وبينما كانت غارقةً في فرحتها، لم تلحظ ما مرّ عابرًا على وجه لودفيك في تلك اللحظة.
***
“أرييلا!”
شقّت أجنحة باي الهواء باندفاعٍ عارم.
دووم!
رغم أنه تعلّم كيف يهبط بلا صوت، إلا أن انفعاله الجارف لم يترك له مجالًا للتذكر.
و ركض نحوهما بجنون، تاركًا آثار أقدام تنطبع على الشاطئ الصخري، متناثرًا من حوله الحصى المتكسر. لكنه لم يأبه بشيء.
“أرييلااا! أخيرًا وجدتكِ!”
ارتبكت أرييلا خشية أن يصطدم بها، فتأهبت لتتفادى اندفاعه في اللحظة الأخيرة. لكنه، في ومضة حرجة، كبح اندفاعه.
وقف التنين الذهبي الضخم، وانثنى عنقه الطويل نحوها. وعيناه الكبيرتان غمرتهما دموعٌ لامعة.
“هل أنتِ بخير فعلًا؟ لم تصبكِ جراح؟ لم تشعري بالبرد؟ هل شعرتِ بالجوع؟”
راح يشم رائحتها بلا توقف، بينما كان أنفه يعلو ويهبط، فيما ذيله يجلد الأرض فرحًا لا يُكبت.
“أنا بخيرٍ يا باي. كما ترى، لم يصبني شيء.”
فجاء صوت لودفيك إلى جوارها، وهو يزفر ساخرًا.
“يبدو أنني غير مرئيٍ هنا.”
وكأنه حقًا كذلك. لا يُرى ولا يُسمع. فباي لم يلتفت إلا إلى أرييلا، يهتف باسمها بعينين لا ترى سواها.
“لن أترك جانبكِ أبدًا بعد الآن. لن أسمح أن يتكرر ما حدث!”
فتح جناحيه كمن يهمّ باحتضانها، لكنه سرعان ما تذكّر ضخامته فكبح نفسه. واكتفى بأن يمسح كتفها برفقٍ بزاوية فكه، بينما كان ريتشموند وأولكن يقتربان.
“من حسن الحظ أنكما بخير.”
“بالضبط! جلالتك، لقد كانت لحظةً فارقة هذه المرة.”
“لكننا محظوظون أننا وجدناكما أسرع مما ظننا. لم أتوقع أن تجرفكما الأمواج إلى هذا البعد.”
قال ريتشموند ذلك وهو يشير إلى باي،
“ذلك التنين الصغير هو من لمح الضوء المتلألئ من مسافةٍ لا تكاد تُرى. ومنه استدللنا على الطريق. التوقيت كان معجزةً حقيقية.”
أومأ لودفيك بصمت.
“…..صحيح، توقيتٌ لا يُضاهى حقًا.”
لكن في نبرته ارتجف شعورٌ غامض لم يكن بالرضا التام.
ردة فعل غير متوقعة. فهو كان الأولى أن يفرح لاجتماعهم السريع، لا أن يبدو منزعجًا.
‘ربما كان أثر التوتر، لا غير. أصلًا ردود أفعاله العاطفية دائمًا هكذا.’
لم يُطِل ريتشموند التفكير في الأمر. فقد كان يعلم أن ذلك الملك الصغير يملك جوانب غريبة، ربما بسبب نشأته.
أما أرييلا، وبعد جهد أقنعت باي بالابتعاد قليلًا، فسألت،
“يسرّني أنكم تمكنتم من الفرار سالمين. لكن ما الذي جرى بعد أن جرفتنا الأمواج؟”
كانت قد سمعت بعضًا من لودفيك، لكنها أرادت أن تسمع من الجميع.
وجهت سؤالها إلى ريتشموند وأولكن، لكن باي هو من أجاب أولًا،
“أرييلا! القصة وما فيها…”
وكانت روايته تكاد تطابق ما قاله لودفيك.
حين اجتاحتهم الأمواج، حاول ريتشموند وأولكن الفرار بالتحليق. لكن العاصفة كانت هوجاء، وما إن بلغوا حافة الموج حتى أوشكوا على السقوط.
هناك، التقى بهم التنين الذهبي الطائر.
“كنت قد شعرت أن الطقس ليس طبيعيًا، فاندفعت مسرعًا. لكنني عانيت لاختراق الرياح العاصفة وسط الجزيرة.”
حين رآهم التنين، خاف. ومعه تبخرت في لحظة كل وعوده بألا يحمل على ظهره أحدًا سوى أرييلا.
فمدّ ظهره على الفور، وحمل ريتشموند وأولكن. وعند أطراف الإعصار كانت الرياح أضعف، فظل يطير حوله في دوائر، و عيناه تترقبان الداخل بلا انقطاع.
“أرييلا، سامحيني لأني لم أنقذكِ في تلك اللحظة. كانت الأمواج عالية، والرؤية شبه منعدمة. وحين لمحناكِ ثانيةً، جرفكِ التيار في طرفة عين.”
لكي يلحق بها كان لا بد أن يُسقط ريتشموند وأولكن أولًا. لكنه لم يستطع.
“كنت أتساءل، لو وصل صوتي إليكِ حينها، ماذا كنتُ سأقول؟”
وكان ريتشموند منهكًا، فقد استنزف معظم طاقته السحرية.
“أظنني سمعتكِ في خيالي تقولين: ‘قبل أن تأتي لإنقاذي، ضع هذين الاثنين في مأمن أولًا’.”
لو كانت أرييلا، لما أرادت أن يغامر رفقاؤها بحياتهم ثم يأتوا لإنقاذها. والتنين يعرفها بأنها من هذا النوع من الأشخاص. لذلك كظموا غيظهم.
رغبة قلبه كانت أن يلحق بها فورًا، لكنه أولًا أنزل الذي أنقذهما على جزيرة أخرى ثم بدأ في البحث عن أرييلا.
لكن حينها كانت قد جُرفت بعيدًا بالفعل.
“هكذا إذاً.”
ارتسمت ابتسامةٌ تلقائية على شفتي أرييلا. و ربّتت بخفة على عنق التنين الصغير.
“أحسنتَ. أحسنتَ فعلًا.”
ترددت في الماضي أسئلةٌ إن كان هذا التنين الصغير ينشأ بشكل سليم في ظروفٍ غير اعتيادية، لكن الآن بدا لها أن أساليبهم لم تكن سيِّئةً بالضرورة.
هذا التنين قد تعثّر أحيانًا، لكنه ينمو عمومًا على الطريق الصحيح.
فكرت أرييلا بذلك بشعورٍ من الإعجاب.
***
قال باي وأولكن أنهما لم يتسن لهما تناول الطعام كما ينبغي أثناء بحثهما عنهما.
لو كان التنين الصغير الذي يعتبر ست وجبات في اليوم أهم شيء في العالم، والمستذئب الذي يعيش من متعة الأكل قد تجوّعا، فبإمكانكَ تخيل ما كان عليه شعورهما.
“باي، سيموت إذا استمرّ هكذا. سأموت من الجوع!”
“أولًا دعونا نملأ بطوننا!”
“نعم، جائع! أنا جائع!”
توافق باي وأولكن في الصراخ.
فنقر لودفيك بلسانه ونهض حاملاً سيفه بيد.
“لنذهب معًا. في هذه الجزيرة هناك الكثير من الوحوش الصالحة للصيد.”
كان قد تفحّص الجزيرة كاملةً أثناء فقدان وعي أرييلا ودرس النباتات هناك. و جهّز نفسه لبقاءٍ محتمل طويل الأمد، حتى من دون أرييلا.
مال باي برأسه متسائلًا.
“هل يمكن أكل الوحوش؟”
“بالطبع.”
“هل هي طيبة المذاق؟”
“…..أهذا مهم؟”
عقد المَلك حاجبيه، وأبدى أولكن بدوره استغرابًا.
“لكن يا جلالتك، بعض الوحوش قد تكون سامة؟”
“أنا أتقنت تمييز الوحوش الصالحة للأكل منذ أن كان طولي نصف ما هو عليه الآن.”
و لم تكن تلك مزحة.
تحت قيادتهم، جمعت المجموعة فورًا كميةً هائلة من لحم الوحوش. لودفيك الذي اعتاد التجوال واستخدام الوحوش كمؤن، وأولكن الصياد بالفطرة، وباي المهووس بالطعام، اجتمعوا فكانت الحصيلة صيدًا لا يستهان به.
بعد قليل.
“…..لا يوجد شيءٌ اسمه قدرٌ كافٍ، أليس كذلك؟”
نار المعسكر كانت أكبر بكثير مما كانت عليه عندما كانا وحدهما، وتحولت إلى مشهد يذكر بموقد قصر الملك الشيطاني.
و كان لحم الشواء يكفي لإطعام فرقةٍ كاملة من جنود الشياطين.
“همم، مذاقه مقبولٌ إلى حد ما.”
“ليس مثل طعام رابولكنه مميز، وهذا ما أعجبني!”
كل من عدا ريتشموند الذي لا يحتاج للطعام ركز على التعافي الغذائي.
فاستعاد الرفاق المجتمعون بعضًا من الراحة بعد القلق.
***
“حسنًا، بعد أن شبعت البطون.”
بعد انتهاء الوجبة. تراكمت عظام الوحوش بكمياتٍ كبيرة داخل الكهف.
و انتظرت أرييلا حتى تعافى الجميع من القوّة والسحر، ثم تكلّمت.
“هلّا نعقد اجتماعًا عمليًا ثانيةً؟”
“اجتماعٌ عملي؟”
ابتسمت أرييلا ابتسامةً حازمة.
“كيف سنحطم ذلك الثعبان البحري الملعون.”
________________________
حسبتهم بيرجعون القصر اول😭
لودفيك زعلان عشانهم جو وقطعوا عليهم اللحظه🤏🏻🤏🏻🤏🏻 بس وش كان بيقول؟ ياخساره بس ليته تكلم بدري الحين وش دراني خييييييييررر
ريتشموند يقدر ياكل بس مايحتاج بس انا متأكده انه مايبي ياكل عشانها وحوش😂
باي يا نمنم جا يدور امه يييجيجيججنننننننن
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 96"