لم تعد تتذكر نفسها في الماضي، حينما كانت ترتجف قشعريرة من ولي العهد الأول وتصفه بالوحش.
ما كان يهمها الآن هو هيئته الحالية فقط.
كان ولي العهد الأول، الكامل والجميل، حاضرًا هناك.
وذلك وحده كان كافيًا.
أرادت أن تملكه.
وأيًّا كان ما تملكه إيرينيا، أرادت أن تسلبه منها.
لم تكن تطيق أن ترى تلك الفتاة تحصل على شيء جيد.
لأن، وربما، وربما كانت إيرينيا…
“لا!”
هزّت جيوفينيتا رأسها بعنف كما لو كانت تحاول محو هذه الأفكار.
عضّت جيوفينيتا على أسنانها بقوة.
وفجأة، شعرت وكأنها تسمع صوت تلك المرأة المتسولة في أذنيها.
ذلك الصوت الملطّخ بالدماء… كان ذكرى مروعة.
لا تزال آثار الدم الطويلة والحمراء التي بقيت على الأرض بعدما جُرّت المرأة على يد ضابط الشرطة راسخة بوضوح في ذهنها.
“هذا مستحيل. ليس كذلك!”
ظنت أن صوت تلك المرأة كان يناديها، حتى أنها شعرت بأن صرخات الحزن المؤلمة كانت تهزّ طبلة أذنها، ولم تستطع محوها. استمرت جيوفينيتا في هز رأسها بعنف.
“قلت إنه مستحيل!”
**************
بما أن الإمبراطورة تنحّت عن المجلس فجأة، لم يكن أمامي خيار سوى مغادرة قصر حجر القمر.
وعندما خرجت مدعومة بذراع دلفينا، كان سيزار بانتظاري تمامًا كما كان حين دخلت.
“رين!”
عندما ابتسم لي بوجهه المشرق، كان من الواضح أنه سيزار الذي أعرفه تمامًا، دون أن يتغير.
ربما لأنني تسببت في شجار كبير مع جيوفينيتا، فقد كنت أشعر بارتياح لرؤيته أكثر.
أخفيت الإرهاق الناتج عن ما جرى داخل القاعة، وعانقته برفق.
“سيزار، هل انتظرتني بهدوء؟”
عندما سألته، أومأ برأسه مبتسمًا ببراءة.
“نعم، هل كنتِ بخير في الداخل، رين؟”
كان يبدو أن سيزار قلق عليّ.
لم تكن هذه المحادثة تختلف كثيرًا عما كنا نتبادله في الماضي، ومع ذلك بدأت أشعر بأن انزعاجي من الغرابة يتلاشى تدريجيًا. وقد أشعرني هذا بالطمأنينة الشديدة.
عندما تذكرت ما حدث للتو، انفجرت بالضحك دون قصد.
تعبير وجه جيوفينيتا الغاضب! كانت دائمًا تندفع كخنزير بري، لكنها غالبًا ما كانت تُفاجأ وتُهاجم بطريقة معاكسة كهذه.
لم أكن أفهم لماذا تكرهني جيوفينيتا إلى هذا الحد، لكنني لست من النوع الهادئ الذي يترك المعركة تمر دون ردّ.
“نعم، لم يحدث شيء.”
كان من الصعب اختزال ما حدث بكلمة “لم يحدث شيء”، لكنني لم أرد أن أقلق سيزار، فتهرّبت من الحديث بهذه الطريقة.
ابتسم سيزار كما لو كان يعرف كل شيء.
نظراته في تلك اللحظة أوحت وكأنه يفهم كل ما يجري.
في تلك اللحظة، اقترب منا فيتوريو مسرعًا من بعيد.
بدا عليه التعب وكأنه كان يركض، يمسح العرق المتصبب منه وهو يلتقط أنفاسه.
“أحيي سمو الأميرين.”
بعد أن انحنى احترامًا لنا، أخرج شيئًا من صدره وناوله لي خفية.
كان ذلك هو الشيء الذي كان يحمله القتلة الذين هاجموني – مشبك معدني يحمل شعار “فرقة المرتزقة بلا راية”، وقد أريته سابقًا “لأخوة الظل” الذين استأجرتهم من دار الإغاثة.
من خلال ذلك، كان واضحًا أن فيتوريو قد تواصل مع الأخوة وجمع المعلومات.
أومأت برأسي وأنا أتحسّب لما حولي.
كان هذا المكان ما يزال مليئًا برجال الإمبراطورة، لذا كان علي الحذر من الأذان المتصنتة.
“سنتحدث بالتفصيل في قصر الزمرد.”
تبادلنا النظرات وأومأنا برؤوسنا.
كانت الأخبار التي جلبها فيتورو مطابقة إلى حد كبير لما كنت أتوقعه.
أولًا، قال إنه حصل على دليل قاطع يُثبت أن الداعم المالي الرئيسي لفرقة المرتزقة بلا راية هو الكونت كاستيلو.
“في السنوات الأخيرة، استأثرت بعض العائلات بامتيازات التنقيب التي منحتها العائلة الإمبراطورية. ومن ضمنها مصدر دخل الكونت كاستيلو.”
كانت العائلات التي استثمرت في المشاريع الكبرى خلال هذه السنوات، بما في ذلك عائلة كاستيلو، جميعها تحت تأثير الإمبراطورة.
وكان من الطبيعي أن تكون أسرة دوق فلوريس واحدة من هذه العائلات.
“عائلة دوق فلوريس كذلك من العائلات التي تستند إلى ظهر الإمبراطورة…”
بما أن الكونت كاستيلو هو خال سيليستينا من جهة الأم، فقد كان من المستحيل فصل علاقته عن دوق فلوريس.
لذا لم يكن من المبالغة القول إن الإمبراطورة كورنيليا وعائلة دوق فلوريس تقفان وراء كل هذا.
عند جمع كل هذه المعلومات وتنظيمها، بدا واضحًا أن بالإمكان استخدامها كأداة قوية تهز مكانة الإمبراطورة.
تمتمت بإعجاب:
“السيد ماورو يؤدي عمله جيدًا.”
كان هذا نابعًا من دهشة حقيقية.
في آخر مرة رأيت فيها رجال “اخوة الظل”، كانوا يُظهرون نوعًا من العزيمة، لكنني لم أكن متأكدة من قدرتهم الحقيقية.
ظننت أن تحالفنا مجرد تقاطع مصالح، لكنهم فاقوا توقعاتي في كفاءتهم.
كما أنهم اكتشفوا تفاصيل التحويلات المالية الأخيرة بين الكونت كاستيلو ودوق فلوريس.
لا أعلم كيف تمكنوا من ذلك، لكن كان عملًا مذهلًا بالفعل.
“فيتو، انقل شكري للسيد ماورو لاحقًا.”
“حسنًا، سموّك.”
راجعت الأرقام المدرجة في التقرير.
كانت مخفية بذكاء، لكن بعض الأنماط كانت بارزة.
وكانت جميع استخدامات تلك الأموال تشير إلى اتجاه واحد:
“دور الإغاثة، دور الأيتام، مكاتب التوظيف، النقابات التجارية…”
ما يميّز هذه الأماكن أنها تجمع الناس.
والأهم، أنها تجمع أشخاصًا لن يُثير غيابهم المفاجئ الكثير من الضجة.
عندما فكرت بأن هؤلاء الأشخاص يُستخدمون كمواد لتغذية السحر الأسود، شعرت بالغثيان.
غطّيت فمي بيدي وانتظرت أن يهدأ جسدي، فربت سيزار على ظهري بلطف.
أحسست بحرارته، وبدأت حالتي تتحسن قليلًا.
“شكرًا لك، سيزار.”
لم يكن من الممكن اتخاذ خطوات فورية بناءً على المعلومات التي جلبها الأخوية، لكنها كانت بلا شك ستكون ذات فائدة عظيمة مستقبلًا في الضغط على قوة الإمبراطورة.
*************
الأمير الثاني، ماتّياس، أنهى تدريبه على المبارزة مع أستاذه وأخذ يهدّئ أنفاسه.
وبينما كان يمسح عرقه بمنشفة قدمها له بيرتوتشيو، خادمه الذي كان ينتظر بصمت في الخلف، تذكّر فجأة شيئًا وسأله:
“أليس من المفترض أن تكون الأميرة قد عادت إلى القصر الإمبراطوري الآن؟”
“نعم، صحيح.”
كان بيرتوتشيو، الذي ينحدر من جزيرة صغيرة في الجنوب، رجلًا ضخمًا، أسمر البشرة وقليل الكلام.
أكثر ما أعجب ماتّياس فيه هو صمته.
لكن أحيانًا كان هذا الصمت مزعجًا.
كما هو الحال الآن.
رمي الأمير الثاني المنشفة المبللة بالعرق على الأرض وسأل من جديد:
“ألم أقل لك أن تخبرني فور عودتها؟”
“لكن جلالة الإمبراطورة أمرت بإبعاد الأميرة عنك.”
“حقًا؟”
في الحال، استلّ ماتّياس سيفه من خصره ووجهه إلى عنق بيرتوتشيو.
كانت المسافة بين النصل وجلده بالكاد تتسع لشعرة، لكن بيرتوتشيو لم يُبدِ أي اضطراب.
“سأسألك، بيرتوتشيو. هل أنت خادم الإمبراطورة؟”
“لا، لست كذلك.”
“فلماذا تجاهلت أمري إذًا؟”
“لأنني رأيت أن هذا هو الطريق الأفضل لك، سموّك ــ”
وقبل أن يُكمل كلامه، لامس نصل السيف البارد جلده، وسال منه خيط رفيع من الدم.
تبادل فرسان التدريب النظرات فيما بينهم لكن لم يتدخل أحد.
لم تكن هذه أول مرة يُسيء فيها الأمير الثاني معاملة خادمه، بل كان ذلك أشبه بالروتين اليومي، لذا لم يُعره أحد اهتمامًا خاصًا.
وكان بيرتوتشيو يدرك ذلك أكثر من أي أحد.
لذلك، لم يكن من الحكمة أن يضيف المزيد من الكلام.
شفتاه المغلقتان لم توحي بأن شيئًا آخر سيخرج منهما.
تنهد ماتّياس متأففًا وأعاد سيفه إلى غمده.
“هذا وذاك، إذًا ماذا تفعل الآن؟”
أجاب بيرتوتشيو بصدق استنادًا إلى ما سمعه من جواسيسه:
“علمت أنها اجتمعت مع جلالة الإمبراطورة، ثم عادت إلى قصر الزمرد.”
“يجب أن أراها فورًا.”
سأله بيرتوتشيو بدهشة:
“بهذه الهيئة، سموّك؟”
كان ماتّياس يرتدي السترة المبطنة المخصصة تحت درع التدريب، وقد تعرّق بشدة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 132"