في تلك اللحظة. بعيدًا قليلًا عن ساحة المشغل الأمامية، كان الشياطين متخفّون يتبادلون همسًا لا يسمعه سوى بعضهم.
“ما هذا؟ فوضى عارمة. كنا نتساءل ماذا يصنعون هنا بكل هذا الجهد.”
“مستوى بائس. أسلحتهم لا تقطع حتى جذع خشب، والدروع تُخترق بطلقة ماءٍ واحدة.”
هؤلاء كانوا جواسيس أرسلهم ملك الشياطين ديلّارك. و قد جابوا أنحاء مقاطعة لودفيك يجمعون المعلومات.
صحيحٌ أن ديلّارك ألقى طُعم مشروع حفر الأنفاق ثم انتظر، لكنه كان بطبعه شديد الريبة. فأراد مراقبة لودفيك ليتأكد من أنه لا يحيك خططًا أخرى في الخفاء.
لذا كارين، العالمة بخفايا قلب سيدها، بادرت فأرسلت رجالها المقربين قبل أن يصل وفد السفراء.
“ههه! وماذا ينفعهم المال؟ هم بلا أساسٍ في الهندسة السحرية.”
“بالضبط. يظنون أن استقدام صانع واحد يكفي للإنتاج؟ أهذه تحفة فنية؟ مثيرٌ للشفقة، مثيرٌ للشفقة.”
وبينما ظلوا يخفون أنفسهم بسحر التمويه، انسحبوا بهدوء. فقد كانوا قد حددوا بالفعل مضمون الرسالة السرية التي سترسل إلى كارين:
• “لودفيك يسعى لتعديل تحف سحرية حربية.”
• “يبدو أنها وسيلة لتعويض قلة الجنود.”
• “نتائج الاختبارات كارثيةٌ في جودتها.”
• “لا يُتوقع أي تقدمٍ يُذكر خلال بضع سنوات.”
لكنهم، بطبيعة الحال، لم يخطر ببالهم أبدًا أنّ وجودهم قد كُشف بالفعل، بل وانفضح مخبؤهم أيضًا.
وأنّ أحاديثهم هذه تُنقل لحظةً بلحظة إلى ريتشموند. حتى تجسّسهم على المشغل اليوم كان جزءًا من مسرحية رتبتها أرييلا مسبقًا.
بهذه الطريقة ظلّ الجواسيس ينقلون معلوماتٍ مزيّفة إلى مملكة ديلّارك طوال الوقت.
“آه، يجب أن نضيف أيضًا أنّ إصابة لودفيك أخطر مما توقّعنا.”
فقد ظهر منذ فترة وحش “آكل الموتى” في المقاطعة. ورغم نجاحهم في اصطياده بشق الأنفس، إلا أن لودفيك أصيب في تلك العملية.
ومنذ ذلك الحين لم يخرج من القلعة ولم يُرَ له أثر.
كما لوحظ تدفق كميات كبيرة من الأعشاب الطبية إلى داخل القلعة.
“الأعشاب مصدر دخل مهم في هذه المقاطعة، ويقال أنّ فعاليتها خارقة.”
“بل وتساوي عشرة أضعاف الأعشاب المعتادة! فإذا كانت لا تشفيه، فلا شك أن إصابته بالغة.”
وهكذا تمتم الجواسيس وهم يعودون إلى مأواهم.
هسّس!
و فوق السماء الشاهقة حيث لا ترقى إليها العين، كان هناك تنّينٌ يتعقب تحركاتهم. لكن الجواسيس لم يعلموا.
ثم دوى صوت باي البريء في السماء،
“إنهم مشغولون حقًا اليوم أيضًا، أليس كذلك؟”
***
“لقد فككنا كل الأحجار السحرية، أيتها المتعاقدة.”
“أحسنتم، بذلتم جهدًا كبيرًا.”
وما إن اختفت الأعين التي كانت تترصدهم، حتى شرع الجنود في نزع الأحجار السحرية من التحف التي استُخدمت في التمثيلية.
وعند رؤية كومة الأحجار المكدّسة على الطاولة، علّقت سيسيل:
“الآن علينا تثبيتها في الأسلحة والدروع الحقيقية.”
“كل هذا بسبب أولئك الأوغاد الماكرين. لدينا ما يكفينا من العمل أصلًا. سامحيني، سأساعدكِ.”
“ماذا تقولين؟ لقد كان الأمر ممتعًا في الحقيقة.”
استمتعت سيسيل بحديثها كما بدا، إذ تحدثت بنبرة مرحة.
“بفضلكِ تراكمت لديّ تجارب ومواد جديدة. عندما نركّب حجراً سحرياً على سلاح عادي مصنوع من الحديد، لا من حديد الظلام، أي مستوى من الصلابة يظهر؟”
“في الواقع لم يكن هناك أي تأثير، صحيح؟”
“نعم. كان فشلاً مقصوداً لكن تبين أنه عديم الفائدة تماماً. يجب أن نثبت حجراً سحرياً أكبر بكثير على سلاح عادي حتى يكون بالكاد صالحاً للاستعمال.”
“لكن في تلك الحالة سترتفع الكلفة بشدة وسيفسد توازن الوزن.”
“أنتِ محقة.”
جلستا أرييلا وسيسيل جنباً إلى جنب وبدآ العمل الحقيقي.
فالأسلحة والدروع التي استُخدمت في المسرحية صُنعت من حديد عادي مصهور. أما الآن، فإن السلاح الحقيقي الذي كانا يركّبان عليه الأحجار السحرية تألق ببريق أسود عميق.
“هذا هو حديد الظلام.”
حديد الظلام خامةٌ نادرة ذات خصائص مميزة، حتى في عالم الشياطين تُعد ثمينة.
يمتص الطاقة السحرية جيداً وموصلٌ لها بسهولة، مما جعله شائع الاستخدام في صناعة الأسلحة.
عندما زارت أرييلا المعمل أول مرة، كانت كل الأدوات السحرية هناك مصنوعةٌ من حديد الظلام.
“لكن هناك مشكلةٌ واحدة.”
قالت سيسيل ذلك بعدما أنهت العمل على عجل.
“لقد أعطيتني كل المعدات العسكرية المصنوعة من حديد الظلام في هذه الأراضي، أليس كذلك؟”
“نعم. استنزفنا كل شيء ولم يعد هناك المزيد.”
“إذاً ربما سيتوجب علينا التوقف عن العمل قريباً، فالكمية أوشكت على النفاد.”
كانت أرييلا تتوقع أن تحل لحظةً كهذه يوماً ما. لكن سرعة عمل سيسيل فاقت توقعاتها فجاء الأمر أسرع مما ظنت.
“بقيت الأسلحة المتبقية كلها من الحديد العادي، أليس كذلك؟”
“نعم. إن رغبتِ يمكننا استخدامها لصناعة أدوات سحرية، كما فعلنا في المسرحية قبل قليل.”
“لكن الأداء سيكون سيئاً جداً.”
“أو نستهلك ضعف كمية الأحجار السحرية.”
وكلا الخيارين لم يكن ما تريده أرييلا.
فأومأت برأسها.
“علينا أن نحصل على معداتٍ عسكرية مصنوعة من حديد الظلام.”
***
“ذلك ليس سهلاً كما تقولين.”
في الاجتماع المنعقد بقلعة ملك الشياطين، أبدى القزم الذي استُدعي إلى هناك امتعاضاً.
فالنقابة التجارية الجنوبية لم تكتفِ بحلولها محل فيدوِك تماماً، بل تجاوزت نفوذها أيضاً.
ومع ذلك هزّ رأسه نافياً، مؤكداً صعوبة توريد أسلحة حديد الظلام.
حتى غيرو المخضرم في السوق وافق على ذلك.
“الأسلحة، تُصنَع عادةً، في كل إقليم من أقاليم ملوك الشياطين، وتُستَخدم داخله.”
فملوك الشياطين يبيعون الفائض من الغذاء والضروريات لجمع الذهب. لكن الأسلحة كانت استثناء.
إذ لم يكن أحد ليسلم سيفاً قد يطعنه به خصمه إلا إن كان الحليف متيناً للغاية.
وفي إقليم لودفيك لا وجود لمثل هذا التحالف.
أما ديلّارك فعرض الصلح، لكن تحت لسانه كان يخبئ خنجراً مسموماً، لذا لم يكن عرضه مجدياً.
“فما بالكِ بأسلحة حديد الظلام، الجميع يفضل أن يكدّسها أكثر بدلاً من طرحها للخارج. وحتى نقابتنا لا تتعامل إلا بكمياتٍ ضئيلة للغاية.”
“إذاً ما قصة أسلحة حديد الظلام التي كانت في إقليمنا؟”
و كان غيرو هو من وجد الجواب.
“ربما، قبل أن، يصبح، الإقليم, على هذه، الحال…….”
لم تفهم أرييلا كلامه بوضوح مثل سيسيل، لكنها استوعبته بدرجة كافية.
“تقصد أنها أُنتجت وخُزّنت قبل سقوط الإقليم؟”
في الماضي البعيد، منذ أجيال لا يُعرف عددها من ملوك الشياطين، يبدو أن هذا الإقليم امتلك بالفعل كميةً كبيرة من العتاد العسكري المصنوع من حديد الظلام.
لكن مع مرور الزمن تسرب معظمها للخارج، فلم يبق الآن سوى القليل.
‘لا شك أن بيفار استولى على نصيب كبير في تلك الفترة.’
عضّت على لسانها ثم سألت من جديد.
“وماذا لو حصلنا على خام حديد الظلام أو سبائكه بدلاً من المنتجات الجاهزة؟”
“ذلك أيضاً صعب.”
“ولماذا مرة أخرى؟”
“بسبب موقع هذه الأرض.”
عاد الحديث إلى المشكلة المزمنة.
“حديد الظلام يُباع عادةً على شكل خام. فالمصاهر تعالجه بما يناسب غرضها، لذا يكون ذلك أفضل.”
فالمناجم لا تقوم إلا بغسل بسيط ثم تُرسل الخام إلى المشتري ليُحوَّل لاحقاً إلى سبائك.
وبما أن مالك منجم حديد الظلام هو صاحب اليد العليا، تُدار التجارة على نحو يُقلل تكاليف الإمداد.
“لكن حديد الظلام كبيرٌ وثقيل جداً. أثقل بكثير من الحديد العادي.”
“لهذا، يُحمَّل، على السفن، ثم يُنقَل، عبر النهر.”
نهر سيرفينيون الذي يجري في جنوب عالم الشياطين يصل عرضه إلى كيلومتر كامل في بعض المقاطع.
لكن للأسف، لم يكن متصلاً بإقليم لودفيك.
“إذاً في النهاية علينا نقله عبر الجبال.”
طرقٌ ضيقة لا تسع سوى عربة صغيرة تجرها دابة واحدة بصعوبة بالغة.
وفوق ذلك، كانت المنحدرات شديدة الانحدار وخطيرة.
“لا يمكن نقل شيء كهذا بعربات صغيرة، ومع الانحدار الحاد يصبح الأمر مستحيلاً.”
“وإن فتتنا الخام إلى قطع صغيرة ونقلناه بمئات العربات الصغيرة؟ آه، لكن تكاليف النقل ستقفز إلى السماء.”
“هناك أيضاً أجرة التكسير، وفوقها تكاليف التحميل. والأسوأ أنكِ إذا فتتّه، ازدادت مساحة السطح، فإذا تُرك مكشوفاً طويلاً يتأكسد أو تختلط به شوائب، فينخفض جودته.”
ذلك حل لا يلجأ إليه إلا من يملك ثروةً طائلة.
وفوق هذا كله، كانت هناك عقبةٌ أخرى.
ملك الشياطين ديلّارك.
“حتى لو نجحنا في شق طريقنا عبر الجبال ونقل حديد الظلام، فالمسار سيمر حتماً عبر إقليم ديلّارك.”
وديلّارك الذي يراقبهم بالفعل عن كثب لن يقف مكتوف اليدين.
فالحديد العادي يمكن تبرير نقله بأنه لأدوات زراعية، أما حديد الظلام فالجميع يعرف أنه يُستخدم لصناعة الأسلحة.
وسيضع العراقيل فوراً ويعترضهم.
فازدادت حيرة أرييلا.
“يجب أن نجد طريقةً واقعية.”
________________________
خلو باي يشيلها بيستانس
ولودفيك شكله صدّق انه تعبان ولا معقوله ساكت طول الاجتماع ماسب ديلارك؟😂
المهم الروايه اكتملت بـ 180 فصل 😔 ولا فيه غلاف ثاني يوضح لنا وسامة لودفيك
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات