع فهم معنى تلك الإشارة، فاستدرت أنظر إلى الوراء.
ابنة الكونتيسة إلفيرا، التي كانت رهينة الإمبراطورة وعاشت طوال حياتها في السجن تحت الأرض.
آخر مرة رأيتها فيها كانت نحيلة ومرهقة، لكنها الآن اكتسبت اللون في وجهها، وكانت ترتدي ثيابًا احتفالية فاخرة، بدت كفتاة جميلة ومشرقة في عمرها المناسب.
تفاجأ الجميع بظهور “القديسة”.
وقف الحاضرون وأحنوا رؤوسهم احترامًا.
“القديسة؟ أهي تلك التي ذاع صيتها مؤخرًا بقوتها الروحية الكبيرة؟”
“هل يمكن أن تكون تلك القديسة التي تم إعلانها مؤخرًا رسميًا، قد أتت بنفسها؟”
عندها، تجاوزت لوسيا أمبروزيو وجوليانو وتقدمت إلى الأمام.
وقفت أمام رئيس الأساقفة، ثم التفتت نحو هيئة المحلفين وانحنت تحيتهم:
“ليكن بركة الرب معكم. أنا القديسة لوسيا، ممثلة الرحمة والروح القدس، جئت على رأس الفرسان المقدسين لأتمم هذه الحرب المقدسة.” (استغفر الله 🦦)
أطلقت كلماتها كأنها بركة على الجميع.
أُسقط ما في أيدي الجميع ولم يعرفوا كيف يردّون.
وحين تحدثت، أسرع رئيس الأساقفة بالنزول من مكانه وركع أمامها:
“يا سيدتي القديسة، ما الذي جاء بك إلى هذا المكان المتواضع؟”
كان تسلسل الرتب داخل الكنيسة يُحدد بناءً على كمية القوة الروحية، دون اعتبار للعمر أو المكانة الاجتماعية، لذا لم يكن غريبًا أن يركع رئيس الأساقفة أمام فتاة صغيرة.
فـلوسيا كانت تملك أعلى طاقة روحية بين جميع القديسين الحاليين، باستثناء البابا.
“أرى أن هناك نوعًا من إعادة الهيكلة الدينية. هل لي أن أسأل عن السبب بالتفصيل؟”
عند سؤال لوسيا، رفع رئيس الأساقفة رأسه وشرح ما حدث:
“تلقينا بلاغًا بأن الأميرة إيرينيا عقدت اتفاقًا مع الشيطان وارتكبت أفعالًا هرطقية، ولذلك عُقدت هذه المحكمة الدينية. ولكن، منذ قليل، أقرت خادمتها بأفعالها الشيطانية واعترفت بجرائمها.”
“قالت إنها اعترفت، إذًا؟”
سألت لوسيا، وأومأ رئيس الأساقفة برأسه وهو ينظر إلى الفتاة الصغيرة بحذر.
عندها نظرت لوسيا إلي وابتسمت ابتسامة خفيفة.
“من الآن فصاعدًا، سأتولى قيادة هذه المحكمة الدينية بنفسي. لا اعتراض لديكم، أليس كذلك؟”
حينها، سُمِع صوت تنهد غاضب من جانب الإمبراطورة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 168"