هاجسٌ من الترقب والخوف، وفي اللحظة نفسها ألمٌ ثقيل يضرب القلب بقوة.
مشاعر مختلطة اجتاحتني.
كانت الفرحة ترفعني عاليًا كأنني أطير في السماء، لكن شعورًا بالقلق جعلني أشعر بأنني على وشك السقوط إلى الهاوية.
كان وجود الطفل يبعث في نفسي البهجة، لكنه كان في الوقت ذاته عبئًا ثقيلًا.
كنت أشعر بالراحة لأن سيزار ليس هنا الآن، لكن في الوقت نفسه، كان ذلك يؤلمني.
لا أعلم حتى كيف ستكون ردة فعله، بل وحتى أنا، لم أعد قادرة على تمييز أي من هذه المشاعر هو الحقيقي.
لكن من الناحية الواقعية، فإن حملي في هذا التوقيت كان بالتأكيد أمرًا بالغ الخطورة.
كما لو أن وحشًا ضاريًا يزمجر قبل أن ينقض على فريسته، شعرت أن كل ما يحيطني يرسل لي إشارات تحذيرية.
تجمعت قطرات العرق البارد في كفي، فمسحته على طرف ثوبي.
الملكة، وجيوفينيتا، والدوقة فلوريس، سيليستينا، جميعهم يضغطون على عنقي، إضافة إلى زوجي الذي خرج إلى ساحة حرب لا أمل فيها بالنصر، والمستقبل الغامض لطفل قد يولد يتيمًا… كل هذه الأمور أرعبتني وأثقلت كاهلي.
لكن الأشد من كل ذلك، أنني كنت أفتقر إلى الثقة بالنفس.
احتمال ألا يولد هذا الطفل على قيد الحياة كان مرتفعًا جدًا.
وكأنها قرأت ما يدور في خاطري، أمسكت دلفينا بيدي بقوة وقالت:
– «جلالتك، لا تقلقي على الإطلاق.»
– «أه… نعم…»
– «سوف نراقب الوضع جيدًا. سأبذل قصارى جهدي من أجلك ومن أجل الطفل.»
بدا على وجه دلفينا، التي كانت دائمًا لطيفة وهادئة، عزيمة قوية وصلبة.
ورغم ذلك، لم يبدد ذلك كل قلقي.
لم يكن هناك أي أمل يمكن التعلق به مهما حاولنا تزيين الوضع.
– «شكرًا لك، دلفينا.»
في غياب سيزار، كانت دلفينا الوحيدة التي تقف في صفي داخل هذا القصر، وكان لاهتمامها بي وقع كبير في نفسي.
عدت لأمسح على بطني المسطح.
هذا الطفل هو ابن سيزار، وقطعة من دمي الذي لطالما تمنيت امتلاكه.
لذا، كان عليّ أن أحمي هذا الطفل مهما حدث.
لقد تحقق ما كنت أخاف حتى من مجرد تخيله.
كان من الأفضل لو لم يحدث هذا أصلًا، لكن الواقع كان قاسيًا معي دائمًا، ولم يكن أمامي سوى الاستعداد للمستقبل.
كان عليّ أن أواجه الواقع بعينين باردتين.
حتى لو انتهت هذه الحرب بخسارتي لسيزار.
مجرد التفكير في الأمر يجعلني أشعر وكأن أحدًا يقطع أطرافي، لكن حتى لو حدث ذلك، كان عليّ أن أكرّس حياتي لحماية هذا الطفل.
فجأة، تذكرت “أنّاليسا”، تلك المرأة التي حملت بي نتيجة علاقة غير شرعية مع الدوق، وأنجبتني في ظروف قاسية بعد أن أثارت غضب زوجته.
ترى، بأي شعور أنجبتني؟
لطالما ظننت أنني لن أستطيع أبدًا فهم مشاعرها المعقدة، لكن ربما الآن، أنا الأقرب لفهمها من أي وقت مضى.
هززت رأسي مرارًا وتنهدت بعمق.
كانت الحيرة والقلق تملأ قلبي، لكنني لم أكن لأتراجع.
– «سأحمي سيزار، وسأحمي هذا الطفل، مهما كلفني ذلك…»
همست بها كأنني أُقسم، بأنني سأتقبل أي محنة في سبيل هذا الطفل.
لم يكن هناك مجال لأي خطأ.
لذا، كان عليّ أن أكون يقِظة دومًا، أراقب كل ما حولي بعين حادة.
حتى لو تطلب الأمر أن أمشي على الأشواك حافية القدمين.
– «يجب أن أخفي حملي.»
هذا كان أهم شيء الآن.
لا يمكن لأحد أن يكتشف أنني حامل.
نظرت إليّ كونستانتشا وتنهدت بقلق وقالت:
– «بما أنها ولادتك الأولى، وجسمك ناحل جدًا، فبطنك لن يبرز بسرعة…»
– «حقًا؟»
كنت أعتقد أن الحمل يجعل البطن يظهر بسرعة، لذا كان هذا القول مطمئنًا جدًا بالنسبة لي.
لم أكن أعلم الكثير عن الحمل والولادة، وكونستانتشا كانت ملجئي الوحيد.
– «لقد رأيت حالات لم تظهر عليهن أعراض الحمل حتى الشهور الأخيرة.»
كونستانتسا كانت تعمل معالجة وقابلة، وقد تعاملت مع الكثير من الحوامل.
أخبرتني عن مرحلة “الاستقرار” المهمة جدًا.
– «الفترة الحرجة هي حتى يثبت الجنين. الإجهاض المبكر شائع حتى بين الأصحاء، لذا عليك أن تكوني حذرة لثلاثة أشهر على الأقل. حتى يصل الحمل إلى مرحلة الأمان، يستغرق ذلك قرابة ستة أشهر.»
قالت إن تجاوز هذه الفترة يقلل من خطر الإجهاض كثيرًا، وهذا خفف من توتري قليلًا.
– «يبدو أننا لا نستطيع التراخي حتى دخول فترة الاستقرار.»
– «وهناك أمر آخر.»
قالت كونستانتسا بصرامة:
– «جسمك ضعيف جدًا. لو بقي على هذه الحال، فقد تواجهين خطرًا قبل الولادة.»
وأوضحت أن حزني الشديد وامتناعي عن الأكل والإرهاق المستمر سيؤثر سلبًا على الطفل.
– «لكن… ولكن…»
– «خلق إنسان جديد أمر خطير يستدعي التضحية. لا زوج لك، فكيف ستصمدين؟»
رغم تعاطفها، كانت رين تهز رأسها بأسى وتحاول كبح أسفها.
– «رغم ذلك، أريد بشدة أن أنجب هذا الطفل.»
فابتسمت كونستانتشا ابتسامة مرة:
– «حسنًا، وبما أن ريشار طلب مني مساعدتك، فسأفعل كل ما أستطيع.»
بدأنا نخطط معًا.
قررنا أن نخفي بطني بثياب فضفاضة حتى دخول فترة الأمان، وكان الأهم هو تجنب الكشف عند طبيب القصر.
– «لكن هناك فحص شهري منتظم. كيف سنتجاوزه؟»
– «هناك دواء يمنع اكتشاف علامات الحمل مؤقتًا. لن يدوم طويلًا، لكنه قد يخدعهم لبعض الوقت.»
وأضافت كونستانتشا:
– «بعد ستة أشهر، سيستقر الحمل تمامًا ولن يستطيع أحد التأثير عليه.»
وأعطتنا مادة كاشفة لتمييز وجود موانع الحمل في الطعام أو غيره.
– «من الآن فصاعدًا، كل ما تأكلينه أو تشربينَه أو تلامسينه، يجب أن يتم اختباره أولًا. تناول موانع الحمل بشكل مستمر سيؤثر على الجنين.»
بدأت دلفينا باستخدام الكاشف في تفتيش كل شيء في جناح الزمرد الأخضر. فوجدت ما يلي:
– «…مسحوق الغسيل، الصابون، العطور، والتوابل.»
تلك كانت أشياء عادية في الحياة اليومية، لكنها احتوت على مكونات مانعة للحمل، بتركيز خفيف جدًا، حتى أنه لم تظهر أي أعراض مباشرة.
لكن كوني قضيت فترة غير قصيرة في القصر، وتناولت واستعملت ما يُعطى لي هناك، فهذا يعني أن تلك السموم قد تراكمت في جسدي تدريجيًا.
– «من البداية، كانوا يتخذون احتياطاتهم لمنعي من الحمل.»
كنت زوجة لأمير منبوذ أُرسلت إلى القصر كأضحية، وكان سيزار قد فقد وعيه بفعل سحر الملكة، لذا لم يتخيل أحد أنني قد أحمل.
ومع ذلك، كانوا يعدّون خطة لقتلي وفي الوقت نفسه يمنعون حملي المحتمل… لم يسعني إلا أن أُعجب بدهائهم.
كم خطوة سابقة خططوا لها؟
– «لابد أن للدوقة يدًا في هذا.»
منذ أن أجبرتني سيليستينا على هذا الزواج، أصبحت خصمي، لذا لم يكن ذلك مستغربًا.
الآن وقد عرفت عدد الأعداء، يمكنني اتخاذ خطوات مضادة.
كان علينا أن نعيش كأن الأمور طبيعية.
نصف خوف، نصف حذر.
قررت دلفينا إعداد الطعام بنفسها قدر الإمكان، وأزلنا كل أنواع التوابل باستثناء ما نحضّره نحن.
صارت وجباتنا خالية تمامًا من أي ملوحة، لكنها كانت تمنحنا الطمأنينة.
من الأساس، لم أكن أملك شهية كبيرة، والآن أصبحت أتقيأ كل شيء بسبب غثيان الحمل.
وصرفت لي كونستانتشا أدوية عشبية خاصة لإزالة السموم من جسدي، ووعدت أن تزورني دوريًا لفحصي في القصر.
كل شيء كان يسير على ما يرام. كنت أعتقد أن الأمور ستبقى على هذا النحو…
*****************
أما جيوفينيتا، فقد كانت غارقة في الغضب، لا تستطيع كبح جماح نفسها.
كل شيء كان يسير نحو الفوضى.
الرجل الذي تحبه ذهب إلى الحرب، وقبل أن يغادر لم يلتفت إليها ولا لمرة واحدة.
لم يمنحها أي فرصة.
وفوق ذلك، في الحفل الأخير، تعرضت لإهانة كبيرة بسبب “إيرينيّا”.
رغم أن الحفل قد أُلغي بعد إعلان الحرب، إلا أنها لم تستطع كتم غضبها.
– «لا، بل هذا أفضل. كم هو مريح أنها لم ترقص مع الأمير سيزار، تلك العرجاء!»
هكذا كانت تواسي نفسها بكلمات جوفاء، لكنها لم تستطع تبديد الغضب في داخلها.
– «تلك الخبيثة… لا شك أنها خططت لكل شيء!»
كيف علمت أن القلادة في حقيبتها؟ كيف؟ هل يمكن أن “مارثا” خانتها؟ لا، مستحيل.
لو خانتها، لما سرقتها منذ البداية.
الجانب المضيء الوحيد هو أن إعلان الحرب طغى على حادثة القلادة، وكأنها لم تحدث.
لكن رغم ذلك، كانت جيوفينيتا ما تزال تفكر بالأمر، ولم يهدأ غضبها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 165"