بدأت هيلينا الحكاية التي كانت تخفيها. وكانت قصةً لا بد أن تثير لدى أرييلا شعورًا غريبًا بالديجافو.
“انتظري! هذه القصة…..سمعتها من قبل كثيرًا.”
وكان ذلك الإحساس من النوع غير المرحب به أبدًا.
‘أليست مشابهةً لقصتي تمامًا؟’
بدأ اعتراف هيلينا منذ وفاة والدتها الحقيقية.
يقال أن ديلارك لم يكد يمضي عامٌ على وفاة زوجته الأولى حتى أدخل زوجةً جديدة.
‘كانت بداية الشقاء. حين أدخل أبي أيضًا الملكة الجديدة و كان في تلك الفترة نفسها تقريبًا.’
كما أن هيلينا عانت من صراعات شديدة مع زوجة أبيها.
‘وأنا أيضًا كنت أتشاجر معها كثيرًا. و قد ضقت بها ذرعًا.’
بل إن زوجة الأب حاولت اغتيال هيلينا مرارًا.
كانت المحاولات في غاية المكر بحيث لم توجد أدلة مادية، لكن الشهادات والظروف المحيطة جعلت هيلينا واثقة. أن الفاعلة هي زوجة الأب.
وقد أخبرت هيلينا المَلِك ديلارك بهذا، لكنه كان قد انغمس في عاطفته فلم يصغِ لابنته.
“إذا شكوْتُ له، كانت زوجة الأب تتوسل لأبي باكية.”
استطاعت أرييلا أن تتخيل بوضوح ما حدث. وكذلك ما قد قالته تلك الزوجة.
“الأمر واضح. ادّعت أنكِ كرهتها كثيرًا فلفّقتِ لها مؤامرة، وقالت: كيف لأم أن تؤذي ابنتها.”
“صحيح! قالت ذلك تمامًا.”
“وربما ادّعت أيضًا أنها وإن لم تربطها بكِ صلة دم، فقد احتضنتكِ بقلبها، وأنها لو كانت ستُتَّهم بهذا الظلم والبغض، فستقتل نفسها لتبرئ نفسها، وربما تظاهرت برمي نفسها أمام الملك.”
“يا إلهي، هذا دقيقٌ تمامًا! هل سمعتِ قصتي من قبل؟”
“لا، لم أسمع. لكنني أعرف أسرةً مشابهة.”
بدأت ذكرياتٌ أشبه بالصدمة تعود، فسعت أرييلا إلى طردها.
“لكن لماذا كانت تستهدفكِ إذًا؟ هل لديها ابنٌ مثلًا؟ لتجعل الملك فيما بعد يورّث العرش له بدلًا منكِ؟”
تنبأت أرييلا استنادًا إلى تجربتها الخاصة. لكن من هنا بدأت أسباب انهيار العائلتين تفترق.
فقد قيل أن زوجة أب هيلينا لم تكن قادرةً على الإنجاب أصلًا.
وفوق ذلك، فإن أعمار سلالة الشياطين طويلةٌ جدًا، فالصراع على الوريث كان مبكرًا جدًا. إذ لم يكن أحدٌ يعرف كم مئات السنين قد يحكم ديلارك بعد.
ومع ذلك، كان سبب محاولات زوجة الأب إزاحة هيلينا هو…..
“أظن لأنني كنت أعرقلها باستمرار. فمنذ قدومها صار استبداد أبي لا يُقارن بما كان من قبل. وكنت أعارض اتجاه حكمه دائمًا.”
ولهذا دخلت في صدامات متواصلة مع زوجة الأب، التي كانت السبب الرئيس في هذا النهج.
“لكن استبداد؟ تعنين أن الملك كان يضطهد سكان الإقطاعية؟”
استحضرت أرييلا مشهد أراضي مملكة ديلارك التي رأتها. تلك المدينة كانت هائلة، تعج بالناس، مفعمةً بالحيوية.
“أليس عالم الشياطين بطبيعته بيئةٌ تجعل الحاكم لا بد أن يكون ملكًا صالحًا؟”
في اليوم الأول لوصولها إلى عالم الشياطين، نقلت ما سمعته من غرويب.
و حتى لودفيك شكك في كلام هيلينا.
“لو ضايقهم كثيرًا لهربوا جميعًا إلى مدن أخرى، أليس كذلك؟”
“وفوق ذلك، كانت البوابة الخارجية لمملكة ديلارك مفتوحةً بحرية. و التفتيش كان مجرد إجراء شكلي.”
فإذا ضاق العيش بالناس، فسيهربون فورًا عبر تلك البوابة دون أن يلتفتوا خلفهم.
وإذا استمر الانخفاض السكاني بتلك الوتيرة، فستضعف الشمس، وفي النهاية سيقود ذلك إلى موت الملك.
“إن كان الملك يريد أن يعيش، فعليه أن يحكم جيدًا.”
“هذا هو التفكير الطبيعي. لكن أبي لجأ إلى الحيلة.”
“حيلة؟”
“كما رأيتم، أبواب المدينة مفتوحة على مصراعيها. يمكن للمارّة أن يدخلوا ويخرجوا بحرية. لأن العاصمة مكانٌ يجتمع فيه المواطنون الأحرار. لكن الأمر يختلف في الأراضي الزراعية.”
مملكة لودفيك صغيرةٌ بحيث لا تكاد العاصمة تنفصل عن القرى المحيطة. لكن في مملكة ديلارك الواسعة، إلى جانب المدينة المركزية توجد عدة قرى أخرى.
“صحيح. حين ذهبت هناك لم أرَ شيئًا يشبه الأراضي الزراعية.”
“وأنا أيضًا لم أرَ.”
تبادل كلٌ من أرييلا ولودفيك النظرات وهزّا رأسيهما.
“فالفلاحون في مملكة ديلارك، بخلاف سكان المدينة، فقدوا حرية التنقل ويجبرون على العمل في ظروف قاسية.”
ازدادت ملامحها جدية.
“صحيحٌ أن الأرض خصبة، لكن الحصص المفروضة كل عام تتجاوز حد التصور. ولهذا يعملون بلا نوم تقريبًا. ثم في النهاية يُسلب محصولهم كله إلى قلعة الملك، ويُترك لهم فقط ما يسد رمقهم بالكاد.”
“……؟”
كان كلامًا صادمًا.
“ولماذا لا يهربون من تلك الظروف؟ آه، انتظري لحظة.”
توقفت أرييلا وأعادت استيعاب ما قالته هيلينا.
“قلتِ أن الفلاحين فقدوا حرية التنقل؟”
“نعم. كما ذكرت، أبي استخدم حيلة. فالناس إذا اشتدت معاناتهم يهربون، لذا كان يُكرههم على العمل القاسي مع منعهم من الفرار.”
“وكيف فعل ذلك؟”
ثم كشفت هيلينا سرًا غير معروف عن مملكة ديلارك.
“الآن في مملكة ديلارك أعدادٌ هائلة من العبيد محتجزون ويُساقون إلى العمل القسري.”
***
في أطراف مملكة ديلارك.
“أغغ…..آآه..…”
كان شابٌ من الشياطين يتلوى من كابوس مرعب.
اسمه روكوم. و لا يعلم أي كابوس بشع يراه، لكنه كان يتصبب عرقًا باردًا.
كان ينام في معسكر ضخم يأوي مئات من الناس يأكلون ويبيتون فيه معًا.
و إلى جواره صفوفٌ من فرش بالية لا تختلف عن الحصير، وقد افترشها شياطين في حال مشابهة، كلٌّ مستلقٍ بجسده المرهق.
ربما كان الجميع غارقين في تعبٍ شديد، فلم يستيقظوا حتى مع أنين متواصل، وظلوا في نوم عميق.
إلى أن فُتح باب الكوخ بضجيج عالٍ.
دووم!
“هيه، انهضوا! استيقاظ!”
كلانغ! كلانغ كلانغ!!
كان الرجل الذي صرخ يهز جرسًا معدنيًا حاد الصوت.
“تبًا…..أهو الصباح فعلًا؟”
“تباً، أشعر أنني سأموت من شدة النعاس.”
“أظن أن ركبتي تلفت. كأن خنجرًا مغروسًا فيها.”
بدأ الشياطين الممددون في الكوخ ينهضون واحدًا تلو الآخر. و كانت وجوه معظمهم شاحبة، وحركاتهم بطيئة بلا قوة.
“هيه، روكوم! انهض!”
هزّه أحدهم حتى يستيقظ، بعدما كان آخر من بقي نائمًا.
ثم فتح عينيه ببطء وهو نصف غائب عن الوعي.
“آه…..أكان حلمًا إذاً؟”
تمتم مترنحًا بين النوم واليقظة.
كان ما يزال مسلوب الإدراك عن الواقع، مستلقيًا بذهول. وبعد لحظة.
“يا للراحة…..كان كابوسًا.”
كرر العبارة مرارًا. فكل ما رآه وسمعه قبل قليل من مشاهد قاسية لم يكن سوى حلم.
“نعم…..حلم فقط.”
في ذلك الحلم كان روكوم شيطانًا حرًا. كان يعيش على أطراف إحدى ممالك الشياطين، يصطاد الوحوش الصغيرة ويجمع ثمار الأشجار ليتدبر حياته.
لكن فجأة وقع الحادث. أناسٌ مجهولون هاجموه وقيدوه واختطفوه. وحين أفاق وجد نفسه في مكان رهيب، وهناك أجبره الخاطفون على العمل.
حتى لو حاول الهرب لم يكن ممكنًا. كان عليه أن يتحمل مهامًا قاسية حتى بعد أن تساقطت أظافره وتكسرت قرناه، من شروق الشمس حتى خفوتها.
“لكن كل ذلك مجرد وهم…..لم يكن حقيقة.”
أخذ روكوم نفسًا عميقًا محاولًا تهدئة خفقان صدره.
“صحيح…..لا يمكن أنني تعرضت لشيء كهذا..…”
“ما الذي يهذي به هذا الأحمق؟”
“……؟”
فتّح روكوم عينيه فجأة وهو يستعيد وعيه شيئًا فشيئًا.
“انتظر!”
من الذي قال تلك الكلمات الآن؟
اختلطت ذكرياته في اضطراب. فقد كان يعرف ذلك الرجل.
أخذ يرمش بسرعة. وعادت رؤيته المشوشة تدريجيًا إلى طبيعتها. فرأى سقف الكوخ المألوف فوقه.
“أهذا المكان…..مستحيل؟”
شهق وهو يلتقط أنفاسًا متقطعة. و أحسّ متأخرًا بشيء يضغط على عنقه.
رفع روكوم يده المرتجفة نحو مؤخرة رقبته. و تردّد مرارًا، وكأنه على وشك لمس شيء ملتهب، ثم أخيرًا تلمّسه بأصابعه.
عند أطراف أنامله وجد مادة معدنية. كان طوقًا حديديًا يطوق عنقه بإحكام.
فحاول بكل قوته أن ينزعه، لكنه لم ينفصل عن جسده أبدًا.
“……آه!”
ثم امتلأ وجه روكوم باليأس. وهمس كأنفاس خافتة.
“إذاً…..لم يكن كابوساً؟”
______________________
نايس فضايح هيلينا حلوه بس يحزن ارييلا شافت نفسها فيها 😔
ملك شياطين اخرتها حرمة تتحكم فيه؟ الله يقوينا😘
المهم شكل مملكة ديلارك بتروح فيها 😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 68"