في وسط الكهف كان هناك موقد نار. الحطب من خشب، لكن اللهب كان سحرياً. فامتلأ المكان بدفء لطيف.
نظرت أرييلا إلى ثوبها. و كانت هناك آثار التجعد والانكماش على قماشٍ ابتل تماماً ثم جف ثانيةً.
و خلوه الآن من أي أثر للماء كان بفضل سحر لودفيك.
ثم تتبعت ذاكرتها.
حين عانقها أحدهم، اهتز العالم وانفجر. وبعد شعورٍ بالانجراف إلى مكانٍ ما، كان جسدها كله يتألم كما لو ضُرب بعنف. و حاولت التماسك، لكنها فقدت وعيها في النهاية.
“…..في ذلك الوقت، انجرفنا معاً في التسونامي، أليس كذلك؟”
أومأ لودفيك برأسه.
“صحيح.”
“وماذا عن رفاقنا الذين قاتلوا معنا؟ وباي؟”
“ريتشموند وأولكن انجرفا في اتجاه آخر ثم التقيا بباي وتمكنوا من الفرار. ثم حاولا العودة لإنقاذنا، لكن الريح والتسونامي حالا دون اقترابهم. وفي النهاية ابتعدوا تماماً.”
تنهدت أرييلا بعمق.
“إذاً هم أحياء…..يا للراحة.”
أحست أخيراً بالراحة وأخذت تتفحص المكان.
الكهف كان أوسع مما ظنت. والظلال المتراقصة على جدار الصخر كانت تتحرك وفق للهيب الموقد.
“استخدمتُ تقريباً كل ما تبقى لي من قوةٍ سحرية لحمايتنا من التسونامي. وبعد أن تجاوزنا منطقة العاصفة لم أعد قادراً على استخدام سحر الطيران.”
ظل لودفيك ينجرف مع التيار، محافظاً على بقائها قادرةً على التنفس.
“كان جريان الماء جنونياً. لا أعرف حتى كم ابتعدنا بتلك الحالة. ثم لمحتُ جزيرة، فسبحت إليها بصعوبة.”
حول جزيرة الأفعى البحرية كانت التيارات البحرية سريعةً للغاية. سرعة انجرافهما ربما فاقت معظم تعاويذ الطيران.
بينما كان هو يعانق جسدها المغمى عليه ويقاوم التيار في الوقت نفسه.
“شكراً لكَ.”
احمر وجه لودفيك قليلاً. و أشاح ببصره وتحدث بخشونة.
“…..ما دمتِ استيقظتِ، فلتأكلي أولاً.”
الحطب الذي يغذي عليه الموقد كان من نبات غريب ينمو بلا شمس. شجرةٌ لا توجد إلا في عالم السحر المظلم.
ووجود النبات يعني أن النظام البيئي قائم.
‘إذاً الوحوش تعيش في هذه الجزيرة.’
ويبدو أن لودفيك قد خرج للصيد بالفعل في تلك الأثناء.
كان واضحاً ما هو اللحم الذي يشويه، لكن لم يكن في وسعها الآن أن تنتقي أو تعترض.
كانت حركات يديه وهو يجهز القطع بارعةً للغاية. و الدفء اللطيف ورائحة الدسم جعلا أرييلا تشعر بالمفارقة، لكنها أحست بالراحة.
‘لو لم يكن لودفيك..…’
ترددت قليلاً. و الكلمات تعثرت في حلقها تدغدغها. لكنها سرعان ما غلبت ترددها و تحدّثت،
“لقد أنقذتني مرةً أخرى.”
“هاه؟”
رفع بصره عن النار وحدق بها. بينمت ارتجف حاجباه. كانت تلك عادته حين لا يفهم كلاماً قيل له.
لقد أصبحت تعرفه إلى درجةٍ تكفي لتدرك صدقه من مجرد ملامحه.
“أنقذتُكِ مرةً أخرى؟ متى كدتِ تغرقين ثانية؟ ليس لي ذكرى بانتشالك من الماء إلا اليوم.”
“لا، في السابق لم تنقذني من غرق.”
ابتلعت أرييلا ضحكةً قصيرة ساخرة.
“لقد أنقذتني في عالم البشر. ومنذ ذلك الحين، هذه هي المرة الثانية.”
“……؟”
ازدادت حيرة لودفيك واتسع في عينيه متاهةٌ أعمق.
فاعترفت أرييلا بصدق.
“لو لم توقّع عقداً معي في ذلك اليوم، لانتهى أمري. كان سيكون الأمر بالغ السوء.”
بل لم يكن مجرد سوء، بل انهياراً تاماً للحياة. سقوطاً في هاوية لا يُرى لها قاع.
“حقاً، لم أسألكِ من قبل.”
بدت على لودفيك لمحة فضول.
“لقد كنتِ أميرةً في عالم البشر. لم أرَكِ هناك، لكن لا بد أنكِ كنت أميرةً عظيمة. فلماذا أتيتِ إلى عالم الشياطين؟”
ابتسمت أرييلا ابتسامةً باهتة.
“وكيف عرفت؟ إن كنتُ أميرةً عظيمة أم لا.”
“رأيتُ ما فعلتهِ هنا في عالمنا.”
انعكس ضوء النار القرمزي في عينيه الحمراوين.
“لقد أنجزتِ ما لم ينجزه أحدٌ قبلكِ. حتى أولئك المولودون في هذا العالم أخفقوا فيما نجحتِ فيه.”
“….…”
“و في وطنكِ، لا بد أنكِ كنت أفضل بكثير. حتى لو كنتُ غبياً، أفهم هذا. كنتِ لا شك أشهر أميرةٍ في عالم البشر.”
“مبالغتكَ كبيرة. كانت هناك أميرةٌ أخرى هي الأشهر في ذلك العالم.”
“هل كانت تحكم أفضل منكِ؟”
تذكرت أرييلا الأميرة بياتريتشي من المملكة المجاورة.
فإن كان مناصرو أرييلا يتركزون في وطنها أويونوس، فقد ذاع صيت تلك الأميرة في القارة كلها.
والسبب هو…..
“لا أعلم بشأن حسها السياسي، لكنها اشتهرت أولاً بجمالها.”
“ماذا؟ هذا غريب. ما أهمية المظهر للأميرة؟ يكفي أن تدير البلاد جيداً.”
“…..هذا صحيح في الأساس، لكن ليس لدي ما أقوله.”
فغيرت الموضوع.
“على أي حال، لم يكن وضعي في عالم البشر جيداً.”
شرحت له بالتفصيل حالتها قبل العقد. وكلما استمع لودفيك أكثر، ازدادت ملامحه تصلباً.
وحين أنهت حديثها…..
“……؟”
ارتبكت أرييلا. ففي عيني لودفيك ارتسمت بوضوح عداوةٌ وغضب.
“يا للمهزلة.”
“ما بكَ؟”
تفاجأت أرييلا، فقد كان رد فعله أعنف مما توقعت.
بل في الحقيقة، لم تكن تنتظر أي رد فعل أصلاً.
ظنت أنه مجرد فضولٍ فسأل، وهي لم تفعل سوى أن أجابت بصدق دون زيادة أو نقصان.
“…..الأمر لا يعجبني. إنه أغرب ما سمعته في الآونة الأخيرة.”
ولأنه لم يكن من طبيعته أن يقول ما لا يقصده، فقد كان صادقاً أيضاً هذه المرة، حتى أن لهيب النار عكس مشاعره فاشتعل بعنف.
فوووش!
فغطى ظل اللهب الأحمر وجهه كله.
“كنتُ مخطئاً بشأن عالم البشر.”
“مخطئاً، كيف؟”
“ظننت أنه أهدأ من عالم الشياطين. لكن اتضح أنه يعج بالمكائد الخبيثة!”
تتابعت كلماته بنبرةٍ متأججة.
“قوانين هذا العالم بسيطة. من يملك المؤهلات يصير ملكاً. وانتهى الأمر.”
لقد صار لودفيك ملكاً بقتله الملك السابق. فقد أثبت أنه يملك القوة لحماية مملكةٍ كاملة.
وفي عالم الشياطين، حيث يسود قانون الغابة، كانت قوة الحاكم الشخصية هي الفيصل.
“وهذا المنطق البديهي لا ينطبق على عالم البشر؟”
لم يشك لودفيك لحظةً في أن لأرييلا مؤهلات الحكم. وإن كانت مؤهلاتها تختلف عن مؤهلاته هو.
فما سمعه عنها، وما رآه منها في عالمهم، كان كافياً لإثبات أحقيتها.
“أن تُسلب مكانتكِ بتلك الطريقة الدنيئة..…”
لم يفهم لودفيك بنفسه لماذا أثار الأمر غضبه إلى هذا الحد.
لقد نشأ كلاهما في عالمين متناقضين، وتلقيا معاملةً مختلفة، لكنهما تقاسما قاسماً مشتركاً.
فقد اضطر لودفيك منذ طفولته أن يشق طريقه في عالم الشياطين وحيداً، محارباً من أجل البقاء.
أما أرييلا، فواجهت أزمات محبوكة بخيوطٍ معقدة من المؤامرات والدهاء.
ورغم أن لودفيك لم يختبر مثل تلك المعارك بنفسه، فقد قدّر معاناتها. ولهذا تحديداً، شعر بأن قلبه يضطرب.
“ألا ترغبين في الانتقام؟”
فوووش!
ما إن نطقها حتى ارتفعت ألسنة اللهب أعنف من ذي قبل. وقد ارتفعت حتى كادت تسوّد سقف الكهف.
فخافت أرييلا وحاولت إيقافه.
“لودفيك، كفى! سيصبح اللحم فحمةً هكذا!”
“…..أوه!”
سحب لودفيك سحره متأخراً. فعاد لهب الموقد إلى حجمه الأصلي.
ثم أمسكت أرييلا السيخ فوق النار تقلّبه وتتفحصه.
‘على أي حال، هذا الطبع الانفعالي لديه..…’
لحسن الحظ، ما زال اللحم صالحاً للأكل.
وبينما كانت تتأمله، اجتاحها شعورٌ غريب.
‘…..هذا الموقف بحد ذاته عجيب.’
في زمنها بعالم البشر لم تكن لتتخيل شيئاً كهذا.
‘من كان يظن أني سأقلق على احتراق لحم وحش، بعد أن جرفتني أمواج بحر عالم الشياطين؟’
تجاهلت كونها نجت من الموت بأعجوبةٍ، وفكرت بهدوء.
‘لو قصصت هذا على نفسي قبل عام، لكنت سخرت مني وقلت: هراء.’
استعادت في ذهنها الأحداث التي بدّلت حياتها رأساً على عقب، لكنها لم تُحوّلها إلى شفقةٍ على الذات.
فأرييلا لم تَر نفسها ضحية.
تجارب النجاح كما الفشل، لم ترفضها بل تقبلتها كلها. و شعرت فقط بدهشة من أثر خطواتها الماضية.
الحياة عصية على التنبؤ، ولعل ذلك ما يجعلها أكثر إثارة. وقد استعادت أرييلا الأمس لترسم به ملامح الغد.
“علينا ادخار السحر. إن لم نستعِد قوتنا، فلن نتمكن حتى من مغادرة هذه الجزيرة غداً.”
فهي لم تتجاوز أواخر مراهقتها بعد، وأمامها عمرٌ طويل.
أما المستقبل، فكان أوسع بعد. سواءً في عالم البشر أو هنا، لم تكن أرييلا في موقع تُلقي فيه المسؤولية عن كاهلها وحدها.
فلأجل مستقبل مملكة الشياطين، ولأجل رعاياها، كان عليهما أن يعودا.
“فلا تُهدر طاقتكَ في إحراق لحمٍ مسكين.”
صمت لودفيك قليلاً، ثم تحدث ثانية، وكأن كلماتها ما زالت عالقة في ذهنه.
“سأعيد سؤالي. إن كنتِ ترغبين بالانتقام..…”
“كفى.”
أشارت أرييلا بيدها نافية.
“ذلك الأمر خرج منذ زمن من نطاقي.”
“همم.”
“إن قلت أن حبي لشعب أونيوس زال، فسيكون كذباً. لكن الآن هناك من يحتاجني أكثر منهم.”
نظرت إلى خارج الكهف وهي تُكمل،
“إنه هذا العالم نفسه. مملكة لودفيك.”
“…..صحيح.”
فمد لودفيك يده ببطء ليقلب السيخ. ثم تحدّث بنبرة خافتة،
“إن قلتُ أن الأمر بالنسبة إليّ كان للأحسن…..هل ستغضبين؟”
وفي عينيه لمعت مشاعر مختلفة عن كل ما سبق.
_____________________
شكله مستانس انه خطفها ههههععهعههعهههع🤏🏻
المهم ياعالم حتى لو خفيف اخيرا مومنتات ورا بعض لأرييلا ولدفيك قوللولولولووووووووش
يجنن وهو معصب بدالها وهي مرتاحه معه كل شي يجنن بصيح عيالي كبروا
أرييلا وهي تقول انها في أواخر مراهقتها قصدها عمرها 18✨
الأكيد؟ لأن ما اذكر جابت طاري عمرها
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 94"