فديلارك و لودفيك كانا في مواجهة مباشرة عبر الجبل. وفوق ذلك، بما أن المنطقة لم تُدار جيدًا منذ وقتٍ طويل، كان الاختطاف سهلاً بلا شك.
حين وافقت بالصمت، تحدّث لودفيك. وكان صوته عميقًا مغمورًا.
“حتى وقتٍ قريب، كانت أراضيّ تفقد سكانها باستمرار. كنت أظن أن الخطأ خطئي وحدي. فمن الطبيعي أن يرحل السكان بأقدامهم إن كان سيدهم، أي أنا، عاجزًا عن الحكم الصحيح. لكن.”
قبض بيده الأخرى التي لم تكن تمسك بالقلم.
“ماذا لو أن بعضهم خُطفوا قسرًا على يد ديلارك واستُعبدوا حتى الآن؟”
حدّق مباشرةً في أرييلا. وفي عينيه كان يتقد شعورٌ قوي لم تعهده أرييلا كثيرًا.
“أعلم أن الخطة الكاملة تحتاج وقتًا، يا أرييلا. لكن.”
وأكمل بصوتٍ مثقل،
“إن وُجد أي سبيل، أريد إنقاذهم في أسرع وقتٍ ممكن.”
كم مرة تذمّرت بأنها مضطرة لتلقينه الأساسيات من البداية؟ لكن في مثل هذه اللحظات، كانت تدرك صدق مشاعر المسمى بمَلِك الشياطين لودفيك.
فمع أنه جلس على عرش السيادة من غير إرادته، إلا أنّ قلبه تجاه شعبه لم يكن زائفًا.
‘شعرت وكأنه لا شيء يجمعني به، لكن في هذه اللحظات……’
كلما أظهر جديّته على نحو متقطع كهذا، تكتشف وجود قاسمٍ ضخم مشتركٍ بينهما.
فمن صورة ملك الشياطين القلِق على سكان إقليمه، تذكرت أرييلا نفسها أيام كانت أميرة. و ترددت لحظة عاجزةً عن الكلام، ثم أجابت بصعوبة.
“……نعم، سأبذل قصارى جهدي أيضًا.”
***
في الجبال التي تطوّق أراضي ملك الشياطين لودفيك. كان الوقت ليلًا. وهناك ضوءٌ أبيض خافت انتشر في السماء مثل شفق قطبي.
تحت ظلال الغيوم التي تعانق السماء الليلية، احتشدت جموع الأورك. و نزلوا بسرعة منحدرات الجبل مصطفّين في صفوف منظمة.
ولأنهم قومٌ اعتادوا العيش في الجبال، كان السير في طرقها مألوفًا لديهم.
ومع أن هذا الجمع يتحرك، لم يصدر منهم ضجيجٌ يُذكر. غير أن ملامح التعب المرهق كانت مطبوعةً على وجوههم.
جيش يتقدّم في صمت رغم الإنهاك، وعلى رأسه يقف زعيم القبيلة. تحدث بصوت كمن يبصق الكلمات،
“اليوم هو الموعد. إنها فرصتنا لردّ الهزيمة المُهينة الماضية!”
ثم تحدّث أحد أتباعه،
“حتماً سننجح هذه المرة. لقد استعددنا جيدًا بما يكفي.”
“لكن لا مجال للتراخي. كرّروا التحقق حتى آخر لحظة قبل أن ندفع الجنود للتقدّم.”
“نعم! مفهوم.”
وأخيرًا وصلوا إلى أسفل الجبل الوعر.
“عادةً ما نستغرق بضع ساعات لبلوغ هذا المكان، لكننا قضينا يومًا كاملًا.”
نقر زعيم القبيلة بلسانه بضجر.
بعد فشلهم السابق في محاولة نهب أراضي لودفيك، اتخذوا من تلك التجربة عبرة، وهذه المرة فتحوا مسار غزو جديد.
بدلًا من عبور السهل كما في السابق والنزول من الأعلى، التفّوا بعيدًا على طول الجبال ليصعدوا من أسفل أراضي ملك الشياطين.
تقع أراضي لودفيك في أقصى الجنوب من عالم الشياطين. وما تحتها أرضٌ بلا سكان، لذا كان انتشار القوات في الجنوب ضعيفًا.
و الأورك مع علمهم بذلك ظلّوا متمسّكين بالمسار الشمالي لسهولة الحركة والإمداد هناك. لكن الآن لم يعد بالإمكان استخدام الطريق المعتاد.
‘ما دامت تلك الوحوش الشجرية المجنونة يقفون هناك، فهذا مستحيل!’
بمجرد أن تذكّر ذلك اليوم المُهين، شعر بوخزةٍ في كتفه الأيمن وخصره. كان ذلك موضع الضربة من غصنٍ ضخم هاجمه به شجرٌ متحرك، أي الإنْت.
حينها بالكاد أنقذ حياته وتراجع إلى قرية الأورك، لكنه ظل طريحًا عدة أيام يعاني من آلام ما بعد الإصابة.
أما الجنود، فكثيرٌ منهم قضوا نحبهم هناك، ولم يتمكن حتى من استعادة جثثهم.
‘لو فشلتُ مجددًا، سيتزعزع موقعي.’
في عالم الشياطين حيث القوة هي القانون، لم يختلف عالم الأورك.
وقد مُني زعيم القبيلة بهزيمة كبيرة بالفعل. وإن تكررت الهزائم، فسيطمع أورك آخر في انتزاع مكانه.
لكن التوقف عن الغزو لم يكن خيارًا. فقد اعتادوا على استغلال أراضي لودفيك الزراعية كمخزن لهم، والآن بعدما انقطع الإمداد فجأة، بلغ غضب أفراد القبيلة عنان السماء.
وبين القلق والتوجس، قرر الزعيم أن يخوض المخاطرة.
“أشعر بالقلق.”
قال ذلك أحد أتباعه برفق، وكان رأيه مخالفًا لرأي الأورك السابق الذي أبدى التفاؤل.
“الجنود في حالة إنهاك شديدة بعد مسيرة طوال الليل.”
“لا مفر. علينا أن نتوغّل داخل أراضي الملك الآن فقط. ومهما بلغ بهم التعب، فمزارعو الكوبولد لن يصمدوا أمامنا. فهنا لا يملكون قوات كثيرة، ستكون مسألةً سهلة.”
السبب الذي جعلهم يتجنبون هذا الطريق من قبل هو أن استنزاف الجنود فيه بالغ الشدة. فكما أن له مزايا، فإن عيوبه جسيمة كذلك.
و حتى الآن لم تكن هناك حاجةٌ لتحمل هذا الخطر.
‘لكن الآن لم يعد هناك مجالٌ للتراجع!’
وبينما كانوا ينزلون من الجبل، ظهرت أمامهم أرضٌ منبسطة. لكن أشجارها لم تكن عادية. فقد بدت أطول بكثير من تلك التي مرّوا بها في الجبل.
عندما رأى بعض الجنود تلك الأشجار الطويلة، توقفوا دون وعي. حتى الزعيم، انسابت على جبينه قطرات عرق باردة كرد فعل غريزي.
‘تباً، بعد ما لاقيته يومها، صرتُ أرتجف لمجرد رؤية شجرة ضخمة……!’
حاول الزعيم جاهدًا تهدئة ضربات قلبه المتسارعة. وقد كان لزامًا عليه ضبط أجواء رجاله. فرفع صوته صارخًا فيهم،
“اطمئنوا! حسب ما عرفنا، هذا غابةٌ عادية موجودةٌ منذ الأصل!”
“إذاً……تلك الأشجار؟”
“صحيح! ليست الوحوش الشجرية الملعونة، بل مجرد أشجار طبيعية! إنها لا تتحرك!”
“وما دامت لا تتحرك فلن تهاجمنا، أليس كذلك؟”
“طبعًا. هل سبق أن ضربكَ شجرٌ في غابة عادية؟”
فسرت موجةٌ من الارتياح بين الجنود المتوترين.
وبعد أن استعادوا هدوءهم، أخذوا يتفحّصون الغابة أمامهم. وسرعان ما اكتشفوا فرقًا بينها وبين غابة ذلك اليوم الرهيب.
“آه؟ صحيح. الغابة التي رأيناها من قبل كانت أشجارها مصطفّةً كأنها سياج، كأنها زُرعت عمدًا.”
“لكن هذه الغابة لا توحي بأي شيء غريب. تبدو أشجارها وكأنها نمت طبيعيًا.”
لم يظهر على شكل الغابة أي أثر مصطنع كما في السابق. وبفضل ذلك، تراخى الجنود وأفلتوا زمام التوتر.
ولرفع المعنويات وضمان الأمان في الوقت نفسه، قرر الزعيم أن يختبر الموقف كما يُختبر الحجر الصلب.
“أطلقوا الذئاب.”
تقدّم فرسان الذئاب إلى الأمام.
هؤلاء الأورك تلقّوا تدريبًا خاصًا، لكنهم بدلًا من التقدّم على ظهور الذئاب كالعادة، أرسلوا الذئاب وحدها.
“فيييييب!”
صرخوا على صفارةٍ تصدر صوتًا غريبًا، فانطلق الذئاب إلى الأمام.
“آووووووو!”
وبينما عبرت الذئاب بين الأشجار العملاقة. ابتلع الجميع ريقه وهو يراقب.
والنتيجة؟
“…….”
لم يحدث شيء. فالذئاب كانت تجري جيئةً وذهابًا بمحاذاة الأشجار، ومع ذلك لم تتحرك الأشجار قيد أنملة.
فابتسم زعيم القبيلة مزهوًّا.
“أرأيتم؟ لو كانت تلك الوحوش الشجرية لثارَت فورًا، زاعمةً أننا انتهكنا أراضيها.”
ثم رفع صوته ليُسمعهم جيدًا.
“لكن كل شيء هادئ! هذه مجرد أشجار عادية!”
وبعد أن اكتمل التحقق مرةً أخرى، زال الخوف أخيرًا عن وجوه الجنود. فصاح الزعيم بصوت واثق،
“لم يبقَ ما يعترض طريقنا. أيها الجيش، تقدّموا!”
“إلى الأمام!”
“تقدّموا!”
وحين أدرك الجنود أنه لم يعد ثمة ما يُخيف، رفعوا رماحهم وسيوفهم واندفعوا إلى الأمام.
وكان أول جندي يسرع بخطاه قد وطأ أرض الغابة. ومع أنه ركض فوق التراب الطري، إلا أن الأشجار لم تُبدِ أي رد فعل.
“هاها! لقد كان الزعيم محقًا! إنها مجرد أشجار!”
ومن هنا صار التقدّم جارفًا. وما إن أيقنوا أن الجندي المتقدّم خرج سالمًا، حتى اندفعت جموع الأورك بلا خوف.
غير أن الأمر لم يكن كالسابق، فالأرض لم تكن ممهدةً بل كانت غابةً بلا طرق، فاضطربت الصفوف بطبيعة الحال.
تحطمت الخطوط وانتشر كل فريق يشق لنفسه سبيلًا. تمامًا كما ينقسم مجرى الماء المتدفق إلى جداول متفرقة.
ومع ذلك، لم يشعر الزعيم بأي قلق.
‘على أي حال، ما إن نعبر هذه الغابة فلن يبقى أي عائق. حينها سنعيد ترتيب الصفوف فورًا.’
وبينما كان يفكّر هكذا، دوّى فجأة،
بوووووم!
صوتٌ شؤم يشق الهواء.
شعر الزعيم في تلك اللحظة وكأن رأسه شُلّ وتحوّل إلى فراغ أبيض. فقد كان صوت شيء طويل وضخم يُلوَّح به بقوة.
‘مستحيل……لا، لا!’
وفي اللحظة نفسها التي صرخ فيها صرخةً صامتة.
بوووم!
انطلق ذاك الصوت المألوف للضربة من جديد.
“كككككيييييك!”
ثم دوّى الصراخ الرهيب الذي ما زال يطارده في كوابيسه.
فارتجفت رُكب زعيم القبيلة. و رأى أمامه جندي أورك يُرمى عاليًا في السماء بقوةٍ هائلة.
فوووش!
اختفى في قوسٍ مرسوم بالهواء، ثم دوّى ارتطامٌ ضخم: كووووم!
و سقط خارج حدود الغابة.
“إنه……إنه نفس الشيء كما في ذلك اليوم!”
“آآاااه! ما هذا؟! ألم تقل أنها مجرد غابة؟!”
اهتزّت أرض الغابة كلها، وتعالت الصرخات من كل صوب.
إنه الكابوس يعود من جديد.
“أيها الأورك الأوغاد……هذه المرّة تجرأتم أن تطؤوا هنا!”
“كيف تجرؤون على تلويث أرضنا مرة أخرى……!”
كان الصوت ثقيلًا عميقًا يضغط على الصدور. تمامًا كما كان في ذلك اليوم الملعون.
أشجارٌ شاهقة، يتجاوز ارتفاعها ثلاثة إلى أربعة أمتار، اقتلعت جذورها من الأرض وبدأت تسير. في هيئة بدت كأنها عمالقة الأزل وقد نهضوا من انحناء طويل.
فتراجع الزعيم مترنّحًا وهو يشعر بالدوار. وقد غلبه الغيض، ثم صرخ بمرارةٍ امتزجت بالغضب والرعب،
“لكن حين عبرت الذئاب لم تتحركم……لِمَ الآن أيها الأوغاد؟!”
___________________________
جته ام الركب 😭
لودفيك في البدايه يجننننننن ياقلبي عالهيبه انا انفداك يشيخ
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 73"