لا بملامح لطيفة كما اعتادت، ولا بابتسامة دافئة، بل تحدثت بصرامة قصيرة وحاسمة،
“لا.”
يمكنها الاستعانة بالتنين الصغير لإيجاد الطريق أو لتهدئة الرياح. لكن هذه المعركة قد تنتهي بجراح خطيرة أو حتى بالموت.
“لا يمكن أن أجرّ تنينًا صغيرًا إلى مثل هذا المكان.”
ارتسمت على وجه باي ملامح حيرة. وبنظراتٍ متوسلة ظل يصرّ أمام أرييلا.
“سأكون حذرًا حقًا! حتى لو ظللت أراقب بهدوء من الخلف، ألا يمكن؟ أشعر أن الأمر سيئ.”
راح يضرب الصخر بقدميه متوسلًا، لكن أرييلا لم ترمش حتى.
وأمام صلابتها، ارتبك باي قليلًا ثم استسلم أخيرًا.
“إن احتجتِ إليّ في أي لحظة، نادي عليّ فورًا، اوعديني بذلك، اتفقنا؟”
خفض أذنيه حزينًا ثم خفق بجناحيه وارتفع في الهواء. لكنه لم يبتعد مباشرة. بل ظل يحوم فوق الجزيرة غير المأهولة مراتٍ عدة يرمق أرييلا من الأعلا، وكأنه لا يريد المغادرة.
عندها نقرَت بلسانها ولوّحت بيدها.
“يا إلهي، ما أشد عناده اليوم.”
أخيرًا استدار باي مبتعدًا. و شق ذيله الطويل الهواء، وانطلقت بنيته الرشيقة بسرعة متزايدة.
ولأن ظهوره أمام الأفعى البحرية قد يشكّل خطرًا، لم تدِر أرييلا ظهرها إلا حين ابتعد خلف الأفق.
ثم تحدث ريتشوموند بصوتٍ خافت،
“هذه أول مرة أسمع تنينًا صغيرًا يتحدث هكذا.”
“تقصد إصراره على القتال معنا؟ ربما لأنه تضايق كثيرًا عندما أبعدناه في المرة السابقة أثناء اصطياد آكل الموتى.”
“لا، ليس هذا.”
كان في صوته العذب إحساسٌ غامض.
“ألم يقل أنه يشعر أن الأمر ليس على ما يرام؟”
“آه.”
لم تُعر أرييلا الأمر اهتمامًا كبيرًا.
“قال ذلك لأنه لا يريد الابتعاد عني، لا أكثر.”
فذلك الإحساس السيئ ما هو إلا قلق الانفصال.
“إذاً، لنبدأ؟”
أرسلت نظرة إشارة إلى لودفيك. فرفع يديه وجمعهما عند صدره.
فوووش!
فانفجر لهبٌ هائل بين كفيه.
إن كانت كرة النار المعلقة في السماء مجرد ضوء، فإن هذه قد عزّزت بالقوة التدميرية.
“سأخرجه للخارج أولًا.”
أشار بيده إشارةً قصيرة.
فوووش!
فانطلقت النار بعنفٍ هائل، وكأنها تُسحب إلى داخل جحر الأفعى فاختفت.
و بعد ثوانٍ.
كووواااانغ!
اهتزت الجزيرة بأكملها دويًا وارتجافًا. حتى الأمواج المرتطمة بالصخور انحرفت فجأة في اتجاه آخر.
فزمجر أولكن.
“لو أنها ماتت بضربة واحدة، لما تمنيّت شيئًا آخر.”
لكنها كانت أمنيةً باطلة.
كوووررررررررر!
خرج صوتٌ مختلف عن الانفجار الأول. كان صوت شيء هائل ينهض ويتحرك. فأصبحت الأجواء أثقل.
وبينما يترقب الجميع بتوتر، خرج جسدٌ طويل أملس من الجحر.
“كواااااا!”
زأر وهو يتدفق كالمياه المالحة الرطبة.
كان رأسه شبيهًا برأس التنين لكنه أشد حدة، وتحت فكه المدبب ظهرت صفوفٌ متراكبة من أنياب حادة.
أما ضخامته فتكاد تضاهي تنين النار الأحمر كاليثيرد. بل خُيّل إليهم أن الجزيرة كلها تميل تحت وطأة جسده.
تمتم ريتشوموند،
“كما توقعت، إنه مدهشٌ فعلًا.”
القوة السحرية التي تفجرت منه جعلت رأس أرييلا يدور. لكن بدل أن تُسحق تحت وطأتها، بدأت بإنشاد تعويذتها.
تلألأ بريقٌ ذهبي في عينيها السوداوين.
“قبض!”
ما إن مدّت ذراعيها بقوة إلى جانبيها حتى انفجر السحر يمينًا ويسارًا. كأن شلالًا انقسم إلى فرعين يندفعان على طول الساحل.
وقد ركض نصفا قوسين متناظرين حول الجزيرة كقبة محدبة.
فوووش!
تشابكت عشرات الآلاف من خيوط السحر في الهواء وانعقدت بسرعة خارقة لتنسج ستارًا. ر بدأت الخيوط من يديها حتى التقت أخيرًا بطرف الجزيرة المقابل.
انحدرت قطرات عرق على جبين أرييلا، لكن عينيها لم ترجفا.
“تم الأمر!”
سورٌ حيّ عضوي. شبكة سحرية غلّفت الجزيرة بأكملها.
وكانت مرنةً تمتص الصدمات كلما تعرضت لقوة.
“مذهل.”
أطلق ريتشوموند إعجابه. ففي تلك الفترة القصيرة نما ملك الشياطين، لكن هذه المتعاقدة البشرية أيضًا أصبحت أقوى بسرعة تفوق التوقع.
“غرررر!”
أدركت الأفعى البحرية أنها أُحكم تطويقها، فزمجرت في غضب عارم.
“كياااااااا!”
و ارتدّ صوتٌ يكاد يشق الآذان.
“اصمت أيها الوغد!”
وكان أول من اندفع هو المستذئب، أولكن.
انطلقت مخالب حادة من يديه. ومن الخلف دعمه ريتشوموند بسحره.
“صاعقة الظلام!”
كووورررغ، كوااانغ!
سقط صاعقٌ أسود. و تمكنت الأفعى الوحشية من المراوغة بأعجوبة، لكن للحظة ضعف كشفت نفسها. فاستغل أولكن الفرصة وغرس مخالبه.
تشششاك!
تناثر سائلٌ أزرق وبدت العضلات تظهر. بينما تلوّت الأفعى البحرية من الألم.
ومع زئيرها، التوت مياه البحر والهواء من حولها.
تفادى أولكن جسد الوحش الكاسح بصعوبة بالغة.
ومن الفجوة التي ظهرت انصبّ عمودٌ من اللهب. كان سحر النار الذي أطلقه لودفيك.
فوووش!
حرارةٌ مروعة أحرقت الهواء، وتوغلت النار بين حراشفه.
“كياا، كيااااا!”
وفي لحظات أحاط الرفاق بالأفعى البحرية. فحاولت شقّ طريقها للخروج.
إذ إن هذا الوحش أقوى في البحر منه على اليابسة، فأرادت نقل ساحة القتال إلى مكانٍ أنسب لها.
لكن حين حاولت تجاوز الساحل للغوص، توقفت مرغَمة.
“……؟”
فقد اصطدمت بشبكة السحر التي نسجتها أرييلا. بذل قوةً مهولة لتتقدم، لكن الشبكة لم تنقطع بل تمددت فحسب.
فانتهى بها الأمر كقرش عالق في شبكة صيد، يتخبط داخلها بلا جدوى.
وفي تلك اللحظة.
كووواااانغ!
دوى انفجارٌ من خلف ظهر الأفعى البحرية، تلاه صوت انهيار صاخب.
فهتف ريتشوموند فرحًا،
“أحسنتَ يا جلالتك!”
فبينما كان الوحش يزحف نحو الساحل، أطلق لودفيك لهبًا فهدم مدخل الجحر. و امتلأ الثقب المفتوح بالصخور الضخمة. وبذلك لم يعد له مهربٌ أفقي.
“كيااااااك!”
فحاول الوحش التسلق عموديًا على شبكة السحر. لكن فوق رأسه كان ريتشوموند قد ارتفع بالفعل.
“موجة الظلام!”
اندفعت موجةٌ سوداء دوّامية وضربت رأس الأفعى البحرية. فتمايل جسدها، ثم تبعت ذلك هجمات أولكن و لودفيك.
كانت أرييلا تراقب ساحة القتال وتفكر،
‘لعلنا نستطيع القضاء عليه بسهولة أكثر مما توقعت؟’
وفي تلك اللحظة.
غوووووونغ!
انتشرت اهتزازاتٌ غريبة تثقل الجزيرة. و كانت من صنع الأفعى البحرية.
“كيااااا!”
هز زئير الأفعى البحرية الجزيرة غير المأهولة. ثم ظهر تحركٌ مفاجئ في السماء.
“الغيوم؟!”
كانت سحبٌ سوداء تتجمع. و ظل السماء الكثيف اكتسى بلون أحمر قاتم تحت ضوء الشمس الغاربة.
كانت سرعتها هائلة، وأطرافها المضيئة تتلألأ وكأنها تغلي.
“لم أكن أعلم أن الأفعى البحرية تستطيع التحكم بالطقس أيضًا.”
لم يُذكر ذلك في السجلات القديمة. لكن ربما، مع مرور مئات السنين، أصبح الوحش أقوى وتعلم قدرات جديدة.
كوووررررررر، كوااانغ!
دوت أصواتٌ مدوية كأنها ستفجر طبلة الأذن.
و قد ظنّ المرء أن السماء تتشوه، ثم اندفعت عاصفة شرسة.
سششششش-!
هطلت أمطارٌ غزيرة.
كانت قطرات المطر العنيفة تتدفق أفقيًا وقطريًا بدلًا من السقوط عموديًا. فتمايلت الأمواج مع تلك الحركة.
“آخ!”
كانت قطرات المطر كالإبر تخترق الجلد. لكن المشكلة الأكبر كانت الرياح.
“هذه أقوى من رياح السواحل!”
فإذا كانت عواصف السواحل تجعل السيطرة على الجسد صعبة، فإن هذه الرياح كأنها تمزق اللحم.
“هذا هو وحشٌ بمستوى ملك الشياطين!”
رغم أنه بلا خبرة، استخدم هذا الكائن قوةً غريزية لسحر قويٍ بهذا الشكل.
نظرت أرييلا إلى لودفيك. و كان هو الذي لم يتوقف عن إطلاق اللهب مترددًا الآن.
‘كان يعرف كيف يشعل النار فقط، لم يعرف شيئًا عن سحر الدفاع.’
سرعان ما بدأت أرييلا بترديد تعويذة عاجلة. لكن بعد أن أطلقت سحر الشبكة، لم يكن لديها ما يكفي من الطاقة السحرية.
و في اللحظة التي حاولت فيها مخاطبة لودفيك، التفت هو أولًا.
“……!”
التقت أعينهما في الفراغ.
كان أمرًا غريبًا.
و قبل أن تصرخ أرييلا مستعجلة، أومأ لودفيك أولًا.
لم يتبادلوا كلمة، ومع ذلك فهم كل منهما نية الآخر.
ثم بدأت أرييلا بترديد التعويذة فورًا.
‘يجب أن نكون حذرين، نحن في خضم المعركة.’
تغلغلت قوة لودفيك العظيمة في جسدها. فذلك الإيماء قبل لحظات كان إشارةً لاستخدام سحره لمساعدتها.
_____________________
شوفوا المتزوجين ياناس يفهمون بهض 🤏🏻
المشكلة آخر الفصل الي راح طلعت عناد باي 😭 معليه ذي ولا شي قدام الافعى الي قدامكم ذي اكبر مشكلة
طب وش بيصير الحين🥲 هي كوميديه فما ظني فيه فطسات بس يعني بعد منب ناقصه احد ينصاب
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 92"