إرسال هيلينا لم يكن ضمن الخطة الأولى، بل كانت قد تطوعت بنفسها لتغيير ذلك.
حتى في ذلك الحين عارضتها كارين، قائلةً أن أعضاء البعثة الدبلوماسية الذين شكّلتهم من رجالها يكفون.
لكن هيلينا كانت حازمة.
“تلك الفتاة شاركت في شؤون الإقطاعية بعد غيابٍ طويل، فكيف لي كأب أن أرفض رغبتها في إثبات جدارتها؟”
كانت نظرات كارين وهي في حضن ديلارك باردة، لكن من زاويته لم يكن ديلارك يرى ذلك الوجه.
فتذمّر كارين قليلاً،
“لكن لا تنسَ من وضع هذه الخطة أولاً، إنها أنا.”
“هاها! بالطبع.”
داعب ديلارك شعر كارين الكثيف البنفسجي.
“لولاكِ لكدت أضيّع تلك الأراضي الشهية التابعة لمملكة الشيطان.”
كل ذلك كان بسبب براعة كيرين.
مملكة الشيطان التي نمت بسرعة وهي تجاور هذه الأرض. ماذا لو جعلها ملكاً له؟
لقد كان موضوعاً كافياً لصب الزيت على نار جشع ديلارك.
“لقد انهارت فجأة نقابة فيدوِك، وتكبدتُ خسائر فادحة. لذا أحتاج إلى طريق جديد أملأ به جيبي.”
لعدة سنوات حافظ الشيطان ديلارك وفيدوِك على علاقة متينة. فقد استمرّا في صفقات قذرة لا يمكن كشفها للعالم الخارجي.
وكان آخر مخطط لهما أن تحتكر فيدوِك الأسواق في أراضي ديلارك مقابل أن ينال ديلارك ما يعادل ذلك من مكاسب.
و لم يكن يهم إن أفلس التجار الأحرار القدامى، فبإمكانه أن يخفضهم إلى مرتبة العبيد فحسب.
صحيحٌ أن كل ذلك قد تبخر الآن، لكنه لم يندم.
“وفوق ذلك، سمعت أن قدرات الشيطان لودفيك مفيدةٌ للغاية، أليس كذلك؟”
“أجل، لقد رأيته يسيطر على النار بحرية. و مثل هذه السلطة لا نظير لها في عالم الشياطين.”
كان ديلارك قد حاول استعباد لودفيك لكنه فشل، وحتى بعد أن ضاع منه لم ينسه.
غير أنه حين سمع إشاعة أنه صار ملك شياطين تخلّى عن الأمر. فقد كانت تلك الأراضي أسوأ موقع يمكن تخيله، وكأنها ستنهار في أي لحظة.
كان على يقين أن الشمس ستغيب عنها قريباً وتنتهي حياته. وبما أنه لم يتمكن من امتلاكه، فقد رأى أن زواله دون أن يناله أحدٌ آخر ليس أمراً سيئاً.
لكن في الآونة الأخيرة تغيّر الوضع فجأة وبشكل حاد.
“لم أتصور أن مملكة ذلك الرجل ستكبر إلى هذا الحد.”
وذلك بفضل تجارة الأعشاب الطبية والتربة التي ازدادت خصوبة.
ثم جاءت الخاتمة بتدخل التنين الذهبي. ذلك الكائن الأسطوري الذي يُقال أنه يجلب الثروة والرخاء.
وحين اجتمعت كل تلك الظروف، كانت كارين أول من نفذ صبرها.
“ديلارك، أريد تلك الأرض. ألن تغزوها من أجلي؟”
هكذا كانت علاقة الاثنين دائماً.
حين تطمع كارين في شيء و تؤجّج رغباتها، يستجيب ديلارك لها فوراً.
“أنتَ محق، قتل لودفيك وسلب أرضه مجرد حل ضعيف.”
“بالطبع، هل هناك داعٍ لشق بطن الإوزة التي تبيض ذهباً؟ يكفي أن أجعله عبداً لي.”
كانت الخطة بسيطة. بأي وسيلة كانت، سيجلبون لودفيك و متعاقدته إلى هنا، ثم يقيدون في عنقه أداةً ملعونة تحولّه إلى عبد.
“لو قُتل لودفيك وهجر التنين الذهبي المكان بحجة ذلك، فسيكون الأمر مزعجاً.”
تقول الشائعات أن سبب خصوبة التربة المفاجئ هو التنين الذهبي، لكن الحقيقة لا تزال خفية. كما أن شروط التجارة مع غابة الجان لم تكن واضحةً تماماً.
لذلك نصحته كارين، بدلاً من سلب أرض لودفيك، سيطر على لودفيك نفسه الذي يحكمها.
فما دام هو متصلاً بالشمس، فلن يتعرض ديلارك لأي خطر حتى لو حدث تغييرٌ في سكان تلك الأرض، ولن يطاح إلا برأس لودفيك.
أما إن ازدهرت الأرض أكثر ر أصبح لودفيك أقوى، فاستعباده لن يجلب سوى المنفعة لديلارك.
“وفوق ذلك، يجب ألا نغفل التنين الأحمر الذي جاء في المرة السابقة.”
إنها فرصةٌ ذهبية لاغتنام كل شيء: أراضي لودفيك، احتكار التجارة مع نقابة الجنوب، بركة التنين، مع تجنب المخاطر قدر الإمكان.
“لقد أرسلتُ لهم طُعماً مقنعاً يصعب رفضه.”
أما حديثه عن مشروع حفر الأنفاق فلم يكن سوى كذبة، فلم يفكر قط في إنفاق المال عليه، بل مجرد وسيلة لإغواء الخصم.
‘هو في النهاية سيصبح ملكي.’
ثم ارتسم على ابتسامته بريق جشعٍ غامر.
***
في تلك اللحظة. فمملكة لودفيك.
“العبودية؟”
هزّت أرييلا رأسها بعدما سمعت اعتراف هيلينا.
و كان واضحاً أن ديلارك قد فقد صوابه.
“مهلاً، لكن كيف يمكن السيطرة على هذا العدد الكبير من العبيد؟”
عادت إلى ذاكرتها مقاطع من كتب التاريخ التي قرأتها سابقاً. و حتى في عالم البشر، كان العبيد كثيراً ما يثورون ويثيرون المتاعب.
فما بالك بالشياطين؟
إن معظمهم قادرون على استخدام السحر، مما يجعل الأمر أعقد بكثير. كيف يمكن سجنهم وكيف يُجبرون على العمل؟
“هناك أدواتٌ سحرية خاصة تكبح قواهم.”
مرة أخرى شعرت أرييلا بنذير شؤم.
“بمجرد ارتدائها يعجز العبيد عن تحريك قواهم السحرية، ولا يبقى لهم سوى القوة الجسدية فقط.”
لحظة، هذا الكلام يبدو مألوفاً جداً……
“إنها الأدوات التي كانت نقابة فيدوِك سيئة السمعة توفّرها بكميات ضخمة قبل أن تنهار.”
فيدوِك. ذلك الاسم ذُكر مرةً أخرى.
“كما توقعت.”
نقرت أرييلا بلسانها وهي تستعيد مبدأً قديماً في ذهنها.
‘الأوغاد المريبون لا يقتصر فسادهم على جانب واحد أبداً.’
كانت قد ظنّت في البداية أنهم وضعوا نفس الأدوات السحرية التي استُخدمت على التنين الصغير حول أعناق العبيد، لكن بالنظر إلى تسلسل الزمن بدا العكس.
في الأصل طُورت هذه الأدوات للعبيد أولاً، ثم حُسِّنت بعدما اكتُشف التنين الصغير.
كان من حسن الحظ أنه أُسر على يد التنانين، وإلا لارتكب ما هو أسوأ بكثير.
ثم تمتم لودفيك الذي ظل يستمع بصمت،
“انتظري……ذلك اليوم حين قال أنه سيجعلني عبداً……هل كان يقصد أنه سيضع حول عنقي ذلك الطوق اللعين؟”
“نعم، لو فشلت في الهرب لكان مصيركَ مشابهاً تماماً.”
“…..!”
“وبما أنه كان يطمع في سحرك، لما سلبكَ قوتك، بل لاكتفى بتقييدكَ بلعنة أقوى مرات عدة تمنعك من العصيان.”
فاحمرّ وجه لودفيك حتى صار كالجمر. وقفز وهو يكاد ينطلق نحو أراضي ديلارك ليشن هجوم سيفٍ جنوني، لكن أرييلا أوقفته،
“الآن فهمت أيضاً سبب اختياركِ هذا المكان من بين كل ممالك الشياطين. أليس لأن والدكِ على خلاف مع لودفيك؟”
“أصبتِ تماماً.”
أبدت هيلينا إعجابها بصوتٍ منخفض.
لو طلبت اللجوء إلى أحد الملوك الشياطين الآخرين، لكان هناك خطر أن يعيدوها إلى ديلارك.
لكن مع لودفيك لم يكن هذا ممكناً. فلا بد أن الحقد القديم على ديلارك ما زال متقداً في قلبه.
وبالنسبة لهيلينا، كان الماضي بين الملكين فرصةٌ سانحة.
“الأنفاق مجرد طُعم، لذا لا تجيبوا على الدعوة أبداً. إن فعلتم، ستصبحون أنتم أيضاً عبيداً.”
أطرقت هيلينا برأسها.
“لقد قاومت طريقة حكم والدي لكنني لم أستطع تغييرها. بل على العكس، صرت في مرمى كراهية زوجته كارين، حتى كدت أُقتل.”
و لم يعد بإمكانها العيش هناك.
“المكان الوحيد الذي يمكن أن يقبلني هو مملكة لودفيك الشيطانية، لذا أرجوكم!”
وحين أنهت كلامها، نظرت إليهما بعينين تملؤهما الرجاء. عندها التفت لودفيك تلقائياً إلى أرييلا، وكأنه ينتظر حكمها.
تحت ثقل نظرات الاثنين، فتحت أرييلا فمها،
“أفهم وضعكِ جيداً، لكن لا يجوز أن تطلبي اللجوء بهذه الطريقة. هذا لا يمكن أن يكون حلاً.”
فعتم وجه هيلينا بالخيبة.
“إذاً، الأمر مستحيلٌ حقاً؟”
لم يكن طلبها بلا معنى. فلو قُبلت، لبلغت علاقة لودفيك مع ديلارك أسوأ مراحلها.
‘صحيح، لا يوجد سببٌ لأن يتحملوا عبئاً كهذا من أجلي وحدي.’
لكن رفض أرييلا لم يكن لهذا السبب وحده.
“إن هربتِ هكذا، فسيظل النظام الذي أردتِ تغييره قائماً كما هو. ثم هل تظنين أن ديلارك سيتخلى عنكِ بسهولة؟ وأنتِ ابنة دمه التي تعرف كل أسرار الإقطاعية؟”
“……!”
“لا، سيحاول استرجاعكِ مهما كلفه الأمر.”
توقعت أرييلا ما سيحدث في المستقبل ببرود شديد.
_______________________________
تـء المؤلفة صايره فصولها تقصر ولا؟
المهم كفو ارييلا باللع عليس به وقت الحربببب
وخذوا مملكته بعد ودامكم جيران بتصير المملكتين وحده ✨ وناسه
وكارين ذي تضحك متلزقه في ابو شحم ذاه بس عشان فلوسه والحين تتحكم به؟ مؤسسة التستس
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 70"