“يقولون إنّ ملك الشياطين ديلارك سيرسل ابنته ممثلةً للوفد.”
“فماذا يعني ذلك؟”
تذمّر لودفيك.
“سواءً أرسل ابنته أو ابنه، ما الفرق؟”
و لم يتغيّر مزاجه إطلاقًا.
لكن بعد سماع الشرح التالي صار وجه أرييلا جادًا.
“عندما يرسل ملك شياطين آخر أحد أقاربه سفيرًا، فرفضنا بلا سبب واضح سيكون إهانةً دبلوماسية صريحة. وقد يمنحهم ذلك ذريعةً لضربنا.”
وهذا لا يختلف حتى لو طُبّقت أعراف عالم البشر. ودكلام غرويب كان فيه منطق.
“سبب الرفض؟ قلتُ للتوّ. أنا لا أريد!”
لكن لودفيك كان عنيدًا حتى النهاية.
كان منطقه أنّ هذه بلا شك مؤامرةٌ من ديلارك، وأنه من لحظة إدخال المبعوث إلى هذه الأرض سنقع في الفخ.
عند هذه المرحلة أثار الأمر فضول أرييلا.
“حتى عندما تحدثنا عن التحالف فعلت الشيء نفسه. لماذا تكرهه لهذه الدرجة؟”
“لأني أعرف جيدًا ما هو عليه ذلك الوغد!”
“ربما، هل تقاتلتما في الماضي؟”
على ما يبدو أنّ شيئًا ما قد حدث بالفعل.
“لو أن ملوك الشياطين الجيران يعيشون قليلًا بسلام، هل سينقص منكم شيء؟ يا لطباعكَ الحادة.”
“وأنتِ تحديدًا تجرئين على انتقاد طباعي؟ المرأة التي أمسكت بقدم زومبي كان يزحف إلى قبره لتسحبه للخارج ثانيةً؟”
“حسنًا، حسنًا، اهدؤوا جميعًا.”
تدخّل ريتشموند ليوقف النزاع بينهما. بينما أعادت أرييلا السؤال وكأنها لا تفهم البتة.
“بعد أن أصبحت ملك شياطين، ما الذي حدث بينكَ وبين ديلارك بالضبط؟”
“بعد أن أصبحت ملك شياطين لم يحدث شيء يُذكر.”
“إذاً؟”
تمتم لودفيك وكأنه يستحضر ذكرى مزعجة.
“المشكلة فيما جرى قبل أن أصبح ملك شياطين.”
“……؟”
أي قبل أن يصل لودفيك إلى هذه المقاطعة. فقد كان يتجول في عالم الشياطين حين انجرف صدفةً إلى مقاطعة ديلارك.
وبالطبع، للوصول إلى مقاطعة لودفيك لم يكن هناك طريقٌ آخر.
“كانت آنذاك مدينةً كبيرة فعلًا. لذلك فكرت أن أستريح عدة أيام ثم أواصل طريقي، لكن لسوء الحظ وقعت عيني ذلك المجنون علي.”
“المجنون؟ ديلارك؟”
“إن لم يكن هو، فمن غيره؟”
“كيف التقيتما صدفة؟ فلا يعقل أنكَ ذهبت تبحث عن ديلارك بنفسكَ.”
“طبعًا لم أذهب أنا، بل هو من جاء يبحث عني.”
“وكيف عرف مكانكَ؟”
“لأني اصطدمت ببعض الشياطين في مقاطعة ديلارك ودخلت معهم في شجار.”
صار من السهل استيعاب ما جرى. فشعرت أرييلا بصداع نصفي ينبض في رأسها.
“ثم ترفض التحدث عن طباعكَ؟ لماذا أينما ذهبت تثير المتاعب؟ قلتَ أنكَ حتى قتلت الملك الشيطاني السابق هنا بسبب ذلك!”
“لا تفهميني خطأ. لم أبدأ أي قتال من تلقاء نفسي قط.”
قال لودفيك ذلك وهو مكتّف يديه وملامحه واثقة.
“لكن إن فُرض عليّ القتال، فلن أتهرّب منه أيضًا!”
“……حقًا. هذا أمرٌ تفخر به.”
وكعادته في إزالة كل العقبات، قضى لودفيك عليهم جميعًا.
لا يتذكر العدد بدقة، لكنه واثقٌ أنهم كانوا أكثر من ثلاثة.
“قتل ثلاثة فقط جعل ديلارك يلاحقكَ؟ صحيحٌ أن السكان أعز ما لدى أي مقاطعة، لكن…….”
“أحرقتُ أثناء القتال بعض المباني. وأظن أنّ جزءًا من السور انهار أيضًا. آه! ولعلي فجّرت جسرين أو ثلاثة وأنا أفرّ.”
“تمامًا كالعادة إذًا.”
وبسبب الفوضى العارمة التي اندلعت في مقاطعته، خرج ديلارك بنفسه لمواجهة لودفيك.
لكن هناك وقع ما لم يكن في الحسبان.
“ديلارك سألني إن كنت أرغب في أن أصبح تابعًا له.”
ما لفت نظر ديلارك كان قدرة لودفيك الفريدة، أي السحر الفطري الذي وُلد به كشيطان.
“قال إنّ قدرتكَ نادرةٌ حتى في عالم الشياطين، أليس كذلك؟”
“صحيح.”
فالسحر المتعلق بالنار موجودٌ بكثرة. لكن نادرًا ما يوجد من يسيطر عليه بالفطرة ودون حاجة لتعاويذ كما يفعل لودفيك.
كان واثقًا من نفسه. إذ أنه رغم تجواله في شتى أنحاء عالم الشياطين لم يصادف أحدًا يشبهه.
“لذلك أراد استغلالي كجندي تابع له.”
ثم تمتم بضيق.
“على أي حال، شكله وباطنه قذران معًا.”
قيل أنّ ديلارك كان باردًا قاسيًا، سلطويًا إلى أبعد حد، وجشعًا بلا حدود. طمعه لا يعرف التوقف، و لا يكفّ عن الرغبة في تملّك المزيد والسيطرة بلا نهاية.
“فماذا فعلت؟”
“رفضت طبعًا. لكنّه قال أن رغبتي لا تهم. وإن لم أقبل كجندي، فسوف يجعلني عبدًا.”
“…….”
اضطرت أرييلا أن تعترف بالأمر. حتى لو كان لودفيك ذا طبع حاد، فإن ملك الشياطين المسمى ديلارك يتفوق عليه بمراحل.
‘لا يمكن أن يكون لودفيك قد سمع مثل هذا الهراء وسكت.’
يرفض أن يصبح تابعًا، فيرد الآخر مباشرةً بتهديد أن يجعله عبدًا؟
“فماذا فعلت حينها؟”
“قتلت أضعاف من قتلتهم أول مرة، وأحرقت أضعاف ما أحرقت. لكن للأسف أو لحسن الحظ، لم أتمكن من قتل ديلارك نفسه.”
مسّد ذقنه وهو يتأمل.
“لو أني قتلته يومها، لكنت أنا ملك الشياطين في تلك المقاطعة.”
“……على أي حال، بما أن بينكما ماضٍ سيئ، فعلينا أن نكون حذرين.”
“وابنته التي ستأتي هذه المرة، لا يجب أن نثق بها أيضًا!”
“إن كان ديلارك بتلك الدرجة من العناد والجشع، فقد لا يكون قد تخلّى عن أطماعه بعد.”
“صحيح؟ رأيي في محله، أليس كذلك؟”
وحين وقفت أرييلا في صفه بدا لودفيك مزهوًا بنفسه.
“إذاً، فلنرسل ردًا فورًا أن لا يقتربوا من هنا وليذهبوا إلى الجحيم……!”
لكن أرييلا هزّت رأسها.
“برأيي علينا أن نسمح لهم بالزيارة. إن رفضنا سنُعطيهم الذريعة.”
فارتسم الامتعاض على وجه لودفيك. بينما واصلت أرييلا شرحها كما لو كانت تدرّس ملك الشياطين.
“ثم إننا بحاجة لمقابلةٍ مباشرة لنستخلص المعلومات، أليس كذلك؟”
لا بد أن نتبادل الحديث معهم كي نلتقط أي خيط يكشف كيف ينوون خداعنا.
وبينما رتّبت أفكارها شبكت يديها فوق الطاولة.
“بمجرد أن نكشف مؤامرتهم أو نمسك دليلًا، ستعود الحجة إلى جانبنا. ثم إن إرسالهم ابنة الملك الشيطاني يمنحنا خيارًا آخر، ففي أسوأ الأحوال يمكن أن نأخذها رهينة.”
“…….”
“…….”
“……رهينة؟”
ساد صمت قصير بعد كلماتها الأخيرة.
طَق! طَق!
ثم دوى صوت كفّين تتلاقيان. فقد كان ريتشموند يصفّق وهو يتحدث.
“أسر ابنة ملك الشياطين واستخدامها كرهينة! فكرةٌ مذهلة بحق. أحيانًا يخيل إليّ أن المتعاقدة أشبه بالشياطين من الشياطين أنفسهم. كيف وُلدتِ أصلًا في عالم البشر؟ لا أدري.”
“ألن تشتمني بفظاظة بدلًا من هذا؟ كلامكَ لا يبدو مدحًا على الإطلاق.”
“على أي حال، الفكرة بحد ذاتها تستحق الإشادة، لكن لو وصلت الأمور بين مقاطعة ديلارك ومقاطعتنا إلى القطيعة الكاملة، فهل نستطيع حقًا تحمّل العواقب؟”
فردّ أولكن وهو يهز رأسه نافيًا.
“لا يزال الوقت مبكرًا على الحرب. فالقدرة العسكرية من الناحية الموضوعية أقوى بكثير لديهم. لا أمل لنا في النصر.”
“بالطبع يجب أن نتجنب حربًا شاملة.”
ومع ذلك، كان وجه أرييلا مشبعًا بالثقة.
“لكننا أيضًا لم نعد مقاطعة لودفيك القديمة. إن حاولوا هم افتراسنا، فلن نقف مكتوفي الأيدي ونتلقى الضربات.”
***
مضى أسبوع. وكالعادة كانت أرييلا تتجول في المقاطعة تراقب حياة سكانها.
وكما حدث في المرة السابقة، أُقيم سوق في مركز البلدة.
ونادى أحد التجار الشياطين الذين يعيشون في مقاطعة لودفيك بصوت عالٍ،
اقترب زبون مهتم بالعسل. لكن لغته كانت ضعيفة، ومن الواضح أنه ليس من سكان المقاطعة.
فوقفت أرييلا، من مكان أبعد قليلًا، تراقبه.
‘إنه من قوم الأسماك.’
كائناتٌ تشبه البشر تعيش في الأنهار. خرج إلى البر ليقصد السوق، و عندما تذوّق العسل بجدّية فوجئ على الفور.
“هـ… هذا……مذاق……يخطف……الألباب..…!”
ضحك التاجر وهو يصحّح عبارته العامية الخاطئة،
“مذاقه يبهر، صحيح؟ جرةٌ واحدة فقط بمئة سيل! ولأنكَ ضيف قطع مسافةً طويلة، فهذا سعر خاص لليوم فقط. خذها بسرعة!”
في هذه الأيام تتدفق إلى مقاطعة لودفيك موارد شتى عبر غابة الجنيات ومن خلال اتحاد الجنوب، إلى جانب الغذاء الوفير. فأصبح من الطبيعي أن يزداد عدد الغرباء القادمين للتجارة.
وبالإضافة إلى ذلك الزائر، ظهرت أعراقٌ متعددة أخرى.
‘ترول، غريملين، حتى هافلنغ. كلهم ليسوا من سكان مقاطعتنا.’
*الترول والغريملين يشبهون بعض تلقونهم في فيلم trolls
تُرى، ما السلع التي تناسب بيعها لهم أو استيرادها منهم؟
‘ذلك الرجل السمكي يبدو وكأنه بقي طويلًا خارج الماء. فبشرته بدأت تجف. ربما يحتاج إلى كريم مرطّب يحافظ على رطوبته.’
مرت أفكارٌ عدة برأسها وهي تمرّر بصرها.
‘الهافلنغ تنمو أقدامهم سريعًا، لذا فهم يحتاجون إلى أحذية مرنة. أما الترول فقد سمعت أن لديهم أدوات سحرية فريدة يتبادلونها فيما بينهم فقط.’
أما المواد الإستراتيجية مثل مركّب السلايم أو الأعشاب الطبية فلا تزال تُباع حصريًا عبر اتحاد الجنوب.
بينما المنتجات البسيطة مثل شاي الأعشاب الذي تعدّه الجنيات أو العسل تُترك حرية بيعها وشرائها لسكان المقاطعة. فالآن صار للسكان قوةٌ شرائية حقيقية.
كان تدفق المزيد من المال إلى السوق أمرًا قصدته أرييلا عن عمد. وكان غيرو متفقًا معها تمامًا.
“سيدتي المتعاقدة! السيدة أرييلا!”
كانت على وشك إنهاء جولتها، حين اندفع أحد الخدم من القصر مهرولًا نحوها.
“أوه، تشاد؟”
تعرفت أرييلا إلى وجهه. فقد كان أحد خدم الشياطين الذين اختيروا قبل عدة أشهر.
فتى لم يزل أقصر منها برأس كامل، هرول إلى هنا وهو يلهث حتى كاد أن يختنق.
إذ يبدو أنه ركض بكل ما أوتي من سرعة، فظل فترةً بعد وصوله يتنفس بصعوبة بالغة.
“ما الذي دفعكَ للركض هكذا؟ يا إلهي، حتى الكلام لا تقوى عليه. هاتوا الماء!”
ناول أحد الحرس الماء المعلق على خصره بكل احترام. فأعطتها أرييلا للفتى الشيطاني، فأمسك بها وابتلع الماء بجشع.
“تمهّل في الشرب! ستختنق.”
وبعد لحظات، وقد ابتلّت مقدمة ثوبه بالماء الذي سال على ذقنه وعنقه، أعاد الصبي الماء.
“هاه….هااه…..شكرًا جزيلًا!”
“والآن، ما الأمر؟”
استعاد الفتى الشيطاني أنفاسه أخيرًا، ثم نظر إلى أرييلا،
“سيدتي المتعاقدة! يطلبون حضوركِ إلى القصر حالًا.”
“لماذا؟”
عندها نطق تشاد بالكلمات التي طالما انتظرتها أرييلا خلال الأيام الماضية،
“لقد وصلت البعثة من مملكة ديلارك!”
___________________
جت الرهينة😂
ريتشموند يضحك دايم ردود فعله لأرييلا تفوز😭
المهم لودفيك كنت متوقعه مسوي مصيبه مع ديلارك ذاه وشكل ديلارك بعير مانسى بعدين مب على كيفه يبي ولدي عبد له؟🤨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 64"