“كنت أخشى أن تخرج من فم المتعاقدة كلمة انسحابٍ أو تراجع.”
وضحك أولكن عالياّ،
“هاها! ليست من ذلك النوع من البشر. توقعتُ تمامًا أنها ستقول هذا!”
فردّت أرييلا بثبات،
“طبعًا. لقد تجاوزنا بالفعل حافة الموت، فكيف نعود أدراجنا ببساطة؟ ثم إننا ما لم نتخلص من ذلك الوحش فلن نتقدم قيد أنملة.”
ثم جالت بعينيها على رفقائها لتتأكد من موقفهم.
و تحدّث لودفيك بأسنان مشدودة،
“إن لم نردّ الدين كما ينبغي فلن يغمض لي جفن. وفوق ذلك.…”
رفع بصره نحو أرييلا وسألها،
“قلتِ أنه صار أقوى بكثيرٍ مما هو مسجّل في سجلات المكتبة القديمة، أليس كذلك؟ وكأن قدراتٍ عاصفةٍ وموجٍ هائل أضيفت إليه حديثًا.”
“صحيح.”
“إذاً إن تركناه على حاله، فقد يزداد قوةً يومًا ما ويزحف حتى إلى البرّ. إن حدث ذلك فسوف تصبح أراضي مملكة الشيطان في خطر، لذا علينا أن نقطع أنفاسه الآن.”
ثم تدخل باي بحماس،
“إذا كانت أرييلا ستفعلها فأنا موافق! لكن هذه المرة سأساعد أنا أيضًا!”
بدا أن الجميع متفقون بالقلب والعزم. لكن الحماسة وحدها لا تكفي للتغلب على ثعبان البحر العملاق.
“لقد أشار لودفيك إلى نقطةٍ مهمة. سبب هزيمتنا الحقيقية هو نقص المعلومات.”
فهي لم تعتمد إلا على سجلاتٍ تعود لمئات السنين.
“لم نكن نعلم قدرات ثعبان البحر. و استنزفنا الكثير من المانا بسبب العواصف. والأخطر أننا لم نتوقع الموجة الكاسحة.”
كان كل شيء أشبه بظروفٍ قتالٍ كارثية.
“لكن لحسن الحظ، لدينا الآن المعلومات. لقد خضنا المواجهة ورأينا كيف يقاتل.”
ثم بدأت تشرح خطتها.
هذه المرة كانت الإستراتيجية تتطلب أن يجتمع جهد الخمسة جميعًا.
“باي، المرة الماضية أخطأتُ. كان تفكيري الأول أن أُخليكَ إلى مكان آمن.”
“لا داعي لذلك. سأحمي أرييلا! ثعبان البحر ذلك أو أيًا كان، سأمزقه بأسناني!”
“لا تسيء الفهم. لم أطلب منكَ أن تقف أمامه مباشرة.”
“إذاً ماذا؟”
“هناك طريقةٌ لتساعدنا وأنتَ في موقع أكثر أمانًا.”
واصلت أرييلا شرحها بتفصيل.
وبعد لحظة تحدّث ريتشموند،
“هوو…..بهذا القدر، يبدو أننا قادرون فعلًا على تنفيذها.”
وافق بقية الرفاق على الخطة بدورهم. فابتسمت أرييلا وهي تنظر إليهم،
“فلننطلق إذاً. هذه المرة سنجتزّ رأس ذلك الثعبان البحري الملعون.”
***
شقّت المجموعة طريقها عبر البحر عائدةً إلى الجزيرة التي يتخذها ثعبان البحر موطنًا.
كانت الرياح ساكنة. و الأمواج التي كانت تثور بجنون في المعركة الماضية هدأت حتى كادت تبدو وهْمًا.
لكن في سكون الجوّ كان يسري شعورٌ ثقيل بالتوتر.
“باي.”
“نعم!”
“انتظر الإشارة في المكان الذي قلت لكَ عنه. بعد ذلك تعرف ماذا يجب أن تفعل، أليس كذلك؟”
“لا تقلقي، لم أنسَ شيئًا وأتذكر كل شيء. فقط اعتمدي على باي!”
أنزل باي أرييلا فوق الجزيرة ثم عاد ليطير مجددًا. لكن هذه المرة لم يكن ذاهبًا بعيدًا. سيحافظ فقط على مسافةٍ لا تصل إليه هجمات الأفعى البحرية.
أما بقية الرفاق فقد توجهوا نحو الكهف.
ويبدو أنه أُعيد حفر المدخل المنهار. و كانت أرييلا تعلم أن الأفعى البحرية متكوّمةٌ هناك في الداخل.
“لودفيك.”
“فهمت.”
استدار لينظر إلى البحر. وبينما قدماه مثبتتان على الشاطئ، مد يده نحو سطح الماء المائج.
وفي ذهن لودفيك كانت ترتسم صورةٌ مختلفة عن السابق.
“تخيّل أنكَ تشعل نارًا تحت الماء. نارًا توصل الحرارة على نطاق واسع…..مثل تيار بحريٍ من النار!”
“تيار بحري؟”
“بالطبع. لا تقل أنكَ نسيت معنى التيار البحري؟”
“ماء البحر….يجري….؟”
“صحيح. تخيل الحرارة وهي تجري وتدور مع مياه البحر في دوامة.”
كما اعتاد في تدريبه، ارتسمت في ذهنه شعلةٌ بلا لون.
كوااااااااا!
فارتجفت الأمواج التي كانت تضرب الساحل، وبدأ ماء البحر يغلي. ثم ارتفع بخارٌ غائم من سطح المحيط. وكأن الساحل كله قد تحول إلى قدر عملاق.
وترددت أصواتٌ كأن الزيت الحار يُسكب في كل مكان.
“هوه.”
أطلق ريتشموند شهقة إعجاب.
“هو حتى الآن يثير دهشتي.”
كان البحر…..يغلي فعلياً.
“سوف يتفاعل قريبًا. لقد اشتعلت النار في عقر داره.”
قال لودفيك ذلك وهو يحافظ على لهيبٍ يشبه التيارات البحرية في الأعماق.
إن دخلت الأفعى إلى الماء وأثارت أمواجًا هائلة فلن يكون لهم أي فرصة للانتصار. لذلك كان عليهم أولًا أن يجرّوها من جديد إلى سطح الجزيرة.
“…..الأفعى تتحرك!”
فحين باغتها الماء الحار في مسكنها، لم تجد بدًا من الخروج إلى اليابسة.
“كواااااااا!”
اهتزت أرض الجزيرة، وانفجر من الكهف جسدٌ عملاق.
وزأر الوحش بين أنيابه الحادة بزئيرٍ كالرعد.
“ها قد التقينا مجددًا أيها المسخ المكسو بالقشور!”
اندفع أولكن كاشفًا عن مخالبه. لكن هذه المرة هاجمه بضربةٍ واحدة ثم انسحب مباشرة.
فمهمته لم تكن توجيه ضربةٍ قاضية، بل جذب انتباهه وتشتيته قدر المستطاع.
“هنا، هنا! أيها البليد. هاهاها!”
كان الوحش غارقًا أصلًا في الغضب، ومع استمرار أولكن في استفزازه، تشتت تركيزه. وكان ذلك هو التوقيت الذي غيّر فيه لودفيك اتجاه السحر.
تششش!
تصاعد بخار الماء المغلي وأُعيد تسخينه في الهواء.
“ألا يبدو البحر المحيط بالجزيرة كأنه بيئةٌ غير مواتية؟ اكسر هذه الفكرة الثابتة، وحاول أن تجعله في صالحنا إلى أقصى حد.”
مفهومٌ يبدو متناقضًا للوهلة الأولى. لكن لودفيك صار الآن يعرف معناه.
كواااااا!
تكثفت الغيوم المغلية، ثم دارت كدوامةٍ وضربت مؤخرة رأس الأفعى مباشرة!
بوووم!
“كيااااااك!”
ارتج جسد الوحش الطويل والتوى بعنف. فالنار لا تحرق سوى سطح الجلد، أما البخار فيغلف جسد الأفعى كله.
ذلك الحر اللاهب تسلل بين شقوق قشورها وداخل جهازها التنفسي العميق.
“كيااك! كياااااااااك!”
لقد طهى البخار جسد الوحش من الداخل حرفيًا.
وكغيره من الزواحف، كانت الأفعى البحرية أيضًا حيوانًا متغير الحرارة. وبفشلها في تنظيم حرارتها الداخلية، أخذت تتلوى في عذاب شديد.
“ماء البحر الذي سنغليه موجودٌ بوفرة من حولنا!”
وما إن تلاشى البخار المضغوط حتى أعاد لودفيك غليان البحر مرة أخرى.
لكن تسخين الماء إلى الدرجة الكافية احتاج بعض الوقت. ولهذا ظهر فراغٌ قصير قبل الهجوم التالي.
“كيااااااك!”
واندفعت الأفعى البحرية بجنون محاولةً أن تسحق لودفيك. غير أن رفاقه لم يسمحوا لها.
فبينما تدخل أولكن ليحميه.
“تجميد!”
انتشرت برودةٌ جليدية من راحة يد ريتشموند.
ججاااانغ!
وتجمد البخار بالكامل فوق قشور الأفعى.
“كياااا!”
فبعد أن دُمرت بلحمها المحترق بحرارة شديدة، ها هي الآن تتعرض للنقيض، لبرودةٍ قصوى.
انكمشت القشور والعضلات فجأة، وبسبب الانخفاض الحاد في الحرارة تشققت بشرتها.
تمامًا كما يتشقق الصخر الذي يسخن بالنهار ثم يبرد ليلًا حتى ينكسر.
“مرة أخرى!”
أطلق لودفيك بخارًا مضغوطًا جديدًا.
“تجميد!”
وتابع ريتشموند ليتولى عملية التبريد.
لقد كان أشبه بعملية تطريقٍ للحديد، والوحش نفسه هو المعدن.
تغيرات حرارية قصوى. وبتكرارها تراكمت الصدمات طبقةً فوق طبقة.
“كيااااااك!”
أطلقت الأفعى صرخةً وحشية مروعة. لكنها في الحقيقة كانت تحاول أن تتحيّن الفرصة للرد، ساعيةً باستمرار لتغيير المناخ.
غير أن الأمر بدا غريبًا. كانت هناك رياحٌ ثقيلة تهب، لكنها لم تكن بمستوى يُعدّ عاصفة.
فابتسمت أرييلا ابتسامةً واثقة.
“لن يخطر ببالك أبدًا، لماذا لم تهبّ العاصفة بعد.”
ذلك لأن التنين كان يساعد في هذه المعركة من مكان لا يُرى.
“أحسنتَ يا باي!”
ولكي تتكوّن العاصفة، كان لا بد من امتصاص الهواء المحيط وصنع تيار صاعد قوي.
لكن هذه المرة، وقبل أن تسيطر الأفعى على الرياح، كان غليان مياه البحر قد ولّد تيارًا جويًا ضخمًا. وتدخل باي عند تلك اللحظة.
لقد كبَت بخار الماء المتبخر بسحر التنانين، ثم حوّله إلى تيارٍ أفقي ينتشر على الجانبين.
‘لقد قطع تدفق الهواء الذي كان الأفعى يريده.’
وذلك كان ممكنًا بفضل حاجز الرياح العاتية الذي نسجه مسبقًا الملك الشيطاني مع التنين.
كان كل شيء يجري بسلاسة، لكن أرييلا لم تُرخِ حبل توترها.
‘ما زال التسونامي متبقيًا.’
ففي المعركة الأولى أيضًا، ماطل الأفعى قبل أن يستدعي التسونامي.
‘لكن إن استمر الوضع في الانقلاب ضده، فعاجلًا أم آجلًا…..’
عندها.
“غروووو!”
أبدى الوحش حركةً مريبة.
“الآن!”
لقد تخلّى أخيرًا عن العاصفة. وسرعان ما أدركت أرييلا قصده.
“هه، أتظن أني لن أفهم؟ ها هو يحاول تحريك البحر أخيرًا.”
غيّر الأفعى اتجاه سحره وخفّضه نحو الأعماق. و كان يُهزّ قاع البحر العميق لإثارة تسونامي.
“لن أسمح لنفسي أن أُخدع بالحيلة نفسها مرتين.”
وووونغ-!
اندفع سحر الملك الشيطاني إلى جسد أرييلا. فنطقت بتعويذة.
“الموجة العكسية!”
إنها أرييلا التي لا تحتاج إلا لمرةٍ واحدة حتى تدرك طبيعة أي سحر.
لقد حللت الموجة التي صنعتها الأفعى وصنعت موجةً سحرية معاكسة تمامًا لها.
ووونغ-! ووووونغ-!
وحين اصطدمت القوتان المتضادتان، أبطل كلٌ منهما الآخر. قبل أن يتشكّل التسونامي أصلًا.
“كروووه؟!”
ارتسمت على الأفعى علامات ذهول واضحة.
ربما كانت قوةً اعتاد استخدامها مرارًا بشكل غريزي. لكن العاصفة، والتسونامي أيضًا، بقيا هادئين على غير العادة اليوم.
وفي تلك العملية، لم يتبقَّ للوحش سوى أن استنزف سحره.
“……!”
أي أنه لم يعد يملك القوة الكافية لمواصلة القتال.
وفي اللحظة التي شعر فيها الوحش بخطر قاتل يقترب.
صرخت أرييلا بحدة.
“لودفيك!”
هووووش!
فصنع لودفيك كرةً نارية هائلة في السماء. وفي يده الأخرى كان قد أشهر سيفًا دون أن يشعر به أحد.
وبدأت ألسنة اللهب تنجذب نحو نصل السيف لتتجمع فيه كما لو كانت تُبتلع.
_________________________
دايم المؤلفه تخلي كأن ارييلا اقوى بس لا هي اذكى الاقوى لودفيك قدامكم ذاه يجنننننن
عشاهم بكره برعايه شوربة ثعبان البحر بموية البحر😭
أولكن الصدق يناسبه الاستفزاز😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 97"