1
مقدّمة
“أناييس برين.”
دلّك أصبعٌ غليظٌ حاجبيه بعصبية، مُظهِرًا انزعاجًا واضحًا.
لماذا يبدو هذا الرجل الوسيم بهذا الجمال حتى عندما يعبس؟ رغم أن جبينه العابس كان مزعجًا، إلّا أن أناييس وجدت نفسها تحدق به بذهول.
“فهل توافقين على هذا الزواج؟”
“ماذا؟ آه، نعم. جلالة الملكة الأرملة هي مَن رتّبت هذا، كما أن رفض لطفها قد يُعتبر قلّة أدب …”
“تبدين متحمّسةً جدًا! هل أنتِ سعيدة؟”
حاولت إخفاء ذهولها بإجابةٍ متحمّسة، لكن ابتسامتها المتّسعة جعلتها تتلعثم. ما هذا الموقف الغريب؟
“……”
يبدو أنه ليس في مزاجٍ جيد. رغم أنها عملت معه لشهور، لم تستطع قراءة أفكاره. ما الخطأ الذي ارتكبتُه؟
“هل كلّ هذا التملّق كان فقط لتجدي رجلًا؟ لم يكن لأجلي إذن؟”
في الحقيقة لم يكن الأمر كذلك تمامًا، لكن سؤاله المباشر جعلها تتلعثم.
“لا، أتعلمين…”
“مـ ماذا تقصد …”
حاولت أناييس أن تتفادى الموقف بتجنّب النظر إليه، لكنه ضحك ساخرًا وكأنه يعرف كلّ شيء.
“الطلب باطل.”
“ماذا؟”
“كلّ ما فعلتيه أصبح بلا جدوى.”
حدّقت به بذهول، لا تستطيع تصديق ما تسمعه.
“لا أفهم لماذا تختارين الصعب. على أيّ حال، ابدئي من جديد. لقد انفصلتُ عن روكسان.”
قفزت أناييس من مكانها. إذن، ماذا عن لقبي؟ ومبلغ الزواج؟
“لماذا؟ متى؟”
“الآن.”
ابتسم ماكس باربييه بابتسامةٍ منتشيةٍ وهو يقول ذلك.
****
“همم.”
سقطت همهمةٌ غير راضيةٍ كالصخرة، فانحنت الخادمات برعب. بما أن مزاج السيدة العجوز إليزيا، الملكة الأرملة لباربييه، لم يكن جيدًا منذ الصباح، بدأت بعض الخادمات ترتعش.
وجهها الذي عادةً ما يبدو ودودًا أصبح متجمّدًا كالجليد، مما جعل الجميع يحبسون أنفاسهم.
جمعت الخادمة الرئيسية باراما شعرها المموّج برفق، ثم دهّنته بزيت البرايمروز ومشّطته بحرصٍ شديد.
“لنذهب إلى ماكس.”
حالما انتهت من تصفيف شعرها، سقط صوتها الحاد كالسيف. أومأت الخادمة الرئيسية بيدها، فتفرّقت الخادمات.
توقّفت عين إحدى الخادمات للحظةٍ على الدعوة الموضوعة على الطاولة.
دعوة زفاف نجل أحد النبلاء وابنة أحد الدوقات.
* * *
بانغ!
لو سُئِل عن مَن أكثر شخصٍ يكره فتح الأبواب دون استئذان في القصر الملكي، لكانت الإجابة بالتأكيد الملكة الأرملة إليزيا.
“أين ذهب هذا الولد؟”
رغم ذلك، لم يكن لديها وقتٌ الآن للتفكير في ذلك.
حدّقت بحيرةٍ في غرفة الأمير الثالث الفارغة، ثم تفحّصت كلّ زاويةٍ بعينين ضيقتين.
هواءٌ باردٌ بلا أيّ دفءٍ بشري، فراشٌ مرتّبٌ بلا تجاعيد، ودعوة زفافٍ على الطاولة تبدو كما لو لم يلمسها أحدٌ منذ الليلة الماضية…
لقد خرج مرّةً أخرى!
شعرت إليزيا بالغضب يغلي في عروقها، حتى كادت تسقط لولا أن أحد الحاضرين أسرع لمساعدتها.
“باراما، أحضري الجريدة الصباحية. أريد أن أرى بأمّ عيني ما الفوضى التي أحدثها هذه المرّة.”
مدّت يدها بعصبية، استقرّت في يدها الجريدة ملفوفة على الفور.
أصبح وجه إليزيا قاتمًا بينما تقرأ العناوين. عند قلب الصفحة، شعرت بيدٍ كبيرةٍ تلامس كتفها.
هل كانت يد باراما بهذا الحجم؟
“تبدين متوترةً جدًا. ألا تنامين جيدًا هذه الأيام؟”
“كيف أنام وهذا الولد … مهلاً؟”
استدارت بسرعةٍ عند سماع صوت رجلٍ وليس صوت باراما.
أوّل ما رأته كان صدرًا عريضًا. عند رفع نظرها، رأت رجلًا مبتسمًا بشعرٍ أسود لامعٍ مثل شعرها.
“ماكس شارلوت باربييه!”
نطقت اسمه بغضب، لكنه ظلّ مبتسمًا. قبّل خدّها بلطفٍ ثم قال.
“لا تقلقي، جدتي، لم أُذكَر في الجريدة هذه المرّة.”
راقبت إليزيا سلوك حفيدها الأصغر بانشغال.
“أين تذهب كلّ هذه الأوقات؟ سمعتُ من الكونت فارغاس أنكَ تتغيّب عن الدروس. لقد أقنعتُه بالعدول عن الاستقالة بصعوبة!”
“لقد كبر الكونت وأصبح أكثر خرفًا. إنه يبالغ كثيرًا”
“أتسخر مني الآن؟”
عبس ماكس قليلاً، مما جعل الملكة الأرملة تشتعل غضبًا.
“هل صحيحٌ أنكَ وصفتَ الكونت بالحثالة؟”
“نعم”
“ماذا؟!”
ارتجفت إليزيا غضبً، فأسرع ماكس ليضيف.
“حسنًا، عمري لا يتناسب مع الدروس الخصوصية.”
“أتعني أنكَ كبيرٌ جدًا لها؟!”
نظرت إلى الخادمات ثم خفضت صوتها.
“لو كنتَ قد أكملتَ الحد الأدنى من النقاط في الأكاديمية ولم تُعلَّق بسبب سلوكك، لما احتجتُ لهذا!”
أطبق ماكس شفتيه صامتًا.
“كان من اللطيف منه أن تمّ تعليقكَ فحسب، لكن لو لم تكن من العائلة المالكة، لكنتَ…”
لكنتَ طُرِدت، أيها الأحمق!
ما زالت تتذكّر وجه عميد الأكاديمية سيدريك عندما أتى ليخبرها بقراره.
عندما سلّم إليزيا حزمةً من الوثائق، تبدأ بعنوان ‘سلوك الأمير ماكس الإشكالي’، فكّرت.
‘لقد حان الوقت.’
كان عليها أن تتوصّل إلى اتفاقٍ وديٍّ مع ماكس بإجباره على ترك الدراسة. كان قرارًا للحفاظ على شرف العائلة المالكة على الأقل.
ومنذ ذلك الحين، تولّى الكونت فارغاس تعليمه.
“ايها الوغد عديم القلب! كُن أكثر لطفًا! ألا تشفق على فارغاس؟ بالكاد يبلغ الأربعين، لكن لديه شعرٌ الأبيض أكثر من شعري!”
“وهل هذا خطئي؟”
“أليس كذلك؟”
نظرت إليه باستياءٍ بينما هزّ كتفيه ببرود.
“قد لا تكون قد فعلتَ شيئًا ‘سيئًا’ لتظهر في الجريدة، لكن انظر إليها!”
رمت الجريدة المطوية نحو صدره.
لم يكن بحاجةٍ لقراءتها بتعمّق. كان اسمه مكتوبًا بكلّ ‘فخر’.
[المركز الأول: الأمير ماكس باربييه الثالث]
المركز الأول؟ لمعت المفاجأة في عينيه الزرقاوين الهادئتين. قرأ ماكس على الفور العنوان الذي فوقه.
استطلاع لـ 10,000 امرأة في باربييه عن …
[أسوأ رجلٍ للزواج]
“……”
“هناك المزيد أدناه.”
تابع القراءة.
[الرجال الأكثر جاذبية في هذا الموسم الاجتماعي]
1. الأمير كوينتين باربييه (ولي العهد)
2. الكونت كامي دي سانت
3. الدوق الصغير آلان مارغييلا
.
.
.
50. قائد الحرس رودريغيز
بخلاف الآخرين، خارج التصنيف، اختير البارون باولو (5.7%)، والفيكونت جان بول (3.91%)… الأمير ماكس باربييه (1.68%) كأقل عدد.
“……”
طوى ماكس صحيفة الصباح ووضعها على طاولة الشاي دون أن ينطق بكلمة. ظهر استطلاع رأيٍّ يستهدف الرجال لفترةٍ وجيزة.
تحت عنوان ‘مَن هي أفضل امرأة في باربييه؟’، كُتب اسم ‘روكسان دي باستيان’ بأحرفٍ كبيرة.
لحسن الحظ، يبدو أن طريقة الحساب القاسية خارج التصنيف والكشف عن الفاصلة العشرية قد طُبِّقت على السادة فقط.
نقر ماكس بلسانه قليلاً، لكن إليزيا، وكأنها تنتظره، رفرفت بظرفٍ أمامه.
“ما رأيكَ في هذا؟”
“يبدو أن هناك ثنائيًا تعيسًا آخر على وشك الظهور.”
“حتى ذلك الفاسق دي سانت، صديقك، سيتزوّج! بحق الإله، ما الذي جعلكَ أسوأ من كاميل؟”
ألقت بدعوة زفاف كامي دي سانت على الجريدة.
أسوأ زوجٍ على الإطلاق؟! لو عرفتُ مَن نظّم هذا الاستطلاع، لكن أن يكون حفيدي هو الأول!
ضمّت إليزيا يديها بقلق. بالنظر إلى الموقف، ولي العهد لن يواجه مشكلة، لكن إذا استمر هذا الولد على هذا المنوال …
‘سيصبح عازبًا للأبد!’
لو رأته زوجة ابنها الراحلة شارلوت، التي توفّيت بمرضٍ مزمن، من تحت الأرض، لقامت من قبرها.
هذا غير مقبول!
لقد وعدتها أن تعتني بأبنائها الثلاثة حتى النهاية.
أصبح تعبير وجه إليزيا جادًا.
“ماكس، أتمنى أن تدرك أهمية هذه المرحلة.”
“هل هناك لحظةٌ غير مهمّةٍ في الحياة؟”
“انظر إلى أخيكَ الأوسط، تزوّج وحصل على لقبٍ وأطفالٍ وهو سعيد.”
“ربما يجب أن نسأل جاك عن رأيه أولًا.”
“ماكس.”
“جدتي.”
“……”
“اذهب في مواعيد، وشاهِد المسرحيات.”
“أتطلبين مني أن أتخلّى عنكِ؟”
ابتسمت إليزيا بسخريةٍ دون أن تنكر، مما جعل عروق جبهتها تنتفخ.
عندما كان صغيرًا، كان طفلًا ذكيًا وواعدًا يحمل توقّعاتٍ عالية. متى تحوّل إلى هذا؟
ومع ذلك، كانت عينا إليزيا دافىتين وهي تنقر بلسانها وتنظر إلى حفيدها الأصغر المشاكس.
‘هل هناك أحدٌ آخر في هذه العائلة المالكة يستطيع رعاية هذا الرجل غيري؟ ‘
قد يكره الفكرة، لكن لا بديل. الزواج هو الطريق الوحيد للاستقلال وفقًا
لتقاليد العائلة المالكة، ولن تسمح لحفيدها أن يكون الاستثناء.
اشتعلت العزيمة في قلب الملكة الأرملة. كانت تلك اللحظة التي سيطر عليها هدفٌ واحدٌ لتحقيقه.
هذا الولد سيتزوّج، سواء أراد ذلك أم لا.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"