بالنظر إلى ذلك المشهد، اجتاحني فجأة شعور عارم وغامر من الأعماق.
لا أنسى اللحظة الأولى التي التقيت فيها بسيزار… كانت ليلةً يزمجر فيها الرعد ويلتمع البرق في السماء. ليلة زفافنا الأولى. ظهر حينها كوحش جامح، يكسّر كل ما يعترض طريقه، ويدفع العالم بأسره بعيدًا.
حينها، كم كنت مرتعبة! لم أكن أتصور أبدًا أنه قد يتغير بهذا الشكل.
لكننا تمكّنا من تحقيق ما لم أكن أنا نفسي أؤمن بإمكانية نجاحه.
رغم أن التغييرات كانت طفيفة، إلا أن سيزار قد تغيّر.
أصبح يضحك ويبكي ويتحدث معي، وإذا ما حلّت بنا الشدائد، احتضننا بعضنا البعض.
خلال تلك الفترة، حصل الكثير.
ثلاثة أشهر. وعندما أعود بذاكرتي إليها، أجد أنها كانت فترة قصيرة إن نظرتُ إليها هكذا، وطويلة في ذات الوقت.
“صاحب السمو الأمير هو إنسان!”
تمامًا كما صرخت بذلك في ذلك اليوم أمام الإمبراطورة كورنيليا.
كما أعلنت يومها، لقد أصبح سيزار إنسانًا بحق.
لطالما تساءلت وأنا أعلّمه: ما الذي يجعل الإنسان إنسانًا؟
بالطبع، لم أصل بعد لإجابة كاملة على ذلك السؤال الفلسفي المعقد.
لكن سيزار هو من أراني شيئًا أشبه بتلك الإجابة.
ربما، ما شعرت به وأنا أعلّمه وأعيش معه، هو الجواب بعينه.
نعم. في هذا العالم، هناك من هم أقل إنسانية من سيزار عندما كان يكشر عن أنيابه ويكشف مخالبه بدافع الخوف.
القتل، السحر الأسود، اللعنات… أولئك الذين انغمسوا في تلك الأمور وتخلّوا عن إنسانيتهم، كم هم أبعد من سيزار نقاءً!
ربما يكون هذا هو الجواب.
أليس هو الآن، مَن يبدو إنسانًا للغاية؟
ألا يجدر بنا أن نعتبر عملية “جعل سيزار إنسانًا” قد نجحت الآن؟
“رين…”
بينما بقيتُ صامتة لبرهة، أمسك سيزار بكمي وهو يبدو متوترًا.
“آه، أحسنت يا سيزار. لقد أبدعت حقًا…”
ربما كان ذلك بسبب انفعالي الشديد، إذ تسربت الرطوبة إلى صوتي.
فما كان من سيزار إلا أن نظر فورًا إلى وجهي.
“رين؟”
لطالما لاحظتُ أنه يولي اهتمامًا خاصًا إن رأى دموعي.
فأسرعت برمش عينيّ لأمنع الدموع من السقوط.
“لا، لا، أنا بخير. فقط تأثرت.”
أوضحت ذلك وأنا ألوّح بيدي.
“رين، تأثرتِ؟”
“نعم، لأنك قمت بعمل رائع. لهذا.”
“هل كنتُ جيدًا؟”
“لقد بذلت جهدًا كبيرًا حتى الآن. تعال إلى هنا.”
وعندما فتحتُ ذراعيّ، انحنى سيزار بتردد، فأسرعت باحتضانه بحذر كي لا تتجعّد ملابسه.
اقترب مني وهمس في أذني:
“لكن… لماذا لم تفي بوعدك؟”
عندما همس بصوته العميق عند أذني، شعرت بقشعريرة تجتاحني.
وعد؟ أي وعد؟
“قلتِ إنك ستحققين أمنيتي إن أحسنتُ عملًا.”
“…ماذا؟”
عندها فقط تذكّرت.
حقًا، عندما أنقذنا لوسيا، قطعتُ له وعدًا بذلك.
لكني لم أنفّذ أمنيته حينها لأن الكونتيسة إلفيرا جاءت فجأة، ثم انشغلتُ بالتحضير للحفل، حتى أنني نسيت أمر ذلك الوعد تمامًا.
لكنه لا يزال يتذكره! أذهلتني ذاكرته الحادة.
“أنتِ من قال إن من لا يفي بوعده شخص سيئ.”
قالها سيزار وهو يبدو متجهمًا قليلًا.
ربما يكون غاضبًا؟ فسارعت بالرد:
“نعم، قلتُ ذلك، صحيح. لكنني لم أقصد أن لا أوفي، فقط… نسيت.”
“هل حقًا نسيته فقط؟”
عندما تذرّعتُ بذلك، بدا على سيزار الشك.
هل فقدتُ ثقته بي؟
“نعم، حقًا. وإن كانت الأمنية لا تزال صالحة، فسأحققها الآن.”
“إذن…”
تردد سيزار فجأة.
“إذن؟”
سألته، فرد بثقة مصطنعة:
“قبّليني.”
“…ماذا؟”
في تلك اللحظة شككت في أذنيّ. هل سمعتُ جيدًا؟
هل قال فعلًا ما ظننته؟
هل كان يتحدث عن نوع من الأسماك يدعى “كيسو”؟ أو ربما طلب مني طهي طعام يحمل هذا الاسم؟
“”معلومة سريعة للي ما فهم ، كلمة تقبيل باللغة الانجليزية kiss و سيزار قال kiss me “”
تخبطت تلك الأفكار في رأسي.
“م-ماذا؟”
سألته لأتأكد، فأومأ برأسه بشدة.
شعرت بدوار، لكنني تماسكت.
نعم، لم يكن سيزار وحده من تغيّر.
أنا أيضًا تطورت بما فيه الكفاية لأتحمل هذا الموقف الغريب دون انهيار.
“ح-حسنًا؟”
“نعم، قبلة.”
شعرت بالحرج، لكن لم يكن هناك أحد يرانا، ولم تكن هذه المرة الأولى التي نتبادل فيها القبلات.
عندما فكرت هكذا، شعرت بالراحة.
ما المشكلة؟ سواء قبلة واحدة أو اثنتين، الأمر سيّان.
“إذن… فلنقم بذلك.”
بصوت مرتجف حاولت أن أتماسك وأجبته.
لكن سيزار ابتسم بمكر، الأمر الذي جعلني أتراجع خطوة بتوجس.
إلا أن جسدي كان قد أُسِر بالفعل بين ذراعيه القويتين.
ثم، رفع يده عني وقال بكل وضوح، مراعياً نطق كل كلمة:
“يجب أن تكون القبلة منكِ، يا رين.”
“…ماذا؟”
تسمرتُ في مكاني.
هل طلب مني أن أقبّله أنا؟
ثم أدركت.
لم يحدث أبدًا أن بادرتُ أنا بتقبيله.
“يجب أن تكون منك و تقتربي بشفتيك الآن …”
“ماذا قلت؟!”
أردتُ أن أسأله من أين حصل على مثل هذه المعرفة الغريبة.
لكنني كنت شديدة الحرج لدرجة أنني لم أستطع حتى الكلام.
لا شك أن ريشار أعطاه كتابًا غريبًا آخر!
نظرتُ إلى طاولة الكونصول التي كان يجلس عندها، فرأيت عليها كتابًا مريبًا بعنوان:
“تقنيات الحب التي تأسر قلب الحبيب.”
“”معلومة سريعة:
طاولة الكونصول هي طاولة ضيقة وطويلة، توضع عادةً في المداخل أو خلف الأرائك، وتُستخدم للزينة أو لوضع الأغراض الصغيرة.”
ذلك الساحر المجنون!
يتظاهر بعدم اهتمامه بشؤون البشر، ثم يجلب مثل هذه الكتب المشبوهة؟
ريشار خطر حقيقي على تربية الأطفال!
“أسرعي، قلتِ إنك ستلبين أي أمنية لي!”
“أ-آه…”
لقد وقعتُ في فخّ صنعته بيدي.
“أسرعي، رين.”
بدأت نظرات سيزار تضيق وكأنها تهددني.
شعرت بدقات قلبي تتسارع.
لو فتحتُ فمي الآن، لانفجرت الكلمات خارجة من
شفتاي بشكل جاف تمامًا.
ماذا لو رفضت الآن؟
الحفل سيبدأ قريبًا، ومن السيء إحباطه قبل ذلك.
“سي-سيزار…”
كنت على وشك الاستسلام.
ناديتُه بصوت يائس، لكنه أشار بذقنه كأن يقول:
“هيا، افعليها.”
“…آه.”
ما أصعب هذا الموقف!
شعرت براحة يديّ تتعرقان.
أخذت نفسًا عميقًا.
في النهاية، إنها مجرد قبلة.
لا شيء أكثر من ذلك.
وقد قمنا بذلك من قبل، فلم لا؟
فقط عليّ أن أقبّله بمبادرة مني هذه المرة.
“إذًا…”
أومأتُ برأس حازم.
فبادلني سيزار الإيماءة.
“س-سأفعلها.”
“سأنتظر.”
أغمض سيزار عينيه وجلس وكأنه ينتظر قبلتي فقط.
كل ما عليّ فعله هو الاقتراب منه…
إنه أمر بسيط، أستطيع فعل ذلك.
أستطيع، يا إيرينيا فلوريس!
حينها، فتح سيزار عينيه فجأة وأردف:
“آه، صحيح. يجب أن أمهّد للأجواء بكلمات رومانسية أولًا.”
“ماذا؟”
“همم، شفتاك صغيرتان وجميلتان جدًا، تجعلني أرغب في التهامك.”
“ماذااا؟”
حين قال ذلك، شعرت بالخجل يفتك بي لدرجة أنني أردت القفز من النافذة.
لكن يبدو أن سيزار لا ينوي التوقف عند هذا الحد.
أغمض عينيه المضيئتين بنعومة، ثم قال بنبرة حزينة:
“رين، إن لم أقبّلك الآن، قد أموت.”
“آه…”
في تلك اللحظة، احمرّ وجهي من شدة الحرج.
من أين تعلم مثل هذه العبارات التي لا يقولها سوى زير النساء؟؟؟
“عليك أن تغلقي شفتيك على شفتيّ حتى لا تنزلقا، ثم….”
“آآآآآااه!”
لم أتمالك نفسي، وصحت من شدة الحرج والغضب.
وفي تلك اللحظة بالذات…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 104"
سيزار هنا عمل مصيبة