***

 

استمر التحليق. 

 

و بعد توبيخ قاسٍ جعل لودفيك اللهب أصغر. ورغم أن الحرارة خفّت إلا أن الضوء صار أوضح بما يكفي لمراقبة البحر أسفلهم.

 

“الجزر كثيرةٌ حقًا.”

 

جزرٌ غير مأهولة لا يسكنها أبناء الشياطين. لكن ذلك لا يعني خلوها من الكائنات تمامًا.

 

“قيل أن بين هذه الجزر ما تسكنه الوحوش، أليس كذلك؟ ليس فقط الأفعى البحرية بل كائناتٍ أصغر أيضًا.”

 

تذكر الملك الشيطاني كلمات ريتشموند. في الأرض التي لا تشرق فيها الشمس، كان الجحيم ممتدًا حيث تلتهم الوحوش بعضها بعضًا.

 

ثم ضيّقت أرييلا عينيها.

 

“حقًا، يبدو الأمر كذلك.”

 

كان ثمة جزر يُشعَر فيها بطاقةٍ سحرية يُرجّح أنها تعود لوحوش، وأخرى لا. لكنها لم تستشعر بعد أي نوع يُصنَّف بمستوى ملك الشياطين.

 

على كل حال، في كل مرة كانوا يمرون بجزيرة يُلتقط منها أثرٌ ما، كانت أرييلا تخبر باي.

 

“باي، أنت تحفظ مواقع هذه الجزر كلها، أليس كذلك؟ وكذلك المسافة بين كل واحدة وأخرى.”

 

“طبعًا! باي لا ينسى أبدًا!”

 

لا بد أن التنين كان يحفظ بدقة، على مستوى الثواني، السرعة والاتجاه اللذين كان يتحرك بهما. وبناءً على ذلك تستطيع أرييلا حساب المسافات.

 

إحضارها باي لم يكن فقط من أجل لغة التنانين السحرية، بل لسببٍ آخر أيضًا.

 

“لاحقًا عندما نعود إلى البر، عليكَ أن تساعدني يا باي.”

 

“ما دامت أرييلا بحاجةٍ إليّ، أستطيع أن أفعل أي شيء.”

 

“يا لكَ من رائع.”

 

مدّت أرييلا يدها لتداعب الحراشف أسفل فك التنين. فأصدر باي صوتًا غائرًا راضيًا.

 

“الخريطة القديمة التي وجدتها في المكتبة كانت مبسطةً جدًا، وتركز فقط على التيارات. أما نحن فنحتاج إلى رسم خريطة ملاحية أدق لنشق طريقًا بحريًا جديدًا.”

 

“خريطة؟ هذا يبدو ممتعًا.”

 

الخريطة التي سترسم من ذاكرة التنين ستغدو فيما بعد علامةً هادية في هذا البحر.

 

“مواقع هذه الجزر مهمةٌ جدًا لتحديد اتجاه سير السفن مستقبلًا. وربما نحتاج إلى التوقف عندها أحيانًا.”

 

ولهذا كان من الضروري التحقق من وجود الوحوش فيها.

 

وما إن بدأت الحديث حتى اندفع باي بحماس يثرثر.

 

“حتى الآن مررنا على 106 جزيرة و1540 شعابًا. ومن بينها 35 جزيرة تسكنها الوحوش.”

 

فأطلقت أرييلا صيحة إعجابٍ مبالغٍ فيها قليلًا.

 

“واو، باي أنت مذهلٌ فعلًا.”

 

“هيهي.”

 

“ليتني أستطيع أخذ قليل من ذاكرتكَ الخارقة هذه لأعطيها للودفيك.”

 

فتذمّر الملك الشيطاني وهو يحلق بجانبهم.

 

“لماذا تبدأين الشجار مجددًا؟”

 

“عندما أعلّمه القراءة أشعر بالجنون. ألقّنه حتى ينفجر حلقي، وبمجرد أن يدير ظهره ينسى كل شيء. إنه يذكّرني برئيسة الخدم التي تقاعدت في صغري.”

 

“لكن أليس من العدل أن تقولي أني أتعلم بسرعةٍ لا بأس بها؟”

 

“لا تجعلني أتكلم أصلًا.”

 

كانوا يواصلون التقدم في السماء وهما يتشاجران خفيفًا.

 

“هاه؟”

 

حينها، تغير وجه أرييلا فجأة إلى السواد. فعقد لودفيك حاجبيه أيضًا.

 

“هل شعرتِ بشيء؟”

 

رغم أنها كانت تشعر طوال الوقت بوجود وحوش عادية نسبيًا، إلا أن أرييلا كانت في داخلها تتضرع. أن لا تظهر الأفعى البحرية هنا.

 

فإن لم تظهر رغم البحث، فيمكن اعتبارها قد ماتت أو انتقلت إلى مكان آخر. وحينها ستكون الأمور القادمة أيسر قليلًا. و يكفي صنع سفينة وإطلاقها مباشرة. 

 

غير أنّ…..

 

“باي، إلى ذاك الاتجاه.”

 

أدار باي رأسه نحو حيث أشارت إصبع أرييلا. وتبعه لودفيك بصمت.

 

وبعد قليل.

 

“توقف هنا.”

 

ظهرت تحتهم جزيرةٌ واحدة.

 

نظرت أرييلا بجدية إلى الأسفل. و امتدت حواسها إلى ما تحت طبقات الصخور السميكة.

 

شيءٌ لا تستطيع فعله إلا هي وحدها في عالم الشياطين.

 

“…….”

 

بعد لحظة.

 

“تبا، هذا مزعج. لو كان قد رحل إلى مكان آخر لكان أفضل. يبدو أنه وجد المكان مريحًا للعيش.”

 

فأدرك لودفيك المعنى فورًا.

 

“أهو الأفعى البحرية؟”

 

“يبدو كذلك.”

 

أومأت أرييلا برأسها.

 

“القول أنه وحشٌ بمستوى ملك الشياطين لم يكن مبالغة. لا يمكن أن أكون مخطئةً أمام هذا.”

 

لقد كان سحرًا هائلًا بحق. طاقةٌ مختلفة قليلًا في اللون والكثافة عن طاقة أبناء الشياطين. تمتد من مركز الجزيرة تحت الأرض.

 

حتى أن شعورًا أشبه بوهم ضباب أسود يتفرع مثل مجسات في كل مكان كان يخيّل إليها.

 

وما جعل أرييلا في حذر أكبر من تلك الكثافة المشؤومة هو حجم القوة ذاته. فقد تذكرت أحداثًا من أوائل انتقالها إلى عالم الشياطين.

 

“هل يشبه ذلك اليوم الذي فقد فيه لودفيك وعيه؟”

 

حين تشاجرت في قاعة الاجتماع مع بيفار، كانت قد استنزفت سحر لودفيك حتى آخر قطرة. ومجرد أن بَثَّت تلك القوة من حولها دون حتى ترديد تعاويذ، طغت على بيفار.

 

“القوة التي تدفقت في جسدي يومها كانت بهذا القدر من الضخامة.”

 

حلّقوا فوق الجزيرة ودارت جولةً كاملة. ومع ذلك لم يظهر الوحش للعيان.

 

لكنهم اكتشفوا بدلًا من ذلك مدخلًا ضخمًا بشكل هائل لكهف في الوسط.

 

“كهفٌ يتمركز في الجزيرة. هذا يطابق تمامًا الشروط التي ذكرها ريتشموند.”

 

تلاقت عينا أرييلا بلودفيك.

 

“إنها الأفعى البحرية.”

 

“معم، إنها الأفعى البحرية.”

 

لم يكن هذا هو السيناريو الأمثل. لكن من حسن الحظ أنهم اكتشفوها مسبقًا. فقد تجنّبوا على الأقل أن تتحطم السفينة التي تعبوا في صنعها.

 

“على كل حال لقد حددنا موقع الهدف.”

 

قالت أرييلا ذلك بصوت هادئ.

 

“والآن حان وقت الصيد.”

 

***

 

في اليوم التالي. بعد أن استعادوا قوتهم الجسدية والسحرية في قلعة ملك الشياطين، انطلقت مجموعة أرييلا مجددًا محلقةً فوق البحر.

 

وانضم إليهم هذه المرة كلٌ من أولكن وريتشوموند ليكونوا عونًا في القتال.

 

فوووش!

 

كما في الأمس، ركبت أرييلا ظهر التنين. أما ريتشوموند فقد اكتفى بترديد تعويذة الطيران وطار بنفسه.

 

لكن أولكن لم يكن قادرًا على استخدام سحر الطيران، لذا وجب أن يتكفّل أحدٌ به.

 

وآلت هذه المهمة إلى ملك الشياطين.

 

فتذمّر لودفيك.

 

“أنا هنا صاحب أعلى مكانةٍ بينكم، أليس كذلك؟”

 

كان يطير ممسكًا بمؤخرة عنق المستذئب الضخم بيدٍ واحدة.

 

لو كانت أرييلا في مكانه لصرخت أنها تختنق، لكن الذئب ذا الفراء الرمادي بدا مرتاحًا للغاية.

 

“لكن لماذا أنا تحديدًا من يجب أن يحمل أولكن ويطير به؟”

 

فأجاب ريتشوموند بخفة ظل.

 

“لأن قوة ملك الشياطين أعظم بكثير. انظر إليّ مثلًا.”

 

كان يطير بخفة بمفرده.

 

“لم يتبقَّ عندي سوى بعض العظام الهزيلة بلا عضلات، ولو حاولت حمل هذا الحيوان الضخم لتحطمت عظام ذراعي فورًا.”

 

كظمت أرييلا ضحكةً ساخرة. فهي تعلم أن هيكل ريتشموند في الحقيقة متينٌ للغاية رغم مظهره.

 

حتى في هذه اللحظة، كانت هناك طاقةٌ سحرية قوية تدور في عظامه بنشاط. فكيف بساحر يعتني بأدق تفاصيل أجساد الموتى الأحياء الذين يصنعهم، ألا يعتني بجسده أكثر؟

 

ثم أضاف ريتشوموند وهو يهز كتفيه.

 

“وفوق ذلك ردائي أسود اللون، كما ترى.”

 

“…….”

 

“…….”

 

عجزت أرييلا عن الكلام.

 

“أتعني في النهاية أنكَ لا تريد أن يتسخ ثوبكَ الأسود بشعر الذئب، أليس كذلك؟”

 

كان هذا هو التوقيت المثالي ليثور أولكن غاضبًا من اعتباره مجرد كلب يبعثر الشعر على فرائه الرمادي البراق الفاخر، لكن المفاجأة أن ردة فعله كانت هادئة.

 

فنظرت أرييلا بطرف عينها إلى ما تحت ذراع لودفيك.

 

“خخ……خخ……!”

 

يبدو أن الرحلة الطويلة أصابته بالملل، فقد غط أولكن في نوم عميق وهو يشخر بخفوت.

 

أن ينام المرء وهو ممسوكٌ من عنقه يُعد موهبةً بحد ذاتها.

 

مع أنهم في طريقهم لاصطياد وحشٍ بمستوى ملك الشياطين. لم يكن فيهم جميعًا أي أثرٍ للتوتر.

 

‘ربما هذا أفضل من أن يكونوا مثقلين بالرهبة.’

 

وبما أن أرييلا لم تعترض، فهذا يعني أنها اعتادت تمامًا على طباعهم.

 

وربما ما يربطهم الآن هو ما يُسمى بالمودّة الممزوجة بالخصام.

 

***

 

“هناك، في تلك الجزيرة.”

 

قادهم باي اعتمادًا على ذاكرته إلى الجزيرة غير المأهولة التي اكتشفوها بالأمس.

 

ثم نفخ لودفيك كرة النار التي جعلها بديلًا للشمس. فأشرقت أضواؤها القوية على الجزيرة بأسرها، وانعكس بريقها القرمزي على الأمواج المتكسّرة.

 

“همم، أجل.”

 

تأمل ريتشوموند مدخل الكهف بعناية ثم سأل.

 

“الأفعى البحرية داخل الكهف الآن؟”

 

“نعم، يبدو أنها نائمةٌ لأنها لا تتحرك.”

 

“هذا حسن. كما قلتُ سابقًا، من الأفضل أن نُنهِي الصيد داخل الجزيرة ما استطعنا.”

 

إذ إن البحر مملكته، ولا حاجة لخوض معركة غير متكافئة في مياهه.

 

هبطوا على الجزيرة. وبينما نزلت أرييلا من على ظهر التنين،

 

“باي، احتمِ في جزيرةٍ قريبة أخرى.”

 

لكن عندها وقعت مشكلة.

 

________________________

 

مشكلة؟ لايكون قام ذاه 

 

لودفيك في ذا الفصل انهان مرتين مره مع باي ومره يوم شال اولكن😭 زين انه ساكت 

 

اكثر ملك فلاوي شعبه ومتعاقدته يتنمرون عليه وهو ساكت ومتحمل🤏🏻

 

ريتشموند سببه منطقي يعني وبر أولكن بيصير انظف من ذيك العربه؟ مدري

 

Dana