فالكتاب الذي كان سبباً في رحلتها إلى عالم الشياطين، “مشاهدات من عالم الشياطين”، مؤلفه كان قد جاب شمال عالم الشياطين بالدرجة الأولى.
والشمال هو أيضاً الموطن الأصلي لمركّب السلايم.
“أجل، إن كان منتوجاً من تلك الأنحاء فالأمر يصبح مفهوماً.”
فمع أنه لا يُنتَج في المناطق القريبة، إلا أن جودته فائقة على نحو مدهش.
ويبدو أن سكين أولكن الصغير قد جاء من هناك أيضاً.
“لا عجب! لقد استغربت حينها هيئته وملبسه الغريب، اتضح أنه كان منحدراً من الشمال.”
المغامر كيمورا، الذي ألّف “مشاهدات من عالم الشياطين”، كان قد استكشف عالم الشياطين قبل ولادة أرييلا بزمن بعيد.
لكن حين تنظر الى الكتاب، يتبين أن حضارة شمال عالم الشياطين آنذاك كانت تفوق جنوبه الحالي بأشواط.
ومن الطبيعي أن تشعر أرييلا بنفور غريب حين وطأت إقليم لودفيك لأول مرة. فهو أقصى جنوب عالم الشياطين، منطقةٌ نائية ومتأخرة.
ومع ذلك فالفارق بين ما قرأته وما رأت كان شاسعاً جداً. حتى أن طريقة صنع مركّب السلايم، بل مجرد وجوده، لم يكن أحدٌ يعرف عنه شيئاً.
و أوضح القزم السبب،
“حتى الآن، لم يقم تقريباً أي تبادل تجاري بين الشمال والجنوب.”
وكانت المشكلة تكمن في سلسلة جبال ساركات الفاصلة بين الإقليمين.
“فالجبال المحيطة بإقليم لودفيك شُقّت فيها بعض الطرق على الأقل، لكن سلسلة ساركات التي تقطع القارة الوسطى…..هي مستوى آخر تماماً.”
هناك يستمر شتاءٌ قارس لا تشرق فيه الشمس، طوال العام بأسره.
حاجزٌ لا يمكن عبوره إلا بعزيمة تكاد تكون انتحارية.
“وفوق ذلك، شياطين الشمال يحتقرون الجنوب.”
وهذا سببٌ آخر.
“كلما طلبنا منهم عقد تجارة فرضوا شروطاً عبثية. حتى مركّب السلايم خير مثال.”
و قطّب جبينه وهو يضيف،
“اليوم صار بفضل المتعاقدة في متناول قوافلنا، لكن لوقت طويل لم يكن يدخل الجنوب مطلقاً.”
ورغم أن كلماته بدت متشائمة، وجدت أرييلا في طياتها خيط أمل.
“إذاً لقد طلبتم منهم بالفعل؟ أي أن وسيلة للتواصل بينهم وبيننا موجودة!”
كانت الآن مستعدةً للتشبث حتى بقشّة واهية.
وعهدت إلى القزم بمهمة،
“ابحثوا لنا عن مصدر لحديد الظلام في الشمال.”
“حسناً…..لكن كيف تنوون نقله إن وجدناه؟”
“ذلك أمرٌ سنعالجه بعد العثور عليه. لنبدأ بخطوة أولى، ولو صغيرة.”
***
ومضى أسبوعٌ آخر. وقد عاد القزم وهو يحمل رسالةً بيده.
“هذه إجابةٌ وصلتنا من إقليم شوبارتس الشمالي.”
أكمل وهو يمدّ الخطاب،
“أوصلتها عبر وكيل موثوق، فلا داعي للخشية من أن يتسرب الخبر إلى بقية ملوك الجنوب.”
فجمعت أرييلا جميع أتباعها، ثم فتحت الرسالة.
“…….”
بدأت تقرأها بصوت مسموع، وعلى ملامحها خليطٌ من الترقب والتوتر.
“ها!”
لكن كلما تقدمت في القراءة، أخذت ابتسامةٌ ملتوية ترتسم على شفتيها. و قد بات لودفيك الآن ذا خبرة كافية ليفهم تلك الملامح.
“لماذا هي غاضبة؟”
فابتسامتها تلك ليست إلا ما يعادل عند لودفيك تعبير “انفجرت غيظاً.”
كان لودفيك فقط حائراً لا أكثر. إذ إنه لا يعرف القراءة، فكان يفهم مضمون الرسالة من طريقة قراءتها.
رغم أن العبارات صيغت بلباقة وفيها كلماتٌ صعبة، إلا أن نبرتها العامة بدت مهذبة.
لكن أرييلا صاحت،
“وهل يُعقل ألا أغضب؟ إنهم يحتقروننا تماماً!”
حتى أولكن لم يفهم قصدها.
“احتقار؟ أكان في الرسالة شيءٌ كهذا؟”
الوحيد الذي وافقها الرأي كان كبير الخدم غرويب، إذ ابتسم بمرارة،
“كلماتهم جارحة حقاً. يبدو أنهم يستهينون بإقليمنا أقصى استهانة، حتى تجرؤوا على ردٍّ بهذه الصراحة.”
فأخذ لودفيك وأولكن يزدادان حيرة. بينما تنهدت أرييلا،
“حسناً، استمعوا. سأفسر لكم.”
لكنها ما إن شرعت بالقراءة مجدداً حتى فاض غضبها.
“نرجو لإقليمكم دوام الازدهار والتقدم. إن الجنوب مشهورٌ بكونه منطقةً ذات طبيعة بكر محمية، وللأسف لم تسنح لنا فرص كثيرة للتبادل معكم. ومن ثمّ تلقينا رسالتكم الرصينة والمليئة بالذوق الرفيع بدهشة وسرور.”
التفسير: أنتم معزولون في ريف متخلف لا يستحق حتى التواصل. والآن ترسلون لنا رسالةً رسمية؟ عجباً، لقد تعلمتم أخيراً بعض اللباقة!
“بشأن طلبكم شراء حديد الظلام، فكرنا في السبل الممكنة. لكن للأسف ثمة عقبات. حتى أن طلب منتجاتنا شديد الإقبال لدرجة أننا بالكاد نلبي ما لدينا من أوامر. وطرح بعض من عندنا تساؤلات جدية: هل لإقليمكم القدرة المالية على تحمل تقلبات العرض المفاجئة؟”
التفسير: حديد الظلام عندنا يقف له الناس في طوابير. وأنتم؟ تريدون شراءه؟ مضحك. وهل تملكون المال أصلاً؟
“هناك أيضاً قلقٌ حول جودة المنتجات النهائية. فحديد الظلام إن لم يُصهر ويُعالج بالطريقة الصحيحة فلن يؤدي غرضه. و إن ما ننتجه في إقليم شوبارتس يُعرف بالجوهرة السوداء، وهو فخر وسعادة أهلنا. ولن نقبل أن يصدأ كنزٌ كهذا مهملاً بلا فائدة.”
التفسير: أنتم في هذا الركن المتخلف بلا تقنية ولا خبرة، فكيف ستجرؤون على صهر حديد الظلام؟ واضحٌ أنه سيصدأ عندكم في المخازن!
“أما الأعشاب والقمح والعنب التي ذكرتموها كمنتجات جنوبية رئيسية، فلنا مصادرٌ ثابتة لها. وفوق ذلك، فإن ذوق مستهلكينا رفيع المستوى حتى بالمقاييس الشمالية. فلو استوردنا بضاعتكم من بعيد ولم يرضَ عنها أهلنا، لكان مؤسفاً حقاً.”
التفسير: حتى إن جلبتم محاصيلكم إلى هنا فلن يشتريها أحد. فلا تتعبوا أنفسكم بلا جدوى.
“ثم حتى لو تغلبنا على كل ما سبق، تبقى مشكلة طرق التجارة. فالنقل البري حالياً مستحيل، إذ لا بد من عبور سلاسل جبلية وعرة، مما يعني كلفةٌ ومخاطرة باهظة.”
التفسير: لن نربح شيئاً من هذه الصفقة، بل سنخسر.
“وعليه، فلا نرى مجالاً للتجارة إلا إن توليتم أنتم فتح طريقٍ جديد للتبادل التجاري، وتكفلتم بكامل نفقاته.”
تفسير: جرّبوا أن تجعلوا المستحيل ممكناً. إن أظهرتم هذا القدر من الجدية، عندها فقط قد نفكر في الأمر.
“يؤسفنا أننا لم نستطع قبول عرضكم الجذاب، ونعتذر بصدق. و نشكر لكم اهتمامكم بمنتجاتنا رغم انشغالكم، وإن طرأت مستجدات في المستقبل فسنتواصل نحن معكم.”
تفسير: لا تراسلونا ثانية. نكرر القول: لن نعقد أي تبادل معكم.
“…….”
“…….”
“…….”
بعد أن أنهت أرييلا تفسير الرسالة وترجمتها، عمّ الصمت و الحرج قاعة الاجتماع.
***
“مزقوها فوراً!”
زمجر لودفيك مطالباً بالتخلص من تلك الرسالة.
لكن أرييلا وبّخته،
“حتى لو مزقناها، فلن يتغير شيء. سيتكلّف الخدم فقط عناء تنظيفها لا أكثر.”
ثم سرحت تفكر.
الرسالة نفسها مكتوبةٌ على ورق ناعم كالحرير، يعدّ من أفخر الأنواع حتى بمقاييس عالم البشر. و حتى الورق كشف عن مدى التفاوت الحضاري بين الشمال والجنوب.
‘لقد احتقرونا بلا رحمة.’
وأفضل ردٍّ على هذا الغرور هو إيجاد سبيلٍ لم يتخيله أولئك المتعجرفون قط.
إذاً، لم يكن إرسال الرسالة بلا جدوى.
“لا زال هناك حل. أولئكَ الشماليون حفروا قبورهم بأيديهم.”
حينها، سألها لودفيك،
“قبورهم؟ ماذا تعنين؟”
“لقد صرحوا هم أنفسهم. إن فتحنا طريقاً جديداً للتجارة فسيعيدون النظر. لا يمكنهم التراجع عن رسالةٍ دبلوماسية رسمية.”
‘ألم يزعموا أن أعشاب غابة الجان لا حاجة لهم بها؟ كان هذا فقط لأنهم لم يجربوا فاعليتها بعد.’
إذ لم تُرسل الأعشاب هذه المرة، لانشغال المراسلات بين الرسل والسعاة السحرية، وكان الغرض سرعة تبادل الرسائل لا البضائع.
لكن إن جربوها مرةً واحدة فلن يستطيعوا رفضها.
“إذن فلنشق طريقاً.”
فتمتم لودفيك متذمراً.
“لكن أليس في طريق الشمال سلسلة جبال شاهقة؟ أعلى بكثير من جبالنا، و مكسوةٌ بالثلوج الدائمة.”
“صحيح.”
“حتى لو شققنا الطريق هناك، فلن نستطيع المرور عبر مملكة ديلارك. فالفكرة عن النفق كانت مجرد كذبة من البداية.”
كانت تلك ملاحظة معارضة، لكن أرييلا شعرت بالرضا. ففهم لودفيك لكل تلك التفاصيل المعقدة كان تطورًا كبيرًا.
ثم تحدّث المَلك الذي أصبح يفهم في هذه الأمور وكأن فكرةً خطرت بباله فجأة،
“ماذا لو نقلناه طائرًا في السماء؟ التنين الصغير…..آه، الآن أصبح له اسم.”
التنين الذهبي الصغير قد جاء باسمه قبل أن تمنحه أرييلا الاسم.
“باي، اجعليه ينقل كتلة الحديد. فهو يأكل، أليس من العدل أن يؤدي ما يوازي ثمن طعامه؟”
“سينكسر ظهره حينها. هل تريد أن يصيبنا نيزكٌ من كاليثيد؟”
فتحت أرييلا الخريطة. و بعد تفكير طويل، توقفت عينها عند نقطة واحدة.
‘مملكة لودفيك تقع في أقصى جنوب العالم السفلي.’
نهاية القارة الجنوبية. وما تحتها؟
أشارت أصابعها إلى مكان محدد.
في الأراضي الخالية من الملوك، تستمر الليالي الأبدية.
والحال نفسه للبحار.
‘البحر!’
وطنها الأصلي مملكة بحرية. و التجارة البحرية كانت تُطعم مملكة أوينوس.
أرييلا، التي تعرف ذلك جيدًا، لم تفكر يومًا في التجارة عبر البحر في العالم السفلي، بسبب خصائص بحاره.
‘لكن لم يعد هناك ما يمنعنا من المحاولة.’
كما قال ملك شفارز: اجعل المستحيل ممكنًا.
إن أنجزت ذلك، فسوف يتم التبادل التجاري.
فابتسمت أرييلا ابتسامةً عريضة.
“حسنًا، لننفذ ذلك.”
__________________________
حركااااات بيصير عندهم بحرية وناسه
افتحوا أكاديمية بحرية بعد اصرف لكم
تفسير أرييلا للرسالة يضحك و صادقه بعد😂 ولودفيك ماتحمل اي شي يطنقر عليه
شسمه يعني ارييلا كان بتسمي باي ؟ تـء على الاقل كان عجّلت عشان تنقذه من الفطيرة
المهم متأكدين ارييلا ولودفيك ابطال؟ ذولا كأنهم أم فخوره بولدها😭
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات