كنت قد قبضت على ردائي بقوة شديدة حتى أصبح لوني شاحبًا من شدة التوتر.
“يا زوجة ولي العهد، اقتربي.”
دوّى صوت الإمبراطورة الحازم في القاعة.
بدأ العرق البارد يتجمّع على جبيني.
“جلالتك…”
كان هناك من يسند خطواتي.
إنها دلفينا. لو سارت معي، ستنال نصيبها من سخط الإمبراطورة.
حاولت أن أبعدها عني، لكن لم أتمكن من توجيه أي قوة إلى يدي.
وهكذا، بخطى كالمقاد إلى منصة الإعدام، بل كأنني بقرة تسير نحو المذبح، مضيت إلى الأمام.
كانت خطواتي ثقيلة جدًا، رغم أنها لم تتعدّ ثلاثة عشر خطوة، لكنني كدت أن أسقط في آخر خطوتين، إذ خارت قواي.
عندما انكسر توازني، صدر من بين الحضور همس إعجاب، لكنهم سرعان ما أخفوا أفواههم بالمراوح أو المناديل.
كانت إحدى السيدات المسنّات منشغلة بقرص فخذ فتاة صغيرة تضحك ببراءة.
وفي هذه الأثناء، اقترب ماتياس مرة أخرى من الإمبراطورة وهمس في أذنها.
بدا أنها انزعجت قليلاً من حديثه، فصدّته قائلة:
“قلت لك مرارًا إنني فهمت.”
شعرت وكأن قلبي سقط إلى الأرض. ترى، ما الذي قاله ماتياس؟ ولماذا استجابت الإمبراطورة بهذا الشكل؟
نظرت حولي للحظة ثم تنفست بعمق وركعت أمام الإمبراطورة.
“تحياتي لجلالة الإمبراطورة… ….جلالة الإمبراطورة. هل كنتِ بخير طيلة هذا الوقت؟”
كنت قد تمرنت على هذه الكلمات مرارًا، لذا خرجت بسلاسة.
لكني لم أكن أعلم متى سينقض عليّ غضب الإمبراطورة.
رغم ذلك، لم أرد أن أظهر أي ضعف في لحظتي الأخيرة.
سادت سكينة جحيمية.
بدأت أعد في داخلي.
ومع ازدياد الأرقام، شعرت بأن منجل الموت يغرس أطرافه في عنقي شيئًا فشيئًا.
وضعت الإمبراطورة مروحتها جانبًا وابتسمت ابتسامة عريضة.
لم أستطع تفسير تلك الابتسامة، مما جعل القشعريرة تسري في جسدي.
أردت أن أصرخ، أردت أن أفرّ من هذا المكان، لكن ذلك كان مستحيلًا.
عضضت لحم فمي بقوة، واستحضرت وجه سيزار، وتذكرت وعدًا كنت قد قطعته لميرسيدس ذات يوم:
“سأحمي سيزار مهما كلفني الأمر.”
قد أكون على وشك أن ألقى مصير ميرسيدس نفسه، لكني كنت قد أقسمت بهذا القسم ذات يوم، وما زال قلبي ثابتًا عليه.
لذا، وجب أن أتمسك بعقلي وأوفي بهذا العهد حتى النهاية.
حتى لو قيّدوني بالأغلال ومزّقت السيوف جسدي، يجب أن أصرخ:
“كل ما جرى كان بفعلي، أنا الساحرة. لا علاقة لسيزار بأي شيء.”
ثم خطرت ببالي فكرة: لو أن سيزار لم يرَ هذا المشهد.
كنت أرغب أن يكون آخر ما يراه مني شيئًا جميلًا.
مع تخيلي للنهاية، بدأ رأسي تؤلمني.
وكأن أحدهم يضربني بمطرقة ثقيلة، فكان صوتها مكتومًا لكن موجعًا.
أصابني الدوار وتداخلت الرؤية أمام عينيّ.
“تحياتي لك… يا زوجة ولي العهد إيرينيا، ارفعي رأسك.”
أخيرًا، نطقت الإمبراطورة.
رفعت رأسي المرتجف ببطء.
بذلت جهدًا كي لا تنهمر دموعي، لم أُرد أن أُظهرها.
أردت أن أبتسم حتى النهاية.
“نعم، جلالتك.”
أجبرت نفسي على الابتسام. لكن لم يأتِ رد من الإمبراطورة.
ساد صمت رهيب بيننا.
وبدأت أفقد تركيزي.
لم أتحمل هذا التوتر فصرخت في داخلي:
“إلى متى ستماطلين؟ أعلم النتيجة مسبقًا! تريدين تدميري، أليس كذلك؟ إذن، أرجوكِ، أنهي هذا الآن! أعلم كم أنا بائسة ومثيرة للشفقة. أنهيها فحسب!”
عضضت على أسناني حتى لا يتسرب صراخي الداخلي إلى الخارج.
كنت أسمع صوت الدم يتدفق في أذني، وأشعر أنني على وشك الإغماء.
“حقًا…”
دوّى صوت الإمبراطورة في أذني.
عندها، خفتت الألوان من حولي، وتحولت إلى رماد باهت.
تخيلت رأسي يتدحرج على الأرض بعد أن يُقطع.
كنت مستعدة لهذا. لذا، أنهيها الآن… قولي النهاية.
“حقًا، أنا فخورة بكِ، يا زوجة ولي العهد.”
تلك اللحظة، سمعت كلمات لم أستوعبها.
رفعت رأسي في ذهول، وبدأت أسمع تصفيقًا من مكانٍ ما وهمسات بين الناس.
ما الذي يحدث؟
“لقد مرّت ثلاثة أشهر منذ وعدتني بأنكِ ستجعلين ولي العهد إنسانًا بحق. وها أنا أراه الآن، وسيماً ومهذبًا. من ذا الذي لا يقع في حب شابٍ بهذا الجمال والأدب؟”
كان هناك شيء غريب.
كلمات الإمبراطورة لم تكن مجرد غير متوقعة، بل بدت وكأنها تمدحني.
زاد التصفيق، وأطلق أحد النبلاء صفارة إعجاب.
هل أنا في حلم؟ هل هذا كابوس سيئ لم أستيقظ منه بعد؟
فكرت بذلك وأنا أنهض بمساعدة دلفينا.
“قال لي الأمير ماتياس إن الناس لا يكفون عن الإشادة بفضائلك. وأن ولي العهد أصبح أكثر هدوءًا بفضل مجهودكِ. لولاكِ، لما تحقق هذا كله.”
عندها تقدم ماتياس وانحنى بشكل مبالغ فيه.
نظرت إليه كما لو كان قد سحرني.
ما الذي يجري بحق السماء؟
لم أستطع حتى التنفس.
تغيّر الهواء من حولي فجأة، لكنني لم أستوعب بعد ما هو هذا التغير. ما يحدث الآن لا ينبغي له أن يحدث.
أمسكت دلفينا بذراعي وأجهشت بالبكاء:
“يا زوجة ولي العهد، لقد انتهى الأمر…”
لكن ماذا تعني بأنه “انتهى”؟
لقد اقترفت جريمة، وكان من المفترض أن تُكشف هنا.
كنت أظن أنني سأُجرّ مذلولة وسط سيل من الشتائم… لا أن أتلقى التصفيق!
أين هم الفرسان الذين كان من المفترض أن يأخذوني إلى الزنزانة تحت الأرض؟
نظرت إلى فرسان الإمبراطورة، فأزال أحدهم قبعته وانحنى. شعرت بأن هناك خطبًا كبيرًا.
هذا غير منطقي… شيء ما خاطئ تمامًا.
عندها، وقف سيزار بجانبي وأمسك بيدي بقوة.
“رين.”
وفي تلك اللحظة، استعادت حياتي ألوانها.
عادت الأصوات إلى أذني، ودوّت الهتافات.
كانت الوجوه تنظر إلينا بإعجاب، وابتسمت الإمبراطورة بلطف.
“…أه؟”
سلّطت الأضواء عليّ.
كانت مشرقة لدرجة ظننت أن الشمس قد نزلت إلى الأرض.
غمرني شعور بالواقع لم أعد أستطع إنكاره.
نظرت إلى سيزار، فبادلني ابتسامة خفيفة.
يا لها من ابتسامة تزلزل القلب.
تسارعت أنفاسي. شعرت بشيء يغلي بداخلي.
ألهذا كنت أقاتل طوال هذا الوقت؟ لرؤية هذه الابتسامة من سيزار؟
ربما ما فعلته لم يكن خطأ.
ربما لم أسلك طريقًا خاطئًا.
كانت التصفيقات تشجعني وتدفعني إلى الأمام.
“سيزار…”
وفي النهاية، كنت أنت هناك.
لم أعد أستطع كتمان مشاعري، فاحتضنته.
تعالت التصفيقات أكثر. بدا وكأن العالم كله يباركنا.
وفي تلك اللحظة، أحسست بوخزٍ صغير.
همس صوت داخلي:
“ألم تنسي شيئًا؟”
لكنني لم أرغب في الاستماع.
أردت فقط أن أستسلم لهذا الشعور.
أن أستريح، وأطمئن… أليس هذا من حقي؟
رأيت الفرقة الموسيقية من بعيد تغيّر النوتة.
آن أوان الرقصة الأولى التي تدشّن الحفل.
ستُعزف المقطوعة التي تدربنا عليها عشرات، لا، مئات المرات، وسيحين دورنا لنتألق.
عندها، وخزة أخرى، هذه المرة في حلقي.
“هل أنتِ متأكدة أن كل شيء بخير؟”
لم أشأ أن أجيب، فهززت رأسي نافية.
اقتربت مني الإمبراطورة وقالت:
“لقد حان وقت الرقصة الأولى.”
“نعم، جلالتك.”
ثم تريّثت قليلًا، وحدّقت في مكانٍ بعيد، ولوّحت بيدها بابتسامة ترحيب.
وفي تلك اللحظة، غرست شوكة ثالثة في قلبي.
كانت حادة كفاية لتترك جرحًا عميقًا.
استدرت ببطء إلى حيث كانت تشير.
وهناك، كانت جيوفينيتا، ترتدي فستانًا فاخرًا.
قالت الإمبراطورة:
“لكن، من العار أن يرى هذا الجمع امرأة عرجاء ترقص. لذا، سيرقص ولي العهد رقصة الافتتاح مع الليدي جيوفينيتا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 108"