كانت هبّات الريح العاتية تتحرك بدقّة وكأنها تحمل قصدًا خاصًا.
فبدلًا من أن تجتاح المكان بعشوائية، اندفعت في اتجاه محدد. وبحسب تدفقها، تجمّع الغبار الذي كان يملأ القاعة في نقطة واحدة بهدوء، دون أن يتسرب للخارج أو يتناثر.
“وااو!”
ثم سأل تشاد بعينين مملوءتين بالإعجاب والانبهار،
“يا سيدي التنين! كيف فعلتَ هذا للتو؟”
“كيف؟ لقد فعلتها فحسب، ونجحت.”
“فعلتها فحسب؟”
“نعم. منذ مدة، لاحظت أنه إذا رأيت حصى أو رمالًا وأمرتُها قائلًا: (تجمّعي!) فإنها تتجمع. وإن قلت: (تفرّقي!) فإنها تتفرق.”
لقد اكتشف هذه الظاهرة حين كان يلهو وحده بلا هدف.
فأمال تشاد رأسه متسائلًا،
“تعني أن الغبار تحرك فقط لأنكَ أمرتَه؟ ما رأيته الآن لا يبدو إلا كالسحر.”
هل يكفي قول كلمات بسيطة كهذه فقط؟
“بالطبع. أما أنتَ فلا تستطيع؟”
“طبعًا لا أستطيع! حتى الكبار لا يقدرون على فعل ذلك!”
فما حدث آنفًا لم يكن ممكنًا لأي من أبناء الشياطين العاديين. بل كان سحر “الكلمات التنينية” الذي يتجلى من أعماق الغريزة.
لقد بدأ التنين الصغير يُطلق فائض طاقته السحرية إلى الخارج. ولو علم كاليثيد أن هذا السحر الجليل استُخدم فقط لكنس الأرض، لأصابه الأسى.
ومع ذلك، فقد أنجزا في لحظة ما كان يستغرق يومًا كاملًا.
“تشاد، افتح هذه الحزمة. لا أستطيع الوصول إليها بنفسي!”
ففعل الفتى ما طُلب منه. وما إن فُكّ الرباط حتى انكشفت حلوياتٌ براقة رائعة.
“هيا بنا لنأكل!”
“نعم!”
ثم استمتع التنين وتشاد بوقت الأكل معًا.
“وااو! إنها تذوب في فمي!”
“رابو فعلًا أعظم طاهٍ في العالم!”
امتلأ فم تشاد بلذة سماوية. فقد كانت مختلفةً تمامًا عن أي حلوى تناولها من قبل.
فالتارت الذي يمسكه بيده وحده كان مصنوعًا من زبدة عالية الجودة. والفواكه المصفوفة في أعلاه، وزينة الحلوى، والكريمة، كلها كانت طازجة وفاخرة. أما القشرة فقد نُضجت بحِرفية بحيث خرجت مقرمشةً من الخارج وطرية تذوب من الداخل.
وبينما كان تشاد غارقًا في الاستمتاع بتلك اللحظة، طرح التنين فجأة سؤالًا،
“لكن يا تشاد..…”
“مممم…..نَعَم!”
“ماذا عن المهمة التي كلّفتكَ بها آخر مرة؟”
“المهمة؟”
“ألم أقل لكَ أن تجلب لي اسمًا يليق بعظمة التنين العظيم؟”
“أُف!”
توقف فم تشاد وهو يمضغ قطعةً من الكعك المقرمش. و ارتبك بشدة، لأنه لم يُحضّر شيئًا بعد.
فأي اسم جميل وعظيم يليق بتنين مقدّس يمجّده جميع سكان المقاطعة يمكن لتشاد أن يبتكره؟
“لا تقل لي أنكَ ما زلت لم تفكر في الأمر حتى الآن؟”
رفع التنين الصغير عينَيه المستديرتين ونظر إلى تشاد بثبات.
كانت عيناه كبيرتين أصلًا، لكن اليوم بدتا أوسع من أي وقت مضى.
‘إنها أزمة!’
لم يكن بوسعه أن يعترف بأنه لم يبحث عن شيء قط حتى الآن.
وفي لحظة، وقعت عيناه على الحلوى التي يمسكها التنين بيديه القصيرتين.
كان واضحًا أن التنين يعشق أنواع الفطائر، فقد جلب معه الكثير منها. أما تشاد فكان يعرف ما هي الفطيرة، رغم أن هذه كانت من صنف فاخر للغاية.
و لم يعد هناك وقتٌ للتفكير. فاندفع قائلاً بتسرع،
“…..باي!”
“باي؟ ماذا تعني؟”
سأل التنين بصوت مليء بالفضول. و من الواضح أنه حتى لم يعرف اسم الحلوى التي يأكلها.
فبدأ تشاد يدور عقله بجنون.
ما هي الكلمات التي تبدأ بـ “باي”؟
“آه!”
خطر له فجأةً اسم كأنه صاعقة. كان قد سمعه ذات ليلة من والدته وهي تحكي له حكاياتٍ قديمة قبل النوم.
“بايأكيا!”
“بايأكيا؟”
أحبّ التنين وقْع الكلمة، فأخذ يتمتم بها مرارًا.
“وماذا تعني؟”
“قالت أمي أنها تعني أرضاً مخفية بعيدة خلف البحر.”
“أرضٌ مخفية؟ وما هي؟”
“أرضٌ يعيش فيها الجميع سعداء بلا جوع. تنمو فيها الأشجار حتى تصل علوَّ الشمس، ويتفجّر الذهب من الأرض مثل ماء النبع.”
لم يتذكر القصة بوضوح، فقد سمعها وهو يغالبه النعاس، لكنه كان يظن أنها هكذا.
ومع ذلك صاح بثقة كبيرة،
“نختصر بايأكيا إلى (باي)! ما رأيكَ؟”
“باي، إذاً؟”
ساد صمتٌ قصير، إذ بدا التنين غارقًا في التفكير. فابتلع تشاد ريقه بتوتر.
“هممم!”
يا للراحة!
ابتسم التنين الصغير، مقلّدًا أسلوب ريتشيموند في الكلام.
“حسناً! إنه اسمٌ يروق لي!”
ثم صرخ بفرح،
“من اليوم فصاعدًا نادوني (باي)!”
وهكذا صار للتنين الذهبي الصغير اسم.
***
في معمل سيسيل.
“اليوم سنجري اختبار الأداء.”
قالت أرييلا ذلك وهي تحضر الجنود معها.
“أتمنى فعلًا أن يكون الأداء جيدًا.”
في ورشة سيسيل خرج الجنود وهم يحملون أسلحةً ودروعًا ثقيلة. سيوفٌ طويلة ورماح، ودروع، وقفازات معدنية، وأحذية فولاذية.
وكان القاسم المشترك بينها جميعًا هو وجود أحجار سحرية صغيرة مثبّتة فيها.
ثم ربّتت أرييلا على أحد الأحجار،
“تم إلقاء التعاويذ عليها، صحيح؟”
“نعم، إنها منتجاتٌ منتهية.”
“إذن لنبدأ بالأسلحة.”
بأمر من أرييلا، اصطف الجنود في الفناء الأمامي على خط واحد. أما الثغرة التي كان قد شقّها “آكل الموتى” سابقًا فقد رُمّمت بالكامل.
و استعد كل جندي لاختبار قوة وحدة أسلحته عبر استهداف جذع خشب سميك.
“ابدأوا!”
تنفّس جنود قلعة ملك الشياطين بعمق ولوّحوا بأسلحتهم في وقت واحد.
لكن…..
بوك!
بَك!
بدلًا من صدور صوت قاطع نظيف يدل على شطر الجذع نصفين، دوّى صوت مكتوم ثقيل.
“أغغ!”
فقد توقّف سيف الجندي الأول في منتصف الجذع عالقًا فيه بدلًا من قطعه. و حاول مرارًا سحب السيف دون جدوى.
وفي النهاية ضغط برجله على الجذع ليحرره وهو يلهث.
ثم تحدّث بارتباك،
“لكن يفترض أن سحر (الحدة) قد أُلقي عليه، إلا أن الفرق عن السيوف العادية شبه معدوم!”
أما الجندي الذي جرّب الطعنة فكان وضعه أسوأ. إذ ارتد رمحه بدلًا من أن يخترق الجذع.
“آه!”
ارتبك الجندي وهو يتراجع متعثرًا. ولم يظهر على سطح الجذع سوى خدشٍ صغير لا غير.
“لـ…..لا يثقب على الإطلاق!”
ارتسمت خيبةٌ عميقة على وجه أرييلا. بينما احمرّت وجنتا سيسيل وخفضت رأسها.
“آسفة…..لقد صنعتها بجدية كاملة، لكن يبدو أنني أخطأت في الحسابات. أو ربما كانت المشكلة في عملية التصنيع نفسها.”
بدت سيسيل في حيرة، غير قادرة حتى على تحديد السبب.
فسألتها أرييلا بوجه عابس،
“هل الوضع نفسه مع بقية الأسلحة؟”
“نعم! الأداء منخفضٌ كثيرًا. ربما يكون استخدام أسلحة عادية بلا تعاويذ أفضل.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 83"