لم يكن الزعيم يتوقع ذلك فهو لم يكن مطلعاً على عالم الإنت.
من المعروف أن الإنْت يكرهون أن تُنتهك أراضيهم، لكنهم لا يطردون الحيوانات الصامتة.
حتى مع الجان، لم يكن نزاعهم بسبب وجودهم، بل لأن أولئك المشاغبين أحدثوا فوضى مفرطة.
أما الحيوانات، فلم تكن يومًا سببًا في مثل هذه الكوارث. فالإنت كانوا يقبلون بوجود حيوانات الغابة والجبال بدلًا من طردها، حتى تدور دورة الحياة كما تقتضي قوانين الطبيعة.
“أيها الحطب المجانين!”
ثم جمع شجاعته واندفع للهجوم.
بوووم!
بووك!
“ككككييييك!”
مع كل مرة يُلوّح فيها الإنْت بأغصانهم الضخمة، كان الجنود يتطايرون في السماء واحدًا تلو الآخر. بينما الزعيم لم يملك سوى أن يحدّق مذهولًا في ذلك المشهد.
و صار بإمكانه أن يتخيّل الحيلة التي لجأ إليها أولئك الشياطين.
‘لقد دسّوا الإنْت وسط الأشجار الأصلية هنا!’
لو كان للأورك نظرٌ ثاقب لكانوا أدركوا أن الغابة اتسعت وأن عدد الأشجار قد ازداد عمّا كان عليه.
لقد جُلب الإنْت بحيث يختلطون بين الأشجار العادية، ببركة التنين، فلا يميَّزون.
“أيها الأنذال! اختفوا من أمامي!”
بوووم!
ثم امتلأت رؤية الزعيم بغصن غليظ طويل كالسوط.
بووك!
و شعر بصدمة عنيفة، وفجأة غرق عالمه كله في السواد.
***
“الأورك الأوغاد زحفوا مجددًا. هذه المرة من الجنوب……عبر بوابة غريبة.”
“حديثكَ يوحي أن الأمر انتهى بالفعل، لا أنه ما زال جاريًا.”
“لقد طردتهم تلك الأشجار المتحركة كالعادة.”
“خطة المتعاقدة بزرع الإنت في الجنوب كانت عبقرية!”
“الأمر لم يكن معقدًا. كل ما فعلته هو قلب تربة الغابة خلف الإقليم قليلًا، والباقي تركته لهم، فنَموا جيدًا.”
قالت أرييلا ذلك مبتسمة.
صحيحٌ أن تربة أراضي ملك الشياطين باتت خصبة جدًا مؤخرًا، لكن ما زالت هناك مناطق تعاني ضعفًا نسبيًا. ذلك لأن هالة التنين الصغير كانت تُسكب يوميًا عند الحدود الشمالية، فتأثيرها كان يتوسع تدريجيًا من هناك نحو الأسفل.
وأثناء متابعتها لذلك الامتداد، أصدرت أرييلا أوامر خاصة لسكان الإقليم.
لقد تذكرت كيف حاول الغرباء سابقًا سرقة تربة المكان وفشلوا. فأخذ السكان ينقلون التربة المُباركة من الشمال الحدودي إلى أماكن بعيدة داخل الأرض، فقاموا حرفيًا بقلب التربة.
والنتيجة أن الجنوب صار مناسبًا لنمو الإنْت أيضًا.
لكن بما أن هناك أشجارًا طبيعية قديمة، فقد تجذّر الأنْت بحذر بينهم دون أن يضرّوهم، مختارين فراغات ملائمة.
“بهذا ثبت أن الإنْت يحمون كل حدود الإقليم دون أي فراغ.”
ضحك أولكن وهو ينقر لسانه.
“صحيح! الآن لن نُهدر الجنود في الحراسة طوال اليوم، بل سنستطيع تدريبهم كما ينبغي.”
وبمعنى آخر، فإن جيش لودفيك لم يحظَ في الماضي بوقت كافٍ للتعليم أو التدريب، لأنهم ظلوا عالقين في الدوريات الحدوديّة بلا توقف.
لكن الآن بدأ كل شيء يدخل مساره الصحيح خطوةً فخطوة.
“وكان هناك موضوعٌ مهم آخر مطروحٌ اليوم، أليس كذلك؟”
حوّلت أرييلا دفة الحديث بسلاسة. ففي هذه الأيام، كانت اجتماعات قلعة ملك الشياطين تُدار في معظمها بقيادتها.
“لقد حدّدنا مواقع اثني عشر جاسوسًا لديلارك تسرّبوا إلى أراضينا……بل وقمنا بزرع أدوات تنصّت عندهم.”
فنقر أولكن بلسانه.
“اثنا عشر؟ هذا ضعف عدد البعثة الرسمية.”
“بالفعل. أن يرسلوا جواسيس بعدد يفوق الضعف مقارنةً بالوفد الرسمي……فهذا تقصيرٌ منا نحن أيضًا، لأننا لم نكشفهم في حينه.”
كانت هيلينا قد كشفت كل خطط ديلارك قبل أن تغادر.
“قبل مجيئنا، كان الجواسيس قد دخلوا بالفعل إلى أراضي لودفيك. وبعد عودتنا، ظلّوا هنا يراقبون تحرّكات الإقليم.”
لكنها لم تكن تعرف عددهم بالتحديد، ولا هوياتهم، ولا أماكن تواجدهم.
فالجواسيس كانوا من التابعين مباشرة لزوجة الأب “كارين”، ولم تتم مشاركتها بأي معلومات عنهم.
غير أن أرييلا لم يكن بوسعها أن تقف مكتوفة الأيدي وتتركهم يسرحون. لذلك قصدت من يمكن الاعتماد عليه……
و كان هو، التنين الصغير.
“ما رأيكَ؟ هل تستطيع فعلها؟”
“هذا سهلٌ عليّ!”
ما طلبته أرييلا منه كان بسيطًا. أن يحفظ وجوه الأشخاص الذين لم يرَهم من قبل داخل الإقليم ويتصرّفون بشكل مريب.
صحيحٌ أن عدد الغرباء الداخلين إلى أراضي الملك ازداد مؤخرًا، لكن معظمهم كانوا تجّارًا يرتادون السوق. أما من جاءوا لأغراض أخرى، فلا بد أن تختلف حركاتهم وتصرفاتهم.
وقد اعتبر التنين أوامر أرييلا أشبه بلعبة مسلية. فطار بحماس، وسرعان ما عاد بنتائج واضحة.
“حقًا كان هناك شياطين غريبون! إنهم……”
فالتنين لا يعرف النسيان. وبفضل ذاكرته العجيبة، استطاع أن يفرز الغرباء بدقة.
ومن عينيه التي تراقب من السماء، لم ينجُ أي متحرك على الأرض من الملاحظة.
لقد وصف ملامحهم بتفصيل يكفي لرسم صورة طبق الأصل. بل وحتى تحركاتهم من مكان إلى آخر حفظها وأبلغ عنها.
ثم انتقلت تلك المعلومات إلى ريتشموند، الذي تمكّن بسهولة من تحديد مخابئهم وزرع أدوات التجسس فيها.
عندها سأل لودفيك,
“وماذا الآن؟ هل نذهب ونقبض عليهم جميعًا؟”
“كلا.”
هزّت أرييلا رأسها.
“من جهتنا، لسنا مضطرين للاستعجال.”
فحتى لو غيّروا أماكن اختبائهم ليتفادوا الملاحقة، فإن ريتشموند قادرٌ على رصد تحركاتهم أولًا بأول.
وكأنهم جميعًا تحت كف اليد.
ثم وضعت أرييلا سبابتها عند ذقنها،
“دعونا نتركهم يتصرّفون كما يشاؤون. ليظنّوا أن خططهم تسير تمامًا كما أرادوا.”
***
في اليوم التالي، قامت أرييلا بجولةٍ اعتيادية حول أراضي ملك الشياطين.
كانت الشوارع تزداد حيوية يومًا بعد يوم. و بعض الطرقات ضاقت بالناس حتى صار المرء يمشي خطوةً ثم يتوقف، ثم يخطو أخرى فيتوقف مجددًا.
فتذكّرت أرييلا تلقائيًا مشهدًا قديمًا رأته من قبل، يوم اصطحبها رئيس الخدم غرويب في جولة بين أركان الإقليم.
‘يومها اندهشت من فراغ المكان حتى ظننت أنه مهجور.’
أما اليوم فالفارق الحاسم كان نشوء حركة تجارية نشطة.
فقد كان معظم سكان الإقليم فيما مضى يعملون في الزراعة، لكن التجارة باتت مزدهرةً على نحو غير مسبوق.
‘ما دامت كلٌ من الزراعة والتجارة قد استقرا على نحو منظم، فالمرحلة التالية لا بد أن تكون الصناعة.’
ثم التفتت إلى الجنود المرافقين،
“إلى المعمل.”
ذكرت مكانًا لم يكن موجودًا أصلًا في هذا الإقليم حتى وقتٍ قريب.
ثم فتح الجنود الطريق بسرعة، فيما كان الأهالي يحيّونها من كل جانب بعدما تعرفوا على “متعاقدة الملك”.
بل إن أحد الكوبولد جثت على ركبتيها في وسط الطريق وانحنت لها حتى الأرض.
“سيدتي المتعاقدة! أشكركِ. لقد شُفي والدي بفضل الأعشاب التي وزعتيها! كنا نرتجف خوفًا من رحيله قبل أن يتماثل للشفاء……”
وكان الجميع يعلم أن نشر تلك الأعشاب تم بأمر من أرييلا.
فانحنت أرييلا الى الكوبولد، ومدّت ذراعيها لترفعها بيديها،
“لقد كان بين أهل الإقليم الكثيرون ممن قاسوا بسبب الأمراض، ويبدو أني قصّرت في التحرك مبكرًا، فاعذريني. من الآن فصاعدًا سأتابع كل الأمور بدقة أكبر، وإن احتجتم إلى المساعدة في أي وقت، فباب قلعة ملك الشياطين مفتوحةٌ أمامكم.”
فارتسمت على ملامح الكوبولد علامات تأثر بالغ، وأخذت تكرر الانحناء شكرًا لها.
وكان شعور التأثير الإيجابي في حياة الآخرين شعورًا لا يملّ المرء منه مهما تكرر.
ثم تابعت أرييلا سيرها وفي نفسها امتلاءٌ بالرضا. فكما ينمو الإقليم ويزدهر، كانت حياة سكانه تتبدل وتتحسن بوضوح.
‘ولهذا بالتحديد……لا يمكنني أن أسمح للمعرقلين بالعبث.’
وفي أثناء مرورها بسوق البلدة، وقعت عيناها على مبنى ما. و كادت رغبتها أن تدفعهاللتحديق به بحدة، لكنها كظمتها.
‘هنا يختبئ جواسيس ديلارك؟’
أولئك الذين يدبّرون مؤامرةً شنيعة لابتلاع ما أنشأته بجهد.
لكن الوقت لم يحن بعد للتدخل، وإلا استشعر ديلارك الخطر.
“من هذا الطريق.”
تجاوزوا مخبأ الجواسيس، وعبروا الأراضي الزراعية حيث اختفت المنازل تدريجيًا حتى كادت تنعدم.
وبعد سيرٍ طويل، توقّف الحرس أمام مبنى بدا واضحًا أنه شُيّد حديثًا.
“لقد وصلنا.”
وعلى اللوحة المعلقة عند المدخل، كُتبت بحروف عريضة بلغة الشياطين: “معمل سيسيل”.
غُرررررررررررررررررررررر!
و في تلك اللحظة. اهتزّت الأرض تحت أقدامهم اهتزازًا طفيفًا.
“سيدتي المتعاقدة، هل أنتِ بخير؟”
“نعم، أنا بخير. أهو زلزال؟”
لكن الارتجاف توقف سريعًا، فبدا أنه مجرد هزة خفيفة.
ثم أومأت أرييلا بعينيها، فطرق أحد الجنود الباب.
طَرق، طَرق!
لم يأتِ أي جواب من خلف الباب المغلق. لكن المكان لم يكن خاليًا، إذ شعروا بوجود أحد بالداخل.
وأخيرًا، بدلاً من انتظار صاحب المكان ليفتح، دفع الجندي الباب بنفسه. و دخلت أرييلا فرأت امرأةً من الشياطين منهمكة في عملها، تدير ظهرها لهم.
“مرحبًا، سيسيل؟”
ولشدة انغماسها في العمل، لم ترد إلا بعد أن نادتها أكثر من مرة.
“آه! سيدتي المتعاقدة! لقد جئتِ!”
إنها سيسيل، ابنة الوزير الزومبي غِيرو.
غير أن أرييلا ما لبثت أن توقفت مندهشة.
“أيمكن أن يكون……كل هذا؟”
وقد تلألأت عيناها وهي تحدق في الأدوات والبضائع المبعثرة في أرجاء الورشة.
__________________________
شسمه ليه لودفيك مايحرق مخبأهم ويفطسون مره وحده ويمثلون على ديلارك ان ماصار شي تو وخلاص✨
التنين نمنم سوا شي مفيد ثاني عشان كذا مايستاهل اسم يا ارييلا؟☹️
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
يلا نعمل حملة و مظاهرات علشان يحصل غولدي على اسم يستحقه🥺💔