لم تستطع الإمبراطورة كورنيليا كبح جماح غضبها، فاندفعت الدماء إلى وجهها الشاحب دون أن تتمكن من السيطرة عليها.
وفي النهاية، لم تستطع استعادة هدوئها إلا بعد أن أطلقت صرخة عالية وسببت فوضى عارمة في غرفة الزينة الخاصة بها.
“لا أفهم حقًا كيف تدير الدوقة شؤون ابنتها!”
كانت خلف الإمبراطورة الدوقة سيليستينا، ترتجف بجسدها البائس.
وخلفها كانت جيوفينيتا ملتصقة بها بشدة، لا تعرف كيف تواجه هذا الغضب، ولم تتمكن إلا من ذرف الدموع.
“لـ… لكن، صاحبة الجلالة الإمبراطورة، لم أكن أتخيل أن إيرينيا ستتصرف بهذه المكر—”
وفي تلك اللحظة، اندفعت شرارة أمام عيني جيوفينيتا.
ارتبكت وأمسكت بخدها الذي أصبح مخدرًا من الصفعة، ونظرت إلى والدتها بدهشة كبيرة.
لقد كانت هذه أول مرة تتلقى فيها صفعة من والدتها، وكان وقعها صادمًا.
“يا لك من مخزية، جيوفينيتا، كيف تجرؤين على التصرف بهذا الشكل أمام جلالة الإمبراطورة!”
“لـ… لقد كنتُ فقط…”
لم تستطع جيوفينيتا الكلام، فقد كانت مصدومة ومحطمة، ولم تتوقف دموعها.
لكنها لم تكن تدرك أن والدتها كانت تؤنبها بشدة فقط لتمنع غضب الإمبراطورة من أن يتفاقم.
وفي مثل هذه الأمور، كانت الدوقة دائمًا ما تتصرف بسرعة.
“يا صاحبة الجلالة، كما أمرتي، سأقوم بتأديب ابنتي بشدة على خطئها. جيوفينيتا، ستبقين تحت المراقبة حتى تندمي على أفعالك!”
بهذا، قامت الدوقة سيليستينا بطرد جيوفينيتا بالقوة.
ورغم أن الإمبراطورة كانت تشاهد هذا المشهد، فإنها لم تستطع إلا أن تعترف بحكمة الدوقة.
ولكن هذا زاد من غضبها.
كان الغضب، الذي اشتعل أولًا كالنار وفقدت بسببه اتزانها، قد تحول الآن إلى جليد حاد ورقيق، يبعث قشعريرة قاتلة.
“لن أنسى هذا الغضب… وسأرده كما هو.”
صرّت الإمبراطورة أسنانها.
ولأجل أن ترد على الإهانة التي تلقتها من زوجة ولي العهد، كانت مستعدة لاتخاذ أي خطوة.
“نعم، عندما ترتكب الزوجة خطأ، يدفع الزوج الثمن.”
تعهدت لنفسها أن تجعل ولي العهد الأول، سيزار، يتقدم الصفوف في ساحة المعركة، مهما حدث.
حتى وإن تسبب ذلك في إثارة فوضى كبيرة.
وبعد مرور وقت طويل، استطاعت الإمبراطورة أخيرًا أن تتوجه إلى قاعة الاجتماع بمساعدة خادمتها.
**************
في قاعة الحفل، كنتُ الوحيدة التي بقيت تنتظر انتهاء الاجتماع.
وعلى عنقي، بالطبع، كان يتدلى “حلم اللهيب الأزرق” الذيي تتلألأ ببريق باهر.
وقد أُعيدت إليّ هذه القلادة يدويًا من جيوفينيتا، بل وعلقتها لي بنفسها، لا بد أن هذا كان مزعجًا للغاية لها.
وكما توقعت، فقد ذهبت جيوفينيتا مع الإمبراطورة إلى غرفة الزينة، ولم تعد للظهور في الحفل بعد ذلك، مما جعل فوزي واضحًا.
لكن نظرات النبلاء لي في الحفل كانت حادة جدًا.
“ولية العهد متغطرسة للغاية، لا تحترم أختها الكبرى.”
“رأيتم كيف دهست آنسة جيوفينيتا تحت سلطتها؟”
“مكانتها متدنية وتصرفاتها مبتذلة.”
من الواضح أن الجميع كانوا يهمسون بهذه التعليقات عني.
لكنني لم أكن أسمعهم.
ما كان يشغلني هو نتيجة الاجتماع فقط.
فنتيجة مؤتمر الدول الثلاث هذه المرة، ستحدد كيف ستسير الحرب مع الشياطين، وسيتم إعلان ولي العهد رسميًا.
إذا تم إعلان الأمير الثاني كولي للعهد، فلن يستطيع التهرب من الذهاب إلى الحرب حسب القوانين.
لكن قلبي كان ممتلئًا بالقلق، شعرت وكأن موجة عظيمة تقترب.
كان لدي شعور سيئ.
“ماذا لو كان ذلك الحلم حقيقة…؟”
لم أستطع التوقف عن التفكير في ذلك الكابوس.
قال لي سيزار إنه مجرد حلم مزعج، لكنني كنت أعلم.
“قد يكون بصيرة القدر قد تجلت.”
لم أرَ رؤى واضحة منذ فترة، لذا لم أربط الحلم مباشرة بها، لكن شعور التشاؤم كان يتزايد.
ماذا لو، كما في الحلم، ذهب سيزار إلى الحرب؟ ماذا أفعل حينها؟
بينما كنت غارقة في تلك الأفكار، مررت بيدي على مقدمة فستاني لعلني أهدأ.
شعرت بنعومة الحرير، لكنها جلبت معها شعورًا بالانزلاق نحو الهاوية.
ماذا لو أن سيزار…
هززت رأسي بقوة.
لا يجب أن أفزع من مستقبل لم يُحدد بعد.
الخوف يعمي الناس، ويمنعهم من اتخاذ القرارات الصائبة عند الحاجة.
ومع مرور الوقت، ازداد قلقي وضغطي الداخلي.
لم أعد أستطيع الوقوف بثبات.
ماذا لو كان ما يجري في قاعة الاجتماع كارثة لم أتمكن من توقعها؟
حينها، فُتحت أبواب قاعة الاجتماع، وخرج منها بعض الوجهاء بوجوه جامدة.
ظهرت أولاً الإمبراطورة كورنيليا، ثم الإمبراطور غويدو، ثم الزعيم العفريتي إيسيلينور من غابة هيفيليوم.
تبعهم مجموعة من الأقزام ذوي القامات القصيرة والأجساد الضخمة.
وكان في المقدمة زعيمهم نازدورغ، قائد اتحاد الحديد ستويكان.
بمجرد ظهورهم، خيم الصمت على المكان.
وفجأة شعرت بالظلام يكسو عيني.
خرج الخدم من وفود الدول واحدة تلو الأخرى. ثم ظهر سيزار.
“سي… سيزار…؟”
كان يرتدي عباءة أرجوانية ويحمل سيف الإمبراطور على خصره.
نظر حوله وصاح بصوت عالٍ:
“باسم الإمبراطور غويدو دي لا روزا كونستانتيني فيوري، حاكم إمبراطورية أسيتريا وسيد الممالك السبع، أعلن: لقد غزا ملك الشياطين أراضي حليفنا اتحاد ستويكان. لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذا الطغيان. سنقود جيوشًا قوية لاستعادة ميراثنا المشروع. نعلن الحرب رسميًا على قوات الشياطين، وننهي هذه المشكلة التي استمرت قرونًا. هذا هو الأمر الإمبراطوري. لذا أدعو كل شعب الإمبراطورية إلى التجمع والنضال بشجاعة في هذه الحرب العادلة والمقدسة!”
تجمد الناس في أماكنهم، غير قادرين على استيعاب الأمر، ثم بدأوا بالتصفيق.
وتعالت الهتافات كالرعد في القاعة.
أما أنا، فقد شعرت بدوار وسقطت على الأرض.
لأن إعلان سيزار هذا كان يعني أنه سيكون في طليعة الحرب.
ثم بدأ ممثلو الدول الأخرى بإلقاء خطابات بلغاتهم المختلفة.
لم أفهم الكثير، لكنني التقطت بعض الكلمات: حرب، عدالة، قداسة، انتقام، قضية كبرى…
ما معنى كل هذا؟
“صاحبة السمو، هل أنتِ بخير؟”
حاولت ديلفينا مساعدتي على النهوض، لكن قدماي لم تقدرا على الوقوف.
ناولتني زجاجة خلّ، لكنني أغمي عليّ قبل أن أستخدمها.
في لحظة، اسودت رؤيتي، وسمعت أصواتًا قلقة تتردد في أذني.
لكن وعيي بدأ يغرق كمن يسقط في مياه سوداء.
**********
رأيت سيزار.
في ساحة المعركة، غارقًا في الدماء، يحتضر.
درعه الفضي كان مغطى بدماء العدو ودمائه.
لقد بدا بائسًا جدًا.
كنت أعلم أن هذه هي نهايته.
كان هذا حلمًا عن موته.
سيزار يموت .
“لاااا!!”
صرخت واستيقظت.
نظرت حولي فرأيت غرفة نومي المألوفة.
كانت آخر ذاكرتي في قاعة الحفل، فكيف وصلت إلى هنا؟
حينها فُتح باب الغرفة ودخل سيزار.
“…رين.”
كان يحمل إبريق ماء، واقترب مني.
“سي… سيزار؟”
لم أستطع تصديق ما أراه، فسألته.
كان كأنه حلم سيء، لكنني لم أستطع تذكره بدقة.
فقط شعور مزعج وثقيل بقي في داخلي.
شعرت بعطش مفاجئ.
ولحسن الحظ، ناولني سيزار كوب ماء من الإبريق الذي كان يحمله.
أخذته وشربته دفعة واحدة.
“…بإمكانك النوم أكثر.”
“نعم.”
رأسي لا يزال يدور، فأنزلت نظري.
في تلك اللحظة، انخفض السرير قليلاً حين جلس عليه سيزار.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 158"