“أمم. أظن أنني رأيتُ حلمًا.”
“ماذا كان محتواه؟”
عندما سألت ماري بابتسامة، شرحت إليانا الحلم بتأنٍ.
كان نفس الحلم الذي رأته المرة السابقة، حيث قطفت وتناولت تفاحةً ذهبية.
“تفاحة ذهبية؟”
“نعم. ظننتُ حينها أنه حلمٌ غريب، لكن يبدو أنه كان حلم حمل.”
في ذلك الوقت، ظنت أنه مجرّد حلمٍ حيوي.
لكن عند استرجاع الذكريات، أدركت أنها كانت حاملًا في ذلك الوقت تقريبًا.
شعرت بالدهشة عندما اختبرت بنفسها أن أحلام الحمل حقيقية.
“أحلام الحمل هكذا بالفعل. في البداية تمر بشكلٍ عادي، لكن عند التمعّن، تكتشفين أنها تحمل معنًى عميقًا.”
“بالضبط! ماري، ماذا كان حلم حملكِ؟”
عندما سألت إليانا، ضحكت ماري بخجل.
“كان حلمًا حيث هاجمني حصانٌ ضخم.”
وقامت ماري بحركة كأنها تمسك بالهواء.
فتحت إليانا عينيها على اتساعهما وسألت.
“حصان؟”
“نعم، لقد كنتُ خائفةً جدًا! ظننتُ أنني سأموت.”
هزت ماري رأسها وهي تتذكر حلم الحمل، لكن ابتسامة خفيفة تمددت على شفتيها.
وبما أن الحلم كان غير عادي، يبدو أن ريبيكا ستكون بصحةٍ جيدة جدًا.
قالت إليانا وهي تضحك.
“يا إلهي! يبدو أن الطفلة ستكون شجاعة. ستكون بصحةٍ جيدة، بالتأكيد.”
“بالمناسبة، الجميع قد بارك لي قائلين إنها ستكون بصحةٍ جيدة.”
أكملت ماري.
“هل تريدين زيارة ريبيكا؟ الآن يمكنني التحرك بحرية.”
“حسنًا، لنذهب معًا.”
ساعدت إليانا ماري في المشي.
على الرغم من أن ماري تستطيع المشي بمفردها، إلا أن إليانا أرادت مساعدتها فقط.
كانت غرفة الطفلة قريبةٌ من غرفة ماري.
بعد المشي قليلًا، وصلتا إلى غرفة الطفلة، حيث كانت شيردي في انتظارهما.
“مرحبا بجلالتكما.”
“أين ريبيكا؟”
“لقد انتهت المربية للتوّ من إرضاعها.”
فتحت شيردي الباب، ونظرت إليانا إلى الغرفة بعينين متلهفتين.
كانت المربية تحمل الطفلة وتجشِّؤها.
كان شعرها الأحمر مجعدًا مثل الأمواج، وعيناها البنفسجيتان تلمعان ببريقٍ ساحرٍ وغامض.
وعندما شعرت بالشبع، ابتسمت بنعاسٍ وأطلق تجشؤًا صغيرًا.
لاحظت المربية وجود إليانا وماري متأخرة وانحنت برأسها.
“أهلا بجلالتكما.”
“لا داعي للتحيات الرسمية.”
منعت إليانا المربية من إكمال التحية، حيث لم ترد إرهاقها بعد الانتهاء من الرضاعة.
بعد أن أنهت المربية عملها، وضعت ريبيكا في السرير وخرجت.
أخيرًا، تمكنت إليانا من رؤية وجه الطفلة بوضوح.
كانت ريبيكا تصدر صوت شخيرٍ لطيفًا بينما ترمش عينيها ببطء، وكأنها تشعر بالنعاس بعد الشبع.
“يا لها من فتاةٍ محبوبة…”
همست إليانا كأنها مسحورة، ثم مدت إصبعها.
“كااا-!”
أمسكت ريبيكا بإصبع إليانا بفضول، وكأنها تكتشف شيئًا جديدًا.
ثم…
“أوه، إنها تعض يدي!”
بدون أي مقاومة، سحبت ريبيكا يد إليانا وبدأت تمضغها بلطف.
لحسن الحظ، كانت يد إليانا نظيفة، لذا لم تكن هناك مشكلة.
شعرت إليانا بنعومة فم ريبيكا وهي تمضغ أصابعها.
“أوه… هذا لطيفٌ جدًا!”
أمسكت إليانا صدرها بيدها الأخرى من شدة روعة الشعور.
كانت هذه المرة الأولى التي ترى فيها طفلةً حديثة الولادة بهذا القرب.
على الرغم من أنها ولدت منذ أيام قليلة فقط، إلا أن شعرها كان قد نما بشكلٍ ملحوظ.
وعيناها البنفسجيتان تشبهان عيني كاليوس، تنبعث منهما بريقًا ساحرًا وغامضًا.
“عندما تكبر، سيصطفّ الخُطّاب لخطبتها… أو ربما لن يسمح الدوق بذلك وسيثور غضبًا.”
ظلت إليانا تتمتم لنفسها، وهي تعرف مدى حماية كاليوس المفرطة لابنته.
عند هذا،ضحكت ماري.
“بالمناسبة، إنه بالفعل يدور حول ريبيكا كل يوم. حتى أنه يشعر بالضيق عندما يضطر للذهاب إلى الاجتماعات لفترةٍ قصيرة.”
هزت ماري رأسها كما لو أنها فهمت تمامًا سلوك كاليوس.
ثم همست إليانا لريبيكا.
“…ريبيكا، لديكِ الكثير من التحديات في انتظاركِ عندما تكبرين. كوني قوية.”
“كاا؟”
لم تفهم ريبيكا كلمات إليانا واستمرت في الثرثرة.
ولأنها فقدت اهتمامها بيد إليانا، توقّفت عن العض.
نظرت إليانا إلى عيني ريبيكا الصافيتين، ثم أمسكت صدرها مرة أخرى وأطلقتها.
بعد قضاء بعض الوقت في التحديق بريبيكا، انتقلت إليانا مع ماري إلى مكانٍ آخر لانتظار وصول فيركلي وكاليوس.
* * *
في فترة الاستراحة قبل بدء اجتماع النبلاء …
دخل كاليوس إلى قاعة الاجتماعات بعد غيابٍ طويل، بحجة مساعدة زوجته في فترة النفاس.
بدأ أولئك الذين يرغبون في التقرب من عائلة دوق هاربونز بمراقبة الموقف.
قدّم ماركيز برامز، الذي تربطه صداقة بكاليوس، تهانيه.
“تهانينا! لقد ازدهر منزلكَ خلال فترة غيابكَ القصيرة.”
“شكرًا لك.”
عندما رد كاليوس بلطف، بدأ الآخرون يتجمعون حوله واحدًا تلو الآخر.
“سمعتُ أنكَ رُزِقتَ بابنة. لابدّ أنها كنزٌ ثمين.”
“لقد قامت الأميرة بعمل رائع.”
كانت معظم التعليقات تمتدح كاليوس.
وبينما كانت الأحاديث تدور حول الطفلة، أصبح تعبير وجه كاليوس أكثر ليونة.
إلّا عندما قال أحد النبلاء.
“لديّ أيضًا ابن في نفس العمر تقريبًا. سيكون من الرائع إذا أصبحا صديقين في المستقبل.”
“لن يحدث ذلك.”
تغيرت عينا كاليوس عندما سمع كلمة “ابن”.
أصبحت تعابير وجهه باردة فجأة، مما جعل النبيل الذي تحدث يرمش بعينيه في حيرة.
أجاب كاليوس بصرامة.
“ابنتي لا تحتاج إلى أصدقاء ذكور.”
“…ماذا؟”
عندما ارتبك النبيل، أدار كاليوس رأسه بعيدًا.
هزّ ماركيز برامز رأسه وهو ينظر إلى كاليوس.
في الماضي، كان كاليوس يستغل كلّ فرصةٍ سياسيةٍ ممكنة.
‘كيف يمكن لشخص أن يتغيّر بهذه السرعة؟ لابد أن تكون الأميرة ماري أكثر قوة مما تبدو عليه.’
اعتقد ماركيز برامز أن تغيّر كاليوس كان بسبب الأميرة ماري.
كان الجميع يعتقدون أنها ستكون تحت سيطرته بعد الزواج، لكن الواقع كان عكس ذلك تمامًا.
غادر النبيل الذي حاول تقديم ابنه بخيبة أمل، وبعد بضع محادثاتٍ أخرى، حان وقت الاجتماع.
“صاحب الجلالة الإمبراطور يدخل!”
بصرخات الحاجب، عاد النبلاء إلى أماكنهم بنظام.
عندما دخل فيركلي انحنى الجميع. بعد أن جلس على العرش، نوقشت عدّة قضايا في الاجتماع.
كان أهم موضوعٍ هو الحفل القادم.
بعد أن انتشر خبر حمل الإمبراطورة، أعلن الإمبراطور عن عزمه بإقامة حفل.
وبما أن الطفل كان ثمينًا بعد سنواتٍ طويلةٍ من اعتلاء الإمبراطور العرش، كان الحفل سيكون فخمًا للغاية.
كان النبلاء الذين كانوا قلقين بشأن عدم وجود وريث سعداء بالتحضير للحفل.
ووافقت العديد من العائلات الملكية من ممالك أخرى على الحضور، وكان الكثيرون قد وصلوا بالفعل.
قال ماركيز برامز، الذي كان مسؤولًا عن إدارة الوفد.
“وصل مبعوثو مملكة لاتو مقدمًا. سنقوم بإرسال الهدايا التي أرسلها الوفد إلى القصر فور تنظيمها.”
“حسنًا.”
“أمير لاتو يود زيارة القصر الإمبراطوري. ما رأي جلالتك؟”
كانت مملكة لاتو مملكةً صاعدةً حديثًا.
يبدو أنهم وصلوا مبكّرًا لتعزيز العلاقات مع الإمبراطورية. وليس من السيء توطيد العلاقات في هذه المناسبة.
“اليوم غير مناسب، لكن يمكنه الزيارة غدًا أو بعد غد.”
“حسنًا، سأبلغه بذلك.”
عندما انسحب ماركيز برامز، شرح نبلاءٌ آخرون التفاصيل اللازمة للحفل.
بعد انتهاء الاجتماع، حاول كاليوس المغادرة بسرعة.
“دوق هاربونز.”
عندما ناداه فيركلي توقف كاليوس فجأة.
نزل فيركلي من العرش واقترب منه.
“لنذهب معًا. أنا أيضًا في طريقي إلى منزلك.”
“آه، هل ستذهب الآن؟”
“نعم. ليلي بالفعل هناك.”
التقت نظرة كاليوس بعيني فيركلي.
ارتعشت شفتاه كما لو كان يريد التباهي بشيءٍ ما.
كان تعبير وجه كاليوس، الذي أصبح أبًا، مشرقًا، وكذلك فيركلي الذي كان على وشك أن يصبح أبًا.
قال فيركلي.
“لنتحدث أثناء الطريق.”
“حسنًا.”
غادر الاثنان القاعة معًا، بينما نظر النبلاء المتبقون في حيرة.
“هل هذا هو الدوق الذي نعرفه؟”
“هاه، ليس غريبًا أن الاجتماع انتهى بسرعةٍ اليوم.”
“يبدوان كأنهما يخبّئان كنزًا.”
تحدث الجميع عن سرعة مغادرة فيركلي وكاليوس. كان الشخصان المعنيان قد اختفيا منذ فترةٍ طويلة.
* * *
كانت إليانا تتمشى كنوعٍ من التمارين.
على الرغم من أن فين أصر على مرافقتها، إلّا أنها رفضت لأنها أرادت التجول بمفردها.
بالإضافة إلى ذلك، كان الحرّاس يتتبعونها بشكلٍ خفي، لذا لم تكن بحاجةٍ إلى فين.
لم تكن إليانيا ترتدي فستانًا مزيّنًا بسبب حملها. كانت ترتدي فستان شيفون خفيفًا مع تنورة منتفخة.
بينما كانت تمشي بخفة، تدحرجت كرةٌ صغيرةٌ نحوها. بدت كأنها لعبة طفل.
“همم؟”
نظرت إليانا بفضول، ثم سمعت حفيفًا في الشجيرات.
وفجأة، خرج رجلٌ يبدو أنه كان يبحث عن الكرة.
“!!”
توقف الرجل عن التقاط الكرة ونظر إلى إليانا بعينينٍ واسعتين.
ساد صمت قصيرٌ بينهما وهو في ذلك الوضع المحرج.
درست إليانا الرجل الغريب.
‘هل هو أحد أفراد العائلة المالكة من لاتو الذين وصلوا مؤخرًا؟’
بما أنها لم تتعرّف على وجهه، فقد افترضت أنه أحد أعضاء الوفد الذين وصلوا للحفل.
نظر الرجل إلى ملابسها وحاول التكهّن بمكانتها.
“هل تعملين في القصر يا آنسة؟ أعتذر إذا فاجأتُكِ بظهوري المفاجئ.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
التعليقات لهذا الفصل "129"