بينما سطح نصلِه كان يتلألأ ببريق أسود داكن. فقد صُنع من معدن خاص يُسمّى “حديد الظلام”، ذو قدرة عالية على توصيل الطاقة السحرية، ولا يصلح سلاحٌ ما للتحويل إلى أداة سحرية إلا إن كان مصنوعًا منه.
“فلنجعل الجنود يجربونه، فالسيف الطويل لا يليق إلا بيد محارب يجيد التلويح به.”
ثم انتقلوا إلى الفناء الخلفي، حيث تناول كل جندي من جنود الشياطين سيفًا وأخذ يلوّح به.
في البداية أمالوا رؤوسهم متعجبين من اختلاف وزنه، لكن سرعان ما تكيّفوا وصاروا يلوّحون به برشاقة.
شط!
فانقسمت جذوع الأشجار السميكة التي أعدّتها سيسيل للتجربة إلى نصفين نظيفين.
“ما رأيكم؟”
فردّ الجنود صراحةً بما شعروا به.
“……إنه مذهل. كنا نظن أن خفته ستضعف قوته التدميرية، لكن العكس حدث، فطَعم الضربة وقوة التأثير أفضل من السيوف السابقة.”
“ونصلُه حادٌ أيضًا. لم نرَ مثله من قبل، أظن أن ورقةً واحدة ستنقسم نصفين لو وضعناها عليه.”
ومع كل كلمة مدح، علت ابتسامة سيسيل أكثر فأكثر، حتى بدت وكأنها ستصل إلى شحمة أذنها.
ثم تحدّثت بصوت سريع كالرشاش.
“لقد أضفتُ خاصية التصويب الشرطي إلى تعويذة التخفيف، ثم جمعتُها مع تعويذة الحِدّة لأُجري التعميد.”
التعميد، أو الإنشانت، هو السحر الذي يضفي خصائص على الجمادات.
و أرييلا، التي قد يظن الغريب أن كلام سيسيل بدا كالأحجية، فهمت الجملة تمام الفهم.
“بمعنى أن السيف يكون خفيفًا وباهتًا في يد صاحبه، لكنه يصبح ثقيلًا وحادًا عند إصابة العدو، أليس كذلك؟”
“نعم! أليس هذا مذهلًا؟”
النتيجة تجاوزت توقعات أرييلا بكثير، وكانت مرضيةً إلى أقصى حد.
‘لا يمكنني زيادة عدد الجنود بسرعة، لكن على الأقل يمكنني تقوية الأسلحة.’
ثم نظرت إلى سيسيل وسألتها،
“لقد استعجلتُ فطلبتُ السلاح أولًا، لكن هل سيكون ممكنًا صنع الدروع لاحقًا أيضًا؟”
“بالطبع. التخفيف وتعزيز الدفاع هو الخيار الأساسي، لكن يمكن إضافة خصائص خاصة كذلك.”
“مثل ماذا؟”
“مثل إلقاء تعويذة إضعاف على من يهاجم الدرع، مثلًا.”
“هذا جيد، لكن ما رأيكِ بزرع تعويذةٍ مضاد السحر بداخله؟”
صحيحٌ أن سحرة الأورك نادرون، لكن حين يتعلق الأمر بمواجهة شياطين آخرين فلا بد من مجابهة وابل تعاويذهم.
“تخيلي لو ارتدت تعاويذ العدو عليه، ألن يكون ذلك قاتلًا؟”
“أوه؟ يا له من تصورٌ رائع! ورق، ورق، أين الورق؟ لا بد أن أدوّنه!”
“ها، تفضلي، خذي.”
ناولتْها ورقةً نزعتها من دفترها الذي تحمله دائمًا معها.
لم يخطر ببال سيسيل أن طلب تعويذة مضاد السحر كان في الأساس استعدادًا لمواجهة ديلّارك، بل وجدت الفكرة ممتعةً وشرعت تخطها بحماس.
كانت ملامحها تغمرها نار الشغف بالعمل.
وأرييلا إذ كانت تتأملها فكرت في نفسها،
‘لقد كان قرارًا صائبًا أن أجلب سيسيل إلى مملكة ملك الشياطين لودفيك!’
فقد كان والدها، غيرو، هو من أوصاها بذلك. حينها كانت سيسيل تدير متجرًا على وشك الإفلاس في أراضي ديلّارك.
غيرو كان يؤمن أن ابنته قد لا تصلح للتجارة، لكنها بلا شك تملك موهبةً خارقة في صناعة الأدوات السحرية.
وكان يقول دومًا: “إن أحضرتِها، ستعود بالنفع العظيم على المقاطعة.”
‘أليست كل الأدوات السحرية التي كان غيرو يبيعها في متجره أصلًا من صنع سيسيل؟’
حتى ريتشموند، المعروف بتدقيقه الشديد، كان يشدّ الرحال إليها ليشتري ما صنعت.
لكن تلك الموهبة العظيمة كادت تذبل لفترة. فقد كان من المستحيل أن تحصل على المواد الخام اللازمة لصناعة الأدوات السحرية.
وكانت مؤامرات اتحاد فيدوِك التجاري وراء ذلك.
أما الآن، فإن القدرات التي ظلت حبيسة الظل وجدت مسرحها الرحب في الخطة التي وضعتها أرييلا.
‘لدينا الآن تدفقٌ جيد من المال، واتحاد الجنوب صار متعاونًا في توريد المواد. كل شيء تزامن على أفضل وجه.’
ولهذا يقال أن الأفراد الموهوبين أثمن من الذهب ذاته.
كانت أرييلا تنظر إلى سيسيل كما لو كانت كنزًا ثمينًا.
“سيسيل، ما رأيكِ أن نأخذ استراحةً قصيرة ونجلس لشرب الشاي؟”
***
كان في سلة النزهة شاي أعشاب حضّرته فيلي، ومعه كعكات خبزها الطاهي رابو بعناية.
وبعد أن رتبت سيسيل الطاولة بسرعة، سكبت أرييلا الشاي بنفسها. لكن فجأة ظهرت دوائر متموجة على سطح فنجان امتلأ للتو.
غرررر…!
“هاه؟ انتبهي، سينسكب!”
اهتز مبنى المعمل، فمدّت أرييلا يدها بسرعة، خشية أن يسقط الفنجان عن الطاولة. غير أن ذلك لم يكن ضروريًا.
“آه؟”
فقد تحرك مفرش الطاولة بخفة، دافعًا الفنجان ليعود إلى مكانه.
“المفرش يتدفق فيه السحر؟”
“نعم، صنعته كأداة سحرية، لأنني أكره عناء الترتيب. و صحيحٌ أن له بعض الآثار الجانبية.”
“مثل ماذا؟”
“أحيانًا يخطئ فيعمل على تنظيف الطعام ونحن نأكله.”
“……أها.”
خلال ذلك، ارتجّت الأرض عدة مراتٍ أخرى ارتجافًا خفيفًا.
فتمتمت أرييلا بنبرة متسائلة،
“لماذا يعود الزلزال فجأة؟”
“في الأيام الأخيرة بات يحدث كثيرًا.”
“حقًا؟ أنا لم أشعر به إلا اليوم.”
وحين توقفت الهزة أخيرًا، ناولتْها الفنجان. و بعد لحظات، ارتسمت على وجه سيسيل ملامح انبهار صادق.
“واو! مذهل……أنا لا أفهم كثيرًا في طعم الشاي، لكنني متأكدة أن هذا رائعٌ حقًا~!”
“إنه شاي أعشاب من غابة الجنيات، وأغلب الظن أنه غير متوافر في الأسواق الآن.”
وبعد أن استرخت قليلًا، سألت أرييلا سيسيل عن حياتها مؤخرًا، وهل تعاني من أي صعوبات.
“لا بد أن العيش في معملً بعيد كهذا يجعلكِ تشعرين بالوحدة.”
“أبدًا! حين أنغمس في العمل لا أشعر بمرور اليوم أصلًا. ثم إني لا أحب الأماكن المزدحمة.”
لقد كان اختيار الموقع أمرًا لا مفر منه بسبب مشكلة الضوضاء. لكن سيسيل بدت راضيةً كل الرضا.
“ألا تعانين من قلة الأيدي؟ فمهما كثرت المواد الخام، تبقين أنتِ الوحيدة التي تعمل. وإذا زاد الإنتاج مستقبلًا ستصبحين مشغولةً للغاية.”
“لكني أحب ما أفعله.”
“حتى ما نحبه قد يصير عبئًا حين يرهق الجسد.”
“همم……أحقًا كذلك؟”
“إذا شعرتِ أن الأيدي العاملة تنقصكِ، فأخبريني مسبقًا. فالعثور على أشخاص أكفاء يحتاج إلى وقت، والاختيار في لحظة الفراغ خيرٌ من الانتظار حتى يضيق الحال.”
فنظرت إليها سيسيل بدهشة. وأكملت أرييلا حديثها،
“إن انتظرتِ حتى تصلي إلى أقصى حدودكِ ثم بدأتِ بالتوظيف، فستنهكين نفسكِ. في خضم الانشغال من أين تجدين وقتًا لتدريبهم؟ لا بد أن يُصقَلوا ويُؤهَّلوا حين تكون هناك فسحة.”
أصغت سيسيل بعمق، ثم تمتمت،
“أرييلا، إنكِ تختلفين عن بقية حكام عالم الشياطين.”
“عليكِ أن تختاري ألفاظكِ بدقة. أنا لستُ حاكمةً هنا، بل متعاقدة مع ملك الشياطين.”
“آه! أعتذر.”
“على كل حال، قد يحقق المرء نتائج سريعة إذا استنزف الناس حتى آخر قطرة. لكن ذلك لا يدوم طويلًا. فحين يصلون إلى أقصى حدودهم سيتآكلون ويتحطمون حتمًا.”
ثم نظرت إلى عيني سيسيل مباشرة وأكملت،
“لكنني أريدكِ أن تعملي هنا زمنًا طويلًا.”
“…….”
في تلك اللحظة، كانت كلماتها تنقش عهدًا جديدًا في قلب سيسيل، لكن أرييلا لم تدرك ذلك.
فوضعت سيسيل الفنجان من يدها، ثم انحنت فجأةً برأسها.
“تأخرتُ في قول هذا……شكرًا لكِ، لأنكِ منحتني فرصةً لأعمل بحرية.”
“لا بأس، لقد فعلتُ ذلك لأني أحتاج إليكِ.”
“حين جئتِ إلى متجرنا متخفيةً بزيّ شيطان، لم أتوقع شيئًا. حتى حين سألتِ عن مكان قبر والدي، لم يخطر لي سوى أنكِ تريدين زيارته.”
ابتسمت أرييلا وهي تستعيد تلك الذكرى.
“أكنتِ لتظنين أنني جئتُ لأستخرجه من قبره؟ طبيعيٌ أن تظني أنني فقط سأضع الزهور.”
وبذكر غيرو، انجر الحديث نحوه.
“لكن يا ليتني أعدته إلى الحياة في حال أفضل. ألم تُفاجئي حين رأيتِ وجهه؟”
“وجهه……تغيّر كثيرًا؟”
“هاه؟”
توقفت أرييلا لحظة، لم تفهم قصدها.
“ماذا تعنين بتغيّر؟ لقد رأيتِه بنفسكِ، أليس كذلك؟ إنه زومبي الآن، لا بد أنه بدا مختلفًا عن ذي قبل……”
لكن حين رأت تعبير وجه سيسيل، أدركت خطأ ظنها.
“لا يمكن……ألم تريه قط؟”
“نعم.”
غيرو، الذي بُعث من جديد كزومبي. كانت أرييلا واثقةً أن سيسيل، بعدما انتقلت إلى هنا، التقت به قبل كل شيء.
“لا تقولي أنني حمّلته من الأعمال ما منعه من رؤية ابنته؟”
ألم يجد حتى لحظةً ليزورها؟
“أعتذر، قصّرْت في هذا الأمر. لم يخطر ببالي أن-”
“لا.”
أجابتها سيسيل بحزم.
“أنا التي رفضت. والدي أراد أن يراني……لكنني رفضت.”
“ولماذا؟”
قبل قليل، كانت تتحدث عن الأدوات السحرية بحماس يفيض فرحًا. أما الآن، فما إن ذُكر اسم غيرو حتى انغلقت شفتاها، وغمر البرود وجهها.
فسألتها أرييلا بحذر،
“هل هناك قصةٌ وراء ذلك؟”
“…….”
“لقد كنتما تعملان معًا حتى وفاته. وهذا يعني أنكما كنتم على وفاق وقتها.”
“وقتها، نعم، لم يكن ثمة مشكلة.”
“إذاً ماذا حدث؟”
هل طرأ شيءٌ بعد موت غيرو جعل سيسيل تنفر منه وتبتعد؟
‘لماذا تكون علاقة الآباء والأبناء في عالم الشياطين دائمًا في فوضى عارمة؟’
_______________________
فوضى صدق الاباء الطبيعيين هم الكوبولد بس😭
المهم احس الزلزال. اه وراه سالفه يمكن ذا المجانين الجواسيس
المهم الاشياء الي بأشغلكم بها لين تطلع: اسم التنين، عمر لودفيك، قصة لودفيك البزر، قصة غرويب ✨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 75"